من مدرب رياضي إلى سفير دولة عظمى

د/عبدالله الفضلي

 - في معظم دول العالم غير الإسلامية لم تعد الوظيفة العامة أو الوظائف الرفيعة حكرا على فئة معينة من الناس المقربين من مسؤولي الدولة أو الحكومة مثل أصحاب النفوذ ومتخذي القرار
د/عبدالله الفضلي –
في معظم دول العالم غير الإسلامية لم تعد الوظيفة العامة أو الوظائف الرفيعة حكرا على فئة معينة من الناس المقربين من مسؤولي الدولة أو الحكومة مثل أصحاب النفوذ ومتخذي القرار ,وغير صحيح أن هناك علاقة بين الحصول على الوظيفة وصلة القرابة فهذا النمط من التفكير غير موجود وغير مفعل في تلك الدول .لأن معيار الحصول على أية وظيفة عليا هو معيار الكفاءة والخبرة والتجربة والإبداع والرؤية الواضحة للأشياء والمواقف الثابتة بالإضافة إلى الالتزام الأخلاقي والقيمي تجاه الوظيفة العامة وتجاه المجتمع وبالتالي فإن الوظائف العامة والعليا في تلك الدول لا تعطى ولا توهب للأشخاص غير المستحقين لها إلا وفقا لمعيار الإخلاص للوطن وحب الانتماء إليه فضلا عن النزاهة والمصداقية والوفاء لوطنه ولمرؤوسيه وتنفيذ ما يوكل إليه من مهام وأعمال دون الانتظار لمكافأة أو شهادة تقديرية .
وتعد جمهورية الصين من الدول الصناعية الكبرى التي هيمنت على معظم الأسواق العالمية وغطت كل احتياجاته من السلع والأجهزة المختلفة وقد نجحت في الوصول إلى أعلى المراتب وباتت تنافس أقوى الدول الصناعية الكبرى في كل شيء بالإضافة إلى السباق النووي والاتجاه نحو الفضاء والأقمار الاصطناعية والصواريخ بعيدة المدى والطائرات العسكرية المتطورة وغيرها من الصناعات الثقيلة .
والى جانب ذلك كله فإن الحزب الشيوعي الصيني لم ينس الإنسان الصيني المبدع حيث تعمل الحكومة الصينية على تطوير قدرات وكفاءات طلبة المدارس والجامعات والمعاهد الفنية والصناعية والتجارية والمهنية كما ترفع من مستواهم العلمي والتقني وتؤهلهم للمستقبل حتى ينخرطوا في سوق العمل كما تعمل الحكومة الصينية على تأهيل الكوادر البشرية في شتى مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والعلوم الإنسانية والتربوية والرياضية والسياحية والإدارية وتصعد الكوادر المبدعة والمبرزة في عملها إلى أعلى المراتب في أي مجال حتى لو كان الشخص عاملا عاديا طالما انه عامل مبدع . والدليل على صدقية ما نقول أن السفير الصيني في اليمن تشانغ هوا الذي بعثته الحكومة الصينية مع مدربين رياضيين آخرين إلى اليمن في منتصف الثمانينيات حيث كان يقوم بتدريب النادي الأهلي في محافظة تعز قد أصبح سفيرا لبلاده في اليمن حيث عاد بعد سنوات قضاها في اليمن إلى الصين ثم تدرج في الأعمال الإدارية الحزبية وخدمة المجتمع الصيني وربما حصل على تأهيل سياسي عال وبعد مرور ما يقرب عشرين عاما عاد إلى اليمن ولكن ليس كمدرب رياضي وإنما كدبلوماسي وسفير لجمهورية الصين في اليمن ومن وفائه وحبه وذكرياته للنادي الأهلي الذي عمل فيه مدربا قام بزيارة تاريخية إلى مدينة تعز زار خلالها النادي الأهلي وتعرف على منشآته ومرافقه وصالاته الرياضية كما التقى بأعضاء النادي ممن تبقى منهم وأعرب لهم عن سروره وفرحته الغامرة بزيارته للنادي وهو سفير لدولة عظمى وبكل تواضع وسلوك حسن يجلس مع اللاعبين والإداريين وشجعهم على مواصلة التدريب والتأهيل لكل شباب النادي ورفع مستوى لياقتهم البدنية في جميع الألعاب الرياضية . وهاهو الآن يغادر اليمن للمرة الثانية وقد ربما يزورها مرة أخرى وقد أصبح رئيسا للوزراء.
هل رأيتم كيف تكرم الدول المتقدمة مواطنيها وترفع من شأنهم ومن مستوياتهم الثقافية والرياضية والسياسية خاصة المبدعين منهم,وبالتأكيد فإن السفير الصيني الحالي في اليمن (تشانغ هوا) كان من ضمن المبدعين الصينيين حتى وصل إلى مرتبة سفير وهل تحدث مثل هذه المفارقات في الدول العربية أن يتحول مدرب رياضي إلى سفير دولة .
وعود على بدء فإن الوظائف العليا أو الرفيعة في دول العالم غير الإسلامي هي وظائف تخضع إلى الكفاءة والقدرة والنزاهة والتعليم والثقافة والممارسة والخبرة وليست حكرا على المقربين أو المحسوبين على الحزب أو النظام كما هو الحال في البلاد العربية ¿¿

قد يعجبك ايضا