> العدوان يغتال الطفولة في اليمن
> اليونيسيف: الأطفال أكثر المتضررين من العدوان، والملايين شردوا مع أسرهم
تحقيق/ زهور السعيدي
هناك في مقبرة المشهد بشعوب ترقد أسرة الشهيد حفظ الله العيني مع زوجته وأبنائه الثمانية الذين استشهدوا في قصف طائرات العدوان السعودي يوم الجمعة الموافق ١٨ /٩/ ٢٠١٥ م في صنعاء القديمة ..
أصبحت مقبرة هذه الأسرة التي تبدو في هذه الصورة الفوتوغرافية التي التقطتها الثورة مزاراً لكثير من أبناء العاصمة صنعاء وهم يستذكرون وحشية وهمجية العدوان الغاشم الذي لم يستثنى صغيراً ولا كبيراً ..
حدثت هذه المجزرة عندما كان الأب يتناول طعام العشاء مع أولاده في تلك الليلة المشئومة التي تحولت بفعل غارات العدوان إلى شهداء قابعين مع بعضهم جنباً إلى جنب في هذه المقبرة إلى يوم القيامة ..
ضريح هؤلاء الأطفال وهذه الأسرة التي أخذت ركناً في مقبرة المشهد ليست الوحيدة بل هناك عدد كبير من الأطفال يرقدون رقدتهم الأبدية بجانب أسرهم وعائلاتهم في عشرات المقابر بمختلف محافظات الجمهورية بعد أن قضوا بسبب طائرات العدوان وصواريخه سواء في العاصمة صنعاء أو في بقية المحافظات
المتضرر الأول
كان الطفل اليمني حاضراً في كل جريمة أو مجزرة اقترفها العدوان السعودي منذ أيامه الأولى حيث يتصدر الطفل والمرأة قائمة الضحايا سواء في استهداف المنازل أو الأسواق أو المرافق العامة أو الطرقات ولعل آخر ضحاياه الأطفال ال 24 الذين سقطوا في مجزرة سوق الخميس بمديرية مستبأ حجة يوم الثلاثاء الموافق 16 مارس 2016 م والذين كانوا ضمن مئات الشهداء ..
ووفقاً لآخر الإحصائيات فقد بلغ عدد الشهداء من الأطفال 2181 شهيداً و 1962 جريحاً من أصل 25446 مدنياً سقطوا شهداء وجرحى بغارات وقذائف العدوان بينهم 3350 امرأة.
وتقول اليونيسيف: إن أطفال اليمن دفعوا أثماناً باهظة للحرب التي شنتها دول تحالف العدوان على اليمن وبحسب تقارير المنظمات الدولية فان الأطفال والنساء كانوا وقوداً لهذه الحرب فمات منهم الآلاف وأصبح الآلاف معاقين ومشوهين ومنهم الملايين من شردوا من ديارهم مع أهاليهم وأصبحوا خارج المدارس إضافة إلى أن الملايين من الصغار باتوا أمام مخاطر حقيقية لسوء التغذية وتفشي الأمراض بسبب نقص التغذية والدواء وانعدام البيئة الآمنة .
وأكد القائم بأعمال الممثل المقيم لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” ميرتشل ريلانو في مؤتمر صحفي عقد بصنعاء يوم الخميس 17 مارس 2016 م بأن أكثر من ( 2000 ) طفل تقريبا سقطوا خلال الحرب .
وصنف تقرير أممي صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (اوتشا) الأطفال في اليمن بأنهم أكثر الفئات التي تأثرت بالعدوان .
وأشار تقرير صادر عن منظمة رعاية الأطفال في اليمن يوم 4 إبريل 2015 م إلى أن العدوان الذي يشن على اليمن يضع الأطفال في وضع حرج جداً ويعرضهم لأشد أنواع العنف حيث تعرض مخيم المزرق الواقع في محافظة حجة لقصف أدى إلى مقتل 29 نازحا منهم 14 من الأطفال كما أن أغلب ضحايا جريمتي قصف منطقة فج عطان السكني وحي نقم بقنابل محرمة دوليا وذلك يومي 20 ابريل و 12 مايو من العام الماضي 2015 م هم من الأطفال والنساء مع العلم بان هاتين الجريمتين خلفتا اكثر من 150 شهيدا وأكثر من ألف جريح إلى جانب تدمير وتضرر أكثر من ألف ومائة مسكن في المنطقتين الآهلتين بالسكان غربي وشرقي العاصمة ويشير تقرير اليونيسيف إلى أن العام 2015 م كان الأسوأ على أطفال اليمن حيث وضحت منظمة اليونيسيف في تقرير صدر عنها في أواخر ديسمبر 2015 م إلى أن نحو 1108 أطفال جريح و 9,9 مليون طفل باتوا بحاجة لمساعدات إنسانية وأنه يتضاعف يوميا عدد الأطفال دون الخامسة المعرضون لخطر الإصابة بسوء التغذية وبات نحو 319 ألفاً و 966 طفلاً عرضة لسوء التغذية الحاد .
مخاطر صحية
كما أشار التقرير إلى ان ما يزيد عن 7,3 مليون طفل بحاجة لخدمات الحماية والدعم النفسي كما تسبب العدوان في تدهور الوضع الصحي وانتشار الأمراض والأوبئة وعادت أمراض كانت اليمن قد تخلصت منها مثل شلل الأطفال وحمى الضنك .
وأشارت إحصائيات اليونيسيف إلى أن نحو 2,6 مليون طفل عرضة للإصابة بالحصبة ونحو 1,3 مليون طفل تعرضوا للالتهابات الرئوية الحادة و 2,5 طفل عرضة للإصابة بالاسهالات وما يزيد عن 900 مركز تطعيم من أصل ثلاثة ألف و 600 مركز أصبحت مغلقة وستة ملايين طفل خارج نطاق التعليم و 258 مدرسة دمرت بشكل كلي و 319 مدرسة دمرت أجزاء منها وأضحت غير ملائمة للتعليم .
اضطرابات نفسية
باعتبارهم الفئة الاجتماعية الأضعف والأكثر عرضة للانتهاكات يظل الأطفال هم الفئة الأكثر تأثراً بأجواء الحرب ومشاهدها المأساوية وصورها الدامية التي يكون لها آثار نفسية كبيرة في حاضر الأطفال ومستقبلهم وتقول الباحثة الاجتماعية أمة الملك الخاشب إن الآثار النفسية التي يتعرض لها الأطفال في اليمن قد تؤثر عليهم مدى حياتهم إذا لم يخضعوا للعلاج النفسي وتقول رئيسة قسم الخدمة النفسية والاجتماعية بمجمع 48 الطبي الدكتورة عبير الصنعاني إلى أن الأطفال يصعب عليهم التعبير عن حالتهم النفسية التي يمرون بها بسبب العدوان والقصف المستمر مما يؤدي بهم إلى مشاكل نفسية عميقة خاصة إذا لم يتمكن الأهل من احتواء الطفل ومساعدته على تجاوز حالته حيث إن العدوان قد سبب للأطفال المرض واليتم والتشرد والفواجع والمشاهد العنيفة وارتكاب أعمال عنف واضطراب في التعليم وقد تصاحب الأطفال أيضاً فوبيا مزمنة من الأحداث ومن أصوات الطائرات و أعراض مرضية مثل قلة النوم وكوابيس وصعوبة في التنفس وصداع وتبقى مشاهد الحرب الدامية حبيسة عقل الطفل وتتسبب في زعزعة نفس الطفل وأمنه مدى الحياة وإذا لم يتم تداركه وعلاجه يبقى هذا الأثر في نفسه ويتفاقم بمرور الزمن ويتحول إلى آفة نفسية خطيرة لا يستطيع الطفل الشفاء منها إلا بعد زمن طويل وأن الأهل إلى جانب الأخصائيين يلعبون دوراً أساسياً في دعم وإعادة الطمأنينة إلى نفس الطفل التي