الـحـب.. فـي زمـن الـحـرب
مفيد الحالمي

مفيد الحالمي –
– كنت ومافتئت أؤمن أن الحب في زمن الحرب له مذاق أكثر روعه وبرهان صادق على إنسانية الانسان .. وما أحوجنا في هذا الزمن المشحون بالصراع اللاإنساني لمثل هذا البصيص الإنساني الذي يهطل علينا من لا مكان ولا زمان :
( شكرا لأن الحب
هذا الرائع الولهان
يهطل من فضاء غامض
وتطل إشراقاته
من لا مكان
ولا زمان )
وهكذا هو ( كتاب الحب ) للدكتورعبدالعزيز المقالح الذي جاء في توقيت حساس صادف هوى في النفس ولامس احتياج مباشر لقلوب عطشى تتوق لإثبات إنسانيتها ولصدور خيم عليها القنوط واليأس بيد أنها ماأنفكت تصبو الى بارقة أمل تبرهن على أنه مازال في المخزون الإنساني متسع للحب وعوالمه الجميله .. وهذا الحيز المتبقي على ضآلته هو ماخشي المقالح أن ينقرض في متوالية الأيام اذا ما استمر هذا العبث البشري المتجسد في صراعات لامسوغ لها الا الغباء بسقفه المرتفع حد الذهول وبالتالي كان الباعث الرئيس الذي حدا بعملاق الأدب الى نشر كتابه النادر الذي سطره في زمن جميل ومرحلة متقدمة من عمره الا وهو زمن ميعة الصبا .. زمن لم يك فيه القبح قد كشر عن أنيابه بكل هذه الضراوه ولم يك فيه صراع الانسان مع أخيه الانسان قد تداعى ووصل الى هذا الحد المروع من الذي أضطرت معه حتى العصافير على الرحيل كتعبير مؤلم عن ما آلت اليه إنسانيتنا من بشاعه ووحشية ضاقت وتضيق ذرعا بكل مقومات الجمال .. وهو ماصدح به المقالح ذات تأمل شعري :
( لم يعد في البلاد عصافير
إما قضتú نحúبها
في المعارك
أو أنها هاجرتú
بعدما يئست من صلاح البلادú )
الجدير بالإشادة والثناء هي دار أروقه للنشر التي تتخذ من العاصمه المصريه القاهره مقرا لها لمالكها ومديرها الشاعر الرائع هاني الصلوي .. نعم لا أحد يستحق الثناء بعد عملاقنا المقالح سوى هذا الجميل هاني الذي حرص على طباعة هذا النتاج النادر كنبته بريه مهدده بالانقراض .. وسواء أكان توقيت إصدار كتاب الحب عفويا أم غير عفويا فإن خروجه للناس في هذا التوقيت يستمد أهميه خاصه كقيمه مضافه لقوة النتاج الشعري الإبداعي وأهمية ثقافة الحب التي قدمها لنا ديوان المقالح الجديد الذي جاء ونحن بمسيس الحاجه اليها .. جاء ونحن في خضم البحث عن ضالتنا المفقوده دون القدره على تحديد ماهيته والتعبير عنها :
( ليس في مستطاع الكلام
وان شف في سحرهö ورهافتهö
أن يضيف إليه
الى الحب
فهو الذي علم الكلمات الرحيل
الى حيث مالايرى
واصطفى الشعر
فاخضوضرت بالضياء
حروف اللغات )
جاء في هذا الوقت بالذات دون غيره ليطمئن الأصابع المرتعشه والقلوب المتوجسه والبطون المتضوره أن الحب هو المعادل الموضوعي للكثير من الجوع أو الخوف أو حتى الموت :
( لا تخف ياحبيبي من الموت
جوعا
لديك من الكلمات الكثير )
بل زاد على ذلك أن بلور الحب كحقيقة فلسفية عميقه وكسبب وجيه للموت تهون معه أسباب الموت الاخرى التي تتضائل أمام هذا السبب الذي لم يك يخطر على بال سبب مدهش لم يك في قائمة المحذورات :
( لا تخف ياحبيبي من الموت
محترقا
أو غريقا
ستقتلك امرأة
لابسيف اليمانيين
أو سم ساحرة
بل بعينين ذاهلتين
ومذهلتين ).
********
جاء كتاب الحب لينوب عنا في البوح بمكنوناتنا التي ما كنا نملك أن نبوح بها .. سيما في زمن يسلب من حرية التعبير في ذات الوقت الذي ينادي فيه بحرية التعبير على سبيل التعسف .. زمن لايسمح لنا حتى بالتأوه كأخر حقوق التعبير :
( زمن الآهات
ليس به نافذة للضوء
ولا شرفات للأحلام
زمن لاشعر بهö
لاحب بهö
لاشئ سوى الآهات )
جاء ليبكي بالنيابة عنا حبيباتنا الفاتنات والخادعات والخائنات والوفيات و الطيبات والماكرات والعابرات والماكثات في سويداء القلب دوما وأبدا .. فبعد استهلاله العشق بجارته التي تطعم قصائده الاولى للنيران .. وبين من هي أكبر منا ومن هي أصغر منا يقايض العاشق الشعر بالحب مع ثالثه تؤثر الشعر على الحب دونما إدراك أنهما وجهان لعملة واحده .. لذا يبحث العاشق عن حبيبة رابعه يبرهن لها أن الشعر ماهو الا مرادف للحب الذي لا يحده حد لكنها هذه المره كانت تتعمد ان تجلس في الصف الثاني لترقبه برموش تشوي به روحه وقلبه البرئ الذي حاول أن يتشيطن في باريس ( مع الخامسه ) دونما جدوى ليخرج بحقيقة وفلسفة جديده وهي ( أن الحب فضاء مفتوح لاجنس له أو دين ) .. ولأنه كذلك لأن الحب لاجنس له ولا دين ولا لون فقد عشقهاهذي المره بلون البن وما أروع الحب بنكهة البن حتى لو كنت تحت ثلوج نيويورك القارسه ..وهكذا ظل الحب له با