محمد عبدالملك .. الاقتصادي الإنساني

أحمد يحيى الديلمي

 - انتابتني الرهبة وتملكني الخوف وأنا أهم بالكتابة عن قامة فكرية وهامة إنسانية عظيمة مثل الشهيد الدكتور محمد عبدالملك المتوكل –رحمه الله- مبعث الرهبة والخوف أن أي حديث عن رجل
انتابتني الرهبة وتملكني الخوف وأنا أهم بالكتابة عن قامة فكرية وهامة إنسانية عظيمة مثل الشهيد الدكتور محمد عبدالملك المتوكل –رحمه الله- مبعث الرهبة والخوف أن أي حديث عن رجل بصفات وقيم وأخلاق المرحوم لابد أن يعتريه النقص فالرجل عاش حياة حافلة بالعطاء إذ جسد ثقافة التنوع والاختلاف بآفاق راقية اتسمت بالانفتاح الواعي والشعور المرهف بالمسئولية تجاه الوطن وتجاه الآخر المخالف في النطاق الإنساني بشكل عام فكان مثالا للإنسان المجبول على الصفح والتسامح المجسد لمعاني الحب الصادق لكل من يختلف معه متحرر من الضغائن والأحقاد.
كل هذه القيم جسدها سلوكا وممارسة في حياته وتعاملاته اليومية وهذا ما يجعل الحديث عنه يتسم بالصعوبة من كل في ظل الأوجاع المكدسة في فراغات الزمن الملطخ بتراب الفجائع قررت الحديث عن بعض ما أعرفه عن المرحوم فربما ارتقيت بذهني إلى درجات السمو العليا التي بلغها الدكتور رحمه الله.
وإن لم أحط بمضامين فكره وإسهاماته إلا أنني سأتطرق إلى جانب هام من جوانب حياته.
قيل الكثير عن المرحوم الشهيد الرجل الإنسان بكل معاني الكلمة صاحب الرسالة الصاداقة والوعي المستنير إلا أن ما كتب اهتم كثيرا بدوره الأكاديمي وإسهاماته الإبداعية كمتخصص في الإعلام وأستاذ في الجامعة إضافة إلى دوره النضالي المشهود في جانب الصحي الحفيف لإقامة الدولة المدنية الحديثة دولة العجالة والمساواة واستبساله في الدفاع عن الحقوق والحريات كأبرز ناشط حقوقي من الرعيل الأول.
الحقيقة أن كل ما قيل سفر بالغ الأهمية لا يمكن الإحاطة بمضمونه في عجالة كهذه إلا أنه شجعني للخوض في جانب هام من عطاءات المرحوم وإسهاماته التي أكد من خلالها شمولية الفهم لقضايا ومشاكل البلاد.
سأتحدث عن محمد عبدالملك الاقتصادي والتجربة التي جسدها المرحوم عمليا ورسم معالمها عندما آلت إليه حقيبة وزارة التموين والتجارة في زمن المرحوم الرئيس الشهيد إبراهيم محمد الحمدي لازلت أتذكر منذ جلس على كرسي الوزارة استغرق شهرا من الزمن لدراسة الأوضاع فيها والتقى بالموظفين والتجار ورجال الأعمال كما قال رحمه الله في اجتماع حضرته أنا (ماتقوم به الوزارة لا يتجاوز مهام عاقل حارة) لم يلق اللوم على من سبقه من الوزراء ولم يقدح في أحد بل على العكس شكرهم على الجهود التي بذلوها وقال: كل يعمل بقدر معرفته .. ثم أبلغ الموظفين أن عليهم من تلك اللحظة أن يدركوا حقيقة هامة مفادها أنهم يعملون في إحدى الوزارات السيادية المسئولة على الأمن الغذائي وأنها لا تقل شأنا عن وزارتي الدفاع والداخلية.
تبعا لنفس المفهوم انتهج أسلوبا وسطيا بين الاشتراكية والرأسمالية فأقر نظام المناقصات للمواد الخمس الأساسية (قمح دقيق رز سكر إسمنت) بعد ذلك شكل لجنة من المسئولين ذوي الاختصاص في الوزارة .. وأضاف إليهم ممثلين عن التجار تولت تقدير احتياجات البلاد من نفس المواد ومن ثم الإعلان عن المناقصات المتعاقبة لكل مادة تبعا للاحتياج بما يضمن وجود مخزون استراتيجي يجعل العرض أكثر من الطلب ويكفل الاستقرار للأسعار في السوق وهذا ماحدث فلقد كانت المسابقة بين التجار على أشدها في تلك الفترة.
ضمانات الجودة الوفرة والاستقرار:
الجودة:
لأول مرة في تاريخ اليمن تدخل فكرة الفحص المسبق للمواد التي يتم استيرادها بضمان الجودة وصلاحية الاستخدام عبر تكليف شركات دولية متخصصة تتولى الفحص المسبق وتتأكد من صلاحية المادة التي تدخل اليمن مقابل رسم رمزي كان يضاف على قيمة المناقصة.
الوفرة:
لضمان توفر المواد ومنع الاحتكار وعدم الاحتكار والمغالاة بادر إلى إنشاء كيانات قطاع عام هي المؤسسات التابعة للدولة والتي فعلا حققت التوازن في السوق وحاولت دون تفرد القطاع الخاص بعملية التسويق فالمؤسسات الحكومية كانت تأخذ معدل 60% من نسبة المناقصات وتنزل في الوقت المناسب إذا حدث أي اختفاء لأي مادة من المواد.
الاستقرار السعري:
تم إنشاء صندوق للتسويات يتكفل بضمان التوازن واستقرار الأسعار في السوق المحلية وفقد معادلة بسيطة كان الصندوق يأخذ الفائض في سعر المادة إذا تدنى سعرها في سوق العرض الدولية بالمقابل يغطي فارق السعر لأي مادة يرتفع سعرها في السوق الدولية بحيث لا يحس المواطن بأي تغير في السعر على المستوى الدولي محليا وفقا لنفس الآليات والمعايير.
شهد اليمن استقرارا في المواد الأساسية وأسعارها ولم يترك الحبل على الغارب بالنسبة لبقية المواد ففي حين الباب على مصاريعه لاستيرادها من قبل التجار بشكل مباشر إلا أنه شكل وحد

قد يعجبك ايضا