مجلس الدولة أولا

يونس الحكيم

مقال


 - ليس  هناك ما يبعث الأمل في نجاح أي تشكيل حكومي لأن مؤسسات الدولة نخرها لوبي الفساد بشقيه المالي والإداري ولأنها أصلا ليست مؤسسات دولة بمعناها الحقيقي أو بعبارة أوضح اننا سنصبح دولة طالما وأننا لا نملك مقومات الدولة المؤسسية.
خلال

ليس هناك ما يبعث الأمل في نجاح أي تشكيل حكومي لأن مؤسسات الدولة نخرها لوبي الفساد بشقيه المالي والإداري ولأنها أصلا ليست مؤسسات دولة بمعناها الحقيقي أو بعبارة أوضح اننا سنصبح دولة طالما وأننا لا نملك مقومات الدولة المؤسسية.
خلال العقود الماضية كان البعض يتحدث عن وجود دولة وهذا خطأ باعتقادي فمنذ قيام الثورة لم يفكر أحد ببناء الدولة إذا ما استثنينا فترة الرئيس الشهيد الحمدي الذي حاول أن ينقل منظومة الحكم من مشروع بناء السلطة إلى مشروع بناء الدولة وقد ارتبط ذلك تاريخيا بشخصه كونه عمل على إرساء مؤسسات لدولة تكون صالحة لكل زمان ومكان مثلنا مثل غيرنا من الدول ولقصر فترته فقد صنع للوطن وللأجيال ما عجز عنه من سبقه ومن أتى من بعده ولم يسعفه غدر الزمان لكي يستكمل مشروعه الوطني الكبير عبر إيجاد أهم الهيئات الوطنية المستقلة التي تمثل قوام العملية التأسيسية لبناء الدولة.
إن من الأهمية سرعة إنشاء وتشكيل أهم هيئتين مستقلتين على الإطلاق وبدونهما لن تقوم لنا قائمة, الهيئة الأولى هي هيئة قضايا الدولة وقد سبق لي أن أفردت مقالا سابقا في صحيفة (الثورة) الغراء بعنوان (إنشاء هيئة قضايا الدولة ضرورة ملحة) وأشرت إلى أن هذه الهيئة تمثل الدولة في الدعاوى المدنية وصدا منيعا للمال العام وليست بديلة عن هيئة مكافحة الفساد أو نيابة الأموال العامة فهي المناط بها تقديم الدعاوى المدنية وما أحوجنا إليها هذه الأيام فكل مؤسسات الدولة تشكو كل منها الآخر وتشكوان الآخرين, فالكهرباء تقول بأن مديونيتها يفوق المائة مليار وكذا الاتصالات تقول بأن مديونيتها لدى الغير بلغت أكثر من مائة مليار وغيرهن من المؤسسات, فلو وجدت هذه الهيئة لقامت بدورها في حماية المال العام ليس في تلك المؤسسات وإنما قد يشمل دورها أن تكون هي الطرف الوحيد دون غيرها في تعقب ومتابعة أي صفقات استثمارية أو منازعات حدودية مجحفة وأضرت بالمال دون أن يكون لها تأثير حتى من رئيس الدولة أما الهيئة الثانية وهي محور حديثنا فهي هيئة مجلس الدولة أو مجلس الدولة وهي هيئة قضائية مستقلة تعني بحل المنازعات الإدارية وتجاوزات السلطة التنفيذية وتعتبر القاضي العام في كل المنازعات الإدارية ولها سلطة في إلغاء القرارات الإدارية حتى وإن كانت صادرة من رئيس الجمهورية , وهذا المجلس موجود في غالبية الدول ومنها العربية وحتى الملكية منها وله اختصاصات محددة وقد يختلف من دولة إلى دولة, ففي مصر مثلا يتكون مجلس الدولة من الأقسام التالية :
?-القسم القضائي والذي يتألف من:
أولا : المحكمة الإدارية العليا والتي لا تختص بنظر المنازعات الإدارية المبتدآت كأصل عام وإنما تختص بالنظر بالفصل بالطعون المقدمة ضد الأحكام الصادرة من القضاء الإداري والمحاكم التأديبية.
ثانيا :محكمة القضاء الإداري:
ثالثا :المحاكم الإدارية : فهي تشكل من مجموعة من القضاة والمستشارين ولها جمعية عمومية. وأما في بلادنا فقد تم انشاء محكمتين إداريتين في كل من صنعاء العاصمة وعدن وتتكونان من قاض فرد يرأس كل جلسة ولا يوجد في المحكمة الإدارية في أمانة العاصمة سوى قاضيين اثنين منذ نشأتها:
رابعا : المحاكم التأديبية, وهي من وجهة نظري اهم المحاكم على الإطلاق وهي نوعين
الأولى : محاكم تأديبية للعاملين من مستوى الإدارة العليا ومن يعادلهم.
ثانيا: محاكم تأديبية للعاملين من المستويات الأول والثاني والثالث ومن يعادلهم. وتختص النيابة الإدارية في رفع الدعوى التأديبة ضد مرتكبي المخالفات المالية والإدارية أيا كانوا, وفي بلادنا يوجد محكمة إدارية كما أسلفت لكن لا توجد نيابة إدارية !!! بل لا يوجد أيضا قانون إداري!!!!
خامسا: هيئة مفوضي مجلس الدولة ويختص في تقديم ورفع الدعاوى القضائية ويجب على أعضاء الهيئة حضور كل جلسات المحاكم.
قسم التشريع : فلا يمكن صدور أي قانون إلا بعد مراجعته من قبل مجلس الدولة وإبداء الرأي الدستوري والقانوني حوله فكم من قوانيين صدرت بالمخالفة لأحكام الدستور وخير دليل الحكم الصادر من الدائرة الدستورية بعدم دستورية أربعة وثلاثين مادة من قانون السلطة القضائية بعد أكثر من عشرين عاما من العمل به وكذلك غالبية القوانين وتعديلاتها التي كانت تصدر بناء على رغبة مجموعة أو أشخاص .
في الختام آمل أن يلقي هذا الموضوع الذي طرحته كفكرة ومدخل أمام الجهات المختصة ولجنة صياغة الدستور لإعطائه أولى الأولويات لما سيكون

قد يعجبك ايضا