–
❊ .. كي ينهض يحتاج النائب ناصر عرمان إلى عصاه ويتكئ عليها أثناء سيره ومع ذلك لا تفتتح الجلسات البرلمانية إلا ويكون حاضرا مستمعا جيدا ومتحدثا يضع ألف حساب لكلماته التي لا تغضب أحدا غير من يحدده النائب القادم من محافظة البيضاء سلفا ¡ كل هذه العوائق اليومية لاتمنعه من أن يحتل مرتبة أكثر النواب انضباطا ومشاركة .
يختار المواضيع التي عليه أن يتحدث فيها فمثلا قبل أسبوع ونصف وقف أحد نواب تعز معلنا عن استيائه لعدم تضمين محضر الجلسة لمناقشة مشكلة مياه تعز الأكثر ظمأ وإهمالا فقد أصبح نقاش مثل هذه القضية أمرا اعتياديا لا يتم تعيين وزيرا جديدا للمياه إلا وكانت تعز تستقبل وتودع ولا تجد حلا◌ٍ يسقيها ¡ قال النائب إنه يريد إجابة من وزير المياه والبيئة الحالي وحتى يحصل على ذلك لا بد من قيام البرلمان باستدعاء الرجل وطرح الأسئلة عليه . لم يهتم كل النواب نظرا للجغرافيا التي تبعد الحالمة عنهم لكن عرمان وقف ضاما صوته وألمه إلى جوار المدينة البعيدة وهو ما جعل هيئة رئاسة المجلس تلتفت للأمر وتعيد تسجيله ضمن أولوية الأعمال .
وفي ذات اليوم أيضا◌ٍ كان النائب أحمد سيف حاشد يبحث عن غرمائه من الجنود الذين يتهمهم بالاعتداء عليه أمام مجلس الوزراء بينما كان متضامنا مع جرحى الثورة السلمية ¡ وأملت عليه قيمه أن ينهض مجددا لمساندة حاشد ووضعه بالمقارنة مع ما كان سيحصل لو كان النائب غير حاشد¡ كان الوضع سيتغير .
قبل هذه الجلسات كان صوت عرمان ذي الخمسين عاما◌ٍ يعلو لتهدئة الخلافات والجدالات التي تستعر داخل البرلمان وكان لوقع كلماته روح وسلطة نظرا لبعدها عن السياسة قدر الإمكان.. يقول عنه رئيس منظمة (برلمانيون ضد الفساد) إن أكثر مايجعل رأيه حرا استقلاليته عن ميوله لأي طرف على حساب الآخرين¡ ويضيف الدكتور عبدالباري دغيش أن زميله ناصر لا يمكن احتسابه على جهة فكل مايطرحه يميل إلى الوطن الكبير اليمن .
وللاستدلال على الأمر حين كانت القاعة تموج مطالبة بالتوجه إلى رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي للفصل في أي خلاف كما تنص المبادرة الخليجية يشتعل حماس ناصر عرمان ليطلب من جميع زملائه أينما كانوا أن يقدروا ظروف الرئيس المحاط بالكثير من المشاكل والعقوبات التي يحاول تجاوزها ” ليس علينا أن نضيف إليه مشاكلنا ¡ علينا أن نتفق هنا داخل القاعة وليس تصدير الخلافات إلى خارج المجلس ” ثم كان يضع توضيحه الدائم ” أنا لست محسوبا على أحد لا إصلاح ولا مؤتمر أنا محسوب على مجلس النواب ورأيي وتفكيري مستقل ” ثم يلي حديثه التأييد لما قال ومن يختلف معه يشرح في البداية أنه يقدر رأي الزميل ناصر لكن الخلاف.. ويسرد ما يراه مناسبا لتوجهه .
أحيانا◌ٍ يتخذ عرمان لنفسه مكانا هادئا جوار مبنى البرلمان ويجلس مستظلا◌ٍ من حرارة الشمس متأملا◌ٍ للوجوه التي تمر أمامه من معاصريه في المجلس وربما مع هذا المرور يفسر ما خلف تلك الملامح والابتسامات ويرسم خارطة للحياة التي يخوض غمارها .
Prev Post
Next Post
قد يعجبك ايضا
