تسجيل أكثر من 1500 إصابة .. ونداء استغاثة لوزارة الصحة

وفاة العشرات بحمى الضنك في بيحان

تحقيق / فايز المخرفي/ سبأ

‏عشرات المواطنين قضوا في مديرية بيحان بسبب حمى الضنك، آخر تلك الحالات سجلت قبل أيام لفتاة في مقتبل العمر تم إيصالها إلى المستشفى لتلقي العلاج لكنها فارقت الحياة على الفور .. لم يعد هناك وقت لتلافي المرض الذي تعد أخطر مراحله الحالات النزفية والتي إن لم تعالج ويعتنى بها من قبل الأطباء فما بعدها إلا الوفاة وقد وصل عدد الحالات النزفية الخطيرة حتى الآن إلى أكثر من 85 حالة وفقا لتقرير رسمي .
‏وتعتبر حمى الضنك أشد فتكا بالإنسان من الملاريا ، وبحسب الدكتور صالح مطهر- وهو طبيب جراح ومدير مستوصف الحكمة أقدم مستوصف في بيحان فإن مدينة بيحان أكبر مدن محافظة شبوة تتعرض للملاريا مرارا، ومؤخرا انتشرت فيها حمى الضنك بعد مواسم الأمطار الغزيرة وهي ظاهرة تحتاج إلى بحوث علمية ودراسات مكثفة، فعندما كان المرضى يصلون للأطباء وهم ينزفون وقبل التعرف على مرض حمى الضنك كان الأطباء يعتقدون أن القرحة الدامية قد أصابت المرضى لأن النزيف يظهر في براز المريض ليتضح فيما بعد أنها حمى الضنك .
‏سنوات عدة تعرض سكان بيحان الذين يزيدون عن 70 ألف نسمة لحمى الضنك لكن هذه المرة الحمى أشد فتكا فتسببت في خوف كبير بين أوساط السكان والجميع يعيش حالة من القلق والضيق ..حتى في شهر مايو المنصرم انتقلت العدوى إلى طاقم الأطباء ومساعديهم في أحد المستشفيات التي تستقبل المواطنين المصابين.
‏وتظهر أعراض المرض بعد فترة تتراوح بين ثلاثة وستة أيام من لسع البعوضة الحاملة للمرض ضحيتها ، ويظهر الطفح الجلدي في اليوم الخامس من المرض وتتراجع الحمى عادة ثم ترتفع ثانية وغالباً ما تكون الأعراض تشبه الأنفلونزا – ارتفاع درجة الحرارة – صداع حاد – وألم وراء العينين والعضلات والمفاصل – طفح جلدي .
‏الحالات النزفية الخطيرة تعني أن تنزل الصفائح الدموية بسبب الحمى بعد أن يتكسر الدم ولا يتجلط يكون النزيف من الأنف أو من اللثة مثلاً وهي أشد الحالات وتم تحويل بعضها إلى صنعاء وحضرموت والبيضاء وباقي المحافظات .
‏وتعد مادة الديزل مادة قاتلة ليرقات البعوض التي تعيش على سطح الماء وتعمل مادة الديزل على قتلها بسبب منع وصول الهواء إليها، فاليرقات تعيش على سطح المياه ،ولذا يتم التعامل مع البرك الآسنة، الراكدة في المناطق الموبوءة برشها بمادة الديزل ومبيد كيميائي قوي ويخلط 500 لتر من مادة الديزل تقريبا مع 5 لترات من المبيد الحشري ويرش بعدة طرق فيما تسمى مادة المبيد دلتامترين 2% بحسب مختص في مكافحة الملاريا .
‏‏بيحان مديرية منكوبة..
‏*مديرية بيحان التي أعلن عنها مديرية منكوبة بحمى الضنك منذ ابريل المنصرم هي أكبر وأضخم مديريات محافظة شبوة وتعد الأكبر.. ووفقا للإحصائيات السكانية الرسمية عام 2004م بلغ عدد السكان 48 ألف نسمة …المديرية مترامية الأطراف فيها ما يزيد عن 6 آلاف منزل ، محاطة بوديان ممتلئة بالأثل والسدر ومختلف الأشجار التي تعتبر بيئة خصبة لتكاثر البعوض حيث تصل أطوال بعض الوديان إلى 27 كيلو متراً وتبعد المدينة حوالي 250 كيلو متراً عن عتق عاصمة المحافظة .

‏وتعاني مدينة بيحان من عدم وجود شبكة الصرف الصحي كما توجد عدد من البرك والمستنقعات والمياه الراكدة والمجاري التي تشكل مكانا مناسبا لتكاثر البعوض خاصة في مواسم الأمطار .
إحصائيات رسمية مخيفة..
المستشفى الحكومي الوحيد في مديرية بيحان (مستشفى الدفيعة) تتوافد الحالات المرضية إليه في الأوقات العادية فما بالك في حالة وباء كارثي كحمى الضنك وكيف يستطيع المستشفى الذي قدرته الاستيعابية 44 سريراً نساء ورجال أن يستوعب خلال شهر واحد 1500 مريض بحمى الضنك.
‏وبحسب الإحصائيات التي حصلنا عليها من المستشفى فقد اتضح أن المستشفى استقبل في يوم واحد فقط 120 حالة مرضية بالضنك وأن أقل حالات استقبلها في اليوم الواحد كانت خلال الأسابيع الماضية وكانت ما بين 12 – 15 حالة، إلا أن الكارثة تتمثل في أعداد الحالات المرضية التي زادت في الأيام القليلة الماضية بعد أن كادت أن تختفي وهذا مؤشر خطير يستدعي التحرك الجاد والمسؤول من قبل الجهات الرسمية بوزارة الصحة والمنظمات الدولية المانحة.
‏وبحسب الأرقام التي زودنا بها مكتب الصحة بالمديرية ..في 21/ 6 كان إجمالي الحالات المصابة بالحمى 19 حالة (14 منها استقبلها المستشفى الحكومي و5حالات في المستوصفات الأهلية ).
‏وفي الخمسة الأيام الأخيرة بلغ إجمالي الحالات المصابة 82 حالة ،52 حالة في المستشفى الحكومي و30 حالة في المستوصفات والعيادات الخاصة وهو رقم كبير رغم أن المختصين أكدوا أن حالات مصابة لم تسجل في كشوفات المرضى في المستشفيات الخاصة .
‏وفي مديرية بيحان أكثر من 3 مستوصفات أخرى ومراكز وعيادات خاصة تستقبل حالات مرضية بحمى الضنك وهو ما يعني أن الحالات المصابة كثيرة جدا وان الأرقام الرسمية المعلن عنها من المستشفى الحكومي الوحيد ليست كل شيء ..ففي بداية ظهور المرض كان مكتب الصحة يوزع للمستوصفات والعيادات استمارات للحالات التي تصلها وبعض تلك المستوصفات لم تلتزم ..فهناك حالات كثيرة لم تذهب المستشفى الحكومي لان الأعداد فوق طاقته الاستيعابية، وقد اضطرت إدارة المستشفى إلى معالجة مئات الحالات في المنازل وترقيدها هناك بعد إعطائها العلاج وجرى الإشراف عليها من قبل طاقم المستشفى الطبي ..فأكثر من 50 سريراً إضافياً تم استحداثها في منازل المرضى .
‏بحسب التقرير الرسمي بتاريخ 25/6/2016م فقد بلغ العدد الإجمالي للحالات المصابة بمرض حمى الضنك 1549 حالة والعدد في ازدياد كل يوم ،توزعت الحالات على مختلف مناطق المديرية مع تفاوت في أعداد الحالات .
كشف الوفيات .. ضحايا الضنك بالعشرات..
بموجب ‏كشف الوفيات الذي زودنا به حتى الآن وصلت 18 حالة وفاة وهذا قبل أسبوع وقد زادت حالات الوفاة وكان آخر تلك الحالات وفاة أهملت في البيت حتى نزفت وماتت مباشرة عند وصولها المستشفى ،
‏وفيما نحن بصدد استكمال تحقيقنا الصحفي يتضح أن أعداد الوفيات اكبر مما أوردناه سلفا، فقد توفي ثلاثة أشخاص أصيبوا بحمى الضنك في بيحان في مستشفيات العاصمة صنعاء وتوفي آخرون في حضرموت بعد نقلهم وهم مصابون بالمرض من بيحان وهذا بحسب مواطنين وليس جهات رسمية .
‏وبحسب مدير مستشفى بيحان فإنه وبعد النزول إلى أماكن سكن المتوفين اتضح وجود برك وخزانات مياه لطواحين أو مواطير كهرباء مثلا فيها الآلاف من حشرات البعوض التي تنقل المرض للآلاف من السكان .
اسر بكاملها تصاب بالضنك..
‏وفي بعض الأحيان كانت تصل المستشفى 11 حالة إصابة بالمرض من أسرة واحدة فالبعوض ناقل للعدوى وتضع البعوضة الواحدة في اليوم الواحد أكثر من 20 بويضة والبعض يذهب إلى أنها تضع 100 بويضة وهنا تكمن المشكلة .
‏ووفقاً لإدارة المستشفى فإن البعوض المتواجد في المنازل بحاجة إلى تمشيط دقيق ورش بالمرشات المحمولة لكي يتم القضاء على البعوض ويتزامن ذلك مع رش ضبابي للوديان والشوارع كما يجب أن تكون العملية قائمة على معلومات دقيقة من الترصد الوبائي ويترافق ذلك مع حملات توعية ، واعتبر عدم توفر المرشات والمبيد مشكلة كبيرة .
‏في حين تتوفر 130 مرشة في عتق عاصمة المحافظة تحت تصرف مرتزقة العدوان السعودي رفضت إسعاف بيحان ولو بمرشة واحدة ورفضت الجهات عند مطالبتها بتوفير أي منها متحججة بأن المرشات محجوزة لدى مالك المقر لأنه يطالب بإيجارات متأخرة على وحدة الملاريا بالمحافظة .
‏وساهم رجال خير وجمعية خيرية في عتق ببضع مرشات ولكن العمل الخيري الأهلي محدود ولا يفي بالمطلوب، فالوباء ينتشر والبعوض ينتقل من مكان إلى آخر وبإمكان بعوضة أو حالة مصابة أن تنقل العدوى للمئات من السكان .
معوقات وعقبات.. لا مرشات ولا أدوية ولا ..
‏ولو كانت اليمن غير محاصرة لكانت الجهات الرسمية أكثر قدرة على مواجهة الكوارث ولكانت الميزانية التشغيلية لهذا المستشفى أو ذاك أو هذا المكتب الخدمي الصحي مثلا في بيحان أفضل مما هي عليه الآن ولكان بالإمكان إرسال الدعم اللازم لمكافحة الوباء الكارثة، فميزانية مكتب الصحة والمستشفى لا تبلغ سوى مليون ريال تقريبا .
‏مستشفى بيحان أول من يستقبل الحالات المصابة بهذا المرض الفتاك ولذا فإن المعاناة كبيرة جداً وهو ما جعل إدارة المستشفى توجه نداء استغاثة لوزارة الصحة فالعلاج نفد من المستشفى .

‏المعاناة كبيرة خاصة وأن الآمال بالقضاء على البعوض ليست كبيرة خاصة وان الحالات التي تصل إلى المستشفى كانت قد خفت بعض الشيء من أحياء سكنية، لكن المفاجأة أن حالات جديدة مصابة تصل من مناطق أخرى وهو الأمر الذي استدعى انتقال المسؤولين في المستشفى ومدير الصحة بالمديرية ومدير عام المديرية إلى العاصمة صنعاء لعرض معاناة المديرية من تفشي الوباء وعدم القدرة على السيطرة عليه رغم الرش للمرة الثالثة .
حملات رش متعاقبة والبعوض مستميت ويتحدى..
‏فخلال الشهرين الماضيين تمت عملية رش تبدو من قبل فاعلي الخير وهي الأولى لم تكن ناجحة أعقبتها حملة رش لوزارة الصحة كانت أفضل بكثير ثم الرش الذي مولته شركة كمران للصناعة والاستثمار ونفذته مؤسسة النهضة التنموية .
وعلى الرغم من ذلك فقد كان هناك اعتراض على أن تقوم مؤسسة النهضة التنموية في بيحان بمهمة تنفيذ الرش خاصة وأن هناك جهات رسمية ممثلة في مكتب الصحة ولكن تداركا للأمر وللاستفادة من الدعم المقدم ووفقا لتوجيهات محافظ شبوة علي الطمبالة تم التنسيق والتعاون الكامل بين مختلف الجهات، وتكاد تكون المؤسسة الوحيدة في بيحان فهناك لا يهتم الغالبية بأهمية منظمات المجتمع المدني وكيف يمكن أن تقوم بدور ايجابي في حالة كوارث ككارثة حمى الضنك الذي افترس سكان بيحان ..
رئيس مؤسسة النهضة كمال الباكرى بذل جهودا ثمنها الجميع في مدينة بيحان، فعندما تحدث ممثلو الجهات الرسمية لنا عن الوباء أثنوا على دور هذه المؤسسة التي نفذت حملة التوعية والرش الأخيرة الممولة من شركة كمران وأثنوا أكثر على شركة كمران التي قامت بتمويل هذه الحملة ماليا..فبعد تنسيق إحدى الشخصيات الاجتماعية البارزة في المديرية مع شركة كمران للصناعة والاستثمار تبرعت الشركة بتمويل حملة رش للبعوض وتم العمل كفريق واحد للرش مرة واحدة وليشمل كافة المناطق ووزعت المديرية إلى مربعات، منها مربعان تكفلت بهما مؤسسة النهضة التنموية فيما تكفلت وحدة الملاريا ومكتب الصحة بالمربعين الباقيين ..
‏ووفقا للبرنامج يتم الرش صباحاً ومساء ومن ثم يعاد الرش صباح اليوم التالي ومساءه ومن ثم يعاد الرش بعد أسبوع لقتل اليرقات ، ويرى الباكري أن عدم وجود مشروع للصرف الصحي في المديرية أكبر المخاطر التي تهدد السكان .
‏وبحسب الباكري فإن المؤسسة قامت بتوعية واسعة في المديرية استغرقت أياماً وتم عمل تعبئة عامة ضد الوباء من خلال حشد طاقات النخب ممثلة في دكاترة ومعلمين ومثقفين وعلماء ومرشدين وعقدت ندوات ومحاضرات وطافت بالميكرفونات أرجاء المديرية ودربت أكثر من 50 مشاركاً في تنفيذ الحملة كما خصصت أكثر من 12 سيارة للمهمة وحرصت المنظمة على أن تكون مهمة محايدة ولا تنتظر التصنيف مع هذا الطرف أو ذاك .
‏وقال الباكرى ما كانت الحملة لتكون لولا تضافر جهود الجميع، مشيرا إلى إسهام المغتربين بأكثر من 5 آلاف ريال سعودي للمؤسسة ..‏مشيرا إلى شحة الإمكانيات، فالناموسيات التي تم الحصول عليها قليلة جدا لا تفي بالمطلوب، لا تزيد الناموسيات التي وزعت عن 200 ناموسية قدمها مكتب الصحة بالمديرية .
‏شركة كمران للصناعة والاستثمار أكدت أن تمويل الشركة لحملة القضاء على البعوض الناقل لحمى الضنك في بيحان اسهام اجتماعي وانساني للتخفيف من معاناة المواطنين وفي كل مناطق اليمن وعلى مستوى خارطة اليمن.. فالشركة تعمل مع الجميع لما فيه خدمة الصالح العام وتحرص كثيرا على تحقيق هذا الهدف بعيدا عن أي حسابات أخرى وبحيث لا تقتصر جهودها هنا أو هناك.
‏مدير عام مديرية بيحان أبو شريف – طالب الجهات المختصة في وزارة الصحة والجهات المسؤولة باعتماد الخطة المقدمة للوزارة بتوفير المتطلبات اللازمة لمكافحة الوباء، مثمنا الجهود التي بذلت من كل الأطراف فقد أسهمت في التخفيف من المرض بعض الشيء إلا أن الجهات الرسمية في وزارة الصحة يجب أن تتحمل مسؤولياتها .
نفاد الأدوية… وشحة الإمكانيات ومطلوب فريق تقصٍ للوباء
‏الدكتور علي دويحان مدير عام الصحة بالمديرية أكد نفاد الأدوية الخاصة بمرض حمى الضنك وعدم توفر المستلزمات الطبية والفرق المتخصصة والأدوية والدعم المالي اللازم والناموسيات وغيرها فعدم نزول فريق التقصي الوبائي للحمى من وزارة الصحة جعل الوباء يتفشى .. فالمريض المصاب قد ينقل العدوى إلى حي سكني بالكامل ، وقال إن عدم التدخل المباشر والسريع من وزارة الصحة تسبب في تفشي الوباء، ففي عام 2014م اكتشفت حالة إصابة واحدة في أحد الألوية التابعة للجيش في المديرية وتضافرت الجهود الرسمية وبسرعة وتم احتواء العدوى .
‏دويحان أشار إلى أن جهود الوزارة في صنعاء مطلوبة ونزول فرق التقصي لمصادر تواجد البعوض مهمة جدا فقد يتم أحيانا الرش في الوديان والشوارع في حين يتخفى البعوض في المنازل وهو ما يعني الحاجة للدقة في أداء المهمة .
‏د. صالح نمران مدير مستوصف في بيحان يؤكد أن عملية رش البعوض حتى الآن غير كافية وان دور وزارة الصحة ضعيف ولو قامت الوزارة بـ10% من الواجب عليها لتم القضاء على المرض .
‏انقطاع الكهرباء يفاقم المشكلة
‏الدكتور عبدالقادر الربيح – رئيس وحدة مكافحة الملاريا (بيحان – عسيلان – عين) وهي الوحدة المسؤولة عن مواجهة الأوبئة ومنها وباء حمى الضنك يصف المعاناة قائلا: إن المواطنين في المديرية يعيشون أصعب الأيام ، فالمعاناة من ارتفاع درجة الحرارة وانقطاع الكهرباء يدفع بالسكان إلى الخروج من غرف منازلهم إلى الأسطح والصالات المفتوحة في منازلهم فيكونون عرضة للسعات البعوض الناقل للمرض كما أن المكيفات والمراوح هي الأخرى طاردة للبعوض لكنها لا تعمل بدون كهرباء.
مدير الملاريا أشار إلى أن الأمطار الغزيرة التي من الله بها على مديريات الجمهورية ومنها بيحان المحاطة ببرك مياه آسنة ومستنقعات في الوديان وبعض الأحياء هي الأخرى مثلت مرتعا خصبا لتكاثر البعوض .
‏الربيح أكد شحة الدعم لحملات الرش التي قام بها البرنامج بالتعاون مع الجهات الأخرى فقد تناقصت المبالغ المرصودة للحملة من حوالي مليوني ريال من البرنامج إلى أربعمائة ألف ريال وهو مبلغ ضئيل.
مقاربة في وجهات النظر لقتل البعوض الناقل للضنك
‏وفي حين يرى المختصون أن القضاء على البعوض لا يتم إلا بطريقة علمية ودراسة لهذه الحشرة القاتلة للإنسان وعلى أن تتكفل وزارة الصحة بكل شيء ويكون تنفيذ الرش من اختصاص وإشراف مكتب الصحة بالمديرية أو الوزارة أو برنامج مكافحة الملاريا لأن هذه الجهات رسمية تمتلك الكوادر والخبرات بحكم التخصص فمثلا تجهيز المبيد الحشري وكميات المواد الداخلة فيه ونوعيتها تحتاج إلى متخصصين وليس العمل بالسهل، فنقصان كمية قليلة من المادة القاتلة يجعل جهد العشرات وإهدار الأموال كهباء منثور.
‏الدكتور احمد سليمان – طب عام يعمل في مستشفى الدفيعه ومستوصف موقس الصحي أشار إلى قضية هامة وهي أن القضاء على البعوضة البالغة قد يكون بفعل عمليات الرش الضبابي ممكنا ولكن القضاء على يرقات البعوض تحتاج إلى تحر وتقصٍ دقيق .
‏ويقول إن أسباب بقاء المرض هو أن عمليات الرش تكثفت في مناطق دون أخرى وإذا ما تم الرش لكل المناطق فإن البعوض يبقى وبإمكانه الانتقال من مكان إلى آخر فينقل العدوى لبقية المناطق .
الرش الضبابي مثل ذر الرماد في العيون..
‏وقال الدكتور صالح نمران : بصراحة إن الرش الضبابي لا يجدي، مشبها إياه بذر الرماد في العيون وهناك من يستغل الرش للتلاعب والاسترزاق والحصول على دعم من هنا وهناك كما أننا لم نجد تعاوناً من قبل وزارة الصحة عدا تسلمنا 15 كرتوناً مغذيات مثلاً ونحن نقدم خدماتنا في بيحان مجانا.
‏ويضيف :لا بد من الرش المنزلي إلى جانب الرش الضبابي لتنجح الجهود ويجب أن تقوم الجهات الرسمية بدورها.
وأضاف: فنحن لدينا مستوصف بيحان الطبي الخيري في الحرجة وهو يخدم مديريات عسيلان والساحة وبيحان وشهدنا وفاة أربع حالات بسبب حمى الضنك .
‏الجراح صالح مطهر- مدير مستوصف الحكمة وهو من أهم المستوصفات في بيحان يرى أن حملة الرش التي قام بها انصار الله كانت عملية رش ممتازة وحصل تحسن كبير جدا جدا فأعداد الحالات كانت مخيفة لنا كأطباء ولكن ونتيجة لحملة الرش تلك انخفضت حالات الإصابة بالحمى بشكل كبير .
‏ويضيف: كانت آلية الرش تلك ناجحة حتى أن الرش تم في المستوصفات ومنها مستوصفنا وقلل من الأرقام التي يجري الحديث عنها خاصة الحالات النزفية وأبدى تفاؤله بإجراءات مكافحة البعوض .
‏ويلفت الدكتور صالح إلى أن هناك من يتاجر بالأدوية التي يتم الحصول عليها مثلا، فتباع في الصيدليات الخاصة وهناك من يستغل التبرعات المقدمة من قبل فاعلي الخير ويوجهها في غير محلها وفي حالة إنسانية كهذه يفترض أن يراعي الجميع مسؤولياته .
‏‏وبحسب الدكتور صالح مطهر فإن الحالات النزفية هي الخطيرة حيث يتم إعطاء المريض دم ليعوض الدم النازل بفعل تكسر الصفائح الدموية وفي حالات ابسط يعطى المريض سوائل وريدية ومحاليل وباراساتامول .
‏ويحتاج المريض إلى تكرار فحص الدم cbc لمعرفة تغيرات الدم وفي معظم الاحيان تصل كلفة الفحوصات والعلاج للمريض الواحد الى العشرة آلاف ريال تقريبا .
الحالات توزعت في مناطق متفرقة من المديرية..
‏الكراع والعطف والحرجة وجربان وريدان والعليا والوسطى والجابح والسليل وعيلان والجلا وذمر والجفرة والروضة …الخ من أكثر المناطق التي تعرضت للوباء .
‏إلا أن مناطق جديدة قد تعرضت لغزو جديد من قبل البعوض القاتل ووصلت حالات مرضية ظهر فيها نزيف حاد مما دعا مكتب الصحة إلى توجيه نداء عاجل إلى وزارة الصحة والإعلاميين والخطباء والمبرزين في بيحان إلى سرعة التعامل مع المستجدات فالمعركة مع البعوض مستمرة وشرسة .
‏اعتقاد خاطئ وسائد لدى البعض..
‏يعتقد البعض أن مريض حمى الضنك يشفى دون الذهاب إلى المستشفى وعندما ينزف المريض من أنفه فإن ذلك يعني إشارة لمغادرة الحمى وشفاء المريض ،والمشكلة الأكبر أن البعض من الأهالي لا يقبلون بترقيد المصابين من أسرهم في المستشفى أو المستوصفات وفي بعض الأحيان يتم نقل المرضى المصابين إلى بيوتهم ولا تتوفر العناية الصحية الكاملة فتتطور الحالات وتنتقل العدوى .
لماذا لا تنفذ حملة لمكافحة الضنك مثل حملة التحصين؟
‏اقترح الدكتور احمد سليمان بأن يتم القيام بحملة ضد البعوض الناقل للضنك مثل حملة التحصين ويتم تتبع البعوض حارة حارة، بيت بيت ..فالبعوضة تحط أكثر من 100 بيضة وتعيش 40 يوماً وخلال هذه المدة تقوم بتلقيح غيرها بالمرض ويؤكد الدكتور احمد أن هناك حالات مصابة بالضنك تأتي من المناطق التي سبق الرش فيها .

‏ويكشف الدكتور صالح نمران وهو مدير مستشفى بيحان الطبي الخيري في الحرجة عن ظهور 8 حالات إصابة بالملاريا .. فعند إجراء الفحوصات لمرضى يحتمل إصابتهم بحمى الضنك يتم اكتشاف إصابتهم بالملاريا وهي من وجهة نظره اخطر من حمى الضنك بكثير فقد يتأثر مريض الملاريا لأشهر وقد تصيبه الملاريا بعاهة مستديمة أما حمى الضنك يمكن القضاء عليها إذا تمت معالجتها في حينه .
وهذه المنطقة التي اكتشفت فيها الحالات وبحسب سكان المدينة تعرضت في فترات سابقة لوباء الملاريا وهنا يجب أن يلعب الجانب الرسمي دوره ويواجه المرض قبل استفحال الملاريا.. فالملايين يموتون سنويا في العالم بسبب الملاريا.
‏وهنا فالمطلوب إنزال فريق من وزارة الصحة يقوم بفحص الحالات..
‏وما يمكن التأكيد عليه بعد هذا التحقيق الذي أجريناه هو أن حمى الضنك لم ينته من بيحان رغم حملات الرش المتكررة التي خففت من المعاناة ،كما نستخلص أن الجهات الرسمية هي من تتحمل المسؤولية الأولى عن مكافحة الوباء ،ولذا وبعد أن جمعنا في جعبتنا هذه التفاصيل الكثيرة فطريقنا هو من بيحان إلى صنعاء لطرح المعاناة على الجهات ذات الاختصاص فتحقيقنا لم يكتمل إلى هنا فالغاية منه لم تتحقق وهو إيصال معاناة عشرات الآلاف من أبناء مديرية بيحان إلى الجهات المختصة في وزارة الصحة ومكافحة الملاريا والمنظمات الدولية .

قد يعجبك ايضا