الزميل هيكل
محمد غبسي
رحل الأستاذ القدير محمد حسنين هيكل عن عمر لم تلطخه ميداليات نوبل، وتاريخ لم يقض أياً منه في تسول ونفاق أي من حكام دويلات الخليج والتي معظمهما بالتأكيد لا تمتلك تاريخاً أو عمراً بما يقارب نصف عمر الرجل .
حقاً لقد كان هيكل أكبر من كل تلك الدويلات، اسماً وحرفاً ووزناً، ولم لا فهو القلم العربي الوحيد الذي وصل للعالمية بنقاء وطهر حبره وصدق ووفاء أصله ومعدنه .
لعل أهم معجزة حصل عليها الراحل هي عدم تلطيخ اسمه بإحدى ميداليات نوبل والتي تمنح عادة للمجرمين والعملاء ودعاة التحرر الجنسي في دول العالم الثالث ، وتخيلوا معي لو أن الرجل حصل لا سمح الله على إحدى تلك الميداليات ماذا كان سيحدث !؟
كانت طفلة نوبل “الحجة توكل ” ستكتب عنه بالطريقة التالية : الزميل هيكل . هكذا كان تاريخ الرجل سيساوي صفراً، وبهكذا عبارة من الحجة توكل سيلحق به ما لجق بزملاء الحجة من عار وثبور وفشل لا تقف حدوده عند القبور ، ففي قائمها تلك : الزميل البرادعي ، والزميل زويل ، والذين رخصت أسماؤهم إلى ما تحت أسعار الطماط والفشار .
إنه كبيرنا هيكل الذي علمنا الصمت صمت الرهبان وعلمنا الكلام كلام الحق الذي لا يملك أحد ثمنه، سواء كان ملكاً أو رئيساً أو أميراً، إنه هيكل القلم الذي أصبح معلماً تاريخياً بحد ذاته ، القلم الذي صار سلاحاً مهماً في البلاد التي لم تهتد بعد لصناعة أي سلاح ولو لاستخدام الأطفال في ألعابهم الحربية بطبيعتها .
الرحمة على هيكل قلماً خالداً في ضمائرنا ووجداننا ما بقي للحق من معنى وهادياً لنا إلى صراط الحق والعدل والكبرياء .