القاعدة الصينية في جيبوتي.. صراع مع أمريكا أم دفاع عن النفس؟

عواصم/ وكالات
شرعت الصين منذ العام المنصرم في بناء أول قاعدة لوجستية لها في جيبوتي أهم ممرات الشحن في العالم مثيرة تحفظات و تخوفات أمريكية وأوروبية من خروج المارد الصيني من قمقمه والقلق من كونها نزعة للتوسع والسيطرة.
ونقلاً عن الوكالة الصينية الرسمية للأخبار “شينخوا”، فقد انطلقت عدة سفن حربية صينية وعلى متنها جنود البحرية الصينية متجهة نحو أول قاعدة عسكرية خارجية في جيبوتي للاستقرار فيها.
ويذكر أن جيبوتي بلد عربي في القرن الأفريقي ويطل على البحر الأحمر وخليج عدن ومضيق باب المندب الذي يفصل بينها وبين شواطئ اليمن. ويسعى هذا البلد الفقير إلى جذب استثمارات بقيمة 12 مليار دولار من خلال إقامة مركز تجاري في أفريقا ورغبتها الإقتداء بسنغافورة. ولموقعه الإستراتيجي الهام تحول هذا البلد إلى مركز لتزويد السفن الدولية لحفظ السلام والناشطة في مجال حقوق الإنسان بالوقود والمؤن. والتي حصلت أمريكا وفرنسا على قواعد كبيرة في هذا البلد الصغير. فقد استأجرت أمريكا قاعدة ليمونيه في عام 2001م و بدأت قوة أمريكية مؤلفة من 900 جندي العمل فيها رسمياً قبل أن تتوسع وتضم أربعة آلاف جندي لاحقاً تحت مسمى قوات أفريكوم. كما أنشأت اليابان قاعدة عسكرية لها في جيبوتي عام 2009م تضمنت ميناء دائماً ومطاراً عسكرياً خاصاً بطائرات الاستطلاع.
وفي حين شرعت الصين منذ العام الماضي في بناء قاعدة عسكرية لوجستية في جيبوتي لتكون الأولى خارج حدود الصين، والتي اكتفت الوكالة الرسمية الصينية بتسميتها منشآت دعم بحرية مهمتها إعادة التموين وتستخدم في سياق عمليات الدعم اللوجستي للسفن التجارية الصينية، وبهذا نزعت وزارة الخارجية الصينية الصفة العسكرية عن قاعدتها المرتقبة في جيبوتي في محاولة للتخفيف من حدة مخاوف أمريكا وحلفائها، ووصفت الخارجية الصينية سياستها في القارة الافريقية أنها لا تحتاج إلى قواعد ذات صفة عسكرية، وما بناء هذه القاعدة اللوجستية إلا تنفيذاً لاتفاقية التعاون والتدريب بين البلدين والتي تم توقيعها في عام 2014م، وتأتي هذه الخطوة بعدما واجهت الصين في عام 2008م صعوبات في محطات الرسو والتموين خلال المهمات العشرين لمكافحة القرصنة التي قامت بها الصين قبالة سواحل الصومال وخليج عدن.
وأعلنت الوكالة الصينية في ساعة متأخرة من ليل أمس الأول إبحار عدد من جنود بحريتها على متن سفن حربية للاستقرار في قاعدة التموين والإمداد في جيبوتي والتي تم عقد اتفاق بشأنها بين بكين وجيبوتي بعد محادثات ودية بين البلدين.
ومن المتوقع أن يثير هذا التطور مخاوف بعض البلدان كأمريكا وفرنسا واليابان والدول الغربية. فجيبوتي تقع على مسير المحيط الهندي والبحر الأحمر وقناة السويس الرابط البحري الأكثر اختصارا بين أوروبا وآسيا ويتوجب على السفن التي تريد العبور من البحر الأحمر إلى المحيط الهندي أن تبحر من مضيق نصفه في المياه الإقليمية الجيبوتية. وقد أبدت واشنطن وباريس وطوكيو بعض التحفظات على تنامي التعاون الاقتصادي والأمني بين الصين وجيبوتي باعتباره قد يشكل ذراعاً لمد نفوذ الصين العسكري في هذه المنطقة الإستراتيجية. وسارعت واشنطن إلى تمديد عقد الإيجار لعشر سنوات مع زيادة من 30 إلى 60 مليون دولار.
وتخفيفاً من حدة التوتر قلّل وزير الخارجية الجيبوتي محمد علي يوسف من شأن المخاوف الغربية قائلاً: “لا يجب النظر إلى القاعدة الصينية على أنها توسع صيني في القرن الأفريقي أو حتى في أنحاء العالم، فقد أصبحت هذه المنطقة معقلاً للقراصنة وبؤرة للإرهاب وخطراً دائماً يهدد المجتمع الدولي بأسره”. ودافع عن موقف الصين معبراً عن تفهمه قلق بعض الدول الغربية من رغبة الصين في إقامة قاعدة عسكرية خارجية ومتسائلاً ألا يشعر الغرب بالقلق من إقامة قواعد مماثلة منذ أمد طويل؟.
ويذكر أن الصين أقوى ثاني اقتصاد في العالم و أكبر دولة من حيث عدد السكان والأولى في عدد قواتها المسلحة. وهذا ما يدفعها للرقي بمكانتها العسكرية في العالم حيث يسعى الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى إجراء إصلاحات واسعة على الجيش، الأمر الذي أثر على حزم الصين في نزاعاتها في بحر الصين الشرقي والجنوبي. كما وتأتي التخوفات الغربية من ازدياد النفوذ الصيني في المنطقة بعد نشر تقرير لوزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون ذكر فيه اسم دولة باكستان بالتحديد كموقع محتمل لبناء قاعدة عسكرية صينية في المستقبل الأمر الذي وصفته الصين على أنه محض تكهنات.

قد يعجبك ايضا