
تحقيق/عبدالله الخولاني –
ماذا جرى لموظفي الجهاز الإداري للدولة بكل قطاعته ومكوناته سؤال تطرحه الإضرابات المتتالية على مدى الشهور الماضية والتي شهدتها كل المؤسسات والهيئات والوزارات الحكومية والذي كان آخرها إضراب السلطة القضائية .
ورغم أن الإضرابات وسيلة مشروعة قانونا للتعبير عن المظالم وانتزاع الحقوق والمصالح لقطاع واسع من هذا الشعب وهو الموظف الحكومي المطحون اقتصاديا إلا أن الوضع السياسي للبلد ولعبة المصالح والضرب تحت الحزام بين مسئول وآخر في نفس الجهة وبين من يمثلون هذه الشريحة ليست بريئة مما يجري تتخلق بيئتها تعسفات وسوء استخدام سلطة وإهدار للحقوق المادية والمعنويةþ من هذا المسؤول أو ذاك ولكن النتيجة النهائية لذلك هو ضرب الاقتصاد في وقت اليمن في أمس الحاجة لكل نشاط اقتصادي يضيف للناتج القومي.
الوضع الاقتصادي الصعب لليمن ليس مبررا للتحايل على حقوق العاملين والموظفين لكن في نفس الوقت ليس من الإنصاف رفع شعارات ومطالب حقوقية تعجز الحكومات الغنية عن تلبيتها فما بالنا بحكومة وفاق وطني تدير مرحلة انتقالية تركتها ثقيلة وما يزيد الطين بلة ما يتعرض له النفط من تخريب وانعكاساته السلبية على إيرادات الحكومة المالية الذي يشكل النفط 75%منها معادلة تجعل جميع الأطراف التعامل بمنطق مع حقوق موظف آنية لا تقبل التسويف والمماطلة وحقوق تنفذ بالتدرج وعلى مراحل زمنية .
مسلسل إضرابات
الإضرابات تدل على انعدام الثقة بين العمال ومسئولي الجهات والمؤسسات الحكومية وهو ما دفع الاقتصاديين إلى التحذير من تداعيات الإضرابات المتتالية للموظفين الحكوميين وخاصة في المؤسسات الإنتاجية والإيرادية والخدمية التي لها علاقة مباشرة بحياة الموطن مثل المستشفيات والشركات النفطية والبنوك والمؤسسات التعليمية وغيرها.
العدالة الاجتماعية
رئيس الدائرة القانونية والحقوق والحريات بالاتحاد العام لنقابة عمال اليمن عبدالله الجبري يؤكد أن العامل اليمني أو الموظف هو المسحوق على مستوى العالم مقارنة بما يحصل عليه العاملون في الدول العربية أو الدول المشابهة لوضع اليمن ,مستدلا على صحة كلامه بمستوى الأجور للموظف العام في لبنان وهي دولة فقيرة لا تمتلك أي موارد الحد الأدنى للأجور 500 دولار بينما لم يصل إلى 150دولاراٍ في اليمن مع انعدام العدالة في هذا الجانب في ظل وجود مؤسسات يصل راتب بعض العاملين إلى مليوني ريال أمثال الشركات النفطية ومؤسسات الاتصالات الحكومية مثل تليمن حيث يصل راتب مديرها العام إلى 6ملايين ريال .
بالنسبة للإضرابات يقول الجبري نحن ضد أي إضراب غير شرعي وقانوني كما أننا نفضل المفاوضات مع القيادات ونعتبر الإضراب إجراء أخير بعد استنفاد كافة الوسائل ونرفض أي أضراب لأي هدف سياسي وهدفه الابتزاز.
ويشرح رئيس الدائرة القانونية في الاتحاد العام حالة الموظف الحكومي الذي يحال إلى التقاعد بأقل راتبي تقاعدي وهو أمر مرفوض ونطالب بالعدالة الاجتماعية.
الإنتاجية
ويوضح الدكتور صلاح الدبعي أن زيادة الرواتب لا تعد (تكلفة اجتماعية) بل يجب أن ترتبط ارتباطاٍ مباشراٍ بزيادة الإنتاجية فكلما ارتبطت معدلات الرواتب مع معدلات الإنتاجية قل الخوف على الدورة الاقتصادية وعلى الخلل ما بين الكتلة النقدية والكتلة السلعية.
ويضيف ومع ذلك لا أتفق مع الذين يقولون إن زيادة الرواتب والأجور غير المترافقة مع زيادة الإنتاجية ستؤدي إلى زيادة معدلات التضخم فنسبة الرواتب والأجور لا تزال متدنية مقارنة بقيمة الناتج المحلي الإجمالي وتشكل نسبة متواضعة من تكاليف السلع والخدمات وإن مراكز التكلفة تتركز في جانب الرأسمال على حساب عنصر العمل.
غير ذات جدوى
ويشير إلى أن رفع الأجور دون معرفة حجم تغطيتها من ارتفاع الأسعار بسبب عدم وجود وحدات قياس الأسعار يجعل هذا الرفع وبأي نسبة كانت غير ذي جدوى مشدداٍ على أهمية سلة المستهلك- صاحب الأجر في معرفة انعكاس الأسعار على المواطنين فعلياٍ.
القوة الشرائية
تمثل السياسة الأجرية الركن الأساسي لتصحيح العلاقة بين الأجور والأسعار بدءاٍ بتصحيح العلاقة بين الأجور ومستوى الأسعار بمعنى تطابق الحد الأدنى للأجور مع الحد الأدنى لمستوى المعيشة من خلال الاستناد إلى مؤشر الأسعار لتحقيق الربط بين الأجور والأسعار بعد كل ارتفاع في الأسعار ولاسيما أن كل ارتفاع في الأسعار يعني انخفاضاٍ في القوة الشرائية وأن كل انخفاض في القوة الشرائية يعني انخفاضاٍ في الطلب وأن انخفاض الطلب يعني زيادةٍ في المخزون وأن زيادة المخزون تعني الكساد ,وهذا كله حسب الدكتور السالمي تباطؤ الدورة الإنتاجية وبالتالي فإن من يرفع الأسعار ويربح هو في النهاية من يضرب دورة عملية إعادة الإنتاج من خلال ضرب الإنتاج نفسه وهنا تكمن أهمية وجود مؤشر للأسعار يقيس مقدار الارتفاعات الدورية لها. يضاف إلى ذلك أنه لابد من وجود نظام ضريبي فعال على الأرباح- يسمح بتأمين موارد زيادات الأجور- وعادل يسمح بتطور الإنتاج ولا يسمح بهبوطه.