الشهود الحضاري

فيصل علي

فيصل علي –
(‬وكذلöك‮ ‬جعلúناكمú‮ ‬أمة‮ ‬وسطا‮ ‬لöتكونوا شهداء‮ ‬على الناسö‮ ‬ويكون‮ ‬الرسول‮ ‬عليúكمú‮ ‬شهöيدا‮) (‬البقرة143‮). ‬المسألة هنا ليست اختيارية لمن اراد فليست تكليفا لفرد وانما تكليف لأمة الإسلام بكاملها ولا مناص من حمل المسئولية ولا تراجع عنها‮. ‬هذه الأمة الوسط تحمل رسالة خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم وهي‮ ‬المناطة بهذا التكليف الإلهي‮ ‬الفريد فكانت وسطا بين الافراط والتفريط اللذين تبادلتهما أمة‮ «‬المغضوب عليهم ولا الضالين‮» ‬من اليهود والنصارى‮. ‬ولماذا هذا التوسط والوسطية في‮ ‬سياق الآية¿ نجد الجواب لتكونوا شهداء على الأمم والحضارات السابقة شهودا حضاريا وتاريخيا وانسانيا‮.. ‬فما هي‮ ‬شروط أن نكون في‮ ‬هذه الحالة الفريدة وان نشهد على الجميع ويقبل الله شهادتنا على كل الأمم بعد أن‮ ‬يشهد علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم¿ الشرط الأهم لأي‮ ‬شاهد في‮ ‬أي‮ ‬محكمة العدالة‮ ‬‮ ‬فعدالة الشاهد هي‮ ‬السبيل الوحيد لتطبيق القانون‮ ‬وعدالة هذه الأمة آتية من قرأنها العظيم وسنة نبيها الكريم وسلوكها القويم وعدم اجتماعها على‮ ‬غواية أو ضلالة‮ ‬‮ ‬كما أن هذه الأمة تتبع نبيها الذي‮ ‬جاء ليتمم مكارم الأخلاق فهي‮ ‬ايضا تعمل على تتمة مكارم الاخلاق وغرس القيم الفاضلة في‮ ‬هذا العالم وتاريخها‮ ‬يقول ذلك‮ ‬كما أن قيم المساواة والحرية هي‮ ‬من ابرز القيم التي‮ ‬حرص عليها الاسلام منذ نشأته في‮ ‬مكه سرا فقد ربى في‮ ‬البسطاء هذه القيم فحملوها للعالم لأنهم عانوا من العبودية والجشع والأهواء‮ ‬وتضاف إلى هذه القيم الحقوق والحريات التي‮ ‬اتى نظام الشورى في‮ ‬الاسلام ليقرها ويجعل الباب مفتوحا لكل ما‮ ‬يساهم في‮ ‬رفع مستواها‮ ‬ولذلك لم‮ ‬يتصادم الفكر الاسلامي‮ ‬الوسطي‮ ‬مع مبادئ حقوق الانسان ووجد أن القوم نسخوها من قيم الاسلام ودمجوها بما انتجته حضارتهم وكذلك لم‮ ‬يتصادم الديمقراطية واعتبرها الأقرب لتطبيق الشورى واقعا ملموسا ومجربا‮. ‬أن مهمة الشهود الحضاري‮ ‬تتطلب منا كأمة أن نرتقي‮ ‬إلى إعالي‮ ‬الأخلاق وقمم السمو واعلى مراتب الانسانية لنكون عادلين في‮ ‬قول الحق ولو على انفسنا لنفيد هذا العالم الذي‮ ‬اصبح اكثر شوقا لنظام عادل‮ ‬يجلب الخير والسعادة لسكانه المتنوعين دينات واعراق ولغات‮.‬
هذا الشهود الحضاري‮ ‬التاريخي‮ ‬الانساني‮ ‬لا‮ ‬يكون فقط في‮ ‬الآخرة وانما‮ ‬يبدأ من هنا من الدنيا‮ ‬ولذا علينا أن نرتقي‮ ‬إلى مستوى هذا الشهود كأمة متكاملة وليسعى كل فرد في‮ ‬هذا المجال ولتستنفر الطاقات لهذه المهمة امتثلا لأمر الله الذي‮ ‬الزمنا بقوله‮: ‬لتكونوا شهداء على الناس‮ ‬فلنكن كما امرنا ربنا جل وعلا ونسأله أن‮ ‬يعزنا بطاعته وان لا‮ ‬يذلنا بمعصيته‮.‬

قد يعجبك ايضا