اليونسكو تتعاطف مع صنعاء
مطهر تقي
أخيراً وبعد طول ترقب وقلق من سحب منظمة اليونسكو مدينة صنعاء وزبيد وشبام حضرموت من قائمة المدن التاريخية والأثرية الدولية باعتبارها مدناً لها مكانتها وشهرتها العالمية يجب المحافظة على طابعها المعماري المتميز وخصوصية سكنها الحضري الفريد.
أصدر مؤتمر اليونسكو العالمي الذي اختتم مؤتمره الواحد والأربعين يوم أمس الذي انعقد في بولندا من يوم 5-يوليو حتى يوم أمس قراره بإعطاء مدينة صنعاء وزبيد وشبام فرصة جديدة للبقاء ضمن قائمة الموروث العالمي بعد اطلاعه على تقرير مفصل على جهود الحكومة ومنظمات المجتمع المدني للحفاظ على المدينة أرسل الى المؤتمر ووزعت صوراً منه مع مذكرات غطائية الى مندوبي أكثر من عشر دول عربية وأجنبية أعضاء في مؤتمر اليونسكو تحت توقيع وزير الثقافة الأستاذ عبدالله الكبسي الذي تبنى اجتماعات متواصلة مع الجهات المعنية التابعة لوزارة الثقافة ووزارة الخارجية ومنظمات المجتمع المدني وهو التقرير الذي أوضح قدر المخاطر التي تعرضت لها صنعاء وكذلك زبيد خلال العامين الماضيين من عدوان بالطائرات على المدينتين(وشبام ما تعرضت له من تفجير سيارات مفخخة) وما أسفر ذلك من أضرار مباشرة وغير مباشرة على مباني تلك المدن وكذلك ما نتج عن الحرب والحصار وتوقف الإيرادات المالية وما نتج من آثار سلبية بعد نقل البنك المركزي من عاصمة الدولة أدى كل ذلك إلى تدني خدمات الدولة وقلة الإمكانات في مختلف الجهات الخدمية ومنها وزارة الثقافة وهيئتها هيئة الحفاظ على المدن التاريخية.
وما زاد الوضع صعوبة للحفاظ على صنعاء الحضارة والتاريخ وعلى أهلها بجانب ما ذكر أن قيادة الدولة لم توفق في اختيار رئيس الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية الذي يجب أن تتوفر فيه شروط وظيفية خاصة وخبرات متراكمة في مجال تخصصه نظرا لخصوصية وطبيعة عملها الفنية فلا بد أن يكون رئيس الهيئة مهندساً ومتخصصا في الفن المعماري وله لغته الأجنبية يتمكن من خلالها التواصل والتفاهم مع المنظمات الدولية المعنية بالتراث والحفاظ عليه وكذلك يجب أن تتوفر فيه القدرة الإدارية على إدارة الهيئة من خلال خبرته الإدارية المتدرجة إلى درجة رئيس هيئة وعلى علم تام بميدان عمله والمجتمع المدني المحيط بأسوار المدن التاريخية….. ومع الاحترام الشديد لرئيس الهيئة المتميز بالشرف والنزاهة والوطنية وطيب الشخصية إلا أنه ظلم بتعيينه في منصب لا يتوافق مع تخصصه أو تجربته فهو تربوي التخصص وصاحب تجربة في التدريس وليس غيرهاو حين انتقل من مديرية حيدان في صعدة إلى رئاسة الهيئة في صنعاء مباشرة شعر بفارق التخصص والمنصب فكأن من عينه في ذلك المنصب قد ظلمه وظلم الهيئة ومهمتها وأظن أن العزيز رئيس الهيئة كان سينجح في وزارة التربية والتعليم اذا عين في أي منصب مرموق يتوافق مع مواقفه الوطنية خلال السنوات الماضية وإمكاناته وخبرته التربوية.
ولأن المشكلة مركبة على صنعاء والحفاظ عليها فقد زاد الوضع سوءاً خلال العامين الماضيين من خلال الممارسات غير القانونية من قبل مدير مديرية صنعاء الذي استطاع وبكل جدارة أن يسيء إلى وظيفة المديرية وخدمات المجلس المحلي لصنعاء القديمة وسكانها فقد اصبح خصماً ضد المدينة والحفاظ عليها وكأن هيئة الحفاظ على المدن التاريخية لا يكفيها الصعوبات التي تواجهها بل أن المديرية التي يفترض أنها أحد الأذرع التنفيذية للحفاظ على المدينة أصبحت من خلال مديرها المعرقلة الأساسية لضبط المخالفين أو إزالة المخالفات حسب طلب هيئة الحفاظ بل وصل أمر ذلك الشخص إلى أن يرسل طقوم لحماية المخالفين في البناء ويرفض استلام رسائل الهيئة….. ولا أزيد الحديث عن تصرفات المدير فيكفي ما ذكره بيان أعيان ومشائخ صنعاء القديمة من شكوى بالمذكور وتجاوزه طبيعة وظيفته كذلك تجاوزه قانون السلطة المحلية ويكفينا كذلك موقف المجلس المحلي وما اتخذه ضد المدير من سحب الثقة ووقفه عن مزاولة العمل في المديرية.
ونتمنى على وزير الإدارة المحلية الأستاذ علي القيسي وكذلك الأستاذ أمين جمعان أمين عام المجلس المحلي للعاصمة وأعضاء المجلس المحلي تعميد قرار المجلس المحلي لمديرية صنعاء بسحب الثقة وتعيين بدلا عنه مديراً ممن تتوفر فيهم الشروط الوظيفية لمدير المديرية عملا بقانون السلطة المحلية ونتمنى أن يكون المدير الجديد أحد شباب أهل صنعاء العارفين بمدينتهم وأهلها.
ونحن بهذا الموقف والمطالبة بالحفاظ على مدينة صنعاء مدينة كل أبناء اليمن فنحن ننطلق من حقنا باعتبارنا أبناء هذه المدينة العظيمة والواجب يحتم علينا أن نحافظ على مدينتنا واستمرارية خدمات الدولة لأهلها ولا ننطلق من أي رؤية ضيقة….وإذا كانت الصدفة قد جعلت رئيس الهيئة وكذلك مدير المديرية محسوبين على أنصار الله فذلك ليس سببا يجعلنا نكون ضدهم كما يتصور أو يروج له البعض فحال أعضاء أنصار الله في نظرنا هم مثل أعضاء المؤتمر أو أي منتم الى أي تيار سياسي ولكننا ننظر إلى أداء وممارسة أي موظف في مرافق الدولة أو السلطة المحلية من خلال ممارسته وموقف تلك الممارسة من دستور الدولة والقوانين النافذة، أما أنصار الله كتيار سياسي وقيادات وطنية فلها كل الاحترام والتقدير فيكفيها شرف الدفاع ضد العدوان الخارجي مع المؤتمر وكل الشرفاء لكننا بصدد نقد لبعض الأشخاص الذين لا يمتلكون الخبرة والقدرة الإدارية لأداء عملهم وننقد البعض أيضا لممارستهم الخاطئة الذين يسيئون إلى أنصار الله ويسيئون إلى وظائفهم والحال نفسه لمن هو محسوب على المؤتمر ويسيء إلى وظيفته.
والأهم في نظري لما بعد قرار اليونسكو هو قيام الجهات الحكومية وكذلك منظمات المجتمع المدني المهتمة بالتراث والثقافة بمواصلة الجهود من أجل الحفاظ على مدينة صنعاء وبقية المدن التراثية حتى يتم استغلال فترة المهلة الجديدة وتنفيذ رؤية اليونسكو التي حددتها في بيان مؤتمرها الأخير….ولأن الأمر أعظم من الإستجابة لمطلب اليونسكو باعتبار أمر الحفاظ على صنعاء وزبيد وشبام واجباً وطنياً قبل أي شيء آخر، فأتمنى على اللجنة العليا للحفاظ على صنعاء القديمة ممثلة برئيسها الأستاذ محمود الجنيد الذي بذل جهوداً طيبة خلال الفترة الماضية وكذلك وزير الثقافة الأستاذ عبدالله الكبسي والأستاذ عبدالعزيز البغدادي النائب العام ,مواصلة الجهود لإزالة المخالفات المشوهة لصنعاء الحضارة وإعادة الحياة لأداء هيئة الحفاظ على المدن التاريخية ومساعدة المجلس المحلي لمدينة صنعاء القديمة على القيام بالواجب للحفاظ على المدينة واحترام العلاقة مع المديرية وفق قانون حماية المدن التاريخية لعام 2013 واختيار العناصر الكفؤة الشريفة الوطنية لتحمل مهمة الحفاظ على المدينة وبقية المدن التاريخية وليكن الجميع أقوى من الظروف الناتجة عن العدوان وأكثر انحيازاً إلى جانب الوطن وهمومه.
وأخيرا.. الشكر موصول للأستاذ عبدالله أحمد الكبسي وللأستاذ السفير يحيى السياغي وللأخوة أعضاء لجنة صياغة التقرير إلى منظمة اليونسكو كما هي للدكتور أحمد الصياد مندوب اليمن في اليونسكو والشكر موصول للأستاذ محمود الجنيد على جهوده السابقة وجهوده المنتظرة لتفعيل قرارات وتوصيات مؤتمر اليونسكو.
والله من وراء القصد.
ملاحظة من يريد متابعة جلسات المؤتمر فيمكنه عبر الرابط التالي. https://m.youtube.com/watch?v=ldygop3FcXg