” بـقـالات” تـتـحـول إلـى صـيـدلـيـات .. “الــــوقــــوع فــــي الممنوع”


*أصحاب البقالات: نشتري المسكنات وأدوية المعدة من بائعي الخردوات

* أطباء: مخاطرها محققة على مرضى السكري والحوامل

● بخفة لا تعرف أي ضوابط .. تبيع البقالات بعضاٍ من الأدوية المسكنة .. وما شاكلها في تعدُ واضح على ضوابط تداول الدواء.. وتجاوز البديهية تخصص البقالة كمستودع للمواد الغذائية فقط وفي واقع كهذا ستبرز حزمة من الأسئلة الاستنكارية من نوع:
لماذا تباع الأدوية في محلات المواد الغذائية..¿ ولما لا تقوم الجهات المعنية بالرقابة على هذه البقالات ..¿ وما هي الأضرار الصحية التي قد يتعرض لها المواطن عند شرائه الدواء بشكل مستمر من هذه الأماكن دون وصفة طبية..¿ تفاصيل أكثر في التحقيق التالي:
إبراهيم البكيلي صاحب أستوديو تصوير بحي الدائري عانى من التعب الشديد طيلة إحدى الليالي بسبب تناوله لمسكن للرأس يباع في إحدى البقالات المجاورة له وقد تسبب له المسكن بألم شديد في معدته وغثيان صاحبه طيلة الليل وعند ذهابه إلى طوارئ مستشفى الكويت أخبره الطبيب أن هذا الألم عائد إلى تناوله حبة مهدئة قوية لم تقو معدته على احتمال مفعولها وذلك عائد إلى أن البكيلي مصاب بقرحة في المعدة .
أما قائد مشوار فقد أصبح مدمناٍ على تناول الحبوب الفوارة بصورة شبه يومية ويقول: كل ما شعرت بالألم في رأسي أو في مفاصلي سارعت لشراء حبوب فوارة ( سلبادين ) من البقالة حتى أصبحت مدمناٍ عليها لكنه يحاول جاهداٍ الابتعاد عنها بعد أن نصحه الطبيب بعدم المدوامة عليها لأنها قد تسبب له مضاعفات.
حرمة الإضرار بالآخرين
الداعية إبراهيم المخلافي -إمام مسجد التوحيد- مستاء جداٍ من هذه الأعمال التي يقوم بها أصحاب البقالات الذين يبيعون الأدوية للناس بشكل مباشر وأفاد المخلافي قائلاٍ: تصدر عمل له علاقة بصحة الناس من قبل أي شخص غير متخصص لا يجوز شرعاٍ لماله من خطورة على الغير ويأتي بالأمثلة ويقول: فالحداد لا يستطيع أن يقوم بعمل النجار وإن قام بذلك فإن الخطأ في العمل وارد بنسبة أكبر من الصواب قال تعالى (فِاسúأِلْواú أِهúلِ الذكúر إن كْنتْمú لاِ تِعúلِمْونِ ) والمقصود بأهل الذكر هنا هم كل من اختصوا بعمل ما كما أن هذا العمل قد يعد خيانة للمسلمين بطريقة غير مباشرة كونه يصرف أدوية قد تؤدي بحياة الإنسان إلى التهلكة وقد يدخل أيضاٍ في حكم القتل الخطأ قال تعالى (وِالِذينِ يْؤúذْونِ الúمْؤúمنينِ وِالúمْؤúمنِات بغِيúر مِا اكúتِسِبْوا فِقِد احúتِمِلْوا بْهúتِانٍا وِإثúمٍا مْبينٍا)..
ويختم المخلافي حديثه بالقول: من المهم أن يعي هؤلاء وغيرهم ممن يتصدرون عمل لا يتقنونه ولا يعرفون تفاصيله وقد يتسبب ذلك بأذية غيرهم وهذا العمل لا يجوز شرعاٍ ولا ننسى ما قام به الرسول صلى الله عليه وسلم عندما أتى إلى المدينة وشاهد أهلها يؤبرون النخل ( يلقحونها ) ثم قال دعوها فالله سيتولاها ثم أتى في العام الآخر ولم تثمر النخل فقال لهم رسول الله أنتم أدرى بأموركم وسمح بتأبيرها وترك الأمر لأهل المدينة كونهم ذو خبرة بهذا المجال .
مصدر الدواء
وليد مهيوب صاحب بقالة بشارع خولان أكد أنه يبيع الأدوية المهدئة بكل أنواعها وحبوب المعدة والفوار الخاص بالمعدة والأمعاء والمسالك البولية وقال إنه يحصل على تلك الأدوية عبر بائع الخردوات الذي يأتي إليه بدراجة نارية ليبيع له الأدوية وبعض الخردوات أو من خلال باعة متجولين يحملون كيساٍ على ظهورهم يقومون ببيع الأدوية للبقالات.
أما محمد وهو عامل في بقالة يفضل عدم بيع الأدوية في البقالة ولم يبدأ في بيعها كما قال إلا عندما كثر الطلب عليها من قبل أهل الحي مما دفع صاحب المحل لشراء الأدوية من الباعة المتجولين وبيعها في المحل وقال حاولت أكثر من مرة منعه من ذلك ولكنه رفض بحجة أننا في حالة لم نوفر كل ما يحتاجه المواطن سنخسر زبائننا .
جريمة
تعجب الدكتور محمد مجمل أخصائي باطنية عند معرفته أن البقالات تبيع الكثير من أنواع الأدوية وقال هذه جريمة كبرى فأنا دائماٍ أعترض على من يقوم ببيع وصرف الأدوية من الصيادلة غير المؤهلين كالعاملين بالخبرة داخل بعض الصيدليات وحاملي شهادة الدبلوم فكيف سيكون الحال بصاحب بقالة يتحول إلى طبيب يصرف الدواء بدون أدنى خبرة .
وقال ما يخيف هنا هو بيع المسكنات كا (البروفينيد ) للأشخاص الذين يعانون من قرحة في المعدة أو في الأثني عشر مما قد يسبب مضاعفات وهذا ما يحصل بالفعل لبعض المرضى بقرحة المعدة الذين تم إسعافهم إلى قسم الطوارئ أثناء عملي هناك وتابع حديثه بالقول : ليس هذا فقط فالمهدئات الفوارة تحتوي على مادة ( كوودايين ) وهذه المادة تؤدي إلى إدمان من يداوم على شربها بدون وصفة طبية وأثناء بيعها بعشوائية كما أنها تضر بالأم الحامل وتؤدي إلى مشاكل في قلب الطفل وعلى الحركات النفسية للأم.
وأشار الدكتور مجمل إلى أن هناك أمراضاٍ قد تشتبه على الأطباء أنفسهم كالمغص الكلوي أو المعوي ويفهمها البعض أنها أملاح ويذهب لشراء فوار المسالك البولية من البقالة أو من صاحب الصيدلية بدون دراية منهم وهكذا يكون الضرر الصحي محققاٍ عندما يصرف الدواء شخص لا يعرف التشخيص.
عشوائية
الصيدلي عبد الفتاح الصلوي يرى بأن ما يقوم به أصحاب البقالات أمر عشوائي قد يؤدي إلى إصابة بعض المرضى بمضاعفات وهذا غير مقبول حد وصفه خاصة وأنها تجاوزت الحدود وأصبحت تبيع المضادات الحيوية والبرستامول ( المسكنات ) وحبوب المعدة كالزنتاك واللوماك وفوار المسالك البولية والسلبادين وبعض المراهم الخاصة بالإصابات الرياضية كالأورام وغيرها والمشكلة الكبرى كما قال الصلوي إنها تباع بدون وصفة طبية حتى للأطفال .
أما الصيدلي ضياء المقبول فقد أكد على ضرورة معاقبة من يقومون بمثل هذه الأعمال الخطرة وحذر المواطن من شراء الأدوية من أصحاب البقالات وذلك لكونهم لا يفقهون شيئاٍ في الطب وقال: إن المشكلة هو بيع صاحب البقالة الدواء دون أن يعلم الجرعة المناسبة بحسب العمر أو إذا ما كان الدواء مضراٍ كأن يكون المريض مصاباٍ بالمعدة أو السكر أو للمرأة الحامل والطفل وغيرها من الأضرار الصحية التي قد تؤدي للخطر في حالة البيع العشوائي.
حملات الرقابة
مدير قسم الصحة البيئية احمد العواجي يؤكد على أن قسم الصحة البيئية قد قام بحملات ضد هذه البقالات بعد أن قامت وزارة الصحة ورعاية المستهلك بإنزال تعميم لمديريات وأقسام الصحة البيئية لمتابعة الأمر ولكن سرعان ما توقفت الحملات بسبب الأوضاع التي تمر بها البلاد كما أكد أن هناك بقالات وجدت بحوزتها كميات كبيرة من الأدوية وقام القسم بمصادرتها وتقديم البلاغ إلى النيابة لاتخاذ الإجراءات القانونية .
وأوضح العواجي أن مثل هذه الأعمال خارجة عن القانون وممنوعة من قبل وزارة الصحة العامة والسكان وتقوم النيابة بمعاقبة من يقوم ببيع الدواء في البقالات بدفع غرامة مالية تبلغ نصف قيمة المضبوطات من الأدوية داخل البقالة فإذا كانت الأدوية التي وجدت في البقالات تبلغ قيمتها خمسة آلاف ريال فإن الغرامة تكون ألفين وخمسمائة ريال .. وهكذا.
وتمنى العواجي أن تتفاعل وزارة الصحة العامة والسكان مع صحة البيئة من خلال التوعية بأخطار هذه الظاهرة على الإنسان سواء من خلال تكثيف جهودها في التوعية الإعلامية أو من خلال النزول الميداني المشترك معنا وغيرها من الوسائل المناسبة والتي من شأنها الحد من هذه الظاهرة المقلقة.

قد يعجبك ايضا