علقت المحادثات مع روسيا
واشنطن/ سبأ
علقت الولايات المتحدة الأمريكية المحادثات مع روسيا حول الأزمة السورية، متهمة موسكو بـ”عدم الوفاء بتعهداتها” فيما يتعلق باتفاق وقف إطلاق النار الذي انهار الشهر الماضي.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية جون كيربي إن “الولايات المتحدة ستعلق مشاركتها في القنوات الثنائية التي فتحت مع روسيا للحفاظ على اتفاق وقف الأعمال القتالية.”
وأضاف أنه “لسوء الحظ، لم تلتزم روسيا بتعهداتها…ولم ترغب أو تستطيع ضمان التزام النظام السوري بالترتيبات التي وافقت عليها موسكو”.
وتابع كيربي قائلا: “بدلا من ذلك، اختارت روسيا والنظام السوري الاستمرار في المسار العسكري”.
وقال إن القوات الروسية والقوات الحكومية السورية “تستهدف البنية التحتية المهمة، مثل المستشفيات، وتمنع وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين ذوي الحاجة”، مشيرا إلى الهجوم الذي تعرضت له قافلة مساعدات إنسانية في 19 سبتمبر الماضي.
وردا على تعليق الولايات المتحدة محادثاتها مع روسيا، قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا: “نأسف للقرار الأمريكي”.
وفي سياق متصل اعتبرت وزارة الخارجية الروسية أن قرار واشنطن تعليق قنوات الاتصال مع موسكو بشأن سوريا يدل على سعي الأمريكيين لعقد “صفقة مع الشيطان” أي الإرهابيين، من أجل إسقاط حكومة الأسد.
وأعربت الوزارة في بيان أمس عن أسفها العميق وخيبتها من قرار واشنطن، معيدة إلى الأذهان أن وزيري الخارجية سيرغي لافروف وجون كيري ودبلوماسيي البلدين في جنيف قد بذلوا جهودا مكثفة من أجل تطبيع الوضع حول حلب، حيث سبق للتنظيمات المسلحة غير الشرعية أن أفشلت نظام الهدنة. وذكرت بأن واشنطن في نهاية المطاف لم تدعم جاهزية موسكو لإعلان هدنة جديدة مدتها 72 ساعة في حلب.
وذكرت موسكو بأن الجانب الأمريكي اعترض على سحب القوات الحكومية وقوات المعارضة من طريق الكاستيلو على الرغم من وجود بند مدرج بهذا الشأن على الاتفاقات الروسية-الأمريكية حول سوريا في 9 سبتمبر.
وأوضحت الوزارة بأن السلطات السورية استجابت لاقتراح روسيا وأبدت الإرادة الطيبة وباشرت في سحب قواتها من طريق الكاستيلو، لكن واشنطن وقفت عاجزة أو غير راغبة في أن تقوم الوحدات الخاضعة لتأثيرها في سوريا بالخطوة المماثلة. واعتبرت الخارجية الروسية أن تقاعس واشنطن يظهر إما إهمالها لاحتياجات السوريين من المساعدات الإنسانية وتفضيلها استخدام هذا الموضوع لتحقيق أهداف سياسية بحتة، أو عجزها عن التأثر على فصائل المعارضة.
وأعادت وزارة الخارجية الروسية إلى الأذهان أن تنظيم “جبهة النصرة” قد أكد مرارا علنا أنه يستخدم فترات الهدنة لإعداد عمليات هجومية جديدة، لكن واشنطن رغم تعهداتها الكثيرة، لم تفعل شيئا لفصل المعارضة المعتدلة عن قوات “النصرة”.
وتابعت أن الولايات المتحدة لم تمارس أبدا ضغوطا حقيقية على “النصرة”، بل عارضت مرة بعد أخرى أي محاولة روسية لإيقاف هجمات هذا التنظيم.
وشددت الوزارة في بيانها: “يعد القرار الحالي لواشنطن انعكاسا لعجز إدارة باراك أوباما عن الوفاء الشرط الرئيسي لمواصلة تعاوننا من أجل تجاوز الأزمة السورية. أو ربما لم تكن لواشنطن أبدا أي نية للقيام بذلك. ويتعزز لدينا الانطباع بأن واشنطن في سعيها لتغيير السلطة في دمشق، مستعدة لعقد صفقة مع الشيطان أي الدخول في ائتلاف مع الإرهابيين المعروفين الذين يحلمون بإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء ويزرعون معاييرهم غير الإنسانية بالقوة”.
ودعت موسكو واشنطن مجددا إلى تقييم الوضع، لترى كيف تبدو خطواتها في عيون العالم. وذكرت الخارجية الروسية بأن الرهانات أصبحت عالية جدا، وإذا تعرضت سوريا بسبب القرارات الأمريكية لهجمات إرهابية جديدة، فسيلقى باللوم على البيت الأبيض. وشددت قائلة: “الكرة أصبحت في ملعب واشنطن التي يجب أن تفكر بجدية في المستقبل الذي تريده للشعب السوري”.
من جهته نقلت قناة “فوكس نيوز” عن مصادر حكومية أمريكية قولها إن موسكو أرسلت إلى سوريا منظومات “إس-300” الحديثة، قد تدخل المناوبة القتالية بالإضافة لمنظومة “إس-400” المنشورة في قاعدة حميميم.
وأوضحت القناة أن الحديث يدور عن منظومات “إس-300 في إم” أو “SA-23 Gladiator” حسب تعريف حلف الناتو، وهي أحدث نسخة معدلة لمنظومة “إس-300”.
وحسب المصادر، ما زالت منظومات “إس-300” غير منشورة، إذ تبقى عناصرها في الوقت الراهن في القاعدة البحرية الروسية في طرطوس.
وردا على سؤال حول الجهة التي قد تستخدم روسيا صواريخ “إس-300” ضدها، ذكر مسؤولون أمريكيون بسخرية أن الإرهابيين في سوريا لا يملكون طائرات وصواريخ مجنحة.
وكانت روسيا قد نشرت منظومة “إس-400” في قاعدة حميميم بعد إسقاط قاذفة “سو-24” في أجواء سوريا بصاروخ تركي يوم 24 نوفمبر الماضي.
وكانت وزارة الخارجية الروسية قد أعربت من مخاوفها من أن قرار واشنطن تعليق قنوات الاتصال مع موسكو بشأن سوريا قد يعني أنها قررت العودة للحل العسكري.
وكان سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي قد قال يوم الاثنين 3 أكتوبر إن واشنطن لم تعد خجولة من بعض مقارباتها غير المعلنة مسبقا، ومنها اعتبارها أنه إذا فشلت محاولاتها لفرض الوصفات على الآخرين، فالبديل لذلك هو الحل العسكري من أجل تحقيق الهدف القديم أي إسقاط الرئيس الشرعي وحكومته وإعادة هيكلة التضاريس السياسية ليس في سوريا فحسب بل وخارجها، بشكل كامل.