القوى التقليدية والدولة المدنية

أحمد الزبيري

 - في الوقت الذي يجب أن تتركز فيه جهودنا على تهيئة المناخات السياسية والاقتصادية والأمنية وخلق الأجواء الملائمة لتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني نجد من  يسعى لبقاء اليمن وأبنائه محشورين
في الوقت الذي يجب أن تتركز فيه جهودنا على تهيئة المناخات السياسية والاقتصادية والأمنية وخلق الأجواء الملائمة لتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني نجد من  يسعى لبقاء اليمن وأبنائه محشورين في زاوية منطق تفكيره الضيق مدفوعا بنزعات ثأرية انتقامية تحركها ضغائن وأحقاد إلى جانب أوهام الدفاع عن مصالح تكونت بفعل طغيان النفوذ السلطوي المختزل فيه مفهوم الدولة.  
 انطلاقا من ذلك  لا يفرق الذين يجسدون هذا التوجه بين السلطة والدولة التي اعتادوا أن تخوض صراعاتهم وحروبهم نيابة عنهم وبدلا منهم  غير آبهين  بإرادة الشعب وخياراته المعبر عنها في وثيقة الحوار الوطني الهادفة إلى تحقيق عملية انتقال سلس وآمن للسلطة مؤسسة على شكل ومضمون جديد للنظام السياسي يعكس واقعيا وموضوعيا متطلبات استحقاقات بناء دولة يمنية اتحادية راسخة وقوية وقادرة على إخراج الوطن والشعب ليس فقط من أزمات انتجتها تراكمات أخطاء أكثر من خمسة عقود ولكن أيضا من كل الموروث السياسي المتخلف المهيمن والمتحكم خلال هذه الفترة المهدرة والضائعة من حياة اليمن واليمنيين بالمعنى الزمني والاجتماعي لينتهي بنا تحالف القوى التي تصدرت المشهد السياسي لتمارس حكما وتحكما مستمدا شرعيته من خليط  تتمازج فيه الايدولوجيا الدينية والقومية واليسارية بصورة مشوهة جعلتها عاجزة عن إحداث تغير حقيقي  ينقل اليمن من سيطرة القبيلة والمنطقة والطائفة والمذهب إلى بناء الدولة التي فيها تتقوى بنى المجتمع المدني على حساب الجماعات التقليدية .
  ولا فرق بين الجنوب والشمال مع الأخذ في الاعتبار بعض الفوارق في الشعارات والتفاصيل فكان من الطبيعي أن لا تأتي الوحدة بالدولة المدنية لتنتصر في الصراع الذي تلا قيامها القوى التقليدية الأكثر تخلفا.
اليوم هي ذات القوى التي أجهضت الجمهورية لتقيم نظاما جمهوريا خاصا بها وحولت حلم الوحدة الجميل إلى واقع كابوسي مريع لليمنيين في الشمال والجنوب والشرق والغرب معممة ثقافة الكراهية عبر إذكاء الصراعات وإشعال الحروب العبثية واحتضان الإرهاب وبسلوكها وممارستها الفيدية الهمجية التي تتواصل من خلال اختلاق فتن جديدة تحت عناوين قبلية ومذهبية ومناطقية مستخدمة كافة أساليبها ووسائلها وأدواتها الماكرة وغايتها خلط الأوراق وإفشال التسوية وإبقاء وثيقة الحوار حبرا على ورق  بجر اليمن قيادة وجيشا وشعبا إلى حرب جديدة في فترة حرجة تستدعي من الجميع العمل من اجل السلام والهدوء والأمن والأمان ليتمكن شعبنا من اجتياز المنعطف الأخير في طريق بناء الدولة الاتحادية المدنية..وهو ما لا تريده القوى المتصارعة التي تختلف في كل شيء لكنها تلتقي في التطرف الذي لا يمكن فهمه واستيعابه إلا في سياق الاتفاق الضمني على تدمير اليمن ومستقبل أبنائه.

قد يعجبك ايضا