على مقربة من لا شيء

جميل مفرح


 - ترى ما الذي يريده السياسيون بعد.. أكثر مما وصلت إليه أوضاع البلاد من ترد مخيف¿ وأكثر مما مني به شعب كبير وصابر وصامت لا ناقة له ولا جمل مما وفيما يحاك ويدبر غير
ترى ما الذي يريده السياسيون بعد.. أكثر مما وصلت إليه أوضاع البلاد من ترد مخيف¿ وأكثر مما مني به شعب كبير وصابر وصامت لا ناقة له ولا جمل مما وفيما يحاك ويدبر غير العناءات المتتالية والمخاوف المتراكمة¿! ما الذي تريده السياسة بعد من شعب أعطى لها من الصبر والجهد والبذل مالم ولن يستطيعه سواه من شعوب العالم¿! ومن وطن رسم مستقبله على لافتات حضورها وتقدميتها وأحلامها التي كانت تركل الحدود بكلتا قدميها وتفتح النوافذ والمنافذ على كل متغير من متغيرات الواقع لتتجاوزه وعلى كل وامض من بروق الطموح وفي مواجهة كل متقلب من متقلبات الوقت والظروف¿!
ألم يستنفد السياسيون والسياسة معا ما كان متاحا من فرص المبادرة والاستدراك والإصلاح الكثيرة والكثيرة جدا ليثبتوا أنهم يستحقون كل عطاءات الصبر والتحمل وإتاحة الفرص التي بذلها وما يزال شعب أعيته الظروف التي حتى لم تعد متقلبة بل توقفت في خانات السلب والتراجع دون أدنى سبب يبرر لها ما تفعله في جسد الوطن من ندوب وعلامات وجراح أقل ما يمكن وصفها بأنها ظالمة وفي غير مكانها وهي تغزو هذا الكيان الطاهر وتتجمع في ركامات هائلة لا مستوعب لها سوى أفئدة اليمانيين .. تلك الأفئدة التي وصلت من اللين والرقة والحب والولاء حدا مفرطا أوصلها إلى ما تعيشه ويعيشه وطنها من مرحلة حرجة للغاية..!!
ألم يتعلم أولئك السياسيون مما يقدمه شعبهم من دروس في الولاء وحب الوطن والتضحيات الكبيرة جدا في سبيل إصلاح ما أدرك مساراتنا من أعوجاجات وتحدبات وانحناءات معيبة ومحزنة كنا في غاية الغنى عنها بل وفي أمس الحاجة إلى تحاشيها وتجنب آثارها ونتائجها التي ما كانت يوما ولن تكون يوما محدثة فرحة ولا سببا في بهجة بقدر ما أسالت من أجسادنا الدم والدمع حتى اختلط علينا مجرى كل منهما فنزفنا دمعا وبكينا دما ونحن في أعلى مرتبة من اليقين أننا لا نستحق شيئا من ذلك العناء بالمرة!!
ومتى ترى تتوقف تلك الأطماع الشرسة التي تبرق من أنياب السياسة وأهلها ومتى يتحول ذلك الجشع الذي يجري شلالات من لعاب الصراعات والخلافات من سموم قاتلة ومهلكة إلى ترياق قد يداوينا مما تراكم فينا وحولنا من علل واختلالات لا تعداد لها ولا مساحات لاتساعها¿! يصبح السياسيون مواطنين عاديين يشعرون بما يشعر به ذلك اليمني البسيط الذي ينتظر فرجا من ضيق ومخرجا مما وصل إليه الطريق من انسداد بالغ في السوء والقسوة والظلم والانتهاك معا¿! نعم متى يصير سياسيونا فلاحين وباعة على الأرصفة والعربيات وعمالا وعتالين ينهكهم الجوع ويأخذ الفقر ما استطاع إليه سبيلا من أجسادهم الضئيلة وأعمارهم المجهدة.. متى ليعرفوا ماذا يعني الوطن ويدركوا لماذا كل هذا الصبر الذي ينداح أشعة وأنهارا من القلوب والأفئدة الألين والأرق¿!
متى سيتوقف الجميع عن كل هذا العشق للعناء والوقوع في غرام الخيانات الرخيصة التي تعد من أهم العوامل والأسباب التي تضني البشرية اليوم بفجاجة قريبة جدا من الكفر حتى بأحقية الإنسان في حياة كريمة هانئة هادئة ولو في أبسط درجاتها ومستوياتها¿!
متى سيصبح الوطن وطنا حقا في عيون أولئك الذين لا يترددون لحظة عن عرضه وبيعه رخيصا في مزادات السياسة وحسابات وبورصات المنتفعين هنا وهناك¿! متى ستقبض قداسته على قلوبهم النافرة ويهشم حبه كل هذه الصخرية التي تجتاح هيئات مشاعرهم وعواطفهم شبه الميتة¿!
يمنيون¿! لم يثبت أي منهم منذ سنوات يمنيته ولم نستطع كلما فتشنا في وجوههم وصفاتهم أن نجد اليمن الذي يدعون الانتماء إليه!! وطنيون¿! لم نجد الوطن إلا في خطاباتهم النفعية الرنانة التي يتسلقون عليها.. بل الأصح ينتعلونها ليدوسوا على آمالنا وطموحاتنا ويركلوا بها كل غد آمن وجميل إلى مسافات مفتوحة أخرى من فيظ اليأس الذي كان من المفترض أن يكون ظلا وارفا للتفاؤل والحلم بذلك الوطن الافتراضي الذي ترسمه أحلامنا نائمين ومستيقظين!! وما نزال نشعر كل لحظة أننا بتنا على مقربة منه!!

قد يعجبك ايضا