رداع/ أحمد العزاني –
تعد مشكلة شحة المياه من أهم المشاكل التي تؤرق حياة المواطنين بمدينة رداع محافظة البيضاء حيث تشير الدراسات والمسوحات والمؤشرات الأولية إلى أن الحوض المائي الذي يغذي منطقة رداع مهدد بالنضوب إذا لم تكن هناك إجراءات عملية وفعلية للحد من الاستنزاف الجائر للمياه واستخدامه لري شجرة القات وكذلك الحفر العشوائي للآبار نتيجة لتدني الخدمات والانفلات الأمني وغياب الدولة فقد كان لذلك أبلغ الأثر في اتساع رقعة الحفر العشوائي واستنزاف مياه الآبار المخصصة للشرب والاستخدام الآدمي وذلك في زراعة وري شجرة القات الذي يحتل مساحات شاسعة من المنطقة وهناك عشرات الأراضي المزروعة بالمزوعات والأشجار الأخرى التي اتلفت شجرها وانتهت نتيجة شحة المياه وارتفاع سعر الساعة للري في بعض الآبار حيث وصلت في بعض المناطق والقرى بمديريات رداع إلى حوالي خمسة آلاف ريال للساعة الواحدة مما ينذر بكارثة كبيرة إذا لم يتم اتخاذ التدابير والإجراءات الكفيلة بحماية الحوض المائي للمنطقة والحد من التوسع في الحفر العشوائي واستنزاف المياه الجوفية.
وفي إطار الجهود الإعلامية التي تقوم بها صحيفة (الثورة) وحرصاٍ منا على تناول المشكلة بأبعادها المختلفة وإشراك الجميع في التناول وطرح القضية واستيضاح الحلول والمعالجات لها .. ومن أجل نقل الحقائق وتبني هموم المواطنين فقد قمنا بعدد من اللقاءات ضمن الاستطلاع التالي:
مرة بالأسبوع
> المواطن/جبر أحمد الصباحي بدأ حديثه بتوضيح قال فيه:
- تنتابني مشاعر الحزن والأسى عندما أشاهد وايتات الماء تنهب ثرواتنا المائية وتجوب الشوارع ليلاٍ ونهاراٍ بينما الأهالي في مدينة رداع يتمنون شربة الماء لذلك فإننا نناشد المجالس المحلية والجهات المعنية بسرعة ضبط هؤلاء التجار والعابثين الذين يتاجرون بمياهنا الجوفية ويبيعونها لأصحاب الجرب ومزارع القات ولا يخفاكم أننا في المدينة ننتظر الماء لمدة ثمانية أيام حيث يتم توزيعه وفقاٍ للخطة الجديدة لمؤسسة المياه ولم يتم فيه مراعاة ذوي الدخل المحدود ممن لا يمتلكون خزانات وبراميل للمياه فالبعض يوصل المواصير من خلف العداد رأساٍ وهذا يمثل في حد ذاته خطأ كبيراٍ خصوصاٍ أن عدالة التوزيع للمياه غائبة تماماٍ.
حقائق وأرقام مخيفة
> أما المهندس/فؤاد محمد الشرفي فيرى أنه في مديريات رداع السبع وهي (قيفة ولد ربيع وقيفة القديتية والعرش وصباح والرياشية ورداع) ومع تفاوت نسبة الاحتياج بين كل مديرية ونظراٍ لوجود الحواجز المائية فإن مدينة رداع تتصدر قائمة الخطر حيث وصلت نسبة الحفر العشوائي إلى ٠٣٪ وذلك من إجمالي المساحة الكلية للمنطقة وبمعدل بئرين لكل حارة ووصلت نسبة التعميق أو مسافة الحفر إلى ٠٥٦ متراٍ في أضعف الأحوال وهنالك ما نسبته ٠٥ ناقلة تقوم بنقل مياه الآبار وبيعها وتتراوح نسبة الاستنزاف والعمل اليومي للناقلات أو الوايتات ٠٣ مرة في اليوم الواحد وأمام هذا الكم الهائل من الأرقام أجدني قد وضعت الجهات الحكومية والرسمية على حقيقة الوضع المائي والكارثة الحقيقية التي تحدث لآلاف الأسر القاطنة في رداع وهذا ليس من قبيل التهويل أو التضخيم بل من واقع أبحاث ودراسات وحقائق يومية وواقعية فالقضية لا تحتمل التأجيل خصوصاٍ وقد بذلت في السابق جهود شعبية تطورت بعد ذلك إلى حدوث مشاكل كبيرة.
صرخة استغاثة
> وقال الأخ علي مثنى الجريدي – مديرية العرش :
- إننا في منطقة قرن الأسد التابعة إدارياٍ لمديرية العرش نعاني كثيراٍ من مشكلة الاستنزاف الجائر للمياه حيث أن هناك بعض النافذين ومالكي الآبار بالمنطقة يقومون ببيع المياه لأصحاب الوايتات وناقلات المياه وذلك لغرض سقي وري شجرة القات بينما نحن في أمس الحاجة إلى الماء ومنطقتنا محرومة من مشاريع المياه وعشرات بل مئات الأسر تعتمد بشكل أساسي على مياه الآبار التي تعمل ليلاٍ ونهاراٍ إلى جيوب ناهبي المياه وتجار النعمة حيث قد طرقنا كل الجهات الرسمية من أجل ضبط أولئك المتاجرين بمياهنا الجوفية لكن دون جدوى فهناك قرابة 150 ناقلة أو وايتات تقوم باستنزاف المياه لتبيعها لأصحاب ومالكي مزارع القات وهذا تجاوز صارخ للنظام والقانون فالأجهزة الأمنية برداع والعرش لم تقم بواجبها على أكمل وجه في ضبط وإيقاف هذا العبث والاستنزاف بالرغم من الأوامر والتوجيهات ومناشداتنا للحكومة ووزير الداخلية ومحافظ محافظة البيضاء بسرعة ضبط أولئك النافذين الذين أقلقوا حياتنا وأزعجوا أولادنا وأسرنا وباتوا يتاجرون بالماء نهاراٍ جهاراٍ بينما الأهالي في مدينة قرن الأسد بحاجة إلى قطرة ماء وهذا حرام شرعاٍ ولا يقبل به لا عرف ولا سلف ونحن نأمل أن تصل مناشداتنا عبر صحيفتكم إلى كل المسؤولين والالتفات إلى هذه القضية الخطيرة التي تؤرق حياة الناس وندعو إلى سرعة ضبط أصحاب الآبار وإلزامهم بالبيع للمنطقة وأهلها فقط وتوزيع الماء بحسب المشروع القائم بمبادرة الأهالي ومنع أصحاب الوايتات من استثمار المياه وبيعها لأصحاب جرِب القات فالوضع لم يعد يحتمل والأهالي والعقال تذمروا من هذه الحالة خصوصاٍ وأن هناك أوامر وتوجيهات صارمة غير أنها لم تنفذ فالأجهزة الأمنية لا تقوم بدورها في متابعة هؤلاء وضبطهم.
ضرورة تطبيق القانون
> فيما يؤكد الأخ محمد عبدربه الجوفي أن قضية استنزاف المياه والحفر العشوائي للآبار من شأنها أن تؤدي إلى نضوب وجفاف حوض رداع المائي لذلك فلابد من تضافر الجهود من أجل الحد من هذه العشوائية وايجاد الحلول المناسبة لتراجع منسوب مياه الحوض وذلك بالتعميق أو حفر آبار جديدة. ونطالب بتطبيق القانون على الجميع وإيقاف الاستنزاف الجائر للمياه حيث وأن الوضع قد تفاقم وزاد عن حده.
المؤسسة : لا توجد أزمة مياه
> بدورنا قمنا بطرح القضية على الجهات الرسمية حيث التقينا الأخ المهندس عزي قائد التام- مدير عام المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بمحافظة البيضاء حيث أكد لنا أنه لايوجد انقطاع للمياه وأن الآبار تعمل على مدار الساعة.. وتابع قائلاٍ: ونحن الآن على وشك حفر بئر جديدة ويتم توزيع المياه كل 10 أيام.
وأضاف: الوضع العام للمؤسسة مستقر ونحن نعمل على تطوير وتحسين الخدمات التي تقدمها المؤسسة من المياه والصرف الصحي وذلك بالرغم من المشاكل والصعوبات التي تواجهنا وقد قامت المؤسسة خلال شهر مارس الماضي بإصلاح عدد 4 آبار وإدخالها الخدمة بعد أن كانت متوقفة وكذا إنزال مواسير لعدد 4 آبار وذلك لتقوية الإنتاج.
عدم تسديد الفواتير
وفي ما يتعلق بالصعوبات والمشاكل التي تواجه المؤسسة وأبرز الجهود الخاصة بتوفير المياه أكد مدير عام المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بالمحافظة أن المؤسسة تواجه العديد من المشاكل ولعل من أهمها عدم وجود الآبار الكافية للإنتاج لتغطية المنطقة ومواجهة التوسع السكاني والعمراني الحاصل فيها بالإضافة إلى تراكم المديونية لدى المشتركين وذلك نتيجة الإهمال في موضوع التسديد وعدم المبادرة بتسديد الفواتير أولاٍ بأول.
وكذا انتشار ظاهرة المخالفات من خلال أخذ الماء بطريقة غير شرعية من خلف العداد وتكسير تنابر الماء مما أدى إلى ارتفاع نسبة فاقد الماء بمايزيد عن 40٪ بالإضافة إلى ظاهرة الحفر العشوائي والاستنزاف الجائر للمياه الجوفية إذ لا توجد ضوابط ولا قيود للحد من تلك الظواهر والمشاكل التي تهدد الحوض المائي وتنذر بالجفاف في المنطقة.
وبخصوص توفير المياه لمنطقة رداع فإن المؤسسة تنتج المياه من خلال »8 آبار« وتقوم بتشغيل المضخات على مدار اليوم وقد قمنا بانزال مناقصة لحفر بئرُ جديدة وتعميق ثلاث آبار أخرى وذلك للحد من العجز الحاصل في الإنتاج .
طفح المجاري
في سياق متصل سألنا المهندس التام عن طفح المجاري في المدينة مما يشكل مظهراٍ غير حضاري وانتشار للروائح الكريهة وتشويه الشوارع أجاب قائلاٍ: هنالك تحسن في مجال الصرف الصحي فقد قلت بنسبة كبيرة وذلك نتيجة لمضاعفة الجهود في تتبع طفح المجاري في منطقة رداع والمبادرة بسرعة فتح الانسداد وهنالك عدة أسباب لطفح المجاري منها فتح مناهل الصرف الصحي من قبل المواطنين لتصريف مياه الأمطار عبرها وكذا تراكم الترسبات نتيجة عدم إجراء غسيل للشبكة منذ ما يزيد عن عامين.
بالإضافة إلى عدم توفر سوى شفاط واحد لا يكفي لمواجهة المشاكل الحاصلة في الصرف الصحي وبالأخص في حالة تعطل الشفاط فإن الضغط يزداد على المؤسسة والمشاكل والأعباء تتفاقم نتيجة لذلك.
المديونية 140 مليون ريال
> وعن شكوى بعض الموظفين عن عدم صرف مستحقاتهم وحقوقهم المطلبية الأخرى أجاب التام قائلاٍ: كما هو معلوم أن المؤسسة المحلية مستقلة مالياٍ وإدارياٍ لذلك فهي تغطي نفقاتها من إيراداتها وبالنسبة لمطالبات الموظفين لبعض مستحقاتهم المالية فإنه تجدر الإشار إلى أن المؤسسة تواجه عجزاٍ إيرادياٍ كبيراٍ نتيجة لتخلف المشتركين عن سداد ما عليهم من مستحقات حيث بلغت المديونية المستحقة للمؤسسة حوالي مائة وستة وأربعين مليون ريال مما أدى إلى تراكم مستحقات بعض الموظفين من مكافآت ومزايا وإضافي لعدم توفر السيولة الكافية لصرفها وتقديم صرفيات التشغيل للمؤسسة من أجل إيصال الخدمة للمواطنين ومع ذلك فقد قمنا في مارس الماضي بصرف مستحقات الموظفين المتأخرة منذ شهر يناير من العام 2011م مع مستحقات شهر ابريل 2012م.
الإيرادات لا تفكي
وعبر الصحيفة عبر مدير عام المؤسسة عن دعوته للمتخلفين عن السداد وقال: أود أن تصل كلمتي إلى جميع المشتركين في المنطقة ذلك أن هذه المؤسسة هي مؤسسة المنطقة ولا تخدم ولا يستفيد منها غير أبناء المنطقة ولذا فالحفاظ عليها وعلى الخدمات التي تقدمها من مياه وصرف صحي هي مسؤوليتنا جميعاٍ وعلينا أن ندرك أن المؤسسة تحتاج إلى مبالغ طائلة لتوفير المحروقات وغيرها لتشغيل المضخات لذا فإننا ندعو إلى سرعة تسديد الفواتير وعدم تأخيرها لأن ذلك من الوسائل الهامة للحفاظ على المؤسسة وضمان استمرار الخدمة للمشتركين.
وننوه إلى أن إيرادات المؤسسة بلغت 40٪ من إجمالي المبيعات وهذا بدوره ينعكس على أداء المؤسسة بشكل كبير فهو يؤثر على القدرة الإنتاجية التي تغطي المنطقة كما أنه يؤثر على عملية الإنتاج لأن الإيرادات لا تكفي لتغطية تكاليف التشغيل وكذا مرتبات الموظفين.. وفي الختام نتوجه بالشكر لكل من بادر بالسداد من الإخوة المشتركين واستشعارهم المسؤولية بأهمية الخدمة التي تقدمها المؤسسة.