استطلاع / رجاء عاطف
اليمن هي دولة مستقلة ذات سيادة تتساوى مع غيرها من الدول والمؤسف هو تعرضها لعدوان سافر وهمجي وحظر اقتصادي شامل برا وبحرا وجوا وانتهاكات في حق الإنسانية ومخالفات جسيمة لأحكام قواعد القانون الدولي الإنساني التي تكفل حقوق الإنسان وحقه في الحياة بكافة مجالاتها وتحقيق الأمن والسلم ، وكل هذه الانتهاكات تحدث ويقابلها صمت دولي الأمر الذي وضع تساؤلات هنا حول من الذي يسعى لاستغلال الاتفاقيات الدولية والعهود الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومن يقف وراء هذه الانتهاكات ولصالح من ترتكب وما هي مبرراتها .. ؟؟
وردا على هذه التساؤلات استطلعت صحيفة «الثورة» رؤى استقرائية لنخبة من الأكاديميين الذين قدموا أوراق عمل في الندوة الحقوقية التي أقامها مركز حقوق الإنسان وقياس الرأي بجامعة صنعاء .. والتي تناولت أطروحاتها في الأبعاد القانونية والحقوقية لما ألحقته دول تحالف العدوان باليمن واليمنيين على مسمع ومرأى من المجتمع الدولي.. إلى التفاصيل:
«ما تقوم به دول التحالف من عمل عسكري واسع مقرون بحصار شامل على اليمن منذ قرابة عامين من القتل والدمار وآلاف الغارات الجوية والقصف العشوائي والمتعمد الذي طال كل شيء إضافة إلى الحصار الذي يشكل استمراره مساساً جوهريا لجملة من الحقوق الأساسية التي كفلتها القوانين والمعاهدات والاتفاقات الدولية والإنسانية..»..
هذا ما قاله المحامي محمد لقمان–منظمة محامون بلا حدود – الذي اعتبر تجاوز هذه الخطوط جريمة مجاهر بها ومخالفة صريحة وواضحة للقوانين والمواثيق والأعراف الدولية وعلى رأسها ميثاق الأمم المتحدة، حيث كان لهذا الحصار والعدوان دور بارز في تدهور الأوضاع الإنسانية وتفاقم المشكلات الاجتماعية وتدهورت الأوضاع المعيشية، كل ذلك يكشف حجم الفاجعة والمآسي والجرائم التي ارتكبها تحالف العدوان ضد السكان المدنيين ووسائل وخدمات الحياة الضرورية، ويعتبر ذلك انعكاسا طبيعياً لصمت المجتمع الدولي وتوانيه عن القيام بواجباته القانونية والأخلاقية تجاه المدنيين في اليمن وعدم اتخاذ إجراءات فاعلة ومؤثرة الأمر الذي شجع تحالف العدوان على مواصلة تلك الانتهاكات والحرب على اليمن والذي لا مبررات له اذ لا توجد علاقة بين ما تقوم به دول تحالف العدوان بقيادة السعودية ودعم الولايات المتحدة الأمريكية وبين تلك المزاعم والمسميات، وأضاف إن الأهداف الحقيقية هي تدمير اليمن واستمرار فرض تخلفه في كافة النواحي الاقتصادية والاجتماعية وفرض السيطرة والهيمنة عليه وعلى ثروته وإثارة الحروب الأهلية والطائفية والمناطقية ونشر الفوضى بالإضافة الى تسهيل سيطرة الجماعات الإرهابية لممارسة أعمال القتل والذبح والترويع لتبرير تدخل القوى الرأسمالية لاحقا بحجة محاربة الإرهاب ..
مساءلة وعقاب
وقال لقمان : نحمل دول تحالف العدوان كلها بما فيها أمريكا المساهمة والداعمة للعدوان إضافة الى المحرضين عليها كالرئيس المستقيل عبدربه منصور ومن إليه من المؤيدين للعدوان جميعاً المسؤولية جنائياً ومدنياً عن كافة النتائج الضارة وعن جرائم العدوان والأعمال التي قامت بها الجماعات المسلحة ضد أي يمني أو غير يمني كان من الضحايا .
وتابع: تعزيزاً لمبدأ المساءلة وعدم الإفلات من العقاب ندعو الى السعي الجاد والتعاون بين الجميع أفرادا ومنظمات وحكومات لتقديم المسؤولين في دول تحالف العدوان التي يمثلونها ومن ساندهم لوجستيا وقدم لهم صفقات السلاح الضخمة لمحاكمات عادلة امام المحاكم الوطنية والأجنبية وفقاً للقوانين المحلية والدولية حيث انه وأمام تلك المحاكم سوف يتم إثبات تلك الجرائم ويتبين ان مبررات العدوان غير قانونية ولا يجوز الاستناد إليها لتبرير ارتكاب تلك الجرائم البشعة التي تم ارتكابها في حق اليمن أرضا وإنسانا وتاريخا..
التغاضي عن تطبيق التشريعات
وفي ورقة بعنوان حقوق الإنسان الدولية في التشريع والتطبيق للدكتور عادل غنيمة – باحث في العلوم السياسية والتي أجاب فيها على تساؤل رئيسي: لماذا الدول الغربية تتماعى وتتغاضى عن تطبيق التشريعات العالمية المتمثلة في العهود والمواثيق الدولية والاتفاقيات الدولية التي تتحدث عن حقوق الإنسان ، وأهمية محاسبة الدول عندما ترتكب جرائم الحرب وتبني اليمن نموذجا في عملية التماعي في تطبيق هذه التشريعات ووصلت الورقة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا تتغاضيان عن عملية تطبيق حقوق الإنسان ومحاسبة مرتكبي الحرب في اليمن باعتبارهما دولتين مشاركتين مشاركة فعلية في العدوان على اليمن، فهاتان الدولتان تديران غرفة العمليات داخل المملكة العربية السعودية وهما اللتان تحددان الأهداف وهما اللتان تقدمان المعلومات الاستخبارية وبالتالي تتحملان المسؤولية الكاملة إذا ما تم تشكيل لجنة تحقيق دولية وهذا يفسر لنا أيضاً ما قامت به الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا من الضغط على هولندا لسحب مشروعها في المجلس العالمي لحقوق الإنسان باعتبار أن هذه اللجنة لو وصلت الى اليمن فإنها سوف توجه الاتهام مباشرة الى دول العدوان المتمثلة في السعودية وأيضا أمريكا وبريطانيا، وأيضا حاولت الورقة أن تجيب على تساؤل آخر وهو لماذا لا تشكل لجنة التحقيق الدولية وجدنا ان مجلس العالمي لحقوق الإنسان يتم انتخابهم من مجموعة من القارات مجموعة دولية وتشارك للأسف في المجلس العالمي لحقوق الإنسان 3 دول لا تحترم حقوق الإنسان وهي السعودية والإمارات وقطر بل انها لم توقع الاتفاقية العهود الدولية الخاصة بحقوق الإنسان المدنية والسياسية الذي تم إعلانه عام 66 م وأيضا العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية هذه الثلاث الدول مشاركة في المجلس ولكنها لم توقع على عدد من الاتفاقيات المهمة في الاتفاقيات الدولية وبالتالي هذا المجلس لا يعبر تعبيراً حقيقياً عن وجهة النظر العالمية حيال احترام حقوق الإنسان وإنما يتم انتخابهم بالانتخابات المباشرة والمال السياسي له دور في ذلك ..
آليات تخضع للمصالح
وتحدث الاستاذ محمد الوشلي – في ورقته عن آليات حماية حقوق الإنسان قائلاً: إن حقوق الإنسان لا يمكن لها ان تصان من الانتهاكات إلا عند وجود الدولة التي تحترم القانون وتتحقق هذه الحماية عند خضوع الدولة للقانون في جميع مظاهر نشاطها التشريعي والتنفيذي والقضائي وذلك بتوفر عدد من العناصر الأساسية المتطورة بتطور الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لأي مجتمع والتي تتمثل في وجود دستور والفصل بين السلطات وكذا خضوع الإدارة للقانون وأيضاً ان تدرج القواعد القانونية إلى جانب الاعتراف بالحقوق والحريات العامة والقضاء ووجود نظام ديمقراطي ومنظمات المجتمع المدني الوطني..
وأضاف إنه إلى جانب الدولة القانونية يأتي دور المجتمع المدني الحر في العمل على احترام وحماية حقوق الإنسان ذلك لأن الحماية الفعلية تأتي من الداخل وليس من الخارج . وذكر ان موقف المشرع اليمني هو ان دستور الجمهورية اليمنية المقر بتاريخ 12/20/ 2001م قد أكد على الأخذ بالنظام الجمهوري وعلى قيام النظام السياسي الجمهوري على التعددية السياسية والحزبية والتأكيد على الأخذ بالنظام الديمقراطي ، وكما جاء في الدستور مبدأ الفصل بين السلطات وأيضاً على مبدأ استقلال القضاء ، أما عن الحقوق والحريات العامة فنجد ان الدستور قد خصص باباً لحقوق وواجبات المواطنين الأساسية وأورد عددا منها كالحق في المساواة والحق في الانتخاب والترشح والحق في الأمن والحق في التعليم والحق في الرعاية الصحية ، وأشار إلى أن الآليات الدولية والإقليمية لحماية حقوق الإنسان تخضع لعدد من الضمانات التي تهدف الى تعزيز حماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وهي ضمانات ذات الطابع الإداري والسياسي وأيضا ضمانات قضائية ..
وفي ختام ورقته أكد على أن الآليات الوطنية هي الفاعل الحقيقي لحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية من الانتهاكات اما الآليات الدولية فتخضع لمصالح المجتمع الدولي دون أي اعتبار لحقوق الإنسان ..
إخلال بالواجبات
وتساءل الدكتور أمين الغيش – أستاذ النظم السياسية والإدارة المحلية المساعد في جامعة صنعاء، عن نظام الأمن الجماعي والعدوان على اليمن بقول: هل مجلس الأمن ملتزم بواجباته وقام بها وفق ميثاق الأمم المتحدة في حفظ السلم والأمم الدولي ام انه أخل بهذه الواجبات والالتزامات؟
ويضيف : والحقيقة من خلال تتبعنا لنصوص الميثاق ووظيفة وصلاحية مجلس الأمم في الميثاق باعتباره مؤسسة منشأة وليست منشأة والتي رأينا أنه قد أخل بواجباته قد أصبح خطرا يهدد الأمن والسلم الدوليين وأيضاً يهدد الديمقراطية وحقوق الإنسان، وأضاف: ان حركات الإرهاب تحظى بدعم مالي وسياسي غربي كبيرين وان اليمن الذي يواجه منفردا 14 جيشاً سيعيد ومعه الجيش السوري والمقاومة اللبنانية صياغة السياسة في المنطقة وفي العالم.
مسار التفاوض
وقد خرجت ورقة العمل بعدة توصيات منها وجوب الاعتناء من قبل الدولة والمجتمع بالعمل على توفير أسباب عوامل الصمود والمواجهة والأثر لنجعل من حالة التصدي فرصة للنجاح والانعتاق كما فعلته دول وشعوب كثيرة في عالمنا الحاضر الى جانب تفعيل الجانب الجنائي وفقا لمبدأ إقليمي حيث والقانون الواجب تطبيقه في هذه الحالة هو قانون الجرائم والعقوبات اليمني وفقا لنص المادة 3 منه بغض النظر عن مرتكب الجريمة يمنيا كان أو أجنبيا، إلى جانب العمل من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة بالتعاون مع أصدقاء اليمن في آسيا وإفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية بعيداً عن مجلس الأمن وفقا لنصوص الميثاق وقرار الاتحاد من أجل السلام وإعادة النظر في مسارات التفاوض وإعلان لائحة للتفاوض مع دول العدوان ممثلة بالسعودية يأتي في مقدمتها الاعتذار للشعب اليمني وإنهاء العدوان ورفع الحظر وتسليم السلاح وتحديد حجم التسلح للدول المعتدية وإعادة النظر في أشكال أنظمة الحكم ..