ثلاث تجارب لقياس تعاون الأهالي مع أنفسهم:
قبل عامين نشر رئيس التحرير الأستاذ علي ناجي الرعوي عقب زيارة له إلى اليابان سلسلة حلقات عبر صحيفة الثورة تتساءل فيها عن سر النهوض الياباني من وسط رماد حرب لم تذر فيه ما يمكن البناء عليه قال: إن اليابان بدأت من الصفر.. مستدركا أنه في الحقيقة لم يكن هناك صفرا لتبدأ منه كانت هناك فكرة في رأس جيل صاعد من اليابانيين ما جعلها في حياة وتفاصيل الكل هو السياق الذي تحدث عنه وهو سياق اقتصادي واجتماعي مضى لينتشل كل ما هو ياباني إلى أعلى تلة في الفكرة التي عرفت فيما بعد باليابان التي ما أن نسمعها حتى نستلهم كل ما هو متقن وأنيق وأكثر عمليا.
اشترك الناس جميعا في ثورة من نوع آخر لا يختزلها خبر ومنذ تلك اللحظة أصبح الاشتراك في الحلم والإنجاز شعارا يابانيا أرادوا أن يصدروه إلى العالم النامي كما تصدر الثورات عبر الخارطة وحين جاءوا للعمل لمساعدة اليمن أرادوا أن ينقلوا تلك الروح التي تتملك الجماعة ولا تقيد الفرد فتشرطوا في مشاريعهم أن نعمل معا ألا يكون هناك جمهور متفرج كلنا لاعبون بين مجيد ومتواضع الأداء.
وهنا نقف مع واحدة من أهم التجارب التي نحتاجها وهي الكيفية التي تدار وتنجزه بواسطتها المشاريع المائية بأقل التكاليف ونحاول معرفة ما إذا كان اليمنيون قد نجحوا في الاختبار الذي أعده اليابانيون ونفذوه في محافظات ثلاث هي المقياس الذي أمدهم بما لدينانقل التجربة منذ أسبوعين وقف الممثل المقيم للوكالة اليابانية للتعاون الدولي مكتب اليمن أمام حشد من الصحفيين ليعرض ما أسماه الدروس التي تعلمها اليابانيون في حركة تحسين سبل المعيشة التي بدأت في الريف الياباني بعد الحرب العالمية الثانية.
وقال تاكيشي كوموري: كانت اليابان دولة نامية لكن استطاعت تحقيق نمو اقتصادي سريع وتغلبت على الفقر في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي أغلب المجتمعات الريفية في اليابان لم تكن تحصل على المياه وكانت المياه غير نظيفة وسببت الكثير من الأمراض المعدية.
في مثل هذه الأوضاع كان المرشدون الزراعيون والممرضات ومسئولو التغذية ينشرون الوعي بين العامة لم يقدموا الحلول الكاملة وكانوا يقدمون المعلومات والتقنيات المفيدة ويعملون جنبا إلى جنب مع الريفيين لتحديد المشاكل وإيجاد الحلول كانوا يساعدون الناس على خلق مجموعات ويقدمون النصائح فقط بينما الأهالي ينفذون الأنشطة لتحسين سبل المعيشة بناء على مبادراتهم الذاتية وهذا هو سر النجاح أخذ زمام المبادرة بدلا عن الاعتماد على الحلول المؤقتة المفروضة من الآخرين.
يحرص اليابانيون على أن تدور هذه العجلة هنا من خلال جعل الأهالي شركاء في إنجاز المشاريع المائية ما يخلق لديهم شعورا بملكية هذه المشاريع التي تصبح جزءا من تصوراتهم وحياتهم.
تقول بوشي هاما- مستشارة صياغة المشاريع في الوكالة اليابانية مكتب اليمن: إن واحدا من أهم شروط إقامتهم للمشروع هو مدى تعاون الأهالي الذين تتم دراستهم كما تتم دراسة الظروف الملائمة الأخرى فكلما كان الأهالي متعاونين لإنجاز المشروع كان ذلك مشجعا ومحفزا.
ومن خلال تجارب ثلاث أجريت على مواقع تم اختيارها من بين 39 موقعا وجد أن الأهالي متعاونين قاموا بشق الطريق وسط تضاريس قاسية في ذمار وصنعاء والمحويت وقاموا بإيصال أنابيب المياه وربطها بالمشروع والأماكن المستهدفة.
تقول مستشارة صياغة المشاريع إن هذا شجع اليابانيين لينطلقوا خلال الأسابيع القادمة في تنفيذ 19 مشروعا مائيا بتكلفة 17 مليون دولار في خمس محافظات “تعز إب ذمار صنعاء والمحويت”.
يقول المهندس فوزي الخرباش- نائب مدير عام التخطيط والتعاون الدولي في الهيئة العامة لمياه الريف والمسئول عن المشاريع اليابانية في مياه الريف: هذه الطريق من أفضل الطرق نجاحا وتمتاز هذه المشاريع بديمومتها وبإحساس الناس تجاهها باعتبارها جزءا من إنجازاتهم مستندا إلى مشاريع قديمة نفذت في أبين “مودي وأحور” وفي حضرموت وشارك الأهالي في شق الطرقات ومد أنابيب المياه وهو ما سيحدث في المشاريع المقرر البدء فيها أغسطس القادم.
تكوين جمعية وهناك جانب آخر يهتم به الجانب الياباني وهو تشكيل إدارة المشاريع إذ يقوم الخبير التابع للمشروع بتدريب مجموعة من الأهالي على تشكيل جمعية مستخدمي المياه ويقومون بإجراء انتخابات لرئيس الجمعية ومسؤولها المالي والمهندس وهؤلاء يتولون إدارة المشروع عند انسحاب الجانب الياباني.
تقول يوشي هاما: إن أهالي المناطق التي شهدت المشاريع التجريبية نجحوا في هذا وانتخبوا ممثلين لهم وحددوا أسعار المياه بما يتوافق مع قدرة الاهالي وأعدوا كتيبات خاصة بهم للحسابات حتى أصبح هناك وفر في دخل المشروع وهم يدرسون سبل صرف هذه المبالغ بعد أن تم تأمين أجور العاملين والصيانة والتشغيل.. ماكان هذا ليحدث لولا إشراك الناس الذين يسعى المشروع لخدمتهم.
يقول نائب مدير التخطيط في هيئة ميا