لا تنظر نحوي وأنا أتكلم
صقر الصنيدي –
يتبادل النواب الاتهامات والنظرات الغاضبة في كل جلسة برلمانية وهو أمر طبيعي ما دامت القاعة تجمع آراء مختلفة ومتخاصمين وصولا◌ٍ إلى متحاربين فلا غرابة من غضب عنيف عندما يسمع أحدهم رأيا◌ٍ لا يتفق مع توجهه ومع توجهات حزبه وانتمائه.
وما يبعث على الحيرة أن يصل الحال إلى أن يقف نائب يتحدث عما يريده وما يأمله وخلال ذلك يلتفت إليه زميل له في الصفوف الأولى متأملا◌ٍ وجهه ومصغيا◌ٍ لكلماته دون أن يفتح فمه بكلمة واحدة – إلى هنا الوضع طبيعي والاثنان لم ينتهكا لوائح المجلس ولا قوانين البلاد¡ لكن المتحدث رفع صوته صارخا◌ٍ «لا تبصر لي وأنا اتكلم¡» هل ضايقته نظرات زميله أم أحس بالارتباك أم أن صاحب النظرات ممن يمتلكون قدرات علم البارسوكلوجيا وبعد لحظات سنرى أن المتحدث قد نام واقفا◌ٍ وهو ما لم نره – لكنها السياسة التي تمارس بشكل مقلوب تجعل من برلمان يشرع للبلاد ومستقبلها ويحدد علاقة أبنائها يتحول إلى الصفوف الابتدائية في مدرسة تعلم تلاميذها الفشل يوميا◌ٍ حتى تتأكد من إجادتهم له – من كان ينظر إلى تقاسيم وجه زميله أوضح عقب الجلسة في نقاش ودي أنه لم يجد تفسيرا◌ٍ منطقيا◌ٍ لكنه توقع أن لذلك علاقة بالثقة التي فقدها المتحدث وغياب القوة التي كانت تجعل منه بطلا◌ٍ ونجما◌ٍ تعجب كلماته الناظرين¡ وقد لحظ أن ما يقوله ليس حقيقيا◌ٍ وطول نظر زميله سيجعله يرتبك ويتلعثم في الكلمات التي لا تخدم البلاد وإنما تخدم أشخاصا◌ٍ يريدون خرابها وغرقها بمن عليها¡ عندها سيتمكنون من القفز بمراكبهم الصغيرة مبحرين بعيدا◌ٍ عن الغرق متجاهلين العواصف.