تحقيق / نبيهة محضور
لم يستثن العدوان شيئاً في اليمن لا البشر ولا الحجر و مع ذلك عجز عن تحقيق أي انتصار يذكر على أرض المعركة وحتى يخفي سوءة هزيمته، لجأ إلى ترسانة إعلام زائف يتوارى خلفها ، ولم يقف عند حدود ذلك فقد عمد إلى إسكات صوت الإعلام المحلي الذي كشف جرائم العدوان و اظهر للعالم مدى زيف وكذب انتصاراته الوهمية ، فسعى إلى إسكات تلك الوسائل من خلال استهدافها استهدافاً مباشراً وقصفها وتدميرها ، ، وعملت على حجب القنوات اليمنية وإسقاطها من الأقمار الصناعية ( النايل سات وعرب سات ) في مخالفة صريحة للقوانين والعقود المبرمة مع هذه الأقمار ، بل تعدى ذلك إلى استنساخ وإطلاق قنوات مزيفة تحمل أسماء وشعارات القنوات الوطنية تبث من خلالها الأكاذيب والشائعات بهدف تضليل الرأي العام العربي والدولي وخلق انقسام داخل المجتمع اليمني لتحقيق أهداف عجزت عن تحقيقها عسكرياً وسياسياً .
ومن خلال هذا التحقيق الصحفي نسلط الضوء على الآثار المترتبة على عدوان التحالف الذي يقوده النظام السعودي على اليمن منذ أكثر من عامين على القطاع الإعلامي ودور وسائل الإعلام اليمني في مواجهة هذا العدوان وآلته الإعلامية:
البداية كانت مع الأخ عبدالله صبري –رئيس اتحاد الإعلاميين اليمنيين الذي أفاد بأن انتهاكات وجرائم العدوان على قطاع الإعلام تصاعدت خلال العامين الماضيين لتخلف الكثير من الأضرار المباشرة وغير المباشرة والتي أثرت على أداء وسائل الإعلام الوطنية وألحقت بها أضراراً فادحة، حيث أشار إلى أن أهم الأضرار غير المباشرة تتمثل في استهداف أبراج الاتصالات والانترنت وقطع الكهرباء عن المحافظات اليمنية ، عوضا عن الحصار الذي نجم عنه عدم قدرة المؤسسات الإعلامية على استيراد قطع الغيار لصيانة معداتها.
أضرار مباشرة
وأكد صبري أن العدوان السعودي على اليمن نتج عنه أكثر من (133 ) حالة انتهاك مباشر منها استهداف مباشر لحياة الإعلاميين اليمنيين أثناء تغطيتهم مهامهم الإعلامية ، حيث سجلت أكثر من (60) حالة قتل متعمد على الأقل إضافة إلى عدد ( 9)جرحى ، كما أن العدوان عمد إلى ضرب وسائل الإعلام المختلفة 28 عملية حجب على اليوتيوب و 4حالات استنساخ للقنوات وهي ( اليمن الفضائية – وكالة سبأ –قناة المسير – إذاعة سبأ ) إضافة إلى (7) حالات إيقاف بث على قمر عرب سات و (5) حالات إيقاف بث على قمر نايل سات و(5) حالات إغلاق حسابات شهيرة على فيسبوك لناطقين وناشطين إعلاميين كصفحة احمد الحبيشي رئيس المركز الإعلامي للمؤتمر الشعبي العام وصفحة محمد عبدالسلام الناطق باسم أنصار الله ، في محاولة لإسكات صوت الحقيقة.
تحقيق وتوثيق
ودعا عبدالله صبري المنظمات الدولية إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية محايدة للنظر في جرائم الحرب التي يرتكبها تحالف العدوان بحق الإعلام والإعلاميين في اليمن.
صعوبات مهنية
وبدوره أوضح الأستاذ / محمد الشرفي – مذيع بإذاعة صنعاء الصعوبات التي تواجهها إذاعة صنعاء خاصة بعد ضرب الارسالات الخاصة بالموجة المتوسطة والذي أدى إلى ضعف البث للإذاعة وتقطعه المستمر وقصوره في تغطية كافة أنحاء الجمهورية، عوضا عن ذلك انعدام المحروقات والإهمال الذي تطاله الإذاعة نتيجة الظروف الصعبة الناجمة عن الحرب والعدوان.
منوها بتأثر العمل نتيجة توقف صرف المستحقات المالية للعاملين في الإذاعة منذ أشهر والذي انعكس سلباً في صعوبة قدرة الكادر الميداني على تغطية كافة الفعاليات في الميدان بسبب غياب الموارد المالية.
مؤكدا حاجة إذاعة صنعاء إلى توفير الأجهزة الحديثة وتقوية إرسالها لتستطيع القيام بدورها وأداء رسالتها بشكل أفضل.
خسائر كبيرة
أما عن الخسائر التي تعرضت لها وسائل الإعلام فقد أكد الأستاذ فيصل الشبيبي- مدير قناة اليمن اليوم ان وسائل الإعلام من القطاعات التي تعرضت لأضرار كبيرة وفادحة من قبل تحالف العدوان السعودي وتم استهدافها بصورة مباشرة نظراً لما تقوم به من دور في مجابهة العدوان حيث أشار في حديثه إلى انه تم استهداف وقصف قناتي اليمن اليوم والمسيرة في الشهر الأول من العدوان وكذلك استهداف مبنى التلفزيون اليمني واستشهاد 4 من العاملين فيه.
منوهاً بأن العدوان عمد إلى إسقاط القنوات اليمنية من الأقمار الصناعية ( النايل سات وعرب سات ) بطلب رسمي منه في مخالفة للقوانين والعقود المبرمة مع هذين القمرين.
ولفت إلى ان قناة اليمن اليوم تعرضت لأضرار مادية كبيرة تقدر بمئات الآلاف من الدولارات نتيجة تدمير مبناها بشكل كبير وإخراجه عن الخدمة وتعرض الاستوديو الرئيسي لأضرار بالغة وإتلاف العديد من أجهزتها المهمة ، مما تسبب في إعاقة عملها بصورة كبيرة.
مخاطر أمنية
وأشار الشبيبي في حديثه إلى أن من أهم الصعوبات التي تواجه الإعلام بشكل عام هو الجانب الأمني حيث لا تزال وسائل الإعلام هدفاً رئيسياً للعدوان الذي يعرض العاملين في مجال الإعلام للخطر ويستهدف أرواحهم عوضا عن الصعوبات المالية التي تواجه قطاع الإعلام نتيجة الحصار والعدوان وغياب وانقطاع المستحقات المالية للموظفين.
التنسيق والتعاون
ويؤكد الشبيبي على دور الإعلام اليمن وقدرته على مواجهة الإمبراطوريات الإعلامية التي يمتلكها العدوان وقدرته على نقل الحقيقة المجردة فيما يتعلق بجرائم العدوان بحق المدنيين والحفاظ على الجمهور المحلي بهدف تماسك الجبهة الداخلية ، داعياً إلى التنسيق والتعاون بين الإعلام الأهلي والخاص والإعلام الرسمي لتبادل المعلومات والمواد الفيلمية والخبرات والتجارب بما يخدم قضية الوطن والعمل الإعلامي.
زيف وتضليل
بدوره أشار مدير عام مكتب الإعلام بمحافظة ذمار ماجد السياغي إلى أن العدوان الذي تقوده السعودية في حربها على اليمن يحارب بقوتين متوازيتين ” ترسانة الأسلحة المتطورة التي تستخدمها وأساطيل من الوسائل الإعلامية المتكئة على التقنية والمعلومة وذلك لصناعة التضليل والشائعات وان العدوان منذ الوهلة الأولى عمد إلى إطفاء جذوة وسائل الإعلام المناهضة له ولجرائمه من خلال إيقافه لعدد من الوسائل الإعلامية واستنساخه للقنوات والمواقع الإخبارية المناهضة لسياسته الإعلامية بأساليب تتنافى مع مصداقية العمل الإعلامي ومبادئه وقيمه الناظمة.
كفاءة ومهنية
مؤكدا أن الإعلام الوطني أسقط رهانات العدو وزيف إعلامه من خلال عمله بكفاءة ومهنية عالية واستطاع أن يصنع رأياً عاماً أعاد تشكيل خارطة العدوان وأربك حساباته ، فالمشاهد والصور التي يبثها الإعلام الحربي من داخل العمق السعودي باتت تتداولها وسائل إعلامية ودولية وتتحدث عنها صحف رائدة مؤثرة في اتجاهات الرأي العالمي.
وأوضح السياغي أن ما يقوم به الإعلام المحلي من تغطية دائمة للفعاليات والأنشطة المناهضة للعدوان سواء كانت مسيرات أو وقفات احتجاجية أو لقاءات قبلية وقوافل الجود والعطاء من مختلف أنحاء الجمهورية وما يسطره أبطال الجيش واللجان الشعبية من ملامح بطولية وانتصارات في مختلف الجبهات عملت على تعرية زيف إعلام العدوان الذي يسعى إلى تحقيق انتصارات افتراضية في مربع الآلة الاتصالية بعد أن فشل في تحقيق انتصار واقعي على الأرض.
مشيراً إلى أن الإعلام المحلي يعمل على توثيق ونشر كافة جرائم العدوان التي تطال المدنيين الآمنين في بيوتهم وما يتعرض له الأطفال في المدارس والمرضى في المستشفيات والمعزون في الصالات والفرحون في الأعراس والباعة والمشترون في الأسواق والطرقات ويتم عكسها في معارض الصور ومضامين الكتب والمجلدات باعتبارها لن تسقط بالتقادم وستكون شاهدا على جرائم العدوان.
مطالب واحتياجات
ونوه السياغي بأهمية تلبية احتياجات ومطالب الإعلام للارتقاء بالرسالة الإعلامية باعتبار الإعلام سلاحاً يتجاوز مداه الحواجز المكانية والفواصل الزمنية فالإعلام لم يعد رسالة فقط بل صناعة ضخمة تشهد تطورات في الجوانب الهندسية والتشغيلية والتقنية خاصة في زمن نضوج العولمة والتطور التكنولوجي الذي جعل للتقنية والمعلومة بشقيها المادي والمعرفي دوراً هاما في صناعة الرأي العام وإنتاجه على المستويين المحلي والعالمي وبالخصوص مع ظهور الإعلام الجديد الرخيص التكلفة والسريع الانتشار والمتحرر من مقص الرقيب ، الأمر الذي جعل المعلومات والأخبار والمورد الفكري مورداً لا ينضب بغثه وسمينه.
غياب الأخلاق والقيم
وفي ذات السياق قال الأستاذ عبدالفتاح البنوس– رئيس رابطة الصحفيين بذمار إن غياب معايير الأخلاق لدى قوى العدوان باستهداف الصحفيين والطواقم الإعلامية بصورة متعمدة وكذا قصف المنشآت والمؤسسات الصحفية والإعلامية بشكل مباشر ومتعمد ، مشيراً إلى أن العدوان استهدف البنية التحتية للمؤسسات الصحفية والإعلامية مما ألحق أضراراً بالغة ببعضها وأدى إلى إغلاق أخرى والذي اثر بدوره على تراجع نسبة المبيعات والإعلانات بسبب الظروف الأمنية والأوضاع الاقتصادية.
منوها في حديثه بتعرض حياة الإعلاميين للخطر وفقدان مصادر رزقهم نتيجة إغلاق الكثير من وسائل الإعلام وترجع مستوى دخل العاملين في الوسط الصحفي نتيجة الأزمة المالية والاقتصادية الناجمة عن العدوان والحصار وتأثر الحالة النفسية لهم مما ينعكس على جودة العمل وتميز الإنتاج الصحفي فأحيانا المعاناة تولد الإبداع وأحيانا تخلف اليأس والإحباط والفشل.
نجاح وتميز
وأضاف البنوس: انه وبالرغم من فارق الإمكانيات سواء المادية أو ما يتعلق بالتجهيزات الفنية ورغم ضخامة الإمبراطورية الإعلامية التي تمتلكها قوى العدوان وتلك التي تعمل لحسابها إلا أن وسائل الإعلام الوطنية ، المقروءة والمرئية والمسموعة والالكترونية نجحت في مقارعة تلكم الإمبراطورية والتفوق عليها وباتت هي مصدر المعلومة والخبر اليقين لدى المواطنين في دول العدوان كونهم فقدوا الثقة في إعلامهم التضليلي الذي لا يمت بصلة للحقيقة وما استنساخ بعض القنوات والتشويش على بعضها واستهداف مقراتها إلا دليل على حجم تأثيرها وانزعاج العدو منها، حيث نجحت وسائل الإعلام المحلي في إظهار مظلومية الشعب اليمني وإطلاع العالم على وحشية وإجرام الكيان السعودي وتحالفه الإجرامي وإظهار انحياز وتواطؤ المجتمع الدولي معه.
أضرار فادحة
من جانبه أوضح الأخ فيصل الحاج –مدير إذاعة تعز ، أن إذاعة تعز تعرضت لتخريب كبير وتدمير للبنية التحتية نتيجة تعرضها للقصف المباشر مما أدى إلى توقف بثها في سابقة لم تعهدها الإذاعة التي استمر بثها قرابة (54) عاما من تاريخ بثها في عام 64م وتغطي من خلال ثلاث محطات إرسال تعمل بنظام الموجة mw وموجة fm ما يزيد عن عشر محافظات.
وأشار الحاج إلى أن العدوان عمد إلى تدمير إذاعة تعز من خلال قصف وتدمير محطات الإرسال الإذاعي والتلفزيوني الثلاثة التي تعمل من خلالها الإذاعة حيث تم استهداف محطة الإرسال الإذاعي في حصن العروس بجبل صبر بتاريخ 25مايو في 2015م مما أدى إلى تدمير المباني والأجهزة وهوائيات الإرسال والمولدات الكهربائية تدميرا كاملا إضافة إلى استهداف محطة الإرسال الإذاعي بالحوبان – تعز ، بعدد من الغارات في نفس التاريخ السابق ومحطة الإرسال الإذاعي والتلفزيوني في ( تعباث – مديريات صالة –تعز )حيث تم إحراق المكتبة الإذاعية بما تحويه من أرشيف إذاعي يدون مسيرة خمسين عاما من العطاء الإذاعي ، كما تم تدمير مبنى الإذاعة المكون من ثلاثة طوابق ويحوي سكن المهندسين واستوديوهات التسجيل وتدمير إدارة الأخبار وارشيفها الاخباري.
نهب وتدمير
ونوه الحاج بأن إذاعة تعز لم تتعرض لعدوان خارجي فقط بل تعرضت للنهب والتدمير بعد انسحاب الجيش واللجان الشعبية من محيط الإذاعة في 17 اعسطس 2015م ودخول المليشيات التابعة لمرتزقة العدوان الذين قاموا بنهب كافة التجهيزات والأثات واحراق المولدات الكهربائية وتدمير خزانات المياه تدميراً كاملاً واتلاف كافة ملفات الوظيفة للعاملين في الإذاعة وكل وثائق وممتلكات الإذاعة.
وأشار إلى أن هناك خسائر كبيرة لاحقة نتيجة استهداف الإذاعة تم حصرها بشكل أولي ولا مجال لذكرها هنا وهناك الكثير من الخسائر يصعب حصرها في الوقت الحالي نتيجة استمرار العدوان.
إرادة وصمود
وقد أكد الحاج على صمود إذاعة تعز والعاملين فيها رغم كل الظروف ورغم استمرار العدوان فقد تمت إعادة بث إذاعة تعز بتاريخ 2 نوفمبر 2016م بجهاز ارسال اف ام صغير جدا يغطي محافظتي تعز وإب بمختلف مديرياتهما وعدد من مديريات محافظة ذمار ومحافظة الحديدة..
استمرار العمل والبرامج
أما عن استمرار الإعلاميين في أداء رسالتهم الإعلامية فأكد الأستاذ صبري الكميم مذيع بقناة اليمن الفضائية على استمرار العمل بالقناة رغم الظروف التي تهدد حياة الاعلاميين جراء استهداف العدوان لطواقم الاعلامين ولقناة اليمن الفضائية بشكل مباشر من أجل إيقاف بثها.
وأضاف “: وخوفاً على حياة بقية الزملاء والزميلات، تم تقليص الكادر الإعلامي والإداري بأقل عدد ممكن للكادر البشري ولساعات متواصلة شاقة ومرهقة نفسيا وجسدياً وذلك ايمانا برسالتنا الإعلامية والوطنية وكوننا جزءاً لا يتجزأ من جبهات القتال ورديفاً أساسياً مع قوات الجيش واللجان الشعبية.
وأشار الكميم في حديثه قائلا “عملنا على استمرار بث نشراتنا الإخبارية وبرامجنا المباشرة والمسجلة بإمكانات بسيطة وداخل استوديوهات مؤقتة يصعب العمل بداخلها لعدم القدرة على تشغيل أجهزة التكييف التي تسهم في إيجاد مناخ صحي أثناء العمل كون الأجهزة الفنية كالكاميرات ولمبات الإضاءة وأجهزة البث والفيديو تحتاج إلى طقس بارد وذلك نظراً لسخونة الأجواء داخل الأستوديو.
مؤكدا ان الإعلاميين داخل قناة اليمن الفضائية فعلا مشاريع استشهادية للوطن وأنهم أقوى كثيبة إعلامية تعمل بوتيرة عالية وبمهنية منذ بدء العدوان وبروح الفريق الواحد يحملون في قلوبهم الأمل واليمن معاً.