الإسعافات الأولية.. حقيبة الصمود في زمن العدوان
مختصون:معظم الحالات والإصابات التي تصل إلى أقسام الطوارئ تعاني من إصابات كان بالإمكان تفادي خطورتها
أطباء: التعامل السليم من قبل المسعف يقلل من خطورة الإصابة
مواطنون: يلومون المدارس والجامعات لتقصيرها في عدم ادراج الاسعافات ضمن مناهجها
تحقيق: وائل الشيباني
* لم يعد أحد بمأمن من التعرض لإصابة خطرة بسبب همجية طائرات العدو التي تفتقر لأدني معايير الإنسانية، لذا من المهم على كل من يستطيع تعلم أساسيات الإسعافات الأولية ألا يتوانى في القيام بذلك حتى يتمكن من مساعدة أسرته وجيرانه وكل من استطاع أن يمد لهم يد العون في وقت الحاجة بدلاً من الإضرار بهم حين يقوم بإسعافهم بطريقة عشوائية قد تحول حالتهم الصحية للأسوأ وربما تقتلها …. أهمية الإسعافات الأولية والأخطار الناتجة عن الإسعاف الخاطئ على المصاب وغيرها من التفاصيل تجدونها في ثنايا التحقيق التالي.. لنتابع..
“لم أصب بحيرة كالتي أصبت بها يوم قصف جبل نقم..!!”.. هكذا استهل صلاح البجلي حديثه عن غصة أميته في مجال الإسعافات الأولية، حيث تجمد الدم في عروقه وهو عاجز عن مساعدة شقيقته النازفة جراء إصابتها لحظة قصف جبل نقم من قبل العدوان السعودي.. وأردف قائلاً : بعد قصف جبل نقم تطايرت النوافذ بسبب الضغط الهائل الذي خلفه ذلك الانفجار فسقطت إحدى تلك النوافذ على شقيقتي الكبرى فأغمى عليها على الفور وتعرضت لعدد من الجروح وكانت الدماء تنزف من يدها ورأسها خفت كثيراً ولم اعرف كيف أتعامل مع الموقف فشقيقتي كانت طريحة على الأرض والدماء تنزف منها وقفت عاجزاً وذهبت لجيراني استنجد بهم فأتت إحدى جاراتي وتعاملت مع الحالة واستطاعت وقف النزيف وإيقاظ شقيقتي من الإغماء برغم من أنها معلمه لطلاب المرحلة الابتدائية وبعد أن سألتها عن سبب قدرتها على التعامل مع ها كذا حالت أخبرتني أنها تلقت دوره في الإسعافات الأولية عرفت بعدها قيمه مثل هكذا دورات.
مضيفاً: هذا الموقف دفعني إلى السعي لمحو جهلي وأميتي في مجال الإسعافات الأولية، والآن أستطيع التعامل جيداً مع الحالات المشابهة بعد أن تعلمت أساسيات الإسعاف الأولي في إحدى الدورات لهذا أتمنى أن يتعلم الجميع طرق الإسعافات الأولية فهي مفيدة خاصة في ظل هذه الأوضاع..
دافع إيجابي
هذه الحالة لم تحدث لصلاح فحسب بل أن الكثير من الشباب البعض أصيب بالإحباط حين وقف ساكناً أمام من يحب غير قادر على مساعدته أثناء تعرضه للإصابة وتمنى حينها أن يكون قد تعلم أساسيات الإسعاف الأولي بدلاً من الجلوس عاجزاً أمام ما حدث، غير أن هذه الحيرة شكلت دافعاً إيجابياً للشباب إلى تعلم الأساسيات الجوهرية للإسعافات الأولية.. وهذا ما أكده لي بعض ممن عانوا من نفس المشكلة وتمنوا أن لا يقف احد بموقفهم داعين كل شخص قادر على تعلم ماهية الإسعافات الأولية أن لا يتأخر ثانية واحدة عن ذلك خاصة في ظل هذا الوضع المأساوي الذي يعيشه أبناء اليمن جراء القصف المتواصل على بلادنا وقبل أن لا يقع الفأس بالرأس على حد وصفهم .
فماجد العامري- مسؤول علاقات عامة في إحدى الشركات الخاصة يقول في هذا السياق: أنا كغيري من اليمنيين ما زلت لا أدري عن ما هي الإسعافات الأولية فأنا لم أتعلمها في المدرسة ولا في الجامعة فكيف سأفيدكم بطرق الإسعاف الصحيح والتعامل مع الحالات التي تتعرض لحادث أمامي أو حتى مرض حالة الإغماء..
وأضاف: من المهم أن يتعلم الجميع طرق الإسعافات الأولية الصحيحة فإذا كنا نحن لم نتعلم أساسيات الإسعاف السليم فمن المهم أن يتعلمه ابناؤنا وإخوتنا الصغار سواء في المدارس أو في الجامعات أو حتى بتشجيع المعاهد الخاصة بالقيام بدورات تدريبية في نفس هذا المجال فلم يسبق لي أن صادفت إعلانات في الشوارع أو بروشور يعلن فيها أحد المعاهد عن فتح باب التسجيل في دورات الإسعافات الأولية وهذه الأسباب هي التي أدت إلى ضعف الوعي الصحي من قبل المواطن بالإضافة إلى تخاذل الجهات المسئولة عن التعليم والصحة في البلاد فإذا ما عرفت تلك الجهات دورها وعملت بشكل صحيح في تعليمها مبادئ وأسس الإسعاف الصحيح فإن الأخطار التي يتسبب بها الجهل بهذا الشيء على المصاب ستقل لا محالة..
تأنيب الضمير
مازال تأنيب الضمير يصاحب سليم الذي كما يقول كان السبب وراء كسر ساق صديقه نهائيا فحالة الخوف إصابته بعد سقوط احمد اعز أصدقائه من سور منزلة والتسرع في جر صديقه بطريقه قاسية صوب دراجته النارية لإسعافه إلى أقرب مشفى هي السبب وراء تفاقم حالة صديقة العزيز كما قال له الطبيب فلو كان سليماً قد تعلم ماهية الإسعاف الصحيح لما أضر بصديقه بدلاً من أن ينفعه.
سليم وغيره الكثير وقعوا ضحية الجهل وعدم المعرفة الكافية بقواعد وأساسيات الإسعاف الأولي وليس هو فقط بل هناك الكثير من الأمهات لا يعرفن كيفية التعامل مع الأمراض والحوادث التي يصاب بها أولادهن داخل المنازل ولا يعرفن ماذا يفعلن فيقفن مكتوفات الأيدي حتى يتم طلب العون أو انتظار عودة الزوج.
ضرورة التعلم
حالات كثيرة أصيبت بالشلل وأخرى لاقت حتفها نتيجة الإسعاف الخاطئ هذا ما أكده الدكتور صالح طبيب قسم الطوارئ بمستشفى حدة ويضيف: كان بالإمكان أن نتلافى تلك الإصابات دون وقوع أضرار جسيمة كالشلل وغيرها إذا ما أحسن المسعف التعامل مع المصاب ولكن للأسف جهل بعض المسعفين لأدنى مفاهيم الإسعافات الأولية يؤدي إلى تفاقم الحالة الصحية للمصاب أو المريض.
لذا أتمنى من الجهات المختصة أن تضع في عين الاعتبار هذه المسألة وان تخصص مادة لتعليم الطلاب سواء في المدارس أو الجامعات أساسيات الإسعافات الأولية وذلك لضمان التخفيف من انتشار هذه الظاهرة والحد من خطورته.
إرشادات
وبدوره أفاد الدكتور عبد الرحمن قشنون -أخصائي باطنية وأطفال عن أهمية الإسعافات الأولية وأنها تعتبر من أهم الأسباب التي تساعد في إنقاذ المريض من خطر داهمه فجأة وأضاف قائلاً: إن إيقاف النزيف وعمل التنفس الصناعي والعمل على تغطية الجروح برفق لمنع تلوثها أشياء مهمة يجب على المواطن أن يتعلمها بالإضافة إلى التمهل في أخذ المصاب إلى وسيلة الإسعاف والابتعاد عن نقل الحالة بصورة غير صحيحة كثني ظهر والرقبة في حالة تعرضهم للإصابة مما قد يؤدي للشلل وأحيانا أخرى للوفاة لذا من إلهم أن يتجنب المسعف العشوائية في نقل المريض أو المصاب إلى المستشفى وأن يتعلم أساسيات الإسعافات الأولية.
لذا ينوه قشنون أنه يجب على الشخص المسعف أن يعرف ما حدث للمصاب بالاستفسار وكذلك معرفة ملابسات الحادث للحصول على تشخيص تقريبي لإصابة المريض مثلا سقوط شخص من ارتفاع وفقدان حركة الساقين مصاحب لألم في الظهر كل ذلك يدل على اشتباه حدوث كسر في العمود الفقري وإذا كانت الإصابة في الرأس مع فقدان الوعي تدل على إصابة المخ (بارتجاج) أما في حالة إصابة جدار الصدر صاحبها عسر في التنفس فهذا يدل على إصابة قد تكون خطرة في هذا المكان وعلى المسعف أن يهدئ من روع المريض ويزيل اضطرابه بالكلمات المشجعة وأن لا يسمح بتزاحم الناس حول المصاب حتى يتمكن من التنفس وعليه أن يحاول إيقاف النزيف أو عمل تنفس صناعي وتدليك للقلب حسب الحالة لحين نقله للمشفى.
قليل من الوعي
معظم الحالات والإصابات التي تصل إلى أقسام الطوارئ يومياً تعاني من إصابات كان بالإمكان تفادي خطورتها بقليل من الوعي لدى المواطن هذا ما أكده لنا المسعف محمد الجرموزي الذي يعمل في احد مستشفيات العاصمة ويفيد بان الجهل بطرق الإسعافات الأولية من قبل المواطن أو المسعف يزيد الطين بله فالمسعف لابد له أن يكون على دراية بكيفية الإسعافات وقدرة على التشخيص الظاهر للحالة لكي يقوم بإسعاف المصاب أو المريض إلى أقرب مشفى ليهتم به الأطباء هناك وإذا النتائج في بعض الأوقات تكون عكسية خاصة إذا كانت الإصابة تحتاج إلى تعامل خاص من قبل المسعف وهو يقوم بعلم عكسه تماماً وهذا للأسف ما يحدث هذه الأيام وبسببه تعرض البعض للإعاقة المستدامة وآخرون فارقوا الحياة على يد مسعفيهم.
إجراء وقائي
على جميع أفراد المجتمع فئاته أن يتعلموا أساسيات الإسعافات الأولية وأن تكون هناك مادة أساسية في المدارس أو الجامعات تعتم بتعليم الجميع طرق وأساليب الإسعاف الصحيح وذلك لتجنيب المريض الضرر الذي يلحق به نتيجة جهل المسعفين من عامة الناس بأهمية هذا الإجراء مما قد يؤدي في آخر المطاف إلى تعرض المصاب بالشلل أو الموت ليتحول بعدها المسعف من منقذ إلى قاتل دون قصد منه وحينها لا ينفع الندم..