■ وفاة100 شخص بسبب ارتفاع درجة الحرارة وانقطاع الكهرباء
■ 3مليارات ريال قيمة وقود للمحطات الكهربائية وجهود متواصلة لإعادة الخدمة للمحافظة
■ شريحة الفقراء عاجزة عن اقتناء الطاقة البديلة والحياة بلا كهرباء موت وجحيم
تحقيق/ رجاء عاطف – سارة الصعفاني
“الحديدة مدينة منكوبة”.. بثلاثي الفقر والجوع والمرض، وفاقم َ الوضع كارثية ظروف العدوان والحصار والسيول وانقطاع الكهرباء لما يزيد عن عام في محافظة ساحلية يعرف من عاش فيها حجم معاناتهم التي ازدادت سوءاً بصيف ساخن وصلت درجة حرارة الجو لـ 45 درجة مئوية ما زاد معاناة المرضى والجرحى وكبار السن وانتشرت الأمراض والأوبئة . الجهات المعنية قامت بمبادرات لتوفير المازوت والديزل خلال الشهر الكريم، فيما يرى المواطنون أنها غير مجدية والشهر شارف على الانتهاء.. كل ذلك تجدونه في التحقيق التالي:
غياب الكهرباء تعذيب لأبناء الحديدة البسطاء الذين لا يجدون حتى قيمة ألواح الطاقة الشمسية لتشغيل مروحة هوائية، الظروف المعيشية صعبة ومتردية، ومعاناة المواطنين تتضاعف يوماً بعد يوم، يفترشون الشوارع وينامون أمام أبواب المحلات بسبب الحر الشديد الذي لم يجدوا ما يطفئه، فيما النساء والأطفال في منازلهم يعانون من حر أحال حياتهم لجحيم وانتشرت الأمراض الجلدية والبثور.. هكذا وصف المواطن عادل الشامي من مديرية الحوك المشهد المؤلم ، وأضاف : معاناة الحصول على الماء ونقله أيضًا كارثة، وأتمنى من الجهات المعنية أن تعطي جُل اهتمامها لأبناء الحديدة وتهامة حيث أنهم في هذا الشهر الكريم بأمسّ الحاجة للاهتمام في كل شيء.
الطاقة لا تفي بالغرض
وتقول سوزان أبو علي إحدى ضحايا الفساد والعدوان : الحديدة تعيش شبح الموت والعبث من الجميع وهناك لعب من تحت الطاولة بمادة المازوت من قبل القائمين عليه ونفتقر إلى وجود الكهرباء من أغسطس الماضي ونعاني من الانقطاع المستمر للماء، وحتى إذا وجد الموطن المقتدر من أبناء المحافظة طاقة بديلة ( شمسية ) لا تفي بالغرض لأن درجه الحرارة ترتفع إلى 40 درجة.
وعن رأيها في قرار توفير ديزل مجاني لمحطات الشرب لشهر رمضان تقول سوزان: ننتظر تلك المبادرة التي ستحل معضلة هذه المحافظة ونتمنى التعجيل بها قبل نهاية الشهر الفضيل لأن المعاناة فيها مضاعفة ونتمنى أن يستمر الدعم للتخفيف عن المواطنين .
معاناة وحلول
فيما وصف هلال الشميري – من حي السلخانة – معاناة أبناء الحديدة وتهامة في شهر رمضان بالمغامرات التي تحمل في طياتها العناء بدءاً من انقطاع الكهرباء وانتهاء بتعبئة المياه من الدكاكين أو الخزانات في أسفل المنازل واكتفى بالقول سيكون الأجر في رمضان هذا العام مضاعفاً وربنا كريم.
يقول حاتم عبدالله من سكان الحي التجاري : الكهرباء عادت لبعض الحارات لمدة ساعتين كحد أقصى فما تزال المعاناة مستمرة ، كما أنه ما يزال الكثير من الأحياء بلا ماء، أين الحلول السريعة لتوفير الكهرباء والماء التي وعدونا بها في شهر الصيام ؟
مازوت لتشغيل المحطة
مضاعفات ارتفاع درجة حرارة الجو مع استمرار انقطاع التيار الكهربائي تسببت بوفاة أكثر من100 شخص من بينهم أطفال وحديثو ولادة كانوا في حاضنات المستشفيات ومرضى الفشل الكلوي والسرطان ومصابون بحروق جلدية وأمراض مزمنة من كبار السن يؤكد الأطباء أنه كان سيكتب لهم الحياة لو توفرت كهرباء .
بعد ارتفاع درجة الحرارة لأكثر من 45 درجة مئوية أخيرًا تم شراء مازوت لتشغيل محطة كهرباء الحديدة بمبلغ 3 مليارات ودعم المحطة وموظفيها بمبلغ مليوني ريال لمواجهة أعمال الصيانة وصرف مستحقات العمال لتعود خدمة الكهرباء بشكل جزئي بعد غياب دام أكثر من عام ، وجهود الفرق الهندسية للكهرباء متواصلة لإعادة التيار بشكل كامل.
ويؤكد مدير عام فرع المؤسسة العامة للكهرباء بمحافظة الحديدة جماعي سالم كليب أن الفرق الهندسية تعمل على إيصال التغذية إلى محطة راس كثيب، من ثم إلى محطة الحالي، والتي بدورها ستقوم بتوزيع التيار الكهربائي لـ 10 محطات للتحويل، ثم إلى المحولات في كل منطقة .
سبب التأخر
في الفترة الماضية أكدت شركة النفط شراء مازوت لتشغيل محطة كهرباء الحديدة، لكن انتظار المواطنين طال ولم يعد التيار الكهربائي ما أثار الشكوك والتساؤلات، هنا نسرد سبب التأخير كما ورد في البيان:
تم الاتفاق بين محافظ الحديدة وممثل شركة كروجاز يمن على توريد كمية من مادة المازوت لتغطية احتياجات محطات الكهرباء واستلمت الشركة فاتورة الشحنة من الشركة الموردة بنفس الكمية، وحددت السفينة (Orion2) لنقل الشحنة وتم إشعار الشركة بتاريخ الوصول في 15 /4 /2016م لكنه تم منع دخول السفينة لمدة عشرين يوماً حتى تم استصدار تصاريح الدخول للسفينة في تاريخ 5 /5 /2016م فقامت الشركة بتوجيه الطلب للسفينة بالدخول، إلا إن كابتن السفينة رفض لمدة خمسة أيام وتم إلغاء رقم التصريح فقامت الشركة بالتفاوض مجدداً واستخراج تصاريح جديدة، وتم إبلاغ كابتن السفينة بالتصريح الجديد وطلب الدخول لكن الشركة تفاجأت بقيام الشركة الموردة بسحب السفينة باتجاه جيبوتي، بدلاً من إدخالها للتفريغ ودون إشعار الشركة أو توضيح الأسباب والمبررات لعدم الدخول لتفريغ الكمية بحسب الاتفاق مما استدعى التصرف العاجل لإيجاد حلول بديلة ،كحل احتياطي لهذه الإشكالية وتم طلب سفينة أخرى .
الشركة تمنع دخول الناقلة
ولمعرفة سبب عرقلة وصول شحنات المازوت وتوفر المشتقات النفطية في الأسواق السوداء التقينا المتحدث الرسمي باسم شركة النفط م. أنور العامري الذي يؤكد أن العدوان الداخلي هو من يمنع دخول ناقلة تحمل 29.504 أطنان مازوت ، العدوان الخارجي أعطى تصاريح دخول منذ ما يقارب الشهر، إلا أن الشركة المتعهدة (كروجاز) هي التي تمنع دخول الناقلة الآن ، وسحبتها لجيبوتي ثم أعادتها مرة أخرى، ومن ثم سحبتها لخارج الغاطس دون العلم بالسبب ، وحتى الآن لا تزال السفينة خارج الغاطس، والتلاعب الموجود في قضية مازوت الحديدة هو من الشركة المتعهدة التي قامت بالاستيراد ثم تمنع إدخال الكمية .
وأوضح أن شحنة الـ30 ألف طن مازوت لم يتم شراؤها عبر شركة النفط وإنما تم الاتفاق عليها بين الشركة المتعهدة ومحافظ الحديدة مباشرة، كشركة مهمتنا تقتصر على استقبال السفينة ، والفحص ، والتفريغ والدفع من المالية عبر حساب معكوس لشركة النفط.
مشيراً إلى أن محطة الكهرباء تحتاج كل يوم تقريباً إلى نصف طن من مادة المازوت، وبعد استصدار تصاريح دخول السفينة أورينا 2 سيتم معرفة لمدة كم تكفي الكمية .
اتهامات لشركة النفط
وتنفي شركة النفط عنها أي علاقة بالكميات التي تباع من قبل التجار في السوق السوداء أو في محطات الوكلاء وأن الإشكالية التي تواجهها رفض البنك المركزي توفير عملة صعبة لشركة النفط، لتدفع قيمة الشحنات التي اشترتها: ” تصدر اتهامات لشركة النفط ببيع المازوت للسوق السوداء إلا أن المواطنين يجهلون حقيقة أن المازوت ليس كالبنزين والديزل لأنه مخصص لمحطات الكهرباء ومصانع الإسمنت فقط ولم نستورد أي كمية من البنزين والديزل منذ فترة طويلة ، و ذلك بسبب امتناع البنك المركزي من إعطائنا دولار للشراء وكل ما يصل للشركة هي كميات ضئيلة جداً تقوم الشركة بشرائها من بعض التجار وبالريال اليمني وهي كميات لا يمكن توزيعها للمواطنين بالمحطات لأنها لا تكفي لتوزيع حتى يوم واحد ، وأضاف في الوقت ذاته هناك التزامات على شركة النفط للطوارئ والمصالح الحكومية وعليه فإنها تخصص هذه الكميات لهذه الجهات وأحياناً تنفذ بعد فترة وجيزة ونتوقف عن التوزيع حتى للمصالح الحكومية حتى تصلنا كميات أخرى “.
متابعاً : المشكلة أن المواطن لا يعرف غير شركة النفط وذلك بسبب ثقته فيها منذ تأسست في عام 1962 لكنها اليوم تتحمل أعباء كبيرة من عدة نواحي مؤامرات داخلية وخارجية، محاولات كبيرة من تجار ومتنفذين في الدولة لإفشال دورها وتخصيصها وإحالة دورها التجاري لتجار متنفذين .
تخلي الجهات عن دورها
ويضيف العامري : الشركة واجهت جميع تلك المؤامرات ولا تزال تواجه رغم تخلي جميع الجهات عن دورها الواجب عليها خلال هذه المرحلة الصعبة لكن الجميع يهرب من المسؤولية الجهات التنفيذية والقضائية، حيث طالبنا اللجان الأمنية والمحاكم التجارية والمالية والبنك المركزي والسلطات التشريعية لكن الجميع لا يتجاوب ويشاهدون كيف يبتز التجار المواطنين دونما اهتمام ..
متسائلاً: ما الذي تستطيع الشركة أن تقوم به عند رفض البنك المركزي إعطاء عملة صعبة للشركة وفي نفس الوقت يعطيها للتجار، والأدهى أن يقال للشركة اذهبوا لشراء الدولار من السوق السوداء، والذي إذا ذهبت الشركة لشراء عشرين مليون دولار فقط في كل شحنة من السوق السوداء كم سيرتفع سعر الدولار؟
وتابع الناطق باسم شركة النفط كلامه :عندما تأخذ المالية من مال الشركة لبقية الجهات وفي الوقت ذاته تمنع توريد مستحقات الشركة المستوجبة من المالية عن الجهات الحكومية كالكهرباء والدفاع واليمنية والتي فاقت 180 ملياراً، ولا حل كلما حاولت الشركة بيع كمية يتم سحب أموالها ودفع رواتب جهات أخرى وتخصيص كميات لجهات بالأجل، وكيف يمكن الاستمرار بشراء أي كميات إضافية ، منوهًا بأن الجهات ذات الصفات الضبطية والأمنية والتشريعية لا تقوم بدورها رغم كل مطالبات الشركة لهم بالمشاركة وتحمل المسؤولية الوطنية .