*الزوجة انتحرت والأب قُتل والابن سُجن
عادل بشر
زهور هي إحدى ضحايا ظاهرة الزواج المبكر في اليمن .. لم تكن قد أكملت عامها الـ(13) حين أبلغها والدها أنها بعد ثلاثة أسابيع ستٌزف عروسا لشخص يكبرها بـ30 عاماً.
لم تستطع زهور أن تقول لوالدها (لا) فقد ترّبت هي وجميع إخوانها على السمع والطاعة وعدم اعتراض كلمة الأب ولو كان فيها الموت، فاكتفت بالصمت والدموع.
كان والد زهور يعمل لدى احد التجار المعروفين في منطقتهم .. ورغم السعة في الرزق التي منحها الله لهذا التاجر إلا انه لم يكن سعيدا في حياته كونه لم يٌرزق بالابن وكل خِلفته من زوجاته الثلاث كانت بنات .. وذات يوم ذهبت زهور إلى والدها خلال عمله في محل يملكه التاجر إياه بغرض أخذ بعض المواد الغذائية للمنزل فشاهدها صاحب العمل وأعجب بها .. واختمرت في رأسه فكرة الزواج بفتاة صغيرة السن قد تنجب له الولد المنشود.. ثم تقدم لخطبتها رسميا من والدها واتفق الاثنان أن يتم عقد القران والزفاف في يوم واحد وبعد شهر فقط من الخطبة.
مضت عجلة الزمن مٌسرعة وحَلّ موعد الزفاف في ليلة غابت عنها النجوم وخلال أقل من ساعة وصل موكب العروس إلى منزل العريس واستقبلتها ضرائرها الثلاث وبناتهن بالزغاريد المغشوشة والابتسامات الزائفة وبمجرد إن دلفت رجلها إلى الغرفة المخصصة لها شعرت زهور بأن20 عاماً من عمرها المستقبلي قد أطبقت دفعة واحدة على جسدها الطري.
كان الزوج أكثر استعجالاً في الحصول على الابن المنشود غير أن الحمل لم يحدث مع زوجته الطفلة فأنعكس ذلك على طريقة تعامله معها ووصل الأمر إلى الضرب وكأنها السبب، فيما تعاملها زوجاته الثلاث كخادمة لهن بالمنزل، وكلما حاولت زهور إن تلوذ بأسرتها من جحيم الزوج الكهل ونسائه الثلاث كان والدها يستقبلها بوجه مقلوب ويجبرها على الرجوع من حيث جاءت..
بعد نصف عام من الزفاف حدث الحمل وحين بلغ الجنين شهره الخامس أصر الزوج على معرفة نوعه فأخذ زهور إلى المستشفى وهناك كانت الصدمة وجٌن جنونه بمجرد أن أخبرته الطبيبة إن زهور حامل بطفلة وليس ولداً كما كان متوقعاً ، قام بضربها والاعتداء عليها أمام الطبيبة وعاود ذلك بمجرد وصولهم المنزل.
في الجهة الأخرى كان الوضع الصحي للفتاة سيئا للغاية وأثر فيها الحمل بشكل كبير .. فجاءها المخاض في الشهر السابع من الحمل وخرجت الطفلة إلى الحياة بوضع صحي مؤسف لتفارق الحياة بعد سويعات من مولدها ولم يعبأ احد بصحة الأم وحالتها النفسية السيئة نتيجة الحمل والولادة في ذلك السن..
وفي أحد الأيام استأذنت زهور زوجها بالذهاب لزيارة والديها وأخذت معها دون أن يعلم أحد عٌلبة ممتلئة بالسم القاتل وحين وصلت جوار منزل أسرتها نادت والدها الذي اخرج رأسه من النافذة ينظر إليها ثم فتحت سدادة علبة السم و أفرغت محتوى العلبة كاملة في جوفها ..
صرخ الجميع وهم يشاهدون ( زهور ) تسقط على الأرض تنازع الحياة ثم هرعت الأم إليها تحملها وتضمها وتطالب بإسعافها ولم تمر سوى لحظات حتى فارقت الحياة ، وفجأة سمع الجميع صوت طلقات نارية من غرفة الأب، وحين هرعوا إلى هناك وجدوه ملقى على الأرض مضرجا بدمائه وأمامه يقف ابنه البالغ من العمر 17 عاماً حاملاً مسدساً بين يديه ويقول انتقمت لزهور من هذا الظالم..
تم دفن الفتاة ونٌقل شقيقها إلى السجن ليقضي عقوبة السجن بعد أن اجتمعت أسرة والده بأكملها وسامحوه على فعلته .