جميل انعم
سادساً: سلطنة نجد ومملكة الحجاز 1901م – 1931م.. الدولة السعودية الثالثة.
يقول جون فيلبي “لقد رأيتُ أن نقوم بالاتصال بمشائخ الدين في الرياض لإرسال عبدالعزيز إلى الرياض والاستيلاء عليها وجعلها مركزاً رئيسياً لحركتنا الوهابية الدينية.. وبذلك أخرجنا عبدالعزيز من الكويت بتاريخ 13 أغسطس 1901م ومعه 350 شخصاً وحملناهم بسيارات مسلحة، وفي ليلة 19 أغسطس 1901م كانوا يقيمون في بيت من آل الشيخ قرب الرياض، الذين رتبوا لعبدالعزيز الدخول إلى الرياض بالاتفاق مع زوجة حاكم الرياض عجلان، وهي من أقارب عبدالعزيز، وفي عشية 20 أغسطس 1901م دخل عشرون منهم الرياض بثياب نسائية إلى بيت زوجة عجلان وكأنهن نساء زائرات، ودخلوا بيت البقر بإنتظار عجلان، ولكن عجلان لم يحضر ونام في قصر الحكم واتجه الـ 20 شخصاً إلى قصر الحكم وكأنهم ضيوف، ومثلوا دور الضيوف النائمين عند باب القصر ، وما أن خرج عجلان من القصر لأداء صلاة الفجر حتى أمطره الضيوف بالرصاص فقتل على الفور، وكاد حرُّاس القصر أن يهزموا جنود بني سعود لولا الإمدادات القادمة من بيوت آل الشيخ والتي هاجمت القصر بما يزيد عن 300 مسلح، واستسلم الحراس وبعد ذلك خرج عبدالعزيز حيث كان متخفياً في أحد بيوت مشايخ الدين”. (تاريخ آل سعود لناصر السعيد صفحة 63 – 66).
وخلال الفترة 1901م – 1912م لم تتوسع سلطة الرياض وبقت محصورة في جنوب نجد والقصيم بالرغم من دعم الإنجليز لبن سعود الذي لم يكن لديه جناح عسكري تكفيري كالذي توفر لأجداده في إمارة الدرعية الأعراب البدو بالتعاليم الوهابية التكفيرية وبإعلان راية الجهاد، فأخرج ضباط المخابرات البريطانية فكرة جيش الإخوان المسلمين ، والتي أبدع الإنجليز بإخراجها فأصبح الإخوان قوة عسكرية ضاربة وبراية الجهاد أستطاع جيش الإخوان المسلمين السيطرة على نجد والإحساء والحجاز وكل من لا يؤيد الإخوان يطلق عليه نعت “المشركين”..
ولأهمية موضوع فكرة وتأسيس الإخوان نسخة الخليج سنفرد فقرة خاصة لذلك لاحقاً.. وفي عام 1915م قاد الكابتن اليهودي ديفيد شكسبير جيش الإخوان المسلمين وتوجه رأس المقاتلين وبراية الجهاد لإسقاط إمارة حائل فقتل وتزعم ضابط المخابرات البريطانية “جون فيلبي” جيش الإخوان المسلمين في أبريل 1918م وفشل في إخضاع حائل وشمر الموالية للأتراك وتولى بعد ذلك زعيم قبيلة مطير “فيصل الدويش” قيادة جيش الإخوان المسلمين وسقطت إمارة حائل في نوفمبر 1921م، وأثناء ذلك قامت الحرب العالمية الأولى 1914م – 1918م، بين بريطانيا وفرنسا ضد ألمانيا والسلطنة العثمانية، واستطاع الاستعمار البريطاني والفرنسي من خداع الأعراب والعرب بإثارة العصبية القومية العربية ضد الأتراك، ولنزع العنصر العربي من الجيش العثماني الذي يتميز بالحماسة والتعصب الديني، خاصة إذا أعلن الجهاد من السلطنة العثمانية لمقاتلة بريطانيا وفرنسا، وهذا ما يخشاه الإنجليز وفرنسا فتم خداع العرب وبعرض استعماري لهم بإقامة الخلافة العربية وبزعيم عربي، فتحالف العرب مع الأجنبي بريطانيا وفرنسا ضد المسلم التركي.. فظهر مصطلح “حق تقرير المصير للعرب” وحقهم في إعلان دولتهم العربية الواحدة، وبإستثناء اليمن صنعاء رفض الإمام يحيى مقاتلة الأتراك من اجل الإنجليز قائلاً “الأتراك مسلمين وأقرب إلينا من الإنجليز ولن نقاتلهم من أجل الإنجليز”.. وحاكم حائل آل رشيد رفض التحالف مع الإنجليز ضد المسلمين الأتراك ، ولعب الإستعمار لعبته الخبيثة، ففرنسا التي تحتل تونس والجزائر ويا للغرابة والسذاجة والإستخفاف نعم فرنسا في يونيو 1913م تستضيف المؤتمر العربي في باريس لمناقشة حقوق العرب في الامبراطورية العثمانية!، والقوميون العرب خاصة من الشام والعراق يتحالفون من الإنجليز شريطة اعتراف بريطانيا باستقلال الدول العربية، ولا يستثنى من الدولة العربية إلّا عدن.. واعترف القوميون العرب بالشريف حسين زعيم للقوميين العرب.. وهنري مكماهون المندوب السامي البريطاني في مصر 1915م يتواصل مع الشريف حسين ملك الحجاز ويتوافقان على إعلان الخلافة العربية بزعامة الشريف حسين مقابل تحالف العرب مع بريطانيا ضد تركيا.. (المراجع – تاريخ آل سعود لناصر السعيد / تاريخ العربية السعودية لـ فاسيلييف)
وتم عقد الاتفاقية بين بريطانيا والشريف حسين، فكان كالتالي: “أولاً تتعهد بريطانيا العظمى بتشكيل حكومة عربية مستقلة حدودها شرقاً الخليج الفارسي ، وغرباً بحر القلزم “البحرالاحمر”، الحدود المصرية والبحر الأبيض ، شمالاً حلب والموصل إلى نهر الفرات ودجلة.. ثانياً تتعهد بريطانيا العظمى بالمحافظة على هذه الحكومة وحمايتها.. ثالثاً ولاية البصرة في حماية بريطانيا نظير مبلغ مالي.. ورابعاً وخامساً.. وكان الاتفاق” ( تاريخ آل سعود لناصر السعيد صفحة 484 – 485).
“وفي يناير بدأ “ستورس” سكرتير الشؤون الشرقية لدى المندوب السامي البريطاني في مصر، و “كلايتون” مدير المخابرات العسكرية البريطانية في القاهرة بوضع خطة انتفاضة العرب إلى جانب دول الوفاق” (تاريخ العربية السعودية لـ فاسيلييف).
وبالطبع وعود الاستعمار تضليل وخداع ففي مايو 1916م وقعت اتفاقية سايكس بيكو لتقسيم البلدان العربية واحتلالها.. الخ، بينما كان القوميين العرب في الشام والعراق يعلنون الانتفاضة والثورات ضد السلطنة العثمانية، وبشعار القومية العربية والثورة العربية الكبرى.. “وقامت الطائرات البريطانية بقصف مكة المكرمة وحول الكعبة بالقنابل وأشاعوا بأن الأتراك هم من فعلوا ذلك لإثارة الناس على الأتراك، وفي حزيران يونيو 1916م الشريف حسين يعلن الثورة ضد الأتراك ويطلق الرصاصة الأولى من نافذة قصره فألتفَّ حوله عرب الحجاز” (تاريخ آل سعود لناصر السعيد صفحة 485).
وهكذا وبينما كان عرب الشام والعراق والحجاز يعلنون الانتفاضات والثورات وبراية الجهاد وبالتحالف مع الاجانب الانجليز وفرنسا وضد المسلمين الأتراك، وكذلك الأمر للأعراب البدو في نجد، جيش الإخوان المسلمين التكفيري يجاهد ضد العرب المسلمين في حائل ونجد وبتخطيط وإسناد ومشاركة الضباط الانجليز انتصر العرب والأعراب على الرجل المريض الامبراطورية العثمانية، وبدلاً من الخلافة العربية والزعيم للدولة العربية الموعودة استعمارياً، أصدرت بريطانيا في نوفمبر 1917م وعد بلفور المشؤوم لليهود الصهاينة فلسطين وطن قومي لليهود، وبريطانيا تحتل القدس في أبريل 1918م، والبصرة كذلك، والاستعمار الفرنسي يحتل سوريا ولبنان في 1920م… ورئيس وزراء بريطانيا “ونستون تشرشل” في 1921م وباجتماع في القاهرة يقرر تنصيب فيصل بن الشريف حسين ملكاً على العراق، وتنصيب عبدالله بن الشريف حسين أميراً على إمارة شرق الأردن “بادية الشام” وهناك في العقير ضابط المخابرات البريطانية “برس كوكس” 1922م وبالقلم الاحمر يحدد حدود مملكة بن سعود عبدالعزيز، الذي وقع وثيقة الخيانة بإعطاء فلسطين لليهود المساكين (لقد كانت سايكس بيكو واحد)..
وللمقاربة مع ما يحدث الآن في 2011م – 2016م من إنتفاضات وثورات في الأنظمة الوطنية الجمهورية وبعصبية المناطقية والطائفية والتحرير المناطقي.. نعم، قالها ورحل وترجل العملاق “محمد حسنين هيكل” إنها سايكس بيكو (إثنين). يا عرب. يا عرب!
وقبل ذلك الاستعمار البريطاني والأتراك يقسمون اليمن في 1905م إلى شطرين جنوبي وشمالي، والإمام يحيى يرفض ذلك، والاستعمار البريطاني يقصف المحافظات الشمالية في 1928م – 1929م، فيسحب الإمام يحيى قواته من الضالع، والاستعمار الإيطالي يحتل ليبيا، وجيش الإخوان المسلمين التكفيري يُكفر الكويت ويجتاح الكويت ويحاصر الأمير سالم الصباح في قصره فيهرب ويطلق جملته المشهورة “الاستعمار ولا النار” ولتدخل الكويت في الحماية البريطانية، وتحضر البوارج البريطانية ويهرب فيصل الدويش قائد الإخوان المسلمين.. فالجهاد ضد المسلمين العرب وهروب من الاستعمار البريطاني!…
والشريف حسين ملك الحجاز وشريف مكة والمدينة يرفض تقسيم الوطن العربي، ويرفض إعطاء فلسطين لليهود ومصيره لجيش الإخوان المسلمين التكفيري وبراية الجهاد ضد الملوك الكفار، الذي يحتل مكة في 1924م أكتوبر والمدينة في ديسمبر 1925م.
والسلطان عبدالعزيز بن سعود يصر على رحيل الهاشميين من الحجاز والإنجليز ينفذون ذلك، وينفون الملك حسين إلى قبرص حيث يتم اغتياله بالسُم ، وفي عام 1926م نصَّب الاستعمار البريطاني عبدالعزيز بن سعود ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها، الأمر الذي انكره الإخوان المسلمين فكيف يجاهدون ويكفرون الشريف حسين لأنه ملك وها هو عبدالعزيز يصبح ملكاً، والإسلام ينكر نظام الملوك، وليبدأ صراع بين عبدالعزيز بن سعود وبريطانيا والإخوان المسلمين من جهة أخرى وكل فريق يكفر الآخر، تنتهي بالقضاء على جيش الإخوان المسلمين وقتل قائده فيصل الدويش في السجن أكتوبر 1931م، وهذا ما سنتناوله بشيء من التفصيل في فقرة الإخوان.
وإمارة عربستان او المحمرة أو الأهواز، وعربستان معناها بلاد العرب تقع غرب الجمهورية العراقية من ناحية البصرة والعمارة، تنبع منها معظم آبار النفط حالياً كان يحكمها حاكم عربي يُدعى “الشيخ خَزعلْ” تحالفَ مع الإنكليز وبن سعود وحاكم الكويت في الحرب العالمية الثانية ضد الأتراك لطردهم من البصرة، مقابل وعد استعماري بريطاني بالحفاظ على عروبة الأهواز وحمايته من حكومة إيران الملك شاه إيران، وأن تبقى عربستان في ظل حكم “الشيخ خَزعل” ونسله من أبنائه، وفقط بشرط معاهدة الحماية من بريطانيا العظمى.. جاء ذلك الوعد والعرض الاستعماري في رسالة وجهها الجنرال “رسدنت” جنرال الدولة البريطانية العظمى في الخليج إلى “الشيخ خَزعل” (نص الرسالة منشورة في كتاب “تاريخ آل سعود لناصر السعيد صفحة 504 وبتاريخ 1332 هجرية) وبعد أن أنجز خَزعل المهمة قامت بريطانيا بتسليم إمارة عربستان لشاه إيران وبمباركة بن سعود وحاكم الكويت.
تماماً كما سلم أمير الشارقة جزيرة أبو موسى لإيران الملكية في نوفمبر 1971م وبعدها في ديسمبر 1971م أحتلت إيران الملكية جزيرة طمب الكبرى وجزيرة طمب الصغرى وبالتواطئ مع بريطانيا، وانتقاماً من بريطانيا لمساندتها إيران في احتلال الجزر أممت ليبيا ممتلكات شركة النفط البريطانية وسحبت ودائعها من البنوك البريطانية، والعراق يقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران وبريطانيا، ومصر تطالب إيران سحب قواتها من الجزر، واليمن الديمقراطية يرفض الاعتراف بالكيان الإماراتي الذي شكلته بريطانيا قبل انسحابها من الخليج في ديسمبر 1971م… تلك هي مواقف الأنظمة الوطنية الجمهورية التي تتعرض الآن لهجمة شرسة من الاستعمار وعملائه.
“والبترول والنفط حضرَ في مؤتمر العقير 1922م الذي حضره الميجر “فرانك هولمز” مُهندس تنقيب ومعه الدكتور “مان” من الشركة الشرقية العامة المحدودة البريطانية، للحصول على حق استثمار وامتياز نفط الإحساء، والذي أكتشفهُ “هولمز”.. وكانت المفاجئة ضابط المخابرات البريطاني “برس كوكس” يرفض وبن سعود يوافق وبدلاً من أن يمنع البريطاني حق امتياز النفط للشركة البريطانية الشرقية طالما أنه بريطاني ويعمل لمصلحة بريطانيا ولكنه ذهب لإعطاء حق الامتياز لشركة أمريكية برأسمال يهودي “شركة ستاندارد أوف كاليفورنيا” والتي أصبحت لاحقاً “شركة أرامكو” الأمريكية التي إحتلت بترول الجزيرة العربية.. أليست هذه خيانة قومية لبريطانيا قام بها كوكس وجون فيلبي ولكن الصهيونية أهم” (تاريخ آل سعود لناصر السعيد صفحة 499 – 500).
والمحصلة النهائية لهذه الفترة الزمنية تختزل في جملة واحدة هي (الدماء العربية تراق لأغراض وأهداف ضد العرب) ومفاعيل الثورة العربية الكبرى، التي اخترعها الانجليز وحشد لها الإسلام السعودي التكفيري وأعراب الخليج والشيخ خَزعل، وإن جاز لنا التعبير المخدوعين أو المغدورين من القوميين العرب، وملك الحجاز الشريف حسين، انتهت إلى تقسيم وإحتلال ما تبقى من الوطن العربي، بل ومنح إيران الملكية إمارة عربستان ومنح تركيا أتاتورك “لواء الأسكندرونة” السوري وأصبح الوطن العربي بحراً وبراً مستعمرات بريطانية وفرنسية وإيطالية وأسبانية بالكامل (باستثناء صنعاء اليمن) بالإحتلال العسكري المباشر أو بتنصيب حُكام عملاء وبأنظمة ملكية تابعة دماً وروحاً للاستعمار.
والشيء اللافت للنظر والجديد هو حضور أمريكا الإمبريالية إلى المنطقة من باب النفط، أمريكا الإمبريالية الاستعمارية ستتحول لاحقاً وبعد الحرب العالمية الثانية والعدوان الثلاثي على مصر 1956م إلى أمريكا الصهيونية بامتياز.
وحاول الاستعمار البريطاني تأديب الإمام يحيى الذي رفض مقاتلة الأتراك في الحرب العالمية الأولى، فاحتل الحديدة في عام 1928م سرعان ما استردها اليمن، وكررت المحاولة السعودية وبريطانيا في عام 1934م وكان الفشل من نصيبهم، وكررت المحاولة من بريطانيا والإخوان المسلمين في 1948م والفشل حليفهم، وأخيراً حضرت أمريكا في 1955م بالانقلاب العسكري وأيضاً فشل، وظلت اليمن عصية على الاستعمار وبني سعود إلى حين معلوم، وذلك بحثاً آخر طرقناه في مقال التاريخ الدموي لإخوان طروادة في اليمن.
سابعاً: 18 سبتمبر 1932م – 15 مايو 1948م..
أرقام تاريخية يجب حفرها جيداً في الذاكرة العربية من الماضي لتحضر الحاضر من أجل المستقبل.. وبعد أن تمكن بن سعود عبدالعزيز من القضاء على انتفاضة وثورة الإخوان المسلمين وبقسوة، وبإسناد من بارجات وطائرات بريطانيا تم إعلان وقيام المملكة العربية السعودية في 18 سبتمبر 1932م، وعبدالعزيز بن سعود أول ملك للنظام السعودي ذراع، الإستعمار والصهيونية في جسد الأمة العربية والإسلامية، وبينما كان الوطن العربي يرزح تحت الإستعمار الغربي البريطاني والفرنسي والإيطالي والإسباني كان الأعراب في نجد والحجاز يتقاتلون فيما بينهم فالإخوان يكفرون بني سعود وبني سعود يكفرون الإخوان.
وكانت الصهيونية تعمل على ترحيل كل يهود العالم إلى فلسطين المُحتلة وتشكلت عصابة “الهاجاناه” اليهودية في فلسطين، والتي تقتل العرب الفلسطينيين لمصلحة استيعاب واستيطان اليهود القادمين من كل انحاء العالم وبإسناد من الإحتلال البريطاني.
وفي 25 مايو 1936م، قامت أعظم ثورة عربية فلسطينية على الإطلاق بقيادة “عز الدين القسام” ضد الاحتلال البريطاني وعصابة “الهاجاناه” الصهيونية، ثورة عظيمة استمرت 183 يوماً، أعلن فيها الشعب الفلسطيني كله العصيان المدني والإضراب الشامل الطويل، توحد فيها الشعب الفلسطيني بدون استثناء، وعجز الاستعمار والصهيونية عن قمعها برغم الوحشية، وكادت فلسطين أن تكون أول دولة عربية تتحرر من الاحتلال البريطاني والصهيوني، وفشل الاستعمار في محاولة كسر الإضراب والعصيان المدني الشامل، برغم وعود بريطانيا بإيجاد حلول مناسبة، وأمام وحدة وصمود الشعب الفلسطيني لجأ الاستعمار البريطاني إلى إستدعاء عملائه من الحكام العرب، لفك الإضراب وقمع الثورة فحضر أولاً الملك عبدالله ملك الأردن وعجز وفشل، ولجأت بريطانيا إلى الملك عبدالعزيز بن سعود الذي أطلق “النداء” الشهير وباسم القادة العرب وبعثها إلى ثوار فلسطين بواسطة “الحاج أمين الحسيني” ودعا النداء الشعب الفلسطيني إلى السكينة وإيقاف الإضراب حقناً للدماء، وبالاعتماد على حسن نوايا صديقتنا بريطانيا، والتي وعدت بتحقيق العدل، وبأننا سنواصل السعي لمساعدتكم (تاريخ آل سعود لناصر السعيد صفحة 867 – 868)
واثر النداء السعودي انقسم ثوار الشعب الفلسطيني، وازداد الانقسام بوصول أولاد عبدالعزيز سعود وفيصل ومعهم جون فيلبي، والذين اجتمعوا مع قادة فلسطين “وأقسموا بالله بأن بريطانيا صادقة فيما وعدتنا به وأن بريطانيا تعهدت لوالدي أنها عازمة على حل القضية الفلسطينية” (فيصل بن عبدالعزيز مخاطباً قادة فلسطين – تاريخ آل سعود لناصر السعيد صفحة 868). نعم.. كان ذلك وما زال الجرح العربي من الغدر البريطاني غائراً بالنزيف!!
فانقسم ثوار فلسطين بعد ذلك، وفُكَّ الإضراب والعصيان المدني الشامل، واُجهضت ثورة 1936م واستشهد القائد “عز الدين القسام” فزادت معدلات الهجرة اليهودية لفلسطين وزادت فعالية العصابات الصهيونية ومجازرها الوحشية، وقامت الحرب العالمية الثانية (1939م – 1944م) وانتهت عصبة الأمم المتحدة التي شرعنت الانتداب والاحتلال، وحضرت الأمم المتحدة والتي أصدرت قرار تقسيم فلسطين، وأعلن قيام الكيان الصهيوني في 15 مايو 1948م، والملوك العرب يعلنون قيام التحالف العربي الإسلامي لتحرير فلسطين من اليهود، وحضرت الجيوش الملكية الأردنية والعراقية والمصرية وبقيادة ملك الأردن عبدالله الذي يُعَيِّن اليهودي البريطاني “كلوب باشا” قائداً للجيوش الملكية، والسعودية ترسل أسلحة صدئة وبدون أبر الضرب إلى الجيش السوري.. والجيش العراقي لم يُطلق رصاصة واحدة مبرراً ذلك بعدم وجود الأوامر “ماكو أوامر” باللهجة العراقية!.. وأمام هكذا تحرير انتكب العرب كما أسموها في 1948م، وانتكس العرب في يونيو 1967م.. وببركة بني سعود وبني خليفة وبني نهيان وإخوان تركيا إنبطح الأعراب في 2011م (تاريخ لا يحتاج مراجع ومصادر!!).. والقلم هنا ينتحر من قهر الأعراب.. وحسبنا الله ونعم الوكيل.
والمحصلة النهائية لهذه الفترة هي قيام النظام السعودي الملكي والنظام الأردني الملكي والكيان الصهيوني، والنفط تستثمره أمريكا في السعودية والخليج.. وهنا برز وبوضوح وظيفة ومهمة الأنظمة الملكية وفي مقدمتها النظام السعودي في قمع واخماد ثورات التحرر الوطني العربية، والبداية إحداث إنقسام وفتنة، ثم القمع كما حدث لثورة 1936م الفلسطينية.. وهذه الوظيفة ستبرز لاحقاً في لبنان وسوريا وفلسطين ومصر والعراق وليبيا وتونس واليمن وبصور وأشكال متعددة حروب أهلية وتكفير..الخ.
ثامناً: المملكة العربية السعودية (1932م – 2016م)..
وبعد 18 سبتمبر 1932م أصبح النظام السعودي دولة سياسية، والوطن العربي محتل من الإستعمار الغربي والصهيونية، والإسلام السعودي التكفيري أصم وأبكم وأعمى تجاه الإستعمار والصهيونية، واصبح له ثلاثة أوجه.. الأول رجال دين يصدرون الفتاوى لمصلحة النظام السعودي السياسي… والثاني مؤسسات ودور نشر ودعاة حسب التعاليم الوهابية تنشر التعاليم في كل أنحاء العالم وبمسميات معاهد ودار الحديث وجمعيات خيرية، أفرزت لاحقاً طالبان أفغانستان والقاعدة وداعش واخواتها… والوجه الثالث هو الإخوان المسلمين نسخة القاهرة، تعمل من داخل الأنظمة الوطنية الجمهورية تكفير واغتيالات.. الخ.
“في خريف 1979م أفرز الإسلام التكفيري، تنظيم تكفيري مُسلّح دعا للعودة إلى الإسلام الخالص والإسلام النقي، ودعا إلى إسقاط حكام السعودية المستبدين العملاء، واستولى التنظيم على جزء من المدينة المنورة على الطريق بين مكة والمدينة.. وفي 20 نوفمبر 1979م، تم الإستيلاء على الحرم المكي في مكة، وادَّعى محمد القحطاني أنه المهدي المنتظر وهدفه تطهير الإسلام وتحرير البلد من الكفار والعائلة المالكة ورجال الدين المرتزقة، و”جيهمان العتيبي” هو الزعيم السياسي للتنظيم التكفيري الذي عُرف بـ “منظمة حركة الثوار المسلمين في شبه الجزيرة العربية” وتمكن ولي العهد فهد بن عبدالعزيز من القضاء على هذه المنظمة بالقوة المسلحة بالقنابل المسيلة للدموع والمدافع والطائرات، وتم إقتحام المسجد الحرام بعد معارك ضارية أستمرت أسبوعين، وقُتل المهدي المنتظر وأُعدم جهيمان العتيبي في 9 يناير 1980م مع 62 من رفاقه سعوديين ويمنيين ومن الكويت وعرب آخرون” (العربية السعودية لـ فاسيلييف صفحة 497 – 499).
واصبح وامسى الإسلام السعودي التكفيري مسخراً للنظام السعودي الرسمي التابع للغرب والصهيونية, ويصدر فتاوى دينية تخدم السلطة السياسية، فمثلاً الروس أثناء الحرب العالمية الثانية كانوا مسلمين, وظهر الجيش الأحمر الروسي في قاعدة الظهران العسكرية وألمانيا النازية كافرة، وبعد الحرب أُكتشف الروس بأنهم غير مطهرين، فأصبحوا كُفاراً والطرد مصيرهم من قاعدة الظهران العسكرية، والربا كان محرماً في إمارة الدرعية وأصبح في نظام بني سعود حلال وبمسمى بدل خدمات، والزكاة كانت ملزمة في إمارة الدرعية وبمقدار 2.5 % وفي النظام السعودي خفضت إلى 1.5 %.. ونظام الملوك حرام لاستعصاء مملكة الحجاز الكافرة، لكن أصبح الملك السعودي مقدس والخروج عنه جريمة توجب الإعدام كما “الشهيد الشيخ النمر” و”الشهيد ناصر السعيد”.. وتمكنت حركات التحرر الوطني العربية الوطنية والقومية واليسارية من تحرير بعض الأقطار العربية من الإستعمار أو من الحكام العملاء، وتحولت إلى أنظمة جمهورية وطنية معادية للإستعمار والإمبريالية الأمريكية والصهيونية والأنظمة الملكية الرجعية التابعة للغرب… واستقلت سوريا ولبنان وتونس والجزائر واليمن الجنوبي، وتحولت العراق ومصر والسودان وليبيا إلى أنظمة جمهورية وطنية، واليمن صنعاء تحول إلى النظام الجمهوري.
وبعد فشل العدوان الثلاثي (إسرائيل، فرنسا، بريطانيا) على مصر 1956م، وافول الإمبراطورية البريطانية وتنامي حركات التحرر الوطني العربية تجاه الغرب والصهيونية والأنظمة الرجعية، ظهر مبدأ “أيزنهاور” في يناير 1957م والذي زعم بأن هزيمة بريطانيا وفرنسا خلق فراغ في الشرق الأوسط، وهذا المبدأ يعطي الرئيس الأمريكي “أيزنهاور” صلاحية إستخدام القوات المسلحة الأمريكية في الخارج دون إجراء مشاورات مع الكونجرس الأمريكي. والهدف من ذلك هو هيمنة أمريكا على الشرق الأوسط بقوة السلاح، ومحاربة حركات التحرر الوطني والأنظمة الوطنية الجمهورية، وطبق مبدأ “أيزنهاور” في لبنان 1958م فتم إنزال مشاه البحرية الأمريكية في لبنان لتطويق الأحزاب القومية العربية في لبنان، وانتقلت السعودية من الوصاية البريطانية إلى الوصاية والتبعية لأمريكا الصهيونية، وأصبحت الأراضي السعودية تحتضن قواعد عسكرية أمريكية، أسلحة ومشاه من المارينز الأمريكي، فكانت القواعد العسكرية في الظهران وخميس مشيط وجدة وتبوك والطائف وجبيل، وأصبح وأمسى النظام السعودي حصان طروادة لأمريكا الصهيونية في المنطقة وبكل الوسائل القذرة لمحاربة الثورات والأنظمة الوطنية والقائمة سوداء لهذا النظام وطويلة جداً.. نختار منها : –
1 – ضرب الثورة الفلسطينية المسلحة من مجازر أيلول 1970م في الأردن ولبنان 1975م ، 1982م والتي إنتهت بأوسلوا واعتراف فتح بإسرائيل والتقوقع في غزة والضفة الغربية وبوجود المستوطنات.
2 – القضاء على الوحدة السورية – المصرية (فبراير 1958م سبتمبر 1961م)
3 – إفراغ ثورة 23 يوليو 1952م المصرية من مضمونها القومي، بدء بإستنزاف الجيش المصري باليمن واستدعاء عدوان 1967م على مصر وفرض السادات نائباً لعبدالناصر، وتم اغتيال عبدالناصر ثم الإعتراف بإسرائيل في مارس 1979م “كامب ديفيد” ولتخرج مصر من دائرة الصراع العربي الإسرائيلي.
4 – إفراغ ثورة 26 سبتمبر 1962م اليمنية من مضمونها الوطني والقومي، بحرب أهلية أستمرت حتى 1970م، والتي إنتهت بسيطرة الإخوان المسلمين على السلطة في أغسطس 1965م ثم 1976م، واغتيال الحمدي الذي حاول إخراج اليمن من الوصاية السعودية وهيمنة مشايخ الإخوان على السلطة اليمنية.. الخ، ومحاربة النظام الوطني التقدمي في اليمن الديمقراطية والتي توجت بمؤامرة 13 يناير 1986م، ثم بالعدوان الشامل على كل اليمن ارضا وانسانا في 2015م مارس.
5 – وفي لبنان ساهمت السعودية بالتعاون مع إسرائيل في الحرب الأهلية اللبنانية 1975م بإنشاء وتسليح المجموعات اليمينية الموالية للكيان الصهيوني، ودعم جماعات مسلحة تناهض وتحارب المقاومة الوطنية والإسلامية اللبنانية..الخ، وأصبح لبنان منقسم على نفسه وبالمال والإعلام السعودي وتعاليم الوهابية التكفيرية، حتى وصلنا إلى مرحلة حزب الله (إرهابي) ونتنياهو (صديق!!).
6 – خلال ستة أشهر فقط وبحسب صحيفة الرأي العام الكويتية “السعودية تقدم 6 مليار ريال سعودي للعراق لدعمه بالحرب ضد إيران الثورة الإسلامية من أيلول 1980م – أبريل 1981م”.
فالسعودية تحارب وتقتل وتغتال وتمول الحروب الأهلية والإقليمية، وتحاصر وتنشر تعاليم الوهابية التكفيرية التي تفرق ولا تجمع في جغرافيا الأنظمة الوطنية الجمهورية، ومن جهة أخرى إسرائيل الصهيونية تقتل الفلسطيني واللبناني والسوري وتفعل ما تشاء وما تريد، والنظام السعودي لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم وفي أغسطس 1969م قامت إسرائيل بحرق المسجد الأقصى، والملك فيصل يرد بتأسيس “صندوق الجهاد” ضد إسرائيل أثناء إنعقاد مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية في جدة 4 مارس 1972م، فيما كان “التحالف الإسلامي” موجهاً ضد مصر العربية في ديسمبر 1965م، و “صندوق الجهاد” الموجه ضد إسرائيل تطور لاحقاً إلى مبادرة السلام مع إسرائيل، مبادرة ولي العهد فهد (مشروع السلام في الشرق الأوسط) في 7 أغسطس 1981م، مبادرة من ثمانية بنود محتواها دولتين إسرائيل وفلسطين على أساس حدود 1967م، ووفق قرار التقسيم للأمم المتحدة في 29 مايو 1947م، والعراق وليبيا والجزائر وسوريا واليمن الديمقراطية يرفضون المبادرة لإعترافها بالكيان الصهيوني، ورئيس الوزراء الإسرائيلي وصف المبادرة بأنها لا تساوي قيمة الحبر الذي كُتبت به، والمعاهدات الدولية مدتها حسب القانون الدولي 99 – 100 سنة، واتفاقية سايكس بيكو (واحد) تم توقيعها في مايو 1916م لتقسيم واحتلال الوطن العربي، والثورة العربية الكبرى أخترعها الإنجليز واعلنها العرب ضد السلطنة العثمانية، فكانت الثورة العربية الكبرى التي أعلنها ملك الحجاز والقوميين العرب في يونيو 1916م، وانتشرت الإنتفاضات والثورات العربية.. وكان ما كان، والآن وفي مكان ما من العالم، وكما قال هيكل تم توقيع إتفاقية سايكس بيكو (إثنين) في (يوم ؟) في شهر ديسمبر في سنة 2010م (ربما) وفي يناير 2011م أعلن الأعراب بداية ثورات الربيع العربي.
وتقدم التنظيم العالمي للإخوان يقود الثورات الملونة، وبقيادة أمير قطر والخليفة أردوغان، وتعثرت الثورات فتقدم الإسلام السعودي التكفيري النظام السعودي الرسمي والتنظيمات التكفيرية الدموية وتعثرت الثورات، فتم اللجوء إلى التحرير المناطقي المسلح طويل الأمد.. تحرير تعز اليمنية بالشهيد الأمريكي “نيكولاس بطرس” قائد شركة بلاك ووتر في اليمن والذي أستشهد في قاعدة العند، تماماً كما بدء الشهيد اليهودي البريطاني الكابتن ديفيد شكسبير في يناير 1915م بالتحرير المناطقي لحائل فقتله حاكم حائل البطل سعود بن صالح، واستمر التحرير المناطقي لواحات نجد وبالضباط “المؤمنين” إنجليزيين وصهاينة واشهرهم المؤمن “جون فيبلي” حتى تحررت حائل في 1921م من أهلها، وهكذا لم يتمكن عبدالعزيز بن سعود من التحرير المناطقي طيلة 14 سنة (1901م – 1915م) وتمكن المؤمنين الأنجليز من التحرير المناطقي لنجد في غضون 7 سنوات (1915م – 1922م) وبها أعلن عبدالعزيز بن سعود “سلطان نجد وملحقاتها”..الخ، مجرد مقاربة تاريخية موثقة.
وبالمثل كان التحرير المناطقي اليمني والسوري والليبي، نفس الأدوات والأهداف سابقاً، كيانات وطنية وحالياً كيانات مناطقية طائفية.. يُقال التكرار يُعلم الحمار.. وإذا لم يتعلم الحمار فماذا يصبح!.. حقاً لا أعرف، والحكم للقارئ الكريم.
وللإستدراك وحتى لا نقع في محظور التعميم وتوابعه بحق أسرة بني سعود مردخاي، واسرة شالمان القرقوزي آل الشيخ الوهابي، فعبدالوهاب والد الشيخ محمد بن عبدالوهاب ناقشَ وجادلَ وعارضَ ولده محمد بخصوص التعاليم التكفيرية وكذلك شقيق محمد بن عبدالوهاب سليمان أصبح من أكثر الدعاة معارضةً لتعاليم أخيه التكفيرية حتى وفاته… ومن ضمن أسرة بني سعود خرج الكثير من هذه الأسرة وانشقوا وعارضوا وقاتلوا هذا الإسلام السعودي التكفيري، جنب إلى جنب مع قبائل نجد وحائل وشمر، سواء في زمن إمارة الدرعية أو إمارة الرياض، وأطلق على هؤلاء إسم “العرايف” من قِبل إخوانهم بني سعود، “والعرايف” هي الإبل التي يستولي عليها البدو بعد عمليات الغزو والنهب والسلب للقبائل الأخرى، ويتم إستردادها بعملية غزو مضادة هكذا كان بني سعود التكفيريين، يتحدثون عن إخوانهم وأبناء إخوانهم، الذين ينكرون عليهم أفعالهم التكفيرية، وبالتاريخ الحديث وتحديداً في 1960م، ظهر من ضمن الأسرة السعودية أربعة من الأمراء الشباب يتزعمهم طلال بن عبدالعزيز، واطلق عليهم لقب “الأمراء الأحرار” وخرجوا عن النظام السعودي الإستبدادي، متأثرين بالمد القومي العربي، وطالبوا بإصلاحات النظام السعودي واخراج القواعد العسكرية الأمريكية من السعودية وتأميم الشركات وإعلان الملكية الدستورية، لكن إنتهت هذه الحركة إلى الإنكفاء… وفي 25 مارس 1975م أطلق فيصل بن مساعد بن عبدالعزيز ثلاث رصاصات على عمه الملك فيصل وأرداه قتيلاً، وردد هذا القول وهو يقتله “خذها واحدة بإسم الشعب الذي أذللتموه، وخذها ثانية بإسم الإسلام الذي زيفتموه، وخذها ثالثة بإسم شقيقي خالد الذي قتلتموه” (المرجع – تاريخ آل سعود لنصار السعيد صفحة 972).. وخالد بن مساعد بن عبدالعزيز نظم ثورة إسلامية ضد أسرته الفاسدة سنة 1966م، فقتله رجال الشرطة أثناء إحدى المظاهرات.. لذلك اقتضى الاستدراك للتاريخ والتاريخ فقط، بعيداً عن عواطف الكره والمحبة.
Prev Post
قد يعجبك ايضا