
استطلاع/اسكندر المريسي –
الدستور من أبرز القضايا المطروحة على طاولة مؤتمر الحوار وربما يستقطب أشرس المعارك في أروقة المؤتمر بين مطالبين بتغيير شامل لرسم صورة جديدة لنظام الحكم وشكل الدولة ومن يرى أن الدستور الحالي هو الأصلح ويحتاج فقط إلى تعديلات بسيطة ومن يرى ان الدستور هو كتاب الله وسنة رسوله وما نحتاجه هو إعادة الروح للدولة وإصلاح شأن العباد أمام هذه الرؤى وغيرها حاولنا استطلاع آراء عدد من خبراء القانون وأساتذة العلوم السياسية وخبراء الفكر السياسي حول قضية الدستور.
> الباحث في العلوم السياسية الأستاذ عزالدين المنصوري يرى بأن أصعب الأشياء اثارة للجدل ومدعاة للخلاف إجراء صياغة أو تعديلات دستورية في ظل أوضاع سياسية غير مستقرة أما بالنسبة لكتابة دستور جديد في ظل الوضع القائم فإنها مسألة تبدو غير ممكنة بحسب المنصوري الذي يعتقد انها ستعمق الخلافات التي قد تحدث نتيجة لإعداد مشروع دستور جديد ولا يرى ان اليمن في حاجة إليه لوجود دستور سابق جرى من خلاله تحديد شكل النظام السياسي.
وقال في حديثه لـ(الثورة): إن المشكلة لا تكمن في الدساتير لأنها نصوص جامدة مثل القوانين ولكن تكمن المشكلة في مدى الالتزام بالدساتير والجانب التطبيقي مضيفا أنه لا يوجد أدنى شك بأن اليمن منذ عام 48م وحتى اللحظة الراهنة تشهد جدلا حول الدستور وإن كان المفترض عمل إجراءات جانبية أو شكلية لما هو موجود في مواد الدستور القائم من أجل النأي باليمن خاصة في هذه المرحلة تحديدا من حالة الصراع القائمة والتزام التهدئة السياسية من قبل جميع الأطراف.
ودعا المنصوري المتحاورين إلى البحث عن حلول بقوله: إن البحث عن الحلول أفضل من السعي إلى إيجاد الخلاف وتعميق المشكلات خاصة وأن هناك قضايا لها أولوية قبل أي حديث عن الدستور مؤكداٍ أن النظام القائم والمشرف على إجراءات المرحلة الانتقالية بموجب الدستور السابق وأما إذا كان الهدف من الابعاد الدستورية الجديدة الورادة بحسب تقرير تحضيرية الحوار إجراء تغيير لنظام الحكم بشكل كامل ففي الامكان تعديل الدستور القائم بناءٍ على ذلك التغيير.
> أما المحامي القانوني مجدي الحربي في حديثه عن الدستور فيقول:
الذي ويعتقد أن بعض دول الربيع العربي بعد سقوط الأنظمة تشهد خلافات حادة حول الدساتير وأن الجدل في تلك البلدان يمتد إلى سنوات طويلة تعبيراٍ عن مأزق التشريعات الوضعية مشيرا إلى أن اليمن منذ ما يقارب أكثر من نصف قرن والأوضاع السياسية فيها تشهد تداعيات ناتجة عن الدستور مؤكدا في حديثه لـ(الثورة) أن المخرج من ذلك الوضع يكمن في الكتاب والسنة مبيناٍ أن من الصعوبة بمكان بناء مرجعية وافدة في بلدان إسلامية لإدارة أنظمة الحكم قد تضمن استقرارا سياسيا موضحاٍ أن الدساتير نشأت في القرن السادس عشر في أوروبا نتيجة للصراع الذي دار بين الكنيسة والفلاسفة والمفكرين ونافيا ان يكون الاسلام كتشريع مشابها للحالة الأوروبية وقال أن مفهوم الدولة في الاسلام مدنية مدلا على ذلك بالتكوين السياسي للدولة المدنية ولكن البعض يريد بلورة صراع حيال مفاهيم متناقضة إزاء الدولتين المدنية والدينية داعيا إلى ضرورة النأي باليمن من عواقب ذلك الصراع.
لانها كما افاد في مرحلة ما قبل استكمال بناء اسس ومقومات الدولة الوطنية المستقلة وأضاف أن الاشكاليات لا تكمن في التشريعات الدستورية إزاء تحديد شكل النظام والدولة ولكن تلك الاشكاليات تكمن بدرجة اساسية في مدى قدرة الدولة المفترضة ان تكون مستقلة بقرارها الاقتصادي والسياسي غير مرتهنة للقوى الخارجية على اعتبار ان أي تشريع دستوري لا يؤسس استقلالا حقيقيا للدولة على حد تعبيره وإنه سيكون بالتأكيد تجسيدا للصراع السياسي مبديا تساؤله: ماذا جنت اليمن من دوامة التعديلات الدستورية على مدى عقود ماضية غير الصراعات السياسية!!
ويواصل الحربي حديثه أن من الواضح والذي لا خلاف عليه ان عامة الشعب اليمني كشعب مسلم يريد دولة قائمة على كتاب الله وسنة رسوله ومن يقول بغير ذلك ويسعى إلى بث الفرقة في جر اليمن إلى الخلاف بين أبنائه فالشرع يجمع ولا يفرق والدساتير مدعاة إلى الفرقة والضغينة ولنقرأ التاريخ جيدا فمنذ عقود والجدل في اليمن يدور حول الدستور والحوار ولنختصر هذا الجدل ولنحكم دستور الله المتمثل بكتابه وشرعه بعيدا عن المغالطات وتزييف الحقائق.
وأضاف: إن أعتى الديكتاتوريات في العالم قامت تحت الأنظمة الدستورية فالعدل أساس نظام الحكم بين الناس وأضاف: نحتاج إلى دولة تحكم بشرع الله ولا تحكم بالأهواء خاصة ومشكلة اليمن اقتصادية يتصدرها الفقر وليست سياسية يحتل الأولوية فيها الخلاف على الدستور لذلك إعطاء أولوية للقضايا المهمة كمشكلة الفقر والبطالة وضآلة فرص العمل وقضايا أخرى.
ويرى الحربي أن الدساتير ماضيها وحاضرها ومستقبلها تشريعات غربية نمت في بيئة مغايرة تحتلف شكلا ومضمونا عن بيئتنا العربية والاسلامية التي ما ظهر فيها الاستبداد السياسي والديمقراطي في آن واحد إلا لسببين انسياقها وراء التشريعات الغربية وبعدها عن تشريع الخالق سبحانه وتعالى.
القانوني مجدي الحربي يعتقد أننا لا نحتاج إلى خبراء دوليين لكي يضعوا لنا شرعاٍ لأن القرآن كتاب الله هو الدستور الجامع للمسلمين وأضاف: لا نمانع من لجنة لاستنباط التشريعات من القرآن.
وهذا لا يعني الانسياق وراء المتاجرين بكتاب الله وسنة رسوله الذين يواصلون الجدل اللامتناهي في واقع ما يجري فيه من تناقضات ما كان لها ان تكون إلا بسبب غياب القدوة وبعدنا عن شرع الله مصداقا لقوله تعالى (وما اختلفتم فيه من شيء فردوه إلى الله ورسوله).
ومثلما يقولون رأيهم في الدستور في ظل ما يطرح من حوار عليهم أن يسمعوا ويحترموا الرأي الاخر في ظل ذلك الحوار حتى ولو كان لا يقبل بالدستور وبالتالي ما يراد أن يطرح من دستور في الظرف الراهن هو جر اليمن واليمنيين إلى خلافات لإطالة أمد الصراعات السياسية بينهم وتكريس النزاعات المحلية وما يحدث في المحافظات الشمالية أو الجنوبية يؤكد حقيقة ذلك.
واعتبر التعاطي مع الدستور خلال تلك العقود وحتى اللحظة الراهنة أشبه بموضة لكي يقال من باب التباهي حديث مطول مزخرف عن الدستور علماٍ بأن المشكلة لا تكمن في من يحكم ولكن في كيف أن يحكم.
ولا أعتقد بأن هذه المسألة كمبدأ ثابت في السياسة الشرعية تراعيها الدساتير الحديثة بل تغفلها تماماٍ وأردف قائلاٍ:إن المحاججة بالخبرة الأجنبية تغفل حقيقة ان اليمن عرفت اصل ونشوء الدولة في إطار التراكم التاريخي للحضارة اليمنية القديمة قبل بروز الخبرة الأجنبية بآلاف السنين مدللاٍ على ذلك بالدولة اليمنية الكبرى في القرن السادس عشر واصفا إياها بالاتحاد القديم الذي يشبه الاتحاد السويسري حاضرا.