مهمة غسيل العقول

¶طاهر:محاربة الظاهرة تبدأ من تجفيف منابع الأفكار التي تفسد عقول الشباب

¶العجل:تحصين الشباب من إيديولوجيات الإرهاب مهمة وطنية

¶ الفقيه:تسعى التنظيمات الإرهابية من خلال استقطاب الشباب إلى خلق بؤرة للصراع الطائفي

¶الشرجبي:القاعدة يستقطب المراهقين معدومي التفكير والوعي إلى صفوفها

¶ العودي:هناك تعبئة مبرمجة لثقافة الطائفية والكراهية تقوم بها الجماعات الإرهابية

عبدالرحمن شاب في الـ 16من عمره خرج من مدرسته الحكومية وهو في الصف التاسع وانضم إلى مدرسة دينية  في إحدى مديريات محافظة صنعاء كانت تسمى  بالمعهد ومنذ التحاقه عام 2010م تعلم على أيدي عدد من الذين أطلقوا على أنفسهم مشايخ الدين أفكارا ومعتقدات  متشددة جعلت منه شابا يكره المجتمع ويبغض بشدة القوات المسلحة والأمن واصفا أفرادها بالكفار والعملاء لم تكن هذه العقلية المريضة والتكفيرية إلا نتاجا طبيعيا للفتاوى الدينية لأفراد من تنظيم القاعدة  مهمتهم الأساسية استقطاب الأطفال والشباب ومن ثم غسل أدمغتهم وشحنها بالأفكار العقدية المتشددة و الباطلة  والمزيفة المطلية بصبغة الدين ..(الثورة) ولأهمية هذه القضية وخطر تناميها على السلم الاجتماعي والأمن القومي للبلد طرحناها على طاولة عدد من الأكاديميين وخرجنا بهذه التفاصيل:
في البدء يرى الدكتور أحمد العجل أستاذ مناهج البحث بجامعة صنعاء بأن الإرهاب يعتمد على الخلايا الحية والتي تتغذى عن طريق الأفكار وبذلك فإنه يتنامى يوما بعد يوم ولا يمكن أن يواجه إلا بالفكر وبالمنطق وبالتوعية وبتصحيح المفاهيم المغلوطة .
وقال :لكي نحصن شبابنا من أيديولوجيات هذه الفئة الظلامية لابد أن تعمل  الأسرة على  ترسيخ المفاهيم الصحيحة لدى الناشئة كونها أول الدروع المضادة للأفكار الشاذة والاستقطابية   وتأتي الخطوة الثانية والتي تبدأ من المدرسة وبعدها يأتي دور الإعلام ومن ثم المثقفين والأدباء والأكاديميين.
ويتابع العجل:أظهرت الدراسات والبحوث أن 70% من عناصر تنظيم القاعدة هم من الشباب المغرر بهم إذن لا بد من ترسيخ الوسطية والاعتدال والتسامح والمحبة والتعايش السلمي في أوساط المجتمع ونبه العجل إلى دور المسجد الذي يجب أن يكون له دور كبير في التوعية والتوجيه والإرشاد وتعزيز الروابط بين أفراد المجتمع وقال :نحن اليوم يجب أن نقف وقفة صادقة ضد كل مايروج له الإرهابيون من أفكار فمحاربة الإرهاب لابد ان يبدأ بتحصين الشباب وتجفيف منابع الأفكار الخبيثة التي تعتمد عليها الجماعات الإرهابية من أجل استئصال الإرهاب.
أبعاد ودلالات
الدكتور حمود العودي أستاذ علم الاجتماع في جامعة صنعاء يقرأ كل العمليات الإرهابية التي أصابت كل اليمنيين بالألم والحزن على أن لها أبعادا ودلالات تؤكد  بأن هناك تعبئة مبرمجة لثقافة الكراهية والطائفية  ولدت هذا الفكر الدموي ونستطيع القول بأنه بات من الضرورة  مواجهة هذه الأعمال الدموية ذات الشر المستطير بتكاتف كل اليمنيين أيا كانت توجهاتهم لمواجهة هذه الفئة التي لايمكن أن تشكل ولو جزءا بسيطا من النسيج الاجتماعي وبالتالي فإننا ندعو أصحاب الضمائر الحية بأن ينبذوا هؤلاء المجرمين وأن لايجاروهم في أي شيء وما قامت به هذه الجماعة الإرهابية يجعلنا نوجه رسالة إلى كل الناس أسرا وأفرادا بأن يحصنوا أبناءهم من أفكاره الإرهابية الخبيثة.
تعبئة خاطئة
ويعبر الدكتور حميد المطري وكيل وزارة الأوقاف عن رأيه بالقول :حقيقة نحن في وضع لا نحسد عليه بسبب انتشار التطرف وسعي بعض الجماعات إلى تعبئة الشباب تعبئة خاطئة تحمل أفكارا لا تمت إلى ديننا الحنيف بأي صلة سعيا منها لإفساد المجتمع وشرعنة شريعة القتل والخراب كما أن خطر هذا الفكر يتمثل في زرع الطائفية في أوساط المجتمع لهذا لا بد من وقفة جادة من المجتمع بكل شرائحه والأهم هو وضع الخطط التوعية والإرشادية في المدارس والجامعات وكل الأماكن التي يتواجد فيها الشباب.
أفكار عدائية
ويوضح الدكتور عدنان الشرجبي أستاذ علم النفس في جامعة صنعاء أن الجماعة الإرهابية المتمثلة في القاعدة تستقطب الأشخاص المأزومين والذين يعانون من مشاكل موجودة في الحياة كما تقوم باستقطاب المراهقين قليلي الوعي ومعدومي التفكير وقد تستغل أشخاصاٍ تعرضوا لانتهاكات سابقة أو لديهم عداء قديم من الذين يلجأون إلى الانتقام عن طريق الانضمام مع تنظيم القاعدة
ويضيف: وبعد أن يتم استقطاب الشباب من قبل المجموعات الإرهابية يتم شحنهم بأفكار عقلية عدائية فيحولونهم إلى مرحلة الاستعداد القتالي وللأسف مجتمعنا لايزال يجهل قواعد التربية الصحيحة للناشئين فعندما يخرج هؤلاء إلى هذه الجماعات نطرح سؤالاٍ منطقياٍ ونقول أين الأسرة¿ وأين متابعتها لأبنائها¿ لماذا يترك هؤلاء لمثل هكذا جماعة دموية¿! وفي حقيقة الأمر لو تتبعنا اعترافات من تم استقطابهم لأدركنا بأنهم يظنون أنهم يحسنون صنعاٍ مع أنهم يخالفون دين الله والسبب بأن من دربهم وشحنهم بهذه الأفكار قد قام بغسل أدمغتهم وهيأهم بالصورة التي يريد ويضع الشرجبي حلولا لمواجهة هذه الأفكار.
 ويقول: لابد أن تكون الحلول دينية ودنيوية والثانية تشمل الحلول الاقتصادية والاجتماعية فمن المعروف أن هناك شرائح فقيرة جداٍ تستقطبها هذه الجماعات وهم مايسمون بالمرتزقة وهؤلاء موجودون في كل مجتمع وعناصر تنظيم القاعدة ينقسمون من الناحية النفسية إلى فئتين فئة يمكن أن تقدم على تنفيذ العمليات الانتحارية بعقيدة واقتناع وفئة تقاتل باتفاق من أجل الحصول على مكاسب ما ومثل هؤلاء بحاجة إلى معالجة أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية والنفسية . وتأتي بعد ذلك الحلول الدينية من خلال تنفيذ برامج حوارية وتوعوية عبر الوسائل التعليمية والإعلامية تهدف كلها إلى تفنيد ودحض أفكار تنظيم القاعدة كذلك التوضيح للعامة بأن درء المفاسد لها شروط وأحكام وضعها الإسلام.

استغلال الوضع الداخلي
وعن رؤيته تحدث علي الجلعي ناشط حقوقي ورئيس المؤسسة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر قائلا: كثيرا ما استغلت الجماعات الإرهابية  الوضع الداخلي المتأزم وأنشأت مراكز دينية ثم بدأت في استقطاب الشباب وشرعت في غرس الفكر التكفيري في عقولهم وجهزتهم للانخراط في عملياتها الإرهابية التي راح ضحيتها أناس أبرياء مسلمون مسالمون.
وبين أن  تنظيم القاعدة قد استغل المراكز والمدارس الدينية في نشر معتقداته وهناك تيارات دينية لاتمت إلى هذا التنظيم بأي صلة ولايستغلون المراكز الدينية في مثل هكذا أعمال  ولابد من  إنهاء العشوائية في المجال التربوي والتعليمي والحفاظ على أطفالنا وتوعيتهم بخطورة الأفكار الإرهابية ومن يروجها ولن يتم هذا إلا عن طريق الأسرة والمدرسة كذلك الإعلام وقد يصبح العديد من الأطفال والشباب عرضة لاستدراج الجماعات الإرهابية نتيجة الظلم والفساد وامتهان الحقوق الذي يخلق بيئة خصبة لاستدراج الشباب لدى التنظيمات الإرهابية التي أنهكت الوطن وحصدت بجرائمها الأبرياء.
 وأكد أنه لابد من العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات والحفاظ على كرامة المواطن اليمني أينما وجد.
استخدام العواطف الدينية
الدكتور عبدالرحيم الشاوري أستاذ علم النفس الإعلامي في كلية الإعلام يشرح هذه القضية  من جانب التحليل النفسي والإعلامي حيث قال: جرائم تنظيم القاعدة وأساليبها الوحشية  تبين وتوضح أن هناك من  يقوم بتسيير  هؤلاء القتلة ويسيطر عليهم سيطرة كاملة سواءٍ باستخدام العواطف الدينية حسب مفهومهم وتفسيرهم لآيات الجهاد على الكيفية التي يريدونها وفي مجال الأهداف التي يحاولون أن يحققوها من فئة الشباب التي ليس لها حظ من العلم والثقافة والوعي.
وقال: لا شك ولا ريب بأن من يقوم بارتكاب هذه العمليات الإجرامية قد تم غسل أدمغتهم فهم مسلوبو الإرادة وأشخاص تم تعبئتهم بأفكار معينة ويقومون بتنفيذها طاعة لما يسمى لديهم بالأمير باعتقادهم أنه من الأولياء الصالحين والذي يقيم شرع الله بحسب فهمهم المغلوط  لذا فهم ينفذون أوامره بدقة وبالحرف الواحد.
وذهب الشاوري إلى القول: لا يمكن أن نطلق على هذه الأعمال الدموية أي مصطلح كونها غير  إنسانية وكأن ما حدث من قبل هؤلاء المهووسين بالقتل بحق الوطن لايسمى إلا إفسادا في الأرض وهلكا للحرث  وهؤلاء الأفراد عبارة عن  مجموعات تم تهيئتهم نفسياٍ وشحنهم بما يسمى بالفكر العقدي الفكر المحصور الذي لا يفهم غيره ولا يمكن أن يسمح برأي مخالف لفكره وبرأيي الرأي العام أدرك خطورة هذه الجماعة الإرهابية على الشباب ويبقى الدور على الإعلام بكل وسائله والتعليم بكل قطاعاته لمواجهة ودحض أفكار الإرهابيين.
من رحم الإرهاب
 المفكر السياسي عبدالباري طاهر رئيس الهيئة العامة للكتاب أكد على ضرورة قراءة جرائم تنظيم القاعدة في الجانب الثقافي والجانب الاقتصادي والسياسي وفي مناحي الحياة كافة لكي نصل إلى النقاط والثغرات التي تستغلها هذه الجماعة في استقطابها للشباب كما أن علينا أن نتساءل: ما الذي أوصل اليمن بكل ربوعها وهي صاحبة الفكر المعتدل والأهل الطيبين وصاحبة التاريخ الآمن والبعيدة عن الإرهاب والفتن إلى هذا الفكر المدمر علينا أن نقرأ ذلك في المناهج وفي خطاب المسجد والخطاب الإعلامي المحرض وفي التوظيف السياسي للدين.
  ومضى يقول: لابد من أبناء المجتمع كافة أن يحاربوا وبيد واحدة هذا الفكر الدموي وبكل الوسائل وكل في مجال تخصصه ومحاربة هذه الظاهرة تبدأ من محاربة أفكار هؤلاء المتطرفين والبحث عن ينابيعها التي تفسد عقول الشباب ومن ثم تجفيفها ويضيف: حادثة السبعين وحادثة العرضي وميدان التحرير وكلية الشرطة الأخيرة كلها جاءت من رحم فكر لايريد الخير لهذا الوطن ولايؤمن إلا بسفك الدماء وقتل الأبرياء ولابد من وقفة صادقة ليس فيها هوادة ولا ارتجالية لمواجهة هذا الخطر.
بيئة خصبة
الدكتور محمد الفقيه أستاذ الاتصال السياسي بجامعة صنعاء يعيد تنامي الافعال الإرهابية إلى الأوضاع التي تمر بها بلادنا والتي هيأت البيئة الخصبة لأفكار تنظيم القاعدة ومن المعروف أن هذه الأفكار تدعو إلى العنف والقتل والخروج على ولي الأمر وفي نفس الوقت تسعى التنظيمات الإرهابية إلى خلق بؤرة صراع عن طريق استقطاب الشباب واستغلال المجتمع القبلي المسلح الذي يقل فيه الوعي وكثير من الدول استطاعت التخلص من هذه الآفة عبر تجفيف منابع هذه الأفكار بالإضافة إلى التعامل القوي والحاسم مع عناصر هذه الجماعة..
ويرى أن القضاء على ظاهرة استقطاب الشباب يحتاج إلى دور المجتمع فلابد أن يستشعر كل مواطن هذه المسؤولية عبر نبذ كل ما هو دخيل على مجتمعنا وديننا كالتطرف والعنف والإسهام في توعية المحيطين به.

قد يعجبك ايضا