النشاط المدرسي .. مسبار مواهب الأجيال

> يحضر في مدارس ويغيب في أخرى

> علماء نفس: الأنشطة المدرسية تساعد الطلاب على العودة للمدرسة وتعديل سلوكياتهم السلبية

> معلمون: يجب الاهتمام بمواهب الطلاب وتشجيعهم حتى وان انعدمت الإمكانيات

> طلاب: لا نجد التشجيع في المدارس لإظهار كل إبداعاتنا

تحقيق / وائل الشيباني

حظيت الأنشطة المدرسية الطريق الأول صوب التميز فمن خلالها يمكن اكتشاف مواهب خلاقة لدى الطلاب وبعد المداومة على القيام بها ترتقي تلك المواهب بنسبة ذكاء الطلبة المشاركين.
والوسيلة المدرسية والمجلة الحائطية والزينة المعلقة على الجدار قد يراها الكثيرون ذات منظر جميل وإيحاء إيجابي فقط.. ولكن في الحقيقة هي أكبر من ذلك بكثير فهي حصيلة تنمية عقلية ممنهجة ودليل ملموس على رحابة التفكير المبدع خاصة عندما يتكفل الطالب وباقي زملائه بتلك الأعمال.. حول الأنشطة المدرسية الحائطية وأهميتها بالنسبة للطلاب ودورها في تنمية ذكائهم وإظهار قدراتهم الإبداعية نتابع هذا التحقيق:
حينما سألت أحد الطلاب الذي لم يتجاوز عمره ثماني سنوات عما إذا كان قد شارك بتزيين فصله بفكرة.. فأجابني بنعم ودعاني للدخول إلى فصله الدراسي ومشاهدة لوحته.. لم أستطع رفض طلبه فتوجهت معه وأراني لوحته التي كانت رائعة بالفعل بعد ما بدأ يشرح لي كيف أنه استخدم الألوان المتنوعة وكيف أن معلمته ساعدته في اختيار موضوع يجسده على اللوحة من درس القراءة لكتابته عليها وتلوينها ووضع بعض الزين والأشكال الرائعة والورود الصناعية حولها.. كان شكل اللوحة جميلاٍ وظهر فيها إبداع هذا الطفل الذي يدرس في الصف الثالث من المرحلة الأساسية.
تشارك أفكار
علي العزيزي أحد الطلاب المبدعين كما تصفه معلمته.. قام باختيار لوحة وحدد لها اللون السماوي فهو يحب هذا اللون وظل يفكر طويلاً في اختيار نوع اللوحة المدرسية والموضوع الذي سوف يكتبه فيها.. فلجأ إلى معلمته لتساعده.. هذا ما قالته المعلمة الهام البحري وتابعت: أنا حين رغبت في تزيين فصلي طلبت من طلابي أن يقدموا أفكاراً ستساعدني في تحديد الوسائل والتي ستعلق على جدران الصف فقررنا أن نضعها على هيئة سنافر، وهو برنامج الأطفال المفضل لدى طلابي”.
وتضيف المعلمة إلهام: وبالفعل وبمشاركة منهم قمت بإعداد هذه اللوحة ووضعنا رسوماً متحركة وكتبنا على كل واحدة منها اسم طالب في الصف وأصبح طلابي بعدها يتباهون بصفهم والجميل في مسابقة أفضل صف التي تقيمها إدارة المدرسة حث الطلاب على الإبداع من خلال الوسيلة التعليمية وكم كانت فرحة طلابي حين حصدنا المرتبة الأولى”.
جهود شخصية
في بعض المدارس الحكومية وجدت مجموعة من الطلاب والطالبات يتنافسون فيما بينهم ويبتكرون طرقاً جديدة خاصة بهم لتزيين فصولهم الدراسية فهم من يشترون اللوحة القرطاسية ويختارون الدروس التي تكتب فيها أو الرسوم الهندسية من مادة الهندسة أو مادة العلوم وما على المعلم سوى الإشراف عليهم فقط وتحديد أماكن لتعليقها داخل الصف.. ومن الملاحظ أن صفوف الطالبات أكثر ترتيباً ولكن الطلاب أيضاً أظهروا قوة وإبداعاً في المنافسة.
مبدع ولكن؟
في بعض المدارس الخاصة التي يشكو طلابها بأن معلميهم لا يساعدونهم في إظهار مواهبهم حسبما قال “عزت” طالب مرحلة ثانوية ويلقبه زملاؤه بخطاط الصف.. لكن معلمته حين رغب في تكليف الطلاب بعمل وسائل حائطية.. جمعت المال من الطلاب وأخذت اللوحة للخطاط لتجهيزها، وبشهادة طلاب الصف كان بإمكان الطالب “عزت” أن يعمل أفضل من لوحة الخطاط.. لهذا قرر عزت مساعدة صديقه “محمد” الذي يدرس في المدرسة الحكومية بإعداد وسيلة تعليمية حين أخبره أن معلمه سيعطية درجات عليها، وما فاجأ عزت أن الوسيلة الحائطية لم تعلق بالصف بل إن المعلم من شدة إعجابه بها وضعها في حائط المدرسة من الداخل ليستفيد منها كل الطلاب في كل الصفوف.
يقول الطالب “عزت”: (هؤلاء المعلمون الذين يقدرون مواهب الطلاب ويساعدونا على الإبداع مش سع مدرستنا.. نعلق لوحة داخل الصف من فلوسنا لكنها من عمل الخطاطين”.
مواهب حاضرة
المعلمة انتصار ياسين الأديمي – مدرسة قرآن، تقول: لا بد من إشراك الطلاب في تزيين الفصل وعمل اللوحات والمجلات الحائطية وإظهار مواهبهم، ففي كل فصل دراسي لا بد من وجود طفل موهوب يمتلك موهبة ما.. إما في الرسم أو الخط أو دمج الألوان أو اختيار زوايا التعليق للمجلة الحائطية.
وتزيد بالقول: هذا ما أنا مؤمنة به ولا يمكن للمعلم معرفة ذلك من دون عمل أنشطة داخل الفصل.. ففي فصلي مثلاٍ أحضرت عدد من الطالبات لوحة حائطية وعلقنها على جدار الفصل وتعاون معنا في إعدادها وأنا بدوري أشرفت عليهن واعطيتنهن ملاحظات بسيطة ومن هنا عرفت كل موهبة تمتلكها طالباتي لذا نرجو من الوزارة أن تدعم الأنشطة المدرسية فمن خلالها نستطيع تطوير تلك المواهب.
تعاون المعلم
أما المعلم محمد البتول – مدرس ثالث ثانوي فيؤكد على ضرورة مشاركة الطلاب كافة في إعداد اللوحة أو المجلة الحائطية وبإشراف المعلم فقط حتى يتمكن الطلاب من إبراز مواهبهم وقدراتهم الإبداعية.
تتفق معه المعلمة زينب الرياشي – مدرسة صفوف أساسي أن إشراك الطلاب في إعداد الوسيلة التعليمية والمجلة الحائطية ينعكس بالإيجاب عليهم وتقول: هذا ما تبين بالفعل حين وضعت لهم المقترحات كأن تكون اللوحة التعليمية على هيئة سفن أو قوس قزح أو غيرها من الأشكال.. اختار الطلاب شكل السفن والتي تقسم إلى نصفين بحيث تحتوي على درسين من المنهج وهكذا تعاونوا في ترتيب اللوحة وإلصاقها على الجدران وأصبح الطلاب راضين عن فصلهم ويتباهون به أمام أقرانهم من طلاب الصفوف الأخرى.
هذا أيضاٍ ما يراه المعلم محمد المحفلي – مدرس تربية إسلامية .. مؤكداً ضرورة إشراك الطلاب في الأنشطة المدرسية وتكليفهم بعمل لوحات من تصميمهم وعمل أيديهم لإبراز مواهبهم الإبداعية وتعليمهم المشاركة وخلق روح التعاون حتى يصبحوا قادة الغد..
تنمية المواهب
تؤكد المشرفة إلهام الكميم – أخصائية اجتماعية في مدرسة- أن مثل هذه الأنشطة تساعد الطلاب على الإبداع سواءٍ داخل فصولهم من خلال مشاركتهم الفاعلة بتزيينها أو حتى في الخارج وتقول: وهذا الإبداع والنشاط من شأنه أن يخلق ارتياحاٍ نفسياٍ لدى الطالب بالإضافة إلى تنمية المواهب وخلق روح التعاون بين الطلاب لتحقيق المزيد من الإبداع.
ولم تختلف معها المشرفة أمل المحمدي في ذلك قائلة: إن قيام الطالب بمثل هذه الأنشطة من شأنه توجيه الطاقات الكامنة داخله بطريقة صحيحة سواءً كان النشاط ذهنياً أو عضلياً.
وفي نفس السياق تحدث أيوب الحائر – أخصائي اجتماعي قائلاً: إن مشاركة الطالب مع زملائه في الصف في مثل تلك الأعمال من شأنه أن يعزز القيم والمبادئ الإيجابية والإبداعية في نفوس أبنائنا الطلاب لذا نحن دائماً ما نهتم بمثل تلك الأعمال لثقتنا التامة بالنتائج الإيجابية لهذه الأعمال التي ستصنع لنا في الأخير قادة في المستقبل.
روح الجماعة
يرى علماء النفس التربوي أن للأنشطة المدرسية الأثر الإيجابي الملموس لتحقيق فوائد عدة أثبتتها الدراسات العلمية الحديثة.. كمساعدة الطلاب على العودة للمدرسة، وتعديل بعض من سلوكياتهم السلبية، وكذلك تحقيق الأنشطة المدرسية والأهداف التربوية داخل المدرسة كالشعور بالانتماء للجماعة، وإظهار روح التنافس المنظم والشريف بين الجماعات المدرسية، وتحقيق الاستقرار النفسي والقدرة على إظهار المواهب الكامنة داخل الطالب، والتي قد لا يدركها إلا من خلال النشاط الذي يؤديه بالتعاون مع زملائه ومعلميه داخل الفصل الدراسي من خلال المشاركة في تصميم الوسيلة أو المجلة الحائطية أو تزيين الفصل بأشكال يحبها هو وأصدقاؤه وغيرها من الأنشطة التي تنمي وتطور مهارات الطالب وتحقق له الاستقرار النفسي.

قد يعجبك ايضا