*ثالث أكبر خزان عائم في العالم معرض لتلف تام
تحقيق/عبد الحميد الغرباني
من البحر الأحمر وتحديدا من جوار الباخرة “صافر ” التي ترسو بشكل دائم في موقع على بعد 4.8 ميل بحري من ميناء رأس عيس في محافظة الحديدة، بدأنا هذا التحقيق الاستقصائي الذي يسلط الضوء على تداعيات توقف الباخرة صافر التي وجدناها في حالة رثة، لحق الصدأ أجزاء كبيرة منها، عن قرب لا ترى الباخرة العملاقة بالحالة التي تشاهدها في ريبورتاج خاص بشركة صافر لعمليات الاستكشاف والإنتاج، لقد تغير حال الباخرة بعد عامين من شلل الأنشطة بفعل الحصار وثلاثين سنة من الخدمة أيضا في اليمن ، هذا التحقيق الاستقصائي يقدم نموذجا يوضح طابع الانتقام الذي يضبط مسار العدوان على اليمن.
ثلاثون عاما مضت منذ تحويل الباخرة العملاقة ” صافر ” الى خزان عائم لاستقبال وتصدير خام مارب الخفيف، بعد ثلاثة عقود من الزمن وجدت الباخرة صافر نفسها مع طاقمها الكبير ضمن حالة حصار داخل الحصار الكبير المفروض على اليمن من قبل قوى العدوان، هذا الحصار تسبب في إيقاف نشاط الباخرة ثم منع تزويد الباخرة صافر بمادة المازوت الضروري لتشغيلها كما تقول مذكرة صادرة عن شركة صافر التي نزلنا في محطتها برأس عيسى وتواصلنا بمسؤوليها بالحديدة لتسجيل تعليقها حول الموضوع دون جدوى .
مذكرة شركة صافر التي حصلنا عليها في سياق استقصاء تبعات ومخاطر توقف الباخرة تؤكد أن “غلايات البخار العاملة بوقود المازوت تشكل قلب الخزان العائم ” صافر” والذي بدونه تتوقف جميع الأنشطة وتتوقف الحياة على الخزان العائم ” ، وتضيف المذكرة: “ويصبح الحفاظ على أدنى مستوى من الصيانة وبالتالي معايير السلامة والبيئة السليمة أمرا في غاية الصعوبة بل مستحيلا في بعض الجزئيات خاصة منها تلك التي يستلزم القيام بها توفر البخار أو قدر عال من الطاقة الكهربائية ”
وتستطرد مذكرة شركة صافر لعمليات الاستكشاف والإنتاج في سياق إيضاح أهمية مادة المازوت للخزان العائم برأس عيسى فتشير إلى أن ” توليد الكهرباء في الباخرة وبشكل كاف يتم بواسطة توربينات بخارية كما تتم تحلية المياه من البحر أيضا بواسطة البخار، فالبخار هو الأساس للخزان العائم وللحصول عليه لابد من توافر مادة المازوت لتشغيل الغلايات ” ..
ثم تصل المذكرة الى النقطة الجوهرية في الموضوع فتؤكد أن تزويد الباخرة بمادة المازوت “هو الحل الوحيد لإنقاذ الوضع، ما لم فالشركة تتوقع حصول حريق أو انفجار في الباخرة صافر سيودي الى تلوث بحري غير مسبوق في البحر الأحمر وسيشكل تحديا لليمن ودول المنطقة ” ..
من هنا حملت شركة صافر لعمليات الاستكشاف والإنتاج قوى العدوان مسؤولية ما قد يترتب على تهالك الخزان العائم أو حصول تسرب نفطي منه خصوصا بعد منع الناقلة ” راما” والتي كانت محملة بمادة المازوت من الوصول الى الخزان العائم وبعد إصدار تراخيص لها من قبل قوى العدوان .
لقد لاحظنا ونحن نعد التحقيق أن العدد الأكبر من طاقم الباخرة تم اخلاؤها ولم يتبق سوى 5 أفراد تقريبا بينهم أحد المهندسين الكبار ومن المتوقع أن يتم الاخلاء الكامل لطاقم الباخرة في حال استمرت قوى العدوان بمحاصرة الباخرة ومنعها عن التزود بمادة المازوت وتوقف أعمال الصيانة لكل أجزاء الخزان العائم وفقدانه لجميع شهاداته العالمية ..
مختصون وخبراء أكدوا أن مشكلة أخرى تفاقم تبعات توقف الباخرة صافر عن العمل وهي وجود ما يقارب مليوناً ومائتي ألف برميل من النفط الخام في خزانات وصهاريج الباخرة وأن العدوان حال دون تصديرها، وكان رئيس المجلس السياسي الأعلى صالح الصماد قد كشف في مقابلة سابقة له مع قناة الميادين أن الأمم المتحدة لم تلعب دورا في هذا السياق وأنها عجزت عن العمل على السماح بتصدير هذه الكمية وبيعها مقابل أدوية يحتاجها الشعب اليمني في هذه الفترة العصيبة ..
الهيئة العامة للشؤون البحرية : استهداف الباخرة صافر يعكس صورة واحدة للابتزاز الذي يتعرض له اليمن
وتشير المعلومات إلى أن الباخرة صافر تعد ثالث أكبر ميناء عائم في العالم لتخزين النفط وبسعة تبلغ ثلاثة ملايين برميل ، من هنا يقول ربان أعالي بحار محمد معتوق وهو مدير الهيئة العامة للشؤون البحرية ” وضع الباخرة صافر في دائرة الاستهداف من قبل تحالف العدوان وبهذا الشكل يعكس صورة واحدة للابتزاز الكبير الذي يتعرض له اليمن “، ويضيف “: وضع الباخرة صافر والظروف المحيطة بها تمثل هاجسا يؤرقنا في الهيئة العامة للشؤون البحرية اليمنية ، نحن نتحدث عن خزان عائم ضخم ودخل الخدمة في اليمن قبل ثلاثين عاما والكمية التي يحتويها هذا الخزان كبيرة وفي حال حصل انفجار أو حريق قد تضرب الكارثة البيئية عددا من الدول وستتسبب بعواقب وخيمة ولفترة زمنية ، ولن تكون المشكلة آنية ” .
مدير الهيئة العامة للشؤون البحرية الكابتن محمد معتوق ناشد ” المنظمات ذات العلاقة بالسلامة البحرية والبيئة البحرية الأمنية، التدخل وحل هذه المعضلة التي ستشكل تحديا لليمن ودول المنطقة ” …
العدوان يتسبب في تعطيل إنشاء موقع تصدير نفطي برأس عيسى
تؤكد المعلومات التي حصلنا عليها من مطلعين أن تكلفة صيانة الباخرة صافر وصلت في العام الواحد الى 35 مليون دولار وهذا الأمر يشكل ولاريب بابا من أبواب هدر المال العام وكان ينبغي على الشركة العمل على إنشاء موقع تصدير نفطي ووفقا للمواصفات العالمية وفي الفترة التي بدأ خلالها تصدير النفط اليمني عبر الخزان العائم برأس عيسى ، الشركة فعلا كانت قد شرعت في انجاز هذا المشروع _ موقع تصدير نفطي عبارة عن خزانات بسعة نصف مليون برميل لكل خزان وبآلية تشغيلية تشمل إنشاء الوحدات المؤازرة واللازمة ــ وكانت الشركة المنفذة للمشروع قد وصلت فيه الى مرحلة تلحيم الألواح الفولاذية إلا أن العمل تعثر عند هذه النقطة تقريبا في العام 2015م وفيما كانت الجهود تبذل لتجاوز ما يحول دون استكمال المشروع شن العدوان على اليمن ما تسبب في إيقاف العمل بشكل نهائي وذلك يعني وفق مختصين ومطلعين خسائر باهظة وتبعات عديدة تلحق شركة صافر اليمنية ، فضلا عن كون اتفاق تنفيذ المشروع بين شركة صافر والشركات المنفذة تضمن بندا جزائيا يقضي بأن يدفع الطرف المتسبب بالتأخير بدفع مبلغ 100 ألف دولار عن كل يوم تأخير ، وهي غرامة باهظة في حال أن شركة صافر لم تنجز اتفاقا مع الشركات المنفذة منذ اندلاع الحرب على اليمن في مارس 2015م ، تجدر الإشارة في منتهى هذا التحقيق أنه لم يركز على تداعيات العدوان على قطاع النقل باعتبار هذا القطاع يحتاج إلى تحقيق خاص.