د. الهبوب: استهدفنا أكثر من 5 ملايين طفل بلقاح شلل الأطفال وأكثر من مليوني طفل بجرعة الحصبة والحصبة الألمانية
تحقيق – أمل الجندي
رغم الظروف الإنسانية الصعبة التي تمر بها بلادنا من عدوان وحصار شامل، ورغم مخاوف المجتمع على إثر عنت العدوان الذي يدمر اليمن بشراً وشجراً وحضارة، من سلامة اللقاحات إلا أن الحملة الوطنية للتحصين، سارت على أكمل وجه محققة نجاحاً كبيراً، من حيث توفر لقاحات شلل الأطفال وبما يغطي 5 ملايين طفل يمني، بالإضافة إلى لقاحات الحصبة والحصبة الألمانية لثلاثة ملايين طفل..
التحقيق الصحفي التالي يسلط الضوء على سير الحملة الوطنية الحالية لتحصين الأطفال، مُعَرِّجاً على قراءة عوامل الإقبال والرفض لدى المجتمع اليمني في ظل ظروف العدوان والحصار الشامل…. فإلى التفاصيل:
رفض بعض الأسر لتحصين أبنائهم كان دافعه الظروف التي تعيشها بلادنا اليوم، فالبعض يتساءل: كيف بإمكان اللقاحات أن تصل بسهولة وهناك كثير من الأدوية التي تحتاجها اليمن لا زالت في حصار منذ أشهر”.
هذا ما لفتت إليه ربة البيت نجيبة عبادي التي رفضت تحصين أبناءها منذ بداية العدوان لعدم اطمئنانها لسلامة اللقاحات التي تأتي مروراً من دول العدوان.. مُعللة هذا الربط بتساؤلها: كيف بإمكاني أن أطمأن لهذه اللقاحات..؟ وهي تأتي من بلدان تحاول تدميرنا وقتلنا كل يوم بالتعاون مع آل سعود
أما سامي السلطان فيقول من جانبه: لم أكن في البداية مقتنعا بمسألة التحصين ولكن عبر الأخصائيين والمشرفين الذين أكدوا لنا أن اللقاحات سليمة وان الدول المانحة أرسلتها خوفا من أن يصل المرض إلى أطفالهم غير مسار تفكيري وتم تحصين أبنائي.
نسبية الوعي
ورغم ظروف ومخاوف المجتمع من اللقاحات التي تأتي مروراً عبر دول العدوان إلا أن هناك وعيا جيّدا لدى الناس عكسه الإقبال الذي شهدته مراكز التحصين، ولمسته الفرق المتنقلة عبر المنازل، لكن هذا الوعي وإن كان جيداً إلا أنه نسبياً إذ يختلف من منطقة إلى أخرى ومن محافظة إلى أخرى..
هذا ما أوضحه نشوان جباري -أحد العاملين في لجان الحملة للتحصين – مثبتاً أن هناك وعيا جيداً لدى عامة الناس بحملات التحصين، غير أن الوضع السيئ الذي فرضته الحرب على اليمن جعل بعض الأسر في قلق مستمر تجاه اللقاحات وقد قابلنا بعض الأسر التي فعلا رفضت تحصين أبنائ ها ولكن حاولنا إقناع البعض بصلاحيتها وما الهدف منها فهناك من رضخ للأمر واستوعب وهناك من رفض رفضا تاما فما كان علينا إلا أنه تم تسجيل الحالة والانتقال إلى مكان آخر لمواصلة حملتنا.
الرفض والتثقيف
الدكتور علي جحاف مدير صحة الأسرة بوزارة الصحة يؤكد أن هناك حالات رفضت التطعيم بسبب الأوضاع التي نعيشها في البلاد حيث ظهرت بعض الآراء من قبل بعض الأسر برفض مسألة التحصين ولكن حاولنا بقدر المستطاع تثقيفهم عبر المشرفين أو الشخصيات الاجتماعية الموجودة في المنطقة وفي الغالب كان هناك أكثر من 90% في الحملة الأولى تم إقناعهم بمسألة التحصين.
بعض الأسر لها مبرر عند سؤالها إنه كيف البلاد في أزمة ولا يوجد كهرباء أو محروقات ويتم حفظ اللقاحات بشكل سليم وكيف إن الأدوية محاصرة واللقاحات تصل إلى اليمن وحاولنا عبر الوسائل الإعلامية تثقيف الأسر صحيا بهذه الحملات إلا أن الظروف حالت بيننا وبين إيصال الرسائل الإعلامية بسبب الظروف الحالكة التي نعيشها.
وأضاف جحاف: رغم شمولية الحملة الوطنية للتحصين لعموم محافظات الجمهورية كاملة أو معظمها بالنسبة للتحصين ضد الحصبة والحصبة الألمانية، إلى أن هناك محافظات لم تبدأ بعد لعدم وصول اللقاحات إليها كسقطرى ولكن بعض المحافظات كعدن ولحج وأبين والضالع تم تمديدها باللقاحات والتعامل معهم بحيادية تماما حيث يتم توصيل كل المستلزمات بحسب الآلية المناسبة والملائمة واختيار من يقومون بالعملية من نفس المناطق منعاً للضرر الذي بإمكانه أن يحدث في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها اليوم.
وقال أيضاً : لكن ما لا تعرفه بعض الأسر هو أن احتياج اللقاحات ككميات لا يقارن بالاحتياج العام للأدوية والمستلزمات الطبية لأن الأدوية والمستلزمات الطبية يحتاجها السكان بالكامل لكن اللقاحات يحتاجها الأطفال أقل من سنة في الحالات الروتينية وتتم إضافة جرعة واحدة للطفل عندما يكون عمره سنة ونصف.
العدوان.. وتخزين اللقاحات
وفيما يتعلق تعامل الجهات المختصة بوزارة الصحة العامة والسكان مع تخزين اللقاحات في ظل ظروف الحرب والعدوان وأزمة المحروقات قال جحاف: لدينا جزء خاص بمخازن التحصين وحاولنا قدر المستطاع تأمين مادة الديزل حيث كانت في البداية عبر شركة النفط ثم اضطررنا إلى شرائه من السوق السوداء للحفاظ على ما تبقى لدينا من لقاحات.. وقد بلغ عدد جرعات التحصين ضد شلل الأطفال 5.776 الف بينما بلغ عدد جرعات الحصبة والحصبة الألمانية 3.173 ألف، بالإضافة إلى العاملين الذين يقومون بتنفيذ حملة التحصين ضد شلل الأطفال والذين بلغ عددهم 31.716 عاملا بينما العاملون على تنفيذ حملة التحصين للحصبة والحصبة الألمانية بلغ عددهم 8.206 عمال غير المشرفين.
وحول حصول الوزارة على اللقاحات خلال الفترة الماضية التي شهدت العدوان قال جحاف: تم امدادنا بلقاحات في شهر سبتمبر تقريبا منذ بدء العدوان وبعدها في شهر نوفمبر وديسمبر وخلال الفترة التي لم تصل الينا اللقاحات تم استخدام ما هو متبقي في المخازن من العام الماضي ولكن بعض اللقاحات وصل المخزون فيها الى الصفر لكن كنا قد مدينا المحافظات وبعدها أتت كمية عبر منظمة الأمم المتحدة التي تقوم بإدخالها عادةً منظمة اليونيسف.
5 ملايين طفل
ميدانياً تُنّفذ (15) ألف فرقة طبية و(30) ألف عامل في كل محافظات الجمهورية خلال الفترة (9 – 14 /12016م) مجريات الحملة الوطنية للتحصين ضد شلل الأطفال، والحملة التكميلية للحصبة والحصبة الألمانية، في إطار حرص وزارة الصحة ممثلة بالبرنامج الوطني للتحصين الموسع بالتعاون مع المنظمات الداعمة (منظمتي الصحة العالمية واليونيسف وحلف اللقاحات العالمي) والسلطات المحلية بالمحافظات وأمانة العاصمة على تلقي الأطفال للقاحات المطلوبة حفاظا على حياتهم في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها اليمن .
هذا ما أوضحته الدكتورة غادة الهبوب مديرة البرنامج الوطني للتحصين مؤكدةً في معرض تصريحها لـ الثورة: أن الحملة الوطنية للتحصين ضد شلل الأطفال يتم تنفيذها من منزل إلى منزل ، وفي المرافق الصحية والمواقع المستحدثة، خلال الفترة (9-11 يناير 2016م) في عموم محافظات الجمهورية وتستهدف (5) ملايين و 19 ألفا و 648 طفلا ، منهم من لم يحصنوا مسبقاً ضد هذا الداء والمواليد حديثا، أي جميعهم دون سن الخامسة.. فيما تنفذ حملة التحصين ضد مرض الحصبة والحصبة الألمانية في المرافق الصحية والمدارس وفي المواقع الصحية المستحدثة والفرق المتنقلة، خلال الفترة(9 – 14 /2016م) وتستهدف مليونين و 659 ألفا و 118 طفلا ومراهقا يتوزعون على (62) مديرية في (17) محافظة، مركزة على الفئة العمرية (ستة أشهر وحتى 15 عاماً) بالتحصين باللقاح الثنائي الجديد(اثنين في واحد) المضاد لمرضي الحصبة والحصبة والألمانية بمن فيهم جميع من سبق تحصينهم بجرعتي لقاح الحصبة خلال التحصين الروتيني المعتاد بالمرافق الصحية، و من أصيبوا مسبقاً بمرض الحصبة أو الحصبة الألمانية.. مشيرة إلى أن ميزانية الحملة الوطنية للتحصن تصل نحو 543.780.500 ريال.
وأوضحت الهبوب: أن الحملة شهدت اقبالاً جيداً مقارنة بتخوف وقلق بعض الأسر عن صلاحية اللقاحات من عدمها كما يتردد عند البعض حيث أكدت بأن اللقاحات تصل بشهادات المنشأ وبالوثائق التي تثبت سلامتها وقد تم فحص الجرعات بالإضافة إلى وجود أجهزة الكترونية لمتابعة وملاحظة درجة الحرارة من لحظة خروجه من المصنع إلى حد وصوله مخازن اليمن وبناءً على ذلك نطمئن الأسر بأن اللقاحات سليمة 100%.
الخوف من العدوى
وقالت أيضاً : الاهتمام خصوصا بشلل الأطفال وحمايتهم كونه إذا أصيب طفل واحد فإن عدوى المرض تصل إلى 20 طفلاً وهذا يجعل مستقبل أطفالنا في تهديد مستمر إذا حصل وأن دخل الفيروس إلى بلادنا… مؤكدةً بأن مساعدة الدول المانحة لنا باللقاحات ليس حبا في أطفالنا بل هو خوف على أطفالهم من العدوى لأن المرض موجود في دول أفريقية وشرق أوسطية كنيجيريا وغيرها.. ولذا فالجميع متخوف من أن يصل الفيروس إلى بلادهم فيقومون بدعم كل الدول التي بحاجة إلى هذه اللقاحات منعا لوصول المرض إليهم والشيء الآخر هو أن اللقاحات يتم شراؤها عبر منظمات اليونيسف الدولية التي تبذل مجهوداً كبيراً لدرجة أنها تعمل على استئجار طائرة خاصة لنقل اللقاحات.