نصائح طبية..الاستصفاء الكلوي (الديلزة)

 

 

د. علي عبدالكريم شيبان

خلق الله تعالى الإنسان في أحسن صورة، فخلقه وركّبة و جعل فيه كل الآلات اللازمة للحياة. فجعل الله تعالى للإنسان السمع و البصر و انبت له العظام و العضل و جعل له أعضاءً غير ظاهرة كالقلب و الكبد و الكلى تعمل بموازين ربانية لتحافظ على حياة الإنسان.
و من هذه الأعضاء الكليتان، و كل كلية تشبه حبة الفاصوليا في الشكل إلا أنها تبلغ من الطول 12 سم وعرض الواحدة 6 سم و سمكها 3 سم على التقريب و تزن الواحدة منهما في المتوسط 150 غرام عند الرجال و اقل من ذلك قليلاً عند النساء. تقع كل كلية في التجويف البطني بجانب العمود الفقري أسفل الحجاب الحاجز إلى الخلف من كيس الصفاق.
للكليتين عدة وظائف حيوية لا يستغني جسم الإنسان عنها، فالكلى تقوم بتصفية الدم من عوادم العمليات الأيضية و التفاعلات الكيماوية الحاصلة في الجسم (أو ما يسميه الناس السموم)و إخراجه على هيئة بول، و الكليتان مسئولة أيضاً عن ضبط كمية السوائل في الجسم و التحكم في تركيز الأيونات و الأملاح المختلفة (كالصوديوم و البوتاسيوم و الكالسيوم) و تنظيم مستوى حموضة الدم و تقوم بالدور الأكبر في التحكم بضغط الدم الشرياني. و كذلك تعمل الكليتان على تنشيط فيتامين “د” المسئول عن نمو العظام و تقوم بإفراز هرمون الايريثروبيوتين الذي يحفز نخاع العظم على تصنيع كريات الدم الحمراء و خضاب الدم.
على صغر حجمها، إلا أن الكلية الواحدة تحوي ما يقارب المليون من وحدات لا ترى بالعين المجردة و تسمى النيفرون. كل وحدة هي جهاز تصفية متطور و مستشعر لمستويات الأيونات و الأكسجين في الدم. يسري ما يقارب 1.25 لتر من الدم في الدقيقة الواحدة للكليتين (حوالي 1800 لتر يومياً) وتقوم الكليتان في المتوسط بترشيح 150-180 لتر من هذا الدم ثم تتم داخل الكليتين عمليات إفراز و تركيز و إعادة امتصاص لما يقرب من 99% من هذا الرشح و المتبقي يتم إخراجه على هيئة البول. كغيرها من الأعضاء، فالكلى معرضة إلى كثير من الأمراض و التي قد تؤدي إلى قصور في وظيفتها مما ينتج عنه ارتفاع في نسبة السموم و اختلال تراكيز الأيونات و الأملاح في الدم و ارتفاع في ضغط الدم حتى يصل الأمر إلى فشل كلوي تام (داء كلوي بالمرحلة النهائية)، حيث تنخفض وظيفة الكلى إلى 15% من الوظيفة الطبيعية أو اقل و حينها يجب البدء بعلاج الاستعاضة الكلوية.
علاج الاستعاضة الكلوية هو مصطلح يطلق على الوسائل التي تقوم بتعويض عمل الكليتين ولو جزئياً و هما الديلزة “Dialysis” ( ما يطلق عليه الناس الغسيل الكلوي أو الإستصفاء) أو زراعة الكلى.
الديلزة: هي تقنية تهدف إلى تعويض عمل الكليتين عن طريق تصفية و تنقية الدم من السموم و عوادم الأيض. و تعتمد تقنية الديلزة على مبدأ انتشار الأيونات من التركيز الأعلى إلى التركيز الأقل و الترشيح المستدق للسوائل عبر غشاء شبة منفذ.
الاعتقاد السائد لدى الناس هو أن المريض حالما يبدأ الديلزة فانه يستمر عليها طوال فترة عمره و هذا اعتقاد خاطئ حيث أن الطبيب قد يلجأ إلى الديلزة مؤقتاً في حالات الفشل الكلوي الحاد أو التسمم الناتج من بعض المواد أو استخدام جرعات كبيرة من بعض الأدوية أو في حالات احتباس السوائل التي لا تستجيب للمعالجة. أما المرضى الذين يعانون من قصور كلوي مزمن متقدم فيحتاجون إلى إجراء الديلزة بصورة منتظمة مستمرة.

قد يعجبك ايضا