أخيرا أعلنت الحكومة وليس آخرا
يكتبها: علي بارجاء
بعد مخاض صعب وعسير أعلن عن الحكومة اليمنية التي طال انتظارها وكان التوقع بقبول الأطراف الموقعة على اتفاق السلم والشراكة الوطنية لهذه الحكومة بنسبة مائة في المائة ذلك أن هذه الأطراف قد اتفقت على عدم الإعتراض عليها بعد اختلافها وفشلها في تسمية الوزراء حين كان الأمر بأيديها وتخلت بمحض إرادتها عن المحاصصة التي فشلت في تحقيق أي تقدم يذكر بل كانت سببا في كل ما يشهده اليمن من صراعات وأزمات متعاقبة.
ولأن الاختلاف سنة من سنن الحياة وعادة يمنية أصيلة عبر عنها الشاعر الغنائي بقوله: (اتفقنا إننا لا نتفق) كما قلت في مقال الجمعة الماضية ولأن الحكومة لم تخل من وزراء كانوا في الحكومة السابقة لم تسلم هذه الحكومة _كما لن يسلم أي تشكيل قادم _ من اعتراض بعض الأطراف عليها وهو أمر جعل فرحة اليمنيين بإعلان الحكومة غير مكتملة مما يدل على أن الأزمة لم تنفرج بعد وأنه ربما يحدث شيء يعرقل بدء الحكومة في ممارسة أعمالها بأمان.
صحيح أن هذه الحكومة قد حظيت بترحيب ومباركة دولية وبخاصة من الأمم المتحدة ومجلس الأمن والدول الراعية للمبادرة الخليجية إلا أن مسألة اتفاق أطراف الأزمة اليمنية يبقى هو الأكثر أهمية ويبدو أنه من الصعوبة بمكان الموافقة على إجراء أي تعديل في الحكومة بما يرضي الأطراف المعترضة على بعض التعيينات فيها.
المتابع لردات الفعل داخل اليمن سيجد الانقسام حول ما إذا كانت قد توفرت شروط الكفاءة والخبرة والنزاهة في بعض أعضاء الحكومة أم لم تتوفر ولذا فليس من الغريب أن تتعدد الآراء في الشارع اليمني بين مؤيد ومعارض.
المواطن اليمني الذي يهمه أن تبدأ حلحلة المشكلات التي تعوق البلاد للسير إلى الأمام وتجاوز كل الأزمات التي تسببت في شل حركة الحياة في مختلف جوانبها خلال نصف عقد من الزمان وبخاصة في الجانب الأمني الذي يعد توفره شرطا رئيسيا لاستقرار البلاد وتطورها.
صحيح أن ثمة عدم التزام كامل بسبب بقاء بعض الوزراء من الحكومة السابقة ولكن إذا كان بقاء هؤلاء الوزراء هو توفر الشروط فيهم ونجاحهم في وزاراتهم السابقة وأن نقلهم إلى وزارات أخرى سيضمن نجاحهم فيها فلا بأس أن نغض الطرف عنهم على أن يظلوا تحت الرقابة في حال عجزهم عن تحقيق أي نجاح عندها يمكن تعيين غيرهم في تلك الوزارات فأهم ما ينتظره المواطن هو أن يرى تغييرا ملموسا في الواقع ينتشل الوطن من التردي الذي يزداد كل يوم وأن تنتهي التوترات والصراعات السياسية التي قد تتفاقم في حال استمرار المماحكات لتجر الوطن إلى ما لا تحمد عقباه وهذا ما يلاحظ في الأفق ويدور خلف الكواليس.
أدعو كل عقلاء اليمن شمالا وجنوبا _إن وجدوا_ إلى التدخل السريع للتوفيق بين الأطراف المتصارعة التي تريد أن تزج بالبلاد في حرب خاسرة لن يدفع ثمنها سوى اليمنيين أنفسهم.