أحوال …
محمد المساح
ماذا تعني ألكتابه في زمن تضاءلت فيه ظاهرة القراءة ¿
لقد اختطفت الفضائيات عيون وعقول ووقت الإنسان المعاصر, وتحول ذلك الإنسان إلى كائن سلبي يتلقى ما يصب في عقله دون مجهود في البحث أو الإمعان أو التفسير ,وكان ذلك العقل مجرد معدة تبتلع دون أن تغنم ,رغم أن الطعام يتم امتصاصه ,كي يضرب بعناصره حتى النخاع .
ولقد فقد الإنسان المعاصر أيضا حياته الأسرية والاجتماعية فأمام شاشة التليفزيون يتجمع البشر دون أن تناج لهم فرصة الحديث أو النقاش, فكل واحد مختطف ويتولى التفكير بدلا منه, ويقدمون إليه الخبر والتحليل والرأي والتفسير حتى ينام كي يحلم بالكوابيس.
… في زحمة الحياة ,وضغط الحوادث والأحوال, لايكاد المرء يجد وقتا للتحاور مع نفسه , للتأمل والتدبر والإبداع فهو ترس يدور بلا توقف مملوء بالتوتر القلق مدفوع بلهاث خلف ما يراه وما قد يراه, مطحون باحتياجات متجددة ورغبات مكبوتة , وقد يمتلك بعض الأشياء أو تنقصه ولكنه لازال يجري .
قدمت له التكنولوجيا كل عناصر السرعة ,كي يختصر الوقت , ومع ذلك فليس لديه وقت !!
الطريف أننا استسلمنا أو تشبعنا بأبجدية هذا الزمن الذي أفقدنا إنسانيتنا وحرارة العاطفة التي تعطى للحياة , رونقا وبهجة ,وأملا في الغد , صرنا مثل التائهين في زحام من التائهين , نتكلم دون أن نتفاهم , نتنفس دون أن نحيا , نأكل ونشرب ونلهو كآلات مبرمجة بلا طعم لما نأكل ولا مذاق لما نشرب ,ولا بهجة فيها نلهو , ثم نتساءل أحيانا ماذا حدث للدنيا…..
منصور مرزوق