تخزين الوقود … باب لأزمة جديدة !

* رؤية السائقين يهرولون إلى محطات الوقود ليشكلوا طوابير طويلة للحصول على البنزين أمر طبيعي بعد أن ضاقوا ذرعاٍ من قسوة الحصار الظالم الذي يفرضه العدوان السعودي الغاشم لثمانية أسابيع متواصلة وعرقل حركة السير وعطل الأعمال.. أما غير الطبيعي فهو مشاهدة أرق الناس قلوباٍ يتناسون حاجة إخوانهم ويذهبون بجشعهم وعدم وعيهم بعيدا حين يلجأون إلى تخزين الوقود بكميات كبيرة خاصة في ظل هذه الظروف الحرجة …الأساليب الخاطئة التي يتبعها بعض السائقين في محطات التزويد بالوقود وأضرار تلك الممارسات على حياتهم في منازلهم أولا وثانيا تأثيرها المباشر على استمرار أزمة الوقود رغم توافره في كل المحطات ..

قبل بضعة أيام كان غالبية السائقين يتمنون القليل من لترات البنزين ويشتمون من يعمل على تخزينه حتى يتمكنوا من تزويد مركباتهم ولو بالقليل منه ليسعفهم في حال حدوث أي طارئ ولا يريدون غير ذلك على حد قول بعضهم.. وحينما توفر لهم ما طلبوا وأكثر تناسوا حديثهم وأمانيهم وباتوا من هواة تخزين الوقود في المنازل وفعلوا كما كان يفعل من يشتمونهم من السائقين .
سأشتري اكبر قدر ممكن من البنزين بأي طريقة وسوف أخزنه حتى في غرفة النوم هكذا استهل “طلال البدوي” سائق تاكسي حديثه عن أنانية بعض السائقين التي ظهرت للجميع منذ اليوم الأول لتزويد المحطات بالبنزين وأضاف : لن ينفعني التزامي بالنظام عندما تنتهي الكمية القليلة التي يسمح لنا أصحاب المحطات بشرائها فلدي أولاد كدنا أن نموت من الجوع بسبب انعدام البنزين في كل مكان لذا سأعمل على تعبئة وتخزين اكبر قدر ممكن من البنزين لسيارتي وتفريغه في المنزل وسأعود مرة أخرى وهكذا حتى ينفذ ما بحوزتي من مال .
(مغالطات )
جواد عبد الرقيب يؤكد على انه ملأ خزان سيارته الواسع وكرر ذلك ثلاث مرات أي انه استولى على نصيب أكثر من سبع سيارات خلال أيام واستطاع أن يفعل ذلك بسبب الصداقة التي تجمعه مع احد العاملين في المحطة القريبة من منزله منذ أيام الدراسة كما أكد عبد الرقيب لكاتب التحقيق الذي التف على نفس الطابور للمرة لخامسة بعد أن افرغ خزان الوقود الخاص به وحينما تحدثت معه عن الأخطاء الكثيرة التي يرتكبها والأضرار الناجمة عن هذا العمل رد علي قائلاٍ :انتم الصحفيون تبحثون عن عالم مثالي لا يمكن أن تجدوه سوى في سطور الصحف خاصة في ظل الأوضاع الراهنة.
أما أبو عبد العزيز مواطن فأكد أن ما يقوم به من مغالطات أمر طبيعي وقال : الجميع يريد الحصول على اكبر قدر ممكن من الوقود وإذا لم أسارع بفعل ذلك أيضاٍ فإن السائقين الآخرين سيفرغون الكمية السابقة التي حصلوا عليها وسأبقى أنا بدون بنزين وحينها لا ينفع الندم لذا قمت بأخذ مفاتيح سيارات أقاربي المتواجدين حالياٍ خارج اليمن وقمت بإعطاء السيارات لشباب من جيراني حتى يملأونها بالوقود ومن ثم يفرغونها مقابل أن أعطيهم المال بعد كل مرة يقومون فيها بتعبئة السيارة وتفريغها وهكذا أكون قد ضمنت الحصول على وقود أكثر من غيري .
رجاء
ليس الجميع قادراٍ على شراء البنزين لعدة مرات وتخزينه في المنازل هذا ما قاله وضاح حيدر سائق تاكسي ويضيف :أنا بالكاد استطعت أن أوفر تكلفة شراء البنزين المحدد لكل سيارة وكلي أمل أن أعاود العمل وأجني المال للعودة مرة أخرى لشراء البنزين ولكن من يملكون المال في طريقهم لصناعة أزمة جديدة وسنضيع نحن أولاٍ فيها.
ومن ناحيته ناشد حمود القبيلي سائق تاكسي بقية السائقين أن يرحموا غيرهم فهو كما يؤكد لا يملك المال لشراء كميات كبيرة من البنزين وتخزينها.
يختم حديثه بالقول : (على أصحاب المال أن يتقوا الله بإخوانهم المساكين فالمؤمن من يحب لأخيه ما يحب لنفسه ).
(صناعة الأزمات )
ماجد عبده موظف علاقات عامة في إحدى الشركات الخاصة مستاء جداٍ من الوضع أمام محطات التزويد بالوقود ويعلل ذلك بالقول :لو اكتفى كل سائق بالكمية المقررة له وعاد لتزويد سيارته بالبنزين وقت حاجته لانتهت هذه الأسراب الطويلة من أمام كل المحطات وحينها سيكتفي الجميع وستعم الفائدة .
وأضاف عبده قائلاٍ: لو فكر أصحاب السيارات قليلاٍ وأدركوا أن البنزين موجود في خزانات كل المحطات وأن الكمية التي قاموا بتعبئتها اليوم قادرين على الحصول عليها بعد أسبوعين وأكثر إذا كفوا جميعاٍ عن تخزين الوقود .
ولم يخالفه في الرأي ياسر حمزة حين قال :نحن شعب نصنع الأزمات بامتياز فما إن وصل البنزين للمحطات الخاصة بها حتى تهافت الجميع لا لتزويد سياراتهم ومولداتهم الكهربائية بالبنزين فقط بل لشراء اكبر كمية منه حتى لو لزم الأمر بيع الذهب الخاص بزوجاتهم كما فعل البعض ومن ثم القيام بتخزينه في المنازل ترقباٍ لقدوم الأزمة القادمة في البنزين والتي صنعوها هم بهذه الممارسات الخاطئة .
لكن حمزة بدا مستغربا من غياب التوعية من قبل الجهات الرسمية بخطر تخزين الوقود في المنازل والذي قد يتسبب بكوارث لاتحمد عقباها إضافة إلى أن تلك الممارسات ستعيد الأزمة مجددا.
(انتظار أزمة جديدة)
هشام المشرقي سائق دراجة نارية يواظب بصورة شبه يومية في محطات التزويد بالوقود وما إن يحصل عليه حتى يفرغه سريعاٍ ويعود إلى اخذ مكان له وسط سرب الدراجات النارية .
ويفضل المشرقي هذه الطريقة لأن الأمر حسب توضيحه: (المشوار هذه الأيام رخيص ووقت الأزمة يوصل إلى ثلاثة أضعاف ..وبالتالي التخزين سيجعلني أكسب أكثر مع الأزمة).
المشرقي ليس وحده من بين سائقي الدراجات النارية يتخذ هذا الأسلوب فغيره كثير وهذا ما أكده لي علاء سائق دراجة نارية بالقول : أنا وأصدقائي من سائقي الدراجات النارية نعمل بقدر المستطاع على تخزين الوقود في المنازل وتوقفنا تقريباٍ عن العمل حالياٍ ولكننا سنعوض ذلك حين تبدأ الأزمة القادمة .
توعية وآليات
الجميع يقدر الحاجة الملحة للبنزين عند غالبية السائقين وغيرهم لتسير حياتهم بصورة أفضل ولكن هذا لا يعني أن نبرر قيام البعض منهم بتعبئة سياراتهم أو دراجاتهم النارية لأكثر من مرة أو مرتين وحرمان غيرهم منه لمجرد أنهم يمتلكون بعض المال وغيرهم غير قادر على القيام بنفس العمل فمن لا يرحم لا يرحم ..
كما أن الخطر الداهم قد يكون في المنازل في حال حصل اشتعال للوقود المخزن خاصة البنزين الذي هو بالأساس سريع الاشتعال.. وعندها لن ينفع الندم.. وهذا ما ينبغي أن تسارع الجهات المختصة إلى التوعية به ووضع آليات في المحطات تمنع تلك الممارسات التي تفاقم من الأزمة.

قد يعجبك ايضا