أمريكا هي من دفعت للحرب في أوكرانيا وهي وصلت في هذه الحرب إلى عجز تام وكامل لإلحاق الهزيمة الاستراتيجية بروسيا، وذلك كان السقف والهدف لهذه الحرب..
في ظل هذا الفشل، لم يعد أمام أمريكا إلا خوض حرب عالمية للانتصار عسكرياً على روسيا والصين ومن يتحالف معهما، ولكن أمريكا بدأت تدرك وتؤمن أنه لم يعد بمقدورها الانتصار في حرب عالمية..
ولهذا فترامب دفعته “الدولة العميقة” للترشح وكانت وراء نجاحه، وأهم وأول مهامه إنجاز تسوية أو حل سياسي في أوكرانيا وتجنيب أمريكا والعالم حرباً عالمية ثالثة..
بالمقابل وكل العالم يعرف أن أوكرانيا وأوروبا دفعتا أمريكا إلى هذه الحرب، فيها الحل السياسي الأمريكي لا يكتفي فقط بتنازلات أوكرانية، بل يشترط انتزاع مصالح كبرى من أوكرانيا من المعادن والثروات وأمور أخرى وأوروبا تخرج من المولد بلا حمص أو حتى فتات مصالح..
ولذلك فأوروبا وأوكرانيا تعملان بأقصى جهد لتعطيل الحل السلمي وتعملان وستعملان للدفع إلى حرب عالمية كخيار انتحاري وكأن ذلك تهديد للكبار بإشراكنا في المصالح أو ليكون الموت للكل هو الأفضى..
ولهذا فأمريكا مع الحل السلمي بشرط أعلى سقف مصالح، وأوروبا مع عولمة الحرب لتفرض مصالح لها بأعلى سقف ممكن، وأوكرانيا وأوروبا مثلاً تعرفان كل المعرفة أن أمريكا هي وراء تفجير خط الغاز الشمالي الروسي وبدون أمريكا ما كان هذا ليحدث، وبالتالي فبريطانيا شاركت في هذا العمل بحسابات المصالح ولكن الفاعل الأساسي هي أمريكا التي بدونها لم يكن ليحدث..
أوروبا وأوكرانيا بمقدورهما إعاقة أو تعطيل الحل السياسي بأي سقف أو مدى، ولكنهما لا تستطيعان الدفع بأمريكا أو جرّها إلى حرب عالمية لا تريدها ولن تكون في صالحها..
وهكذا فأمريكا تستعمل هذا الموقف الأوروبي للضغط على روسيا، فيما روسيا بدورها تستعمل الموقف الأوروبي للإشادة بالتغيير في الموقف الأمريكي ولإعطاء ترامب ما يشبع رغبته من ثناء وإشادة غير مسبوقة في علاقات وإعلام الدولتين..
“المحورية” التي تشتغل عليها أوروبا تتمثل في حقيقة أن الدولة العميقة وربطاً بها “ترامب” لا يريدان أي حديث أو نقاش عن عالم متعدد الأقطاب وهذه ستظل محورية تصادم بغض النظر عما يتم حول ” أوكرانيا”، وأوروبا ترى أن هذه المحورية قد تشعل وتفجر الحرب العالمية وأوروبا تعتمد على هذه المحورية أكثر من جدلية الحرب والحل السياسي خاصة وأوروبا تعرف بل وتتابع المحاولات لفك ثنائية التحالف الاستراتيجي بين الصين وروسيا..
كأنما كل العالم يضحك و”يقهقه” على ترامب أمريكا حينما يتحدث عن حروب أطفأها أو أنهاها، لأنه يقترب من إنهاء العام في دورة رئاسته الثانية ولم يحل المشكلة التي وعد العالم بأنه سيحلها في ساعة ثم في ٢٤ ساعة، بل ولا زالت هذه المشكلة من مصادر دفع العالم إلى حرب عالمية..
لو أنها توجد عدالة بالحد الأدنى في هذا العالم فإن ترامب هو المجرم الأول في حرب الإبادة الجماعية، ولكن هذا هو العالم في وضعه وتموضع قواه الأكبر والعالم الذي يعرف أن ترامب يحب الكيان الصهيوني اللقيط من تماثل اللقطاء، يريد ويطالب بالعدالة وأمريكا ترفض العدالة للعالم وترفض التوازن العالمي وتعدد الأقطاب وأصبح الحديث عن إنهاء وإطفاء حروب -كما حديث حقوق الإنسان- الذي فضحته المشاهد والوقائع في غزة عالمياً..
الزمن لن يتوقف عند ترامب ولا يستطيع ترامب أن يوقف الزمن.. كبار مفكرين ومحللين يجمعون على أن العام القادم2026م هو الفصلية والعام الفاصل لبدء خلق توازنات وموازين لعالم جديد أقل ظلما وأكثر عدالة أو تأجيح الصراع العالمي إلى حرب عالمية وحينها لا يفيد القول إن أوكرانيا أو أوروبا هي السبب..
وبالمناسبة ومنذ بدء الحرب الأوكرانية، فأمريكا مارست كل الاستفزازات لدفع روسيا لاستعمال النووي، وبالتالي فأمريكا لا تمانع بل تتمنى حرباً روسية أوروبية وذلك لن يكون ولن يأتي، لأن البديل لم يعد غير حرب عالمي فوق كل الألعاب والتآمرات الأمريكية!!.
