إنعاش للحياة العامة، وفرصة أخرى للأمل
تحقيق/ عبدالله كمال
لم تتوقف حياته تماما بتوقف توفر البترول في المحطات بالسعر الرسمي، فهو الإنسان اليمني، بصبره وصموده وشموخه في وجه أي ظروف، إلا أن طول فترة عدم توفره أثر على إيقاع الحياة العامة، وتسبب في تعطيل الكثير من المصالح، وبالمقابل أنهك الكثير من المواطنين الذين توقفوا اضطراريا عند السوق السوداء، التي كان لها من اسمها النصيب الأوفر، بأسعارها الخيالية أو بالغش الذي ألحق بالمواطنين أضرارا كبيرة.. الأمر الذي جعل عودة البترول إلى المحطات بمثابة إنقاذ للناس من براثن الاستغلال، وبارقة أمل في عودة الحياة لطبيعتها.
عودة الحياة
لقد شهدت الحياة في العاصمة وغيرها من المحافظات نشاطا ملحوظا في مختلف مناحيها، وذلك منذ أن عادت شركة النفط اليمنية بضخ النفط إلى المحطات، وبالسعر الرسمي، ما دفع بالناس إلى المحطات المعلن تزويدها بالبترول، لتموين مركباتهم بالوقود واستئناف حياتهم ومصالحهم التي تعطلت بسبب عدم توفر هذه المادة الضرورية للحياة.
يقول محمود الوصابي، تاجر: بعد توفر البترول شهدت الأيام الماضية حركة كبيرة في الحياة العامة، وتحركت جميع الأعمال بشكل ملحوظ، ويمكن ملاحظة ذلك ببساطة من خلال حركة السيارات في الشوارع، حيث كانت الحركة شبه مشلولة، ما جعل السوق تعاني من ركود غير مسبوق، بعكس ما هو الحال اليوم، فمنظر الشوارع المزدحمة بالسيارات، يوحي بعودة الحياة إلى طبيعتها، رغم ما تعانيه البلاد من حرب وحصار، ما يدل على أن الإنسان اليمني عظيم ويحب الحياة، ومستعد لمواجهة أي ظروف.
يضيف الوصابي: لقد عاد إلينا الأمل بمجرد أن لاحظنا حركة الحياة، وشهد السوق تحركا في عملية البيع والشراء، وتمكن الناس من التنقل إلى أماكن أعمالهم، والأهم من ذلك أنهم تحرروا ولو جزئيا من كابوس السوق السوداء، تلك السوق التي تستغل حاجة المواطن، ولا سيما المضطر للشراء منها، وترهقه بأسعارها الخيالية، ولكن لا يزال لدينا الأمل في أن تتوفر كافة المشتقات النفطية، ويتم القضاء على السوق السوداء تماما، وذلك كفيل بإعادة الحياة إلى طبيعتها، والصمود في وجه أي عدوان أو حروب سواء كانت داخلية أو خارجية.
نتمنى الاستمرار
بدا المواطنون أكثر تفاؤلا بتوفير مادة البترول في المحطات رسميا، وبالسعر المقرر، وقد انعكس ذلك بشكل واضح لدى الكثيرين الذين تمكنوا من الحصول على ما يسد فاقة سياراتهم ويروي تعطشها للوقود، ذلك العطش الذي لم يكن بترول السوق السوداء بأسعاره الباهظة، ونوعيته الرديئة التي شابها الغش، إلا يزيده لظى، يقول محمد النهمي، مواطن: تبين لنا من خلال توفر البترول في هذه الأيام أن البترول وغيره من المشتقات النفطية بمثابة شريان للحياة، فبتوفر البترول تحرك الناس، واستؤنفت العديد من الأعمال، بعد أن كان الناس محاصرين بسبب عدم توفره بالسعر الرسمي، ولا شك أن المواطن لمس الفرق الكبير بأن أن يشتري البترول بالسعر الرسمي أو يشتريه من السوق السوداء بسعر يفوق السعر الرسمي بأضعاف، مما يشكل عبئا كبيرا على المواطن سواء في المواصلات أو في الخدمات الأخرى.
يضيف: لقد كان توفير البترول في هذا الظرف بمثابة إنقاذ للمواطن سواء من الاستغلال الذي يعانيه من تجار السوق السوداء أو تعطل الكثير من الأعمال وأعباء كلفة المواصلات المرتفعة.
مختتما: نتمنى أن تستمر عملية تزويد المحطات بالبترول بالسعر الرسمي، وأن يتم القضاء على السوق السوداء التي ألحقت ضررا بالمواطنين سواء من حيث الأسعار الباهظة، أو من حيث الغش الذي يتسبب في تخريب المحركات مما يكلف المواطن خسائر كبيرة جراء الأضرار التي تلحق بمحركات سياراتهم.
عائد للعمل
أعمال تعطلت، وأشخاص وجدوا أنفسهم ملقين على رصيف البطالة، وأسر عرفت الفاقة إليها طريقا، نتيجة عدم توفر المشتقات النفطية، ولا سيما البترول، مثل توفره هذه الأيام عملية إنقاذ لهذه الأسر التي فقد معيلها مصدر رزقه وغدا عاطلاً، فعاد للعمل من جديد، كما هو حال المواطن توفيق قحطان، سائق تاكسي، والذي عاد ليعمل على سيارته، بمجرد أن عاد البترول إلى المحطات، بعد أشهر من المعاناة، يقول توفيق: منذ شهرين لم أتمكن من الخروج للعمل على سيارتي الأجرة، والتي هي المصدر الوحيد لتأمين احتياجات أسرتي، وذلك بسبب عدم توفر البترول في المحطات بالسعر الرسمي، حيث لا أستطيع شراءه من السوق السوداء نتيجة ارتفاع سعره، وعدم ضمان أن لا يكون البترول مغشوشا فيؤثر على السيارة، لذلك فضلت البقاء في البيت، حتى أعلنت شركة النفط عن توفر البترول بالسعر الرسمي..
يضيف توفيق: لقد كانت عودة البترول إلى المحطات بسعره الرسمي بمثابة عودة للأمل، حيث عدت للعمل على سيارتي، واستطعت توفير متطلبات الحياة لأسرتي، بعد أشهر من البطالة.. وأتمنى أن يستمر تزويد المحطات بالبترول حتى لا تتوقف حياة الكثير من الناس، لأنه ليس بمقدور كل الناس شراء البترول من السوق السوداء نتيجة لأسعاره الباهظة، فبالنسبة لي أنا جربت الشراء من السوق السوداء واشتغلت يومين، فلم أستطع أن أجمع ثمن البترول لكي أستمر في الشغل، ما جعلني أصاب بالإحباط والبقاء بدون عمل.
من ينظم؟
ما إن تنشر كشوفات توزيع مادة “البترول” ، حتى يسارع المواطنون بأخذ سياراتهم إلى المحطات التي تعلن تلك الكشوف عن تزويدها بكميات من البترول، مشكلين طوابير طويلة، حتى قبل أن تصل القاطرات، ويظلون بانتظار فتح المحطات لساعات أو أيام، منتظرين بداية التعبئة، فما إن تفتح المحطة وتبدأ بالتعبئة حتى يظهر أشخاص مسلحون على متن سياراتهم، ويبدأوا بالإخلال بالنظام، ومحاولة تجاوز الطابور والدخول قبل الناس، وكثيرا ما يتم لهم ذلك، بل ويتكرر الأمر مع الأشخاص ذاتهم، في حين أن البعض يمثلون عصابات، بدعوى أنهم من أبناء الحارة التي تقع فيها المحطة، ولهم الأولوية في التعبئة لمرات عديدة، بل وإدخال سيارات أخرى مقابل استلامهم مبالغ مالية كرشوة أو أجرة سمسرة.
عبد السلام داود، صاحب محطة، يقول: لا شك أن عودة توزيع البترول بالسعر الرسمي ساهم كثيرا في التخفيف عن كاهل المواطن، وعمل على تحريك الحياة العامة التي شهدت ركودا لفترة طويلة، وعاد الناس لأعمالهم التي تعطلت، ومنهم نحن أصحاب المحطات الذين تعطلنا غير مختارين، فلم يكن بأيدينا أي شيء، بل كان وضعا عاما، ألحق ضررا بجميع الناس، فلما وصل البترول فتحنا المحطات أمام الناس وهذا هو واجبنا وعملنا أيضا، فنحن أيضا متضررون من عدم توفر المشتقات النفطية حيث تتعطل محطاتنا وناقلاتنا وعمالنا.
ويضيف بالقول: نتمنى أن لا تتكرر الأزمة التي مررنا بها في المشتقات النفطية، فكما تلاحظ، عادت الحياة إلى الشوارع، وتحركت جميع الأعمال التي كانت قد شهدت ركودا كبيرا لشهور عدة، كما نتمنى من الجهات المعنية أن تكثف من جهودها في الرقابة على عملية توزيع البترول، وتمنع أي محاولة لعرقلة وصول البترول إلى الناس أو محاولة احتكاره لصناعة أزمات للناس، فالمواطن الذي لم يعد قادرا على الإيفاء بمتطلبات الحياة جراء الوضع الذي تمر به البلاد، ليس من العدل أن يضطر إلى الشراء من السوق السوداء التي تتطلب أسعاراً باهظة لا تتحملها قدرة المواطن.
دعوة لضبط العملية
ويختتم داود حديثه بدعوة لأصحاب المحطات، وللجهات الأمنية بأن يضبطوا العملية، ويعملوا على توزيع البترول حسب النظام ولا يسمحوا بالتلاعب بالبترول على حساب المواطن الذي يظل بالطابور لساعات طويلة وأحيانا لأيام لكي يمون سيارته، فيما يظهر أشخاص أو عصابات يحاولون أن يعبثوا بالنظام ويقومون بملء سياراتهم وتفريغها لعدة مرات، بغرض الاتجار بالبترول أو تخزينه تحسباً لأزمات قادمة، وهذا مما يجعل جهود الجهات المعنية لتوفير المشتقات النفطية تبوء بالفشل.
لم يكن خافيا ذلك الانتعاش الذي شهدته الحياة العامة ، كما لم يخفَ ارتياح المواطنين لتوفر مادة البترول في المحطات بسعرها الرسمي، غير أن الأمل لا يزال يحدوهم في الاستمرار بتوفير جميع المشتقات النفطية، لكي يتمكنوا من الانعتاق من كابوس السوق السوداء، تلك السوق التي لطالما أرهقت كواهلهم وتسببت لهم بخسائر وأضرار كبيرة، سواء بأسعارها الكارثية أو بما امتازت به من غش تسبب بالكثير من الخسائر.