اليزنية والنواسية الحميرية

محمد صالح الحاضري


 -  نشأت النواسية عن تعاظم التحديات المصيرية أمام الدولة الحميرية نهاية العصر الحميري فتأسست اليهودية اليمنية السياسية وافرزت فترة الملك ذو نواس 525-515م باعتبار طبيعة
نشأت النواسية عن تعاظم التحديات المصيرية أمام الدولة الحميرية نهاية العصر الحميري فتأسست اليهودية اليمنية السياسية وافرزت فترة الملك ذو نواس 525-515م باعتبار طبيعة التحدي المقابل دينية سياسية هدفها إقامة دولة يمنية نصرانية مكان الدولة الوطنية الحميرية. بعدها نشأت اليزنية عن نفس الأهداف وهي طرد أكسوم وتدمير النتائج المادية للنصرانية السياسية وكان سيف بن ذي يزن يهوديا لا يمتلك نفس دافع اليهودية السياسية الناشئ عن تناقضها الديني مع النصرانية بل دافعه وطني وبينما يوسف ذو نواس محسوبا على اليهودية اليمنية العبرانية فإن سيف بن ذي يزن يمثل نظرة التيار الوطني الأساسي الحميري إلى التحديات من الزاوية الوطنية لما قبل اليهودية السياسية فندرك من ذلك جذر عدم تكامل الصورة عنه عند قراءتها من الزاوية النواسية ونفس الشيء عن يوسف ذو نواس عند قراءته من الزاوية اليزنية.
يزنية ونواسية بتربية
> تشير الذهنية القرشية إلى النواسيين في صورة عبدالله بن سبأ أحد يهود صنعاء فتسميهم السبئيين وعبدالله بن سبأ شخصية افتراضية اخترعتها قريش بعد مقتل سعد بن عبادة الحميري كاغتيال سياسي طال زعيم الانصار صاحب الدور المركزي في تحويل دعوة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلى ظاهرة اجتماعية شكلت أساسا ماديا قام عليه الإسلام وقد تم قتله بعد وفاة النبي بسنوات وتم توجيه التهمة إلى قريش مباشرة.
قبل إسلامه كان سعد بن عبادة الحميري قريبا من حيي بن أخطب زعيم اليهود الحميريين بيثرب الذي كانت هاجرت أسرته من صنعاء بعد سقوط الدولة الحميرية في 525م وكان أبوه حاخاما كبيرا في حاخامية الدولة أبان حكم الملك يوسف ذو نواس الحميري وبينما تجاوب سعد بن عبادة مع النبي محمد فإن زعيم اليهود رفض التجاوب مع النبي معتبرا أن ما عند قومه من علوم الدين يزيد على ما جاء به محمد وانتهى الأمر بإعدامه وزعماء خيبر لكن قبل إعدامه كان سعد بن عبادة توسط له عند النبي بصفته كبيرا في السن فاشترط النبي تقدم حيي بطلب التماس بالعفو فرفض حيي قائلا أريد أن أموت مع أصحابي.
فتشير هنا حالتي سعد بن عبادة إلى اليزنية وحيي بن أخطب إلى النواسية.
اليزنيون
> من اليزنيين عبهلة العنسي قائد ثورة 644-643م الحميرية ضد الاحتلال الفارسي ومن اليزنيين معياد الرعيني قائد الثورة الحميرية ضد الأمويين وكانت ثورة شعبية أرسلت دمشق لإخمادها مائة ألف جندي بقيادة المجرم بسر ابن ارطأة وتم قتل 40 ألف يمني وكانت ثورة حميرية خالصة ضد الاحتلال القرشي قيل لتشويهها إن اليمنيين مناصرون لعلي ويكرهون معاوية ومن اليزنيين الهمداني قائد الثورة الحميرية ضد العباسيين فأرسل هارون مائة ألف جندي قال لقائدهم اسمعني صراخ أهل اليمن فيتضح من قول هارون حجم الثورة اليمنية تلك طالما توجيه الخليفة العباسي ينص على أهل اليمن وليس على فئة متمردة باسمها.
من اليزنيين أيضا علي بن الفضل الحميري والملكة أروى بنت أحمد ونشوان سعيد الحميري ومطرف بن شهاب زعيم طائفة المطرفية الحميرية الشهيرة التي قتل منها المجرم عبدالله بن حمزة القرشي مائة ألف على أقل تقدير ومن اليزنيين أبو الحسن الهمداني والعقبة سعيد العنسي.
النواسيون
> إن مفهوم النواسية بعد القرن السابع للميلاد هو كل من بقي يهوديا على طريقة حيي بن أخطب وعدم دخوله الإسلام وفق نموذج سعد بن عبادة. لقد شطبت النواسية بهذا المفهوم اليزنية من تاريخ الديانة اليهودية اليمنية التي اصبحت ملكا تاريخيا لمن بقي يهوديا من اليمنيين.
لقد اغترب النواسيون داخل ظروف القمع الشديدة وانغلقوا نفسيا في وجه اليزنيين حتى على رغم إسلام اليزنيين الوطني غير المعترف سوى بالصلاة والصيام مفهوما للدين أما نظام الامة الدينية فهو في نظرهم احتلالا لليمن بالدين لا يختلف في حالة الإسلام القرشي عن حالة أكسوم النصرانية.
كان واضحا أن النواسيين لم يعد يعنيهم غير المحافظة على يهوديتهم داخل ظروف تآكل عددي خسرت فيه اليهودية مئات آلاف اليمنيين وتحولت من ديانة للشعب إلى طائفة مضطهدة ومهمشة سياسيا واجتماعيا ودينيا أثناء ذلك لم تتم ملاحظة نشاط يذكر للنواسيين غير رشوتهم الأئمة بالمال بعد القرن العاشر الميلادي لتمويل ميزانيات أنظمتهم مقابل هامش حقوقي يهودي أفضل قليلا من هامش ما قبل هذه السياسة العلائقية مع الائمة.
في الحقيقة يقول تاريخ الإمام الهادي إنه جاء إلى اليمن وأكثر من نصف سكانها لا يزالون يهودا فيتضح من إجراءاته ضدهم أن هدفها تحجيم نسبتهم لأنهم كانوا في وضع يأملون معه استعادة الدولة الحميرية

قد يعجبك ايضا