تتزايد التحديات التي يواجهها الشباب اليمني يومًا بعد يوم من ظروف اقتصادية صعبة إلى غياب فرص حقيقية للتنمية وفي خضم هذه الأزمات تبرز حاجة ماسة لدعم الأنشطة التي تساهم في بناء قدراتهم وصقل شخصياتهم وعلى رأسها النشاط الرياضي ورغم وجود كيان من المفترض أن يتولى هذه المهمة وهو صندوق رعاية النشء والشباب إلا أن دوره شبه غائب عن الساحة الرياضية مما يثير تساؤلات حول فعاليته وأولوياته.
تأسس صندوق رعاية النشء والشباب ليكون المظلة التي تحمي أحلام وطموحات الشباب وليقدم الدعم المالي واللوجستي لمختلف الأنشطة التي تعود بالنفع على هذه الفئة الحيوية وكان من المتوقع أن يكون للرياضة نصيب كبير من هذا الدعم لما لها من أثر إيجابي كونها وسيلة فعالة لإبعاد الشباب عن مخاطر الانخراط في السلوكيات السلبية.
لكن الواقع يكشف عن صورة مختلفة تمامًا، فالأندية الرياضية اليمنية على اختلاف مستوياتها تعاني من نقص حاد في التمويل وتجد الفرق نفسها مجبرة على الاعتماد على جهود ذاتية محدودة أو على تبرعات من أشخاص محبين للرياضة حيث ترك غياب الصندوق عن دعم الأندية والفرق الرياضية فراغًا كبيرًا وأدى إلى تراجع مستوى الأنشطة الرياضية في البلاد بل وتوقف الكثير منها.
لا يقتصر غياب الصندوق على الأندية فحسب بل يمتد ليشمل الاتحادات الرياضية نفسها التي تعد الهيكل الأساسي لتنظيم وتطوير الأنشطة الرياضية في البلاد فهذه الاتحادات التي يفترض بها أن تكون المحرك الرئيسي للبطولات المحلية والإعداد للمشاركات الدولية تواجه اليوم صعوبات جمة في تنفيذ خططها وبرامجها فلا يوجد دعم يذكر من الصندوق ما جعلها تقف عاجزة عن إقامة أي نشاط رياضي بسبب غياب هذا الدعم المالي الأساسي.
إن هذا الغياب ليس مجرد فشل إداري بل هو إهدار لطاقات ومواهب شابة يمكن أن تحقق إنجازات كبيرة لليمن في المحافل الدولية فالرياضي اليمني يمتلك العزيمة والموهبة لكنه يفتقر إلى الدعم الأساسي الذي يمكّنه من التدريب الجيد وتوفير المستلزمات الضرورية للمنافسة وهذا الوضع يحرمه من فرصة تحقيق أحلامه ويحرم الوطن من فرصة بناء جيل قوي ومنتج.
لا يمكن أن يستمر هذا الوضع حيث إن مسؤولية صندوق رعاية النشء والشباب لا تقتصر على الوجود الإداري بل تتجسد في العمل الميداني الفعال ويجب إعادة تقييم أولويات الصندوق وتوجيه جزء كبير من موارده لدعم الأنشطة الرياضية سواء على مستوى الأندية أو الاتحادات ودعم تنظيم البطولات المحلية التي تساهم في اكتشاف المواهب الشابة وتنميتها.
هل آن الأوان ليتحول صندوق رعاية النشء والشباب من مجرد اسم إلى كيان فاعل يضع دعم الرياضة في صلب اهتماماته فمستقبل اليمن يرتكز على شبابه ولا يمكن بناء هذا المستقبل دون الاستثمار الحقيقي فيهم وفي كل ما يساهم في بناء شخصيتهم وتنمية قدراتهم .. فهل وصلت الرسالة أم أن الصندوق سيبقى بدون صندوق وتبقى الرياضة اليمنية تعاني ويبقى الشباب محروماً من حقوقه وأولها هذا الصندوق؟؟.