صنعاء مدينة السلام و الوحدة و التسامح

د.عبدالله الفضلي

 -  ظلت صنعاء مدينة مفتوحة لكل اليمنيين عبر العصور و الحضارات و كانت صنعاء مدينة يؤمها و يزورها مئات من الأجانب في العصور المختلفة و يكتبون عنها عشرات الكتب إعجابا و تقديرا لها كما يزورها الآلاف من كل أنحاء اليمن و كانت مدينة سياحية و ثقافية اشتهرت بالمباني و الآثار و المساجد كما اشتهرت بالعلم و
د.عبدالله الفضلي –
ظلت صنعاء مدينة مفتوحة لكل اليمنيين عبر العصور و الحضارات و كانت صنعاء مدينة يؤمها و يزورها مئات من الأجانب في العصور المختلفة و يكتبون عنها عشرات الكتب إعجابا و تقديرا لها كما يزورها الآلاف من كل أنحاء اليمن و كانت مدينة سياحية و ثقافية اشتهرت بالمباني و الآثار و المساجد كما اشتهرت بالعلم و العلماء و كان يقصدها طلاب العلم من كل أنحاء اليمن من حضرموت إلى صعده ومن حجة إلى المخا و كانت مدينة صنعاء عبر العصور و الدويلات اليمنية و في عهود الخلفاء الراشدين و الدولتين الأموية و العباسية محطة لنظر الجميع وكان الشعراء و الأدباء يتغنون بصنعاء الطبيعة و قد قرأنا و سمعنا الكثير من القصائد الشعرية و النثر الأدبي و أغاني المطربين و هم يتغنون بصنعاء الفن و الحضارة و منها البيت التالي للإمام الشافعي رضي الله عنه :
لابد من صنعاء و إن طال السفر و إن نحرنا كل عود ودبر
كما أشار إلى ذلك الدكتور و الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح في البيتين التاليين:
يوما تغنى في منافينا القدر لابد من صنعاء و إن طال السفر
لابد منها حبنا أشواقها تـدوي حـو اليـنا إلى أين الـمـفر
وقال أحدهم صنعاء حوت كل فن و أحبة ربي صنعاء ,وهكذا كانت صنعاء و لا زالت محط أنظار المحبين و المعجبين بهذه المدينة التاريخية الفريدة من نوعها في العالم في كل شيء .
وكانت صنعاء أيام الحكم الإمامي تغلق على نفسها أبوابها من بعد صلاة المغرب و حتى مطلع الشمس و كان سكان صنعاء محدودين و معروفين وكان الغريب القادم إلى صنعاء معروفا ولكن بعد قيام الثورة و إزالة الأبواب التي كانت تحاصر صنعاء من كل مكان فتحت صنعاء أبوابها ومدت يدها و صافحت كل من زارها و باتت مدينة محببة و معشوقة لزوارها سواء من اليمنيين أو من العرب أو الأجانب وقد اختار دستور دولة الوحدة صنعاء كعاصمة للجمهورية اليمنية نظرا لما تتمتع به من موقع استراتيجي و جغرافي يتوسط اليمن بالإضافة إلى جمال مبانيها وروعتها وكثرة مساجدها و آثارها و علمائها الذين انتشروا في كل مدينة و قرية في اليمن كمعلمين وعلماء وفقهاء وقضاة في المحاكم .
و لم تتضايق صنعاء ذات يوم بسكانها القادمين من خارجها فقد اتسعت العاصمة و أضحت تستقبل الآلاف من أبناء اليمن من حضرموت و عدن وحجة و صعده و إب و تعز و لحج و أبين دون أن تضيق بهم ذرعا و أصبح كل من يهاجر إلى صنعاء أحبها و سكن فيها وبنى له فيها بيتا و استثمر أمواله و ذلك لاستقرار هذه المدينة و تنوع مناخها وطيبة أبنائها بالإضافة إلى وجود الحكومة المركزية و البنوك التجارية وشركات الاستثمار الكبرى …. الخ .
وعلى الرغم من حصول هجرة كبيرة إلى صنعاء من كل أنحاء اليمن سواء للسكن فيها أو للتعليم و التدريب و التأهيل أو الانخراط في الكليات العسكرية أو التجارة و مزاولة أي مهنة أخرى لم يشعر سكان صنعاء ذات يوم بالتبرم أو التذمر أو بالحقد أو الكراهية نحو الآخرين الذين سكنوا صنعاء واستوطنوا فيها و عمروها و استولوا على جبالها و سهولها ووديانها و مقاشمها و بساتينها لأن ذلك يعد ضمن النمو الطبيعي و لم يشعر سكان صنعاء بالحسد أو الكراهية لكل من وصل إلى صنعاء و سكن فيها و أحبها و اعتبرها مدينته المفضلة إلى قلبه .
بل لقد أصبح هناك تزاوج و تقارب و مصاهرة و علاقة نسب بين أبناء كل مدينة صنعاء و ضواحيها و أبناء كل المحافظات في الجمهورية و لم يعد للنعرات الطائفية أو القبلية أو المذهبية أو العنصرية أو المناطقية لم يعد لها وجود بين أبناء سكان صنعاء الحبيبة , فقد احتضنت صنعاء كل أبناء اليمن و فتحت لهم صدرها و قلبها و استقبلتهم بترحاب واسع لأن معظم من هاجر إلى صنعاء قد أفادها من كل النواحي الاقتصادية و التعليمية و الاجتماعية و التجارية و الاستثمارية حيث استفاد سكان صنعاء من هذا التوسع و النمو الطبيعي في الحصول على مردودات مالية كبيرة من خلال بيع الأراضي و تأجير المنازل و المحلات التجارية وغيرها من الخدمات التي يقدمها سكان صنعاء لكل من هاجر إليها .قال الشاعر العربي :
لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها و لكن أخلاق الرجال تضيق
ولذلك فإن كل من يزور صنعاء أو يسكن فيها و يتعايش مع أبنائها لا يشعر ذات يوم بأنه رجل غريب بل وكأنه يعيش بين أهله و ذويه وبالتالي لم نسمع أو نقرأ ذات يوم أن مواطنا من سكان العاصمة أو غيرها من المدن الشمالية قد ضايق أو تطاول أو تعرض لأي مواطن نز

قد يعجبك ايضا