احتيال وجهل وغياب رقابة

صيانة وبرمجة الهواتف النقالة.. طريق ممهد للسرقة..!

 وسائل التحايل: طلب مبالغ كبيرة لقطع غيار لا يزيد سعرها عن 100 ريال.. أو لتعريب الأجهزة والإعدادات
مهندسون: بيع الهواتف المستخدمة التي يتم استيرادها مدخل للنصب

يختلق عدد غير قليل من العاملين في مجال برمجة الهواتف النقالة وصيانتها طرقا جديدة ومبتكرة في عالم السرقة واستغلال جهل الكثير من الزبائن بخفايا تلك المهنة ويجرعون غالبية من يذهب إليهم الأمرين، سواء كان الخلل فنياً في الهاتف النقال الذي يحتاج للصيانة أو للبرمجة، وفي كلتا الحالتين يخرج المواطن من بين يد هؤلاء وقد أنفق الآلاف لإصلاح هاتفه المحمول.. بينما الخلل قد لا يستدعي طلب هذه المبالغ المرتفعة ..
وتصل حالات الغش إلى قيام البعض من العاملين في مجال الصيانة بإعادة الهاتف المحمول لمالكه دون أن يتم إصلاحه وبدون استرداد المبالغ المالية التي دفعها..

تحقيق – وائل الشيباني

وهنا نتتبع الأساليب التي يستخدمها بعض أصحاب محلات الهواتف النقالة في التحايل على الزبائن وشكاوى الناس في هذا الصدد.. وما الرقابة الممكنة لضبط هؤلاء المتحايلين؟
لا يعرف كثيرون في الهاتف النقال سوى طرق الاستخدام العادية.. بينما لا يفقهون في تفاصيل مكوناته والأعطال التي تطرأ عليه.. وهذا ما يشجع بعض ضعاف النفوس من محلات الصيانة والبرمجة على التحايل..خصوصا في أسعار قطع الهاتف المختلفة التي تتفاوت أسعارها من مكان إلى آخر.. أو جهل الزبون للطريقة التي يتم بها غيار برمجة الهواتف الذكية.
“كل ما أذهب صوب أحد المهندسين يعطيني رقماً فلكياً مقابل إصلاح هاتفي وكل مرة يثير الأمر فضولي وأتتبع أسعار القطع وأجد الفارق المهول مما اضطرني لرمي هاتفي المحمول في المنزل واستبداله بآخر جديد”.. هذا اختزال لمعاناة حسين البرتاني الذي يضيف متابعا: منذ فترة تعطل هاتفي المحمول من نوع أيفون عن العمل فجأة فقمت بأخذه الى أحد محلات صيانة وبرمجة الهواتف النقالة فأخبرني صاحب المحل أن هاتفي يحتاج إلى إعادة برمجة السفت وير وطلب مني مقابل ذلك مبلغ 1500 ريال وبعد أسبوع من المماطلة والملاحقة أعاد إليّ الهاتف كما كان وقال لي أنه قام ببرمجته وأن هاتفي لا يستجيب وأنه من الضروري أخذه إلى مهندس مختص في الصيانة لأن المهندس الذي يعمل في المحل لا يستطيع إصلاحه.
وحسب تأكيد البرتاني فإن صاحب المحل رغم ذلك رفض إعطاءه المبلغ الذي أخذه منه بحجة أنه قام بإنزال البرنامج المطلوب لكن الهاتف لم يستجب!
ظل البرتاني ينتقل من مكان إلى آخر محاولاً إصلاح هاتفه وكان كل مهندس يطلب سعراً مرتفعاً وكل واحد يقول إن قطعة معينة هي السبب وآخر ينفي ويقول أن الخلل يكمن في قطعة أخرى ويطلب منه مبلغاً أكبر من سابقه لذا قرر الاستغناء عنه وتبديله بآخر جديد.
سرقة وابتزاز
قصة أخرى عاشها حسن محيي الدين الذي أكد لكاتب التحقيق أن قصصه مع أصحاب محلات الهواتف النقالة كثيرة، فقد قاموا بابتزازه أكثر من مرة وبطريقة لا يستطيع الاحتجاج عليها يقول ممتعضاً: منذ شهر ونصف قمت بشراء هاتف جالكسي بخمسة وعشرين ألف ريال من صاحب أحد المحلات في حي الدائري وقال لي أن الهاتف جديد ولم يخضع للصيانة مسبقاً، وافقت على السعر وحينما اشتريته ذهبت إلى المنزل فلم أستطع استخدامه لأن لغة الاستخدام كانت الإنجليزية عدت إلى صاحب المحل ذاته قال لي إذا أردت أن تحول لغة الهاتف للعربية قم بدفع2500 ريال لا غير فقمت بذلك واشتريت شريحة يمن موبايل وحاولت أن أشغل الانترنت لكنه لم يعمل.
يتابع وشعور الامتعاض ذاته يسيطر عليه : عدت إلى صاحب المحل مرة اخرى ليخبرني أن الهاتف يحتاج تفعيل الثري جي وطلب مني 1000 ريال مقابل ذلك وافقت وعدت للمنزل بعد أن فعل لي خدمة الانترنت لكنه كان يعمل قليلاً ويتوقف، استمر يومين وتوقف الإنترنت عن العمل عدت بعدها لنفس المحل فأخبرته بالمشكلة ليدخلني في مشكلة جديدة هي أن الهاتف يحتاج لإعدادات الهاتف لكي يعمل الإنترنت بسلاسة وطلب مني 1500 ريال أخرى فدفعت له بعد شجار طويل وبعد ضمان عمل الانترنت بشكل طبيعي.
ويكمل محيي الدين بالقول : هكذا يقوم أصحاب الهواتف النقالة بسرقتنا وتعمد تغيير اللغة والعبث بإعدادات الهاتف حتى ندفع لهم المزيد فهم لا يكتفون بالربح المادي الذي يتحصلون عليه من بيع الهواتف ومستلزماتها فقد أعمى الطمع بصيرتهم.
طرق مبتكرة
لم يترك بعض أصحاب محلات برمجة الهواتف النقالة طريقة جديدة للنصب والاحتيال إلا وسلكوها هذا ما أكده مهندس الصيانة سلطان الشايف “هناك الكثير من مبرمجي الهواتف النقالة تركوا ضمائرهم جانباً وتناسوا تعاليم ديننا الحنيف في تحريم الغش والخداع فبات أغلبهم يبتكر طرقا جديدة لخداع الناس كأخذ مبلغ 1500 ريال والبعض أكثر من ذلك لتفعيل الإنترنت في الهواتف، بالرغم من أن بعضها لا يحتاج سوى لإرسال رسالة نصية إلى 11 -12 يكتب فيها تفعيل وحتى وإن كانت تحتاج لتفعيل الإنترنت من خلال برنامج فإن هذا سهل والبرنامج موجود في الإنترنت بالمجان لذا فأخذ مبلغ مرتفع يعد ابتزازا واستغلالا لثقة صاحب الهاتف بمحلات صيانة وبرمجة الهواتف..
وحول أساليب التحايل والنصب يؤكد الشايف أن هناك طرقاً كثيرة يعمل من خلالها بعض المبرمجين على خداع الناس يطول شرحها ولكن أبرزها يكون في تعريب الجهاز وإعدادات الهاتف وتفعيل خدمات الإنترنت وتحميل بعض البرامج للجهاز ومواقع التواصل الاجتماعي.
وبشكل أوضح يقول: يمكن أن نشاهد الاستغلال عندما يقوم بعض أصحاب المحلات بأخذ الهاتف المعطل من الزبائن بحجة برمجته وتركه كما هو لعدم قدرتهم على اصلاحه فيقومون بإعادته إلى صاحبه بعد أخذ المال بحجة أن المبرمج تحمل مشقة إرسال البرنامج وتنزيله ولكن الجهاز لم يعمل والتحجج بعطل آخر حتى لا يطالبه صاحب الهاتف النقال بالمال الذي اعطاه.
نصب مضاعف
نور الدين جار الله مهندس صيانة للهواتف النقالة لم يخف استياءه من بعض الممارسات التي يمارسها بعض المهندسين المختصين في الصيانة، واصفاً أيها بالاستغلال، وفسر ذلك بالقول : هناك قطع في الهاتف المحمول لا يزيد سعرها عن مائة ريال فقط وتركيبها لا يستحق العناء كسماعة الهاتف وقطع بيت الشاحن وما إلى ذلك وهذا العمل لا يكلف الكثير من الجهد والوقت أو حتى المال.
وطالب مهندسي الصيانة بعدم استغلال الزبائن والتحايل عليهم والاكتفاء بأخذ مبالغ معقولة.
جار الله يؤكد حالات التحايل ويقول: استغلال بعض ضعفاء النفوس من المهندسين ساعد عليه جهل الناس بسعر القطع.
واستطرد :العديد من الأعطال لا تحتاج لقطعة فقد تحتاج إلى تحمية بالكاوية ومن ثم كبسها وهذا لا يستغرق سوى دقائق وهناك من يقوم بتغيير المسامير الخاصة بالهاتف بأخرى جديدة مستخدما كيساً بلاستيكياً وغيره من المواد حتى لا يكتشف من يشتري الهاتف أن أحدهم قام بفك الجهاز وصيانته ليتمكن من بيعه بسعر الهاتف الجديد.
ومن بين وسائل التحايل والغش يضيف طرقاً أخرى: هنالك طرق كثيرة يستخدمها بعض مهندسي صيانة الهواتف المحمولة في عمليات الغش والاحتيال كتبديل القطع بأخرى مقلدة وطلب مبالغ خيالية لأشياء لا تستحق ذلك.
رأي الدين
رأي الدين فيه القول الفصل، يقول الداعية محمود قصيلة :منذ نعومة أظافرنا ونحن ندرك أن السرقة محرمة وهذا الأمر لا يختلف عليه اثنان من العقلاء على وجه الأرض..
ويعتبر من يقوم بمثل هذا العمل حتى وإن قام بسرقة قطعة صغيرة ورخيصة الثمن أو الخداع وطلب مبالغ مرتفعة لبرمجة الهواتف وهي بالأساس لا تستدعي أخذ الثمن المطلوب، آثم أمام الله أولاً وأمام نفسه والمجتمع ثانياً.
ويشرح قصيلة : من يقوم بمثل هذا العمل لا يسرق فقط وإنما يكذب ويخدع ويخون الأمانة التي تبرأت منها الجبال لإثمها الكبير وهذا ما يؤسف فعلاً خاصة وأن من يقوم بالسرقة والكذب وخيانة الأمانة مسلم وهو مدرك أن ما يقوم به محرم ولا أدري أي قلب يمتلك من يمارس مثل تلك الخدع والأكاذيب ولماذا يتناسى وجود الله المطلع على كل شيء.
ودعا قصيلة كل من يعمل بصيانة وبرمجة الهواتف النقالة الجلوس مع النفس فالمال الحرام ليس له بركة حتى وإن بلغ حجم الجبال.
ختاماً..
كما يبدو أن الجهات المختصة في حماية المستهلك غير قادرة على منع استيراد الأجهزة المستخدمة المعرضة أكثر من غيرها للتلف وبالتالي لا تستطيع مراقبة صيانتها فكثرة الأعطال التي تصيب الهاتف سواء في البرمجة او في الصيانة عائد إلى رواج بيع الأجهزة المستخدمة التي طغت على مبيعات الأجهزة الجديدة في الوكالات الخاصة.

قد يعجبك ايضا