*نزوح وسوء تغذية وفصول دراسية مفتوحة على الصقيع
*تربويون: طابور الصباح يجب أن يتم إلغاؤه خلال فترة البرد الشديد حفاظا على صحة الطلاب
*الصحة المدرسية: يجب تكثيف التوعية بأهمية الوقاية من أمراض البرد والاهتمام من قبل الأسرة والإدارات المدرسية
تحقيق/ رجاء عاطف
يعتبر الشتاء هذا العام من أشد الأعوام برودة كثرت فيه أمراض وأعراض البرد وانتشرت بين الطلاب مما يتطلب عمل احترازات وقائية لطلاب المدارس ، والمدرسة هي البيت الثاني للطالب لأنه يقضي معظم وقته فيها للتعليم ولكنها في الواقع ليست منزلاً مؤهلاً ليمكث فيها الطالب أكثر من ست ساعات لعدم توفر وسائل التدفئة فيها وهذا ما تفتقر إليه المدارس في بلادنا منذ تصميمها، كما تفتقر لأبسط العوامل الأساسية للوقاية من البرد بوجود نوافذ صالحة وكراسي متوفرة للطلاب داخل الفصل ناهيك عن المعاناة بالازدحام والبيئة الخصبة لتناقل العدوى ، والغريب في الأمر هو صمود هؤلاء الطلاب أمام البرد والخوف والجوع والفقر وكثير من الأوضاع المتردية التي خلفها ويخلفها العدوان .
وفي هذا التحقيق سنرى ما يعانيه الطلاب من موجة البرد في المدارس وكيف يتجنبون الأمراض ، فإلى الحصيلة :
لن نكثر الحديث عمَّا يواجهه أولياء الأمور خاصة الأمهات مع أبنائهم طلاب المدارس في الصباح الباكر من مشاكل وعدم الرغبة للذهاب إلى المدرسة بسبب البرد ومعاناتهم أثناء التوجه إلى المدرسة وكذلك في الفصول الدراسية وأيضا صعوبة حركتهم بالملابس الثقيلة ، فكثير من الطلاب يرفضون النهوض بسبب البرد الشديد لأنهم يتعرضون للماء البارد ومن ثم الخروج في الجو صباحا للمدرسة وكذا الوقوف في الطابور دون مراعاة أو استثناء لطالب مهما كانت حالته ومعاناته ودون أدنى اهتمام من إدارة المدرسة بما قد يؤثر على صحة الطلاب، إلى جانب عدم تهيئة فصول دراسية مناسبة لهم لتقيهم برد الشتاء، بل الغريب أن نطلب من الطالب الصمود في أجواء غير مكيفة من عدة جوانب .. وكما تشتكي بعض الأمهات من صدمات البرد التي يتعرض لها أبناؤهن الطلاب في المدرسة وعدم متابعة المدرسة بما يتعلق بصحة الطلاب سواء من الرقابة على النظافة أو الغذاء الذي يباع في المدارس أو جوارها أو توفير جو دافئ للطلاب من حيث الاهتمام بالمقاعد الدراسية وإصلاح النوافذ وغير ذلك ..
في الواقع المدرسي وجدنا كثيراً من الطلاب يعترضون على التعليم في موجة البرد القارسة والتي يفترض أن تكون إجازة إلى أن تنتهي فترة الصقيع وأن يكون معمولاً بذلك كما في بعض الدول الأخرى التي تهتم بصحة أبنائها الطلاب أطفالاً وكباراً لأنهم جيل المستقبل، وكما يرون أن طابور الصباح ليس مهماً أيضا في هذه الفترة وأن يكون الوقت المخصص للطابور إضافياً للنصف الساعة التي تم إقرارها بتأخير الدوام ليكون الجو ملائماً لتتم العملية التعليمية على أكمل وجه وباستعداد تام من الطلاب دون ضغوط من الأسرة أو الجهات المعنية على الدوام الدراسي في البرد الشديد .
معاناة لأداء التمارين
وبصدد هذا الموضوع تقول الأستاذة أشواق خيران – رائدة بمدراس الشورى : إنه ونظراً لأجواء البرد القارسة يعاني الطلاب من الوقوف الطويل في ساحة المدرسة لأداء تمارين الصباح التي قد تقارب سبعة إلى ثمانية تمارين والتكرار عدة مرات إلى جانب الإذاعة المدرسية ويليها إلقاء تعليمات للمشرفين أو كلمة المدير ····الخ ، مما قد يؤدي تعرضهم للبرد وشعورهم بالتعب وهذا في وقت الصقيع يؤثر على صحتهم حتى وإن كان لبسهم ثقيلاً جراء محافظة أولياء الأمور على صحة أبنائهم إلا إن المحافظة عليهم تكون سلباً في المدرسة وترى أن إلغاء طابور الصباح او تقليص الفترة الزمنية له هو ما يجب التوجيه فيه وأخذه بعين الاعتبار حرصا على صحة أبنائنا الطلاب..
الاهتمام بتغذية الطلاب
ومن جانبها أكدت الأستاذة أفراح عادل البرطي – مربية بمدارس الإشراق أن الغياب للطلاب يكثر في هذه الفترة بسبب تعرضهم لأمراض البرد لأن موجة البرد هذه العام أكثر شدة وصقيعاً من السنوات السابقة وهم أكثر تأثراً بسبب خروجهم في الصباح الباكر وهو الوقت الأكثر برودة فتتأثر صحتهم ، وقالت : نحرص على حضور الطلاب والمشاركة في طابور الصباح لفائدة التمارين في تنشيط وتدفئة الأجسام وأنه لكي يتجنبوا نزلات وأمراض البرد يجب أن يهتموا بلبسهم الثقيل وتغطية كافة أجسامهم بالملابس المسموح بها فوق الزي المدرسي حرصا على صحتهم ونتمنى أن يحرص أولياء الأمور على تغذية أبنائهم قبل المجيء إلى المدرسة وكذلك إعطائهم المشروبات الساخنة والتمر لأنها تزيد من حراره الجسم .
اعتباره حصة أساسية
وقال الأستاذ عارف سلام – تربوي : أن وزارة التربية والتعليم تعتبر الطابور حصة أساسية وترفض إلغاءه مؤقتا خلال فترة الشتاء والصقيع، ويرى أن مصلحة أبنائنا الطلاب تحتم إلغاء طابور الصباح لكي لا يعانوا من الوقوف صباحا بين البرد.. وهكذا كان رأي الكثير من القائمين على العملية التعليمية إلا أنه لم ينزل تعميم في ذلك من قبل الجهات المعنية وإنما اقتصر التعميم بتأخير الدوام المدرسي نصف ساعة .
سوء التغذية
ومن جهته نوه وكيل مدرسة ابن خلدون الأستاذ محمد الكبودي : أن عدد الغياب في الصفوف الأولى يتراوح إلى أربعين طالباً في اليوم الواحد بينما يكون من عشرة إلى خمسة في صفوف الطلاب الكبار ، وقال : أكثر ما يعانيه الطلاب في المدارس هو انتشار امراض البرد والتهابات الصدر والكحة الشديدة وكثير من الأمراض الذي زادت بسبب سوء التغذية والظروف التي تمر بها البلاد نتيجة الحرب وتلوث البيئة ونقص المناعة لدى الأطفال بسبب عدم توفر الغذاء المناسب والذي يعطي الجسم صحة ويمنع عنه المرض ويقاومه ، مؤكداً على عدم تهيئة بعض الفصول الدراسية لوجود نوافذ متكسرة وبحاجة إلى إصلاح والتي يكون سببها الطلاب لعدم حضور المعلم وتغيبه بسبب الظروف ، فيما هناك متابعة من مجلس الآباء بمبالغ للصيانة اللازمة .
نزلات البرد
وفي هذا الجانب أوضح الدكتور عادل يحيى البرطي – نائب مدير الصحة المدرسية بالأمانة أن الزكام والرشح ونزلات البرد وتناول الآيسكريم والمثلجات داخل المدارس جميعها عوارض صحية مصاحبة لفصل الشتاء ومع أنها تبدو طبيعية للكثير من الناس إلا أنها توجب الانتباه لخطر البرد والصقيع، لا سيما على الأطفال في سن المدرسة وقال : قرار حكيم ما فعلت وزارة التربية من احترازات وقائية للأطفال بتأخيرها بدء الدوام المدرسي لمدة نصف ساعة في عدد من المحافظات التي تشتد فيها موجة البرد و الصقيع، ولكن الأمر يتطلب أكثر من ذلك ليمتد إلى دور المجتمع ككل في التوعية، وأن نزلات البرد هذه في ظل ارتفاع تكلفة العلاج على الفقراء وصعوبة الحصول على الدواء في الوقت المناسب وخاصة مع تأخر صرف الرواتب التي أثرت على كل الناس بسبب الحرب الظالمة على يمننا العزيز مما سهل انتقال العدوى في مثل حالة الزكام، وأنه من الخطأ أن يتساهل الآباء والمعنيون مع الصقيع في فصل الشتاء.
وأضاف رغم أن موجة البرد أشد من الأعوام السابقة إلا أننا وجدنا المشكلة في أن التلاميذ يتوجهون إلى مدارسهم من أحياء سكانية متناثرة لتباعد المواقع من المدرسة، وكما أن التغذية أصلاً ضعيفة، وكثير منهم لا يتوفر لهم الملابس الشتوية لارتدائها تحت الزي المدرسي أو فوقه؛ وذلك بسبب المستوى المعيشي المتدني، ومع ذلك يصر مسئولون في المدارس على طابور الصباح قبل الإحماء على وقع صقيع بارد ليتعرض التلاميذ الصغار للهواء البارد في ساحات المدارس إلى جانب النوافذ المكسرة، وعدم وجود رقابة صحية أو توعية بالغذاء المناسب بل تصنف الرقابة على العملية التربوية والتعليمية فكيف لا نخشى من عدم الاهتمام بدور المشرف الصحي و الأخصائي الاجتماعي في كل مدارس التعليم الأساسي خاصة الفصول الأولى لكنهم بعد ذلك بحاجة لاهتمام الأسرة والمدرسة والإعلام بمخاطر البرد والالتهابات الصدرية التي لو أهملت يمكن أن تتحول إلى التهاب رئوي أو ربو مزمن .
صحة الطلاب
وأشار نائب مدير الصحة المدرسية إلى أن الكثير من الفصول الدراسية غير صالحة وهي بدون نوافذ وفي موجة البرد الشديد تكون الأولوية لصحة الطلاب؛ لذا يلجأ المعلمون لإلقاء الدروس في العراء للاستفادة من حرارة الشمس في الصباح والبرد الذي يجعل الطفل يشعر بآلام في البطن، والإدارة المدرسية مسئولة عن الحد من التأثير السلبي للبرد والطقس المتقلب؛ لذا لا بد من تعاون الجميع ومساهمتهم في ترميم المدارس، وخاصة إصلاح زجاج النوافذ والأبواب..
مؤكداً على أن الإنسان يتأثر ببيئته ومحيطه، والأطفال أكثر تأثراً في الفصول الدراسية غير المناسبة، وكذلك عند الانتقال إلى المدرسة إذا زاد البرد عن حده، وإذا كانت مدارس نوافذها مكسرة أو لا توجد كراسي كما هو الحال في بعض المدارس فإن الأطفال أكثر عرضة لنزلات البرد . كما أن عددا من المدارس يتلقى الأطفال تعليمهم في الفصول الدراسية على البلاط لعدم وجود الكراسي؛ وهنا يناشد ضرورة تضافر جهود مجالس الآباء والأمهات والتربية والتعليم ومكاتبها والمجالس المحلية لمواجهة فصل الشتاء وتوفير بيئة صحية مناسبة للتلاميذ والعمل من وقت مبكر على ترميم المدارس والاهتمام بها .
الوقاية والتوعية الصحية
وتابع الدكتور البرطي حديثه قائلاً : إن نسبة غياب التلاميذ ترتفع بسبب أمراض الشتاء من زكام وسعال وحمى، أما الآثار على الجلد والتشققات الجلدية فحدث ولا حرج ، مؤكداً أن مخاطر البرد تمتد من الحميات إلى الإسهالات الشتوية وآلام المفاصل التي ترافق نزلات البرد « الانفلونزا» وهي أمراض تصيب الأنف والأذن والحنجرة والجهاز التنفسي السفلي بالتهابات ، مشدداً على أنه في هذه الأمراض يجب أن يذهب الطالب أو الطالبة إلى الطبيب فهو المعني بمعاينة الحالة وتحديد الدواء المناسب لأن الحالات المرضية ليست كلها سواء والتركيبات تختلف ولابد من متابعة لمثل هذه الأمور والتوعية المستمرة بها؛ وقال : أن هناك أمراضا تكون ناتجة عن وباء أو جائحة وينصح بعزل المصابين بالزكام «مثلاً»، وتعليق نشاط الطابور المدرسي في موسم البرد، وتفعيل دور المشرفيين الصحيين والأخصائيين ومساعدة المريض على البقاء في منزله لراحته ومنعاً للعدوى، وأنه ليتجنب الطلاب والأطفال المرض يجب الوقاية من خلال التغذية الجيدة والملابس المناسبة والحفاظ على الأطفال الذين يذهبون إلى المدرسة وحتى في المساء وعند النوم من التعرض للبرد .
وفي ختام حديثه أكد على أن التوعية بأهمية الملابس الشتوية مسؤولية كل إدارة مدرسة وكادرها التربوي وأنهم في الصحة المدرسية يتم المتابعة والإشراف وتنزل تعاميم إلى جميع المناطق التعليمية والمدارس ويجدون احيانا تفاعلاً كاملاً ولكن التوعية الاسرية ضعيفة بسبب ظروف الناس الصعبة، حرب وسخة لمدة سنتين وامراض كثيرة انتشرت بسببها مثل الكوليرا وانفلزنزا الخنازير والتيفوئيد والتهاب الكبد A والآن انتشار الجدري أو الجديعاء وغيرها ، ونسأل المولى ان يلطف بالعباد .