المولد النبوي .. مدرسة لبناء جيل قرآني واعٍ يرفض المشروع الصهيوأمريكي

عبدالحكيم عامر

 

في زمن تتكالب فيه قوى الاستكبار العالمي لفرض هيمنتها على شعوب الأمة، تأتي مناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف كل عام لتُعيد للأمة الإسلامية حضورها الروحي والفكري، وتؤكد أن الارتباط برسول الله محمد “صلوات الله عليه وآله” الذي مثّل في سيرته ومنهجه مدرسة متكاملة لبناء الإنسان الواعي المتمسك بالقرآن والقيم الإسلامية، هو محطة تربوية وثقافية متجددة تعيد بناء وعي الأمة وتحصينها من مشاريع الاستعباد، وفي ظل التحديات الراهنة، تُعتبر مناسبة المولد مدرسة قرآنية كبرى تغرس في النفوس قيم الحرية والكرامة، ومحطة للتزود بالوعي والبصيرة، وتبني جيلاً يقف في وجه المشروع الصهيوأمريكي الذي يسعى لطمس الهوية الإسلامية ونهب ثروات الشعوب.

إن ذكرى المولد النبوي محطة للمقاومة الإسلامية الأصيلة، ففي الوقت الذي يحاول فيه الغرب الصهيوأمريكي أن يقطع الأمة عن قدوتها الأولى، يأتي إحياء المولد ليعيد للأجيال معاني الهداية القرآنية، وتربطهم بالأسوة الحسنة التي قدّمها الرسول في أقواله وأفعاله وجهاده وصبره، من هنا تتحول المناسبة إلى منصة لبناء وعي جمعي رافض للهيمنة، ومصدر إلهام عملي توجّه مسيرة الأمة نحو وتحريرها من التبعية، وبناء مشروع نهضوي قرآني متكامل،

إن من أهم أهداف إحياء المولد النبوي الشريف هو صناعة جيل قرآني واعٍ.. جيل يعي هويته، لا يذوب في مشاريع الغزو الثقافي والفكري.

جيل يمتلك الوعي والبصيرة القرآنية التي تمكنه من كشف التضليل الإعلامي والهيمنة الفكرية والحرب الناعمة ويحصن نفسه منها.

جيل يتحرك بالمسؤولية يستلهم من الرسول قيم العدل، الرحمة، والكرامة الإنسانية، ومستلهماً روح الجهاد النبوي في مواجهة الاستعمار والاحتلال.

جيل يمتلك مشروعاً حضارياً يعيد للأمة حضورها بين الأمم، ويرفض الخضوع للمشروع الصهيوأمريكي الذي يقوم على التبعية ونهب الثروات، ويواجه قوى الاستكبار.

اليوم تعيش الأمة الإسلامية أخطر مراحلها، بين مشاريع التفتيت والهيمنة، فالمشروع الصهيوأمريكي لا يستهدف الأرض والثروة فحسب، بل يسعى للسيطرة على وعي الأمة، وتجفيف منابع القوة الإيمانية والفكرية لديها، ومن هنا، تصبح مناسبة المولد النبوي عملاً مقاوماً في ذاتها، إذ تُعيد الأمة إلى جذورها القرآنية، ويمنحها القدرة على رفض كل أشكال التبعية، فالرسول الكريم “صلوات الله عليه وآله” هو القدوة المُثلى في طريق التحرر من الاستعمار، وإحياء ذكراه يعيد تثبيت بوصلة الأمة نحو مواجهة الطغيان العالمي.

لا يقف دور المولد عند الجانب الروحي، بل يتجاوز ذلك إلى وظيفة تعبئة الأمة لمواجهة الأعداء، عبر استنهاض الوعي الجمعي وإعادة الثقة بقدرات الأمة، فهو مناسبة لإبراز أن المشروع القرآني الذي جاء به الرسول “صلوات الله عليه وآله” هو البديل الواقعي لكل مشاريع الاستسلام والخضوع، وأن استحضار الرسالة المحمدية يعني التمسك بخيار الحرية والكرامة في مواجهة الاستكبار العالمي.

فالمولد النبوي الشريف ليس ماضياً نحتفل به فقط، بل حاضر متجدد نصنع منه المستقبل، إنه مدرسة لبناء جيل قرآني واعٍ، مؤمن برسالته، ثابت على هويته، مقاوم لكل أشكال التبعية، وصامد في وجه التحديات، ومن هنا، فإن إحياء ذكرى المولد النبوي هو في جوهره فعل حضاري ونهضوي، يعيد وصل الأمة بنبيها، ويجعلها أكثر وعياً بمسؤولياتها وأكثر استعداداً لمواجهة التحديات.

قد يعجبك ايضا