استجداء الكرب!!

إبراهيم الحكيم
تبعث لقاءات الرئيس المستقيل عبدربه منصور هادي في عدن رسائل سلبية لا تبشر بانفراج سلمي قريب للازمة قدر ما تنذر بمزيد من التعقيد للأزمة والتمديد لتداعياتها قياسا بطبيعة اللقاءات وشخوصها ودلالات انعقادها وانعكاساتها.
لقاءات هادي المتسارعة في عدن لا تعكس دعم انهاء سلمي للأزمة القائمة قدر ما تعكس اذكاء لأزمة دائمة عبر استدعاء وصاية خارجية ونذر حرب أهلية لا تنفك اجواؤهما تنحسر محليا حتى تعود مجددا وبرياح إقليمية غالبا!!.
لا أقرأ وكثيرون مثلي ما يبعث على الطمأنينة في لقاءات هادي المكثفة منذ وصل عدن في ظروف لا تزال غامضة بعد ملازمته منزله في العاصمة صنعاء 30 يوما عقب تقديمه استقالته المفاجئة إلى مجلس النواب.
تصرح لقاءات هادي باستدعاء سلطة تخلى عن واجباتها ثم عن تقلدها باستقالة قدمها لمجلس النواب في 22  يناير الفائت خصوصا بعد إعلانه إعلاميا في اليوم الخامس والثلاثين على الاستقالة تراجعه عنها.
تعكس اللقاءات رهان هادي في استدعائه للسلطة على مسارين رئيسين: أولهما الاستقواء بالخارج واستجداء “الشرعية” مقابل استدعاء وصايته وتبعا املاءاته والثاني إذكاء عصبية قبيلة على اساس جهوي ومناطقي ومذهبي !!.
يظهر ذلك في لقاء هادي خلال 12 يوما مع مشايخ قبائل من محافظات شبوة وحضرموت والمهرة ثم أبين ولحج والضالع ثم مارب والجوف والبيضاء واخيرا يافع ولغاية تحرير ما وصفه علنا “العاصمة صنعاء المحتلة”!!.
جامع اللقاءات ليس “التحرير” فحسب بل وإنهاء “الانقلاب على الشرعية والتوافق والمبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني” الخ ما كان يملك سلطة انفاذه لولا انقلب عليه وتجاوزه خرقا وحرفا انتقاء وإرجاء تجميدا وتعطيلا وإلغاء!!.
وبقدر ما يبدو لافتا إصرار هادي ومن ورائه دول مجلسي الغبن الدولي والمن الخليجي على تسديس اليمن وحشد نزعات “استقلال الأقاليم” الفدرالية الستة بدا واضحا تقاطع انتماءات أو اتجاهات من التقاهم هادي سياسيا ومذهبيا!!
سلبية رسائل لقاءات هادي في عدن ودلالاتها  المجاهرة بـ “أما أن أحكم أو الحرب قبليا وقاعديا وعسكريا وتبعا الانقسام الى دولتين” بدعم خليجي واعتراف دولي أثارت أول ما أثارت قلق سكان محافظة عدن قبل غيرهم.
تجلى هذا القلق في خروج تظاهرات متعاقبة في مديريات محافظة عدن ترفض ما سمته “جر المحافظة إلى أي نوع من الصراعات” عبر رفضها ما اعتبرته “محاولات نقل العاصمة والسفارات إلى المحافظة”.
مع ذلك يظل الثابت أن اليمن لا يحتاج إلى استجداء الكرب عبر استدعاء الحرب ولا الاصغاء لقارعي طبولها الذين لن يشاركوا اليمن مآسيها وخسائرها بقدر ما يحتاج اليمن واليمنيون الاصغاء لصوت العقل والجلوس على طاولة حوار لا خوار.
حوار يمني خالص وطني مخلص يغلب مصلحة الداخل اليمني العام على مصالح الخارج الاقليمي والدولي وسماسرتها المحليين.. يغلب سيادة اليمن على تبعيته ووحدته على تمزقه واستقراره على اضطرابه وكرامة اليمنيين على هوانهم.

قد يعجبك ايضا