الحوار والتموضعات الورقية ..
أحمد يحيى الديلمي
* تلاحم أسطوري
والعدوان السعودي الهمجي يطل على العام الثالث بملامحه البشعة وجرائمه الوحشية وخلفياته الموغلة في الحقد والكراهية ، نشعر أن هذا العدوان البربري صهر أبناء شعبنا في بوتقة واحدة ، وأن هذه الحرب الظالمة خلقت بين اليمنيين نسيجاً صادقاً يزينه روح الانتماء الحقيقي للوطن ، وجعلت كل يمني صغيراً أو كبيراً ، ذكراً أو أنثى ، مستعداً للتضحية والبذل وتقديم الغالي والرخيص رغم الظروف المعيشية الصعبة والتحديات الاقتصادية الجائرة ، إلا أن الالتفاف الجماهيري الكبير لم يتأثر ولم تنفصم عُراه ، الأمر الذي اسقط رهانات الأعداء على الضغوط والصعوبات الاقتصادية بما بلغته من مرارة ، واستهداف ممنهج لأبسط مقومات الحياة ، هذا التماسك الاجتماعي والالتفاف الوطني منقطع النظير تحول إلى استراتيجية ثابتة عنوانها الصمود والتحدي ، كلما زادت صلافة المعتدين ازداد الشعب صلابة وقوة ، بكل قواه وفئاته ، الجميع على استعداد لمواجهة العدوان .
رغم التعتيم الإعلامي وما يمارسه الإعلام المعادي من أكاذيب وتدليس وتقارير خادعة ينتهجها بأسلوب سمج ، يثير السخرية إلى حد الشفقة .
هذا الإعلام يتحدث عن إنجازات وانتصارات وهمية سرعان ما يدحضها الخبر التالي وهو يعلن أن طيران العدوان الحربي صب جام غضبه على نفس الموقع ، وهو ما يكشف حجم الإخفاقات التي يحصدها النظام السعودي في كل جبهات البطولة والصمود ، وكأن هذا الإعلام أدمن القبائح والموبقات ، يتغنى بتموضعات ورقية لهز ثقة الإنسان اليمني بنفسه ، غير مدرك الأثر الكبير للترابط الملحمي الذي أحدثه العدوان بين أبناء الشعب ، وأن هذا التلاحم الأسطوري كفيل بإسقاط كل المؤامرات ، فهل يعي نظام آل سعود ويلملم شتات وجهه قبل فوات الأوان ؟!!
* أي حوار مع هؤلاء
يتأثر المتابع كثيراً بما تقوم به قلة محدودة من اليمنيين سواءً من التحقوا بركب العدوان وسقطوا في مزابله أو الذين يمارسون العُهر السياسي من داخل الوطن بأساليب خادعة وينزلقون في تغريداتهم واتصالاتهم إلى حد التماهي مع المعتدين والتحريض على العدوان بطرق مكشوفة تعكس الحقد على الوطن والرغبة الخبيثة المبيتة في هدم وتدمير كل شيء ، على قاعدة علي وعلى أعدائي، كأسوأ قاعدة يلوذ بها كل إنسان يعاني من الفشل الذريع في التعاطي الإيجابي مع الحياة .
الأنا المسعورة تتحول إلى مرض خطير يحتم الإفراط في حب الذات والانحياز إلى خيار واحد بقناعة تامة ، إنه الوسيلة الوحيدة لفرض قوة الحضور في الواقع بأبعادها السياسية والاجتماعية ، والاقتصادية .
في هذه الحالة وفي سبيل تحقيق هذه الغاية لا يتورع هذا الإنسان المريض عن التحالف حتى مع الشيطان ، ولا يهتدي إلى أي قاسم مشترك للتعايش الإيجابي مع الآخر المخالف له في الدين ، في المذهب ، في السياسة ، أو في أيٍ من جوانب الحياة ، يعتبره عدواً متربصاً ، فيسعى إلى إقصائه بكل الوسائل المتاحة ، بما في ذلك تصفيته وإلغاؤه من الوجود .
هنا تكمن معضلة من يتباهون بالمحتل الذي يدنس الأرض بأقدامه وإن تظاهروا بالولاء وصدق الانتماء للوطن أمام الناس ، وفي المنتديات العامة ، إلا أنهم يتهامسون فيما بينهم عن قرب الحصاد ، ويمنون أنفسهم بانتصارات وهمية ، يراهنون عليها وعلى العامل الخارجي بشكل مطلق ، وإن اقتضى الأمر التفريط بسيادة واستقلال الوطن ، ووحدة أراضيه ، هذا هو شأن مرتزقة وعملاء الداخل ، أما من باعوا أنفسهم للشيطان ، وانزلقوا إلى مستنقعات العمالة والخيانة والارتزاق ، فإن المال السعودي المدنس ، ورسم الخيانة للامارات مسخ رجولتهم ، وطمس مشاعر الانتماء للوطن ، فتحولوا إلى جنود لأمريكا وبريطانيا وأُجراء للسعودية والإمارات وقطر ، باعوا الوطن وسفحوا الكرامة والشرف بكل إصرار وترصد ، وهذا هو العائق الأكبر أمام أي حوار مرتقب ، إذ كيف لمن لا يملك من أمره شيئاً أن يحاور ويهتدي إلى حل !!؟.