
استطلاع/ أحمد الطيار –
يتطلع عمال اليمن إلى تجاوز المرحلة العصيبة التي مروا بها خلال العامين الماضيين والتي أدت لفقدان الكثير منهم فرص عمله ومصدر عيشه عقب فترة من الاضطراب السياسي والانفلات الأمني شلت قطاعات اقتصادية هامة كالسياحة والإنشاءات والصناعة والإنتاج الزراعي وكبدتهم خسائر تفوق 400 مليار ريال على الأقل ضمن أصعب الظروف التي مرت بها اليمن على الإطلاق .
واليوم ومع تواصل عملية الاستقرار السياسي والأمني يتطلع ملايين العمال من الحكومة أن تمضي قدما في فتح مجالات الاستثمار وتهيئة مناخ الأعمال لتنشأ شركات وقطاعات إنتاجية تمتص العمالة اليمنية ذات الخبرة والمهارة وتوفر فرصاٍ لمئات الآلاف من الشباب في سن العمل .
وينظر للعمال اليمنيين على أنهم أحد أبرز مقومات التنمية في اليمن فبجهدهم وعرقهم تتسارع خطى البناء والإنتاج سواء في مجال العقارات والتشييد أو المصانع ومراكز الإنتاج ويعرف العامل اليمني بالنشاط والمثابرة والجهد الزائد كما انه شارك ثائرا في ساحات الثورة وخرج بقوة طالبا للتغيير دون هوادة ومع ذلك فهو صبور محتسب لا يئن من المعوقات ويزداد صبره في الظروف الصعبة وأحلكها عندما يفقد عمله ويرى مصدر رزقه متوقفا .
وقد أدت الظروف التي مرت بها اليمن خلال العامين الماضيين لخلل أمني رهيب أثر بصورة سلبية واسعة النطاق على سوق العمل ففيما حملت تلك الفترة ارتفاعا في الأسعار وخاصة أسعار المواد البترولية كانت حركة البيع والشراء في أغلب المناطق اليمنية عرضة للتوقف وهو ما اثمر فقدان العديد من العمال فرص عملهم جراء توقف أنشطة السياحة والاستثمارات وأعمال البناء والتشييد والزراعة والمصانع الكبيرة والصغيرة بالدرجة الأولى إضافة إلى أن أعدادا كبيرة من المعامل والورش والمحلات التجارية أغلقت أبوابها وقامت بتسريح عشرات الآلاف من العمال.
ضريبة
من ضمن التغيير الهيكلي الذي طرأ على العمال اليمنيين ذلك التطلع الهائل للتغيير وهو ما دفع ملايين العمال إلى المشاركة والتطلع لحياة جديدة أساسها التغيير في نظام الحكم وهيكل الاقتصاد وهكذا كان الآلاف من العمال على رأس حملة التغيير وعنوانا للمسيرات والمطالبات بيمن جديد والتي بدأت في فبراير 2011م لكن المقابل لهذه التضحيات وقوع مئات الآلاف منهم في رصيف البطالة .
وكنتيجة للأحداث السياسية وما رافقها من أعمال عنف وأنشطة إرهابية تعرضت لها بعض المحافظات اليمنية سرحت عشرات الشركات موظفيها وأغلقت أخرى مكاتبها وسافرت للخارج خصوصا الشركات الاستثمارية الأجنبية فيما وجد العامل اليمني نفسه على الرصيف.
خسائر
تعترف مراكز البحوث الاقتصادية أن أكثر شريحة تضررت في اليمن بسبب أحداث عامي 2011 و2012م هي شريحة العمال والتي تمثل حوالي 4 ملايين عامل.
ويقول الباحث حمود البخيتي مدير مركز السوق للبحوث إن كل عامل يمني يمكننا التأكيد انه فقد دخلا بمقدار 100 ألف ريال على الأقل خلال ما يقارب 15 شهرا من الأحداث لأنه فقد عمله سواء كليا أو بمستوى جزئي وبذلك يمكننا الوصول لرقم يتجاوز400 مليار ريال على الأقل ويؤكد أن عددا من شركات القطاع الخاص أغلقت أبوابها في ظل الأوضاع الاستثنائية التي عاشتها البلاد كما أن أعدادا كبيرة من المصانع والمعامل والورش والمحلات التجارية أغلقت أبوابها وقامت بتسريح عشرات الآلاف من العمال وبذلك فان الأكثر ضرارا في الساحة اليمنية هم العمال وأن هناك قطاعا كبيرا من العمالة يعيش على دخله اليومي فقط .
وأكد البخيتي أن مؤشر البطالة في اليمن ارتفع بشكل كبير خلال تلك الفترة مقارنة بالأعوام السابقة وحد البطالة وصل إلى 50% ولا يمكن الجزم برقم معين لأن البيانات متحركة وليست ثابتة في حين كانت الأرقام والإحصائيات الرسمية في 2010 تتراوح عند الرقم من 36 – 38%.
قطاع المقاولات
يشير الاتحاد العام للمقاولين اليمنيين إلى أن نحو مليون عامل تم تسريحهم من قطاع المقاولات والإنشاءات في اليمن حسب التقديرات الأولية لقطاع المقاولات وتأثر هذا القطاع بشكل كبير بالأوضاع غير المستقرة وتكبد خسائر فادحة وهو ما اضطره إلى تقليص الخسائر عن طريق تسريح العمالة التي وصلت إلى حوالي 70 % في حين تقلصت عملية تسريح العمالة الماهرة والمؤهلة إلى ما نسبته من 20 إلى 30 % حسب تقديرات مركز الخبراء للدراسات والاستشارات.
فرص العمل
تعد مشكلة توفير فرص العمل أحد أهم التحديات التي تواجه عملية التنمية وتساهم في تقويض الاستقرار السياسي والأمني في البلاد خاصة وأنها تتركز بدرجة عالية في أوساط الشباب بنسبة تبلغ 52.9% في الفئة العمرية (15-24) سنة كما تبلغ نسبة 44.4% في الفئة العمرية (25-59). وتنتشر البطالة حتى بين المتعلمين فحوالي 25% من العاطلين هم ممن يحملون مؤهلات التعليم الثانوي فما فوق.
وخلال عام 2011 ازدادت مشكلة طالبي العمل تفاقما نتيجة تعليق معظم المشاريع الاستثمارية وتعثر كثير من الأنشطة الاقتصادية التي تستوعب معظم الأيدي العاملة مثل الزراعة الصناعة التحويلية البناء والتشييد السياحة والنقل.
وتتجلى مظاهر ذلك في تسريح كثير من العاملين وإعطاء بعض العاملين إجازات بدون راتب وتخفيض بعض المنشآت لساعات العمل مقابل إعطاء جزء من الراتب. وبالنتيجة أضحت البطالة أمراٍ غير مقبول اقتصادياٍ واجتماعياٍ وسياسياٍ وأمنياٍ. وتمثل تهديد للسكينة العامة والاستقرار الاجتماعي.
وللحد من البطالة ترى وزارة التخطيط والتعاون الدولي ضرورة تسريع جهود إعادة إعمار المناطق المتضررة وإنعاش القطاعات الإنتاجية وتحسين البنية التحتية. كما تعول اليمن على استيعاب العمالة اليمنية في أسواق العمل الخليجية. وسيؤدي ذلك إلى أثر سريع في تحسين مستويات المعيشة وسيسهم بصورة فعالة في تثبيت الأمن والاستقرار.
المعالجات السريعة
يضع خبراء الاقتصاد مسألة استعادة مناخ الاستقرار السياسي والأمني شرط مسبق لتحقيق تقدم ملموس في مجال التوظيف وخلق فرص العمل ويرون أن ثمة العديد من المعالجات الممكنة لمشكلة البطالة منهاـ وضع خطة وبرنامج عمل لإعادة تشغيل المشاريع الاستثمارية العامة والخاصة المتوقفة ويمكن على سبيل المثال تبني إصلاح القطاع المصرفي لغاية تفعيل دورة في مجال الاستثمار الخاص ودعم المشاريع المتوسطة والصغيرة وكخطوة مبدئية يمكن التفكير في خلق نوافذ استثمارية في مختلف البنوك تقوم بهذه المهمة ويمكن دعمها من قبل المانحين والدولة وثمة مقترح محدد لعمل ذلك بفعالية وسرعة سوف يقوم الكاتب بتناولها في مكان آخر على أن تستهدف كأولوية قضية إعادة تشغيل المشروعات التي أفلست والتي هي على وشك الإفلاس مع حل مشكلة توفير مصادر الطاقة وارتفاع أسعارها والبحث عن وسائل لتمكين المؤسسات الإنتاجية من توفير احتياجاتها من التمويل اللازم لاستئناف عمليات الإنتاج لديها وخلق أسواق للعمالة اليمنية وتأهيلها للمنافسة في هذه الأسواق ومساعدتها للوصول إلى هذه الأسواق والمساعدة في استيعاب العاملين اليمنيين في الأسواق الإقليمية ذات الاحتياج.
تشغيل العمالة
ويرى الدكتور محمد الميتمي أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء أن موضوع تشغيل العمالة اليمنية وعلى رأسها الشباب في اليمن بات الآن مشروعا إقليميا حيث أن اجتماع لندن الأخير في بداية مارس الجاري والاجتماع الدولي الذي انعقد بصنعاء في وزارة التخطيط والتعاون الدولي مؤخرا خصص جزءاٍ كبيراٍ مخصصاٍ منه لموضوع تشغيل الشباب اليمني .
ويعتبر الشباب هم القوة الدافعة الكبرى للبلد والقوة الكبرى لأي مشروع تنموي وفي نفس الوقت هم مشكلة أيضا إن لم تم استغلالهم الاستغلال الاقتصادي الأمثل لدينا في اليمن 2.5 مليون عاطل عن العمل هؤلاء إذا لم تعمل لهم حماية فإحباطهم سيشكل قوة مدمرة نحن نتكلم عن الشباب اليمني العاطل عن العمل هذه القوة الهائلة يمكن استغلالها للدفع التنموي وقد تكون قوة للإحباط أيضا فأعتقد أن قضايا الشباب والمرأة باتت الآن ذات توافق دولي بشأن حلها.
الأزمة الاقتصادية العالمية
لا تعود المشكلة التي واجهت العمالة اليمنية لفترة الثورة الشبابية فقط إذ بدأت بوادرها في الظهور مع تنامي الأزمة المالية العالمية في العام 2009م عندما فرضت الأزمة على جميع اليمنيين تأثرا سلبيا على الاقتصاد اليمني تمثل في انكماش الحركة الاقتصادية من جهة والتأثير على سوق العمل وفقدان الكثير من الوظائف في الكثير من القطاعات من جهة أخرى.
ويقول الباحث الاقتصادي عبد المجيد البطلي: إن حجم العمالة التي فقدت وظائفها منذ بدء الأزمة المالية العالمية عام 2009م يقدر بـ 1.6 مليون عامل يمني من نسبة حجم العمالة اليمنية البالغة «5.6» مليون عامل حيث بدأت العمالة تفقد وظائفها يوميا بسبب تخفيض الحكومة لبرنامجها الاستثماري وتخفيض نفقاتها إلى النصف فأدى هذا لتراجع نشاط الشركات المختلفة وتباطؤ الاقتصاد وقلة حجم المبيعات وتدني الطلب على العمالة اليومية والموسمية في سوق العمل ويأتي قطاع المقاولات بالمرتبة الأولى والذي قام بتسريح العمالة وتخفيض المرتبات وتدرج التسريح في الكثير من القطاعات الأخرى ولم تسلم من هذه العدوى حتى المحلات والمعارض التجارية التي تبيع بالتجزئة وكان تخفيض العمالة اليمنية منذ بداية الأزمة الاقتصادية في اليمن .