
> تواجهنا العديد من الصعوبات أبرزها شحة الميزانية التشغيلية
أوضح مدير عام مكتب الآثار بالحديدة الأخ أحمد الديك بأن المحافظة تمتلك إرثاٍ تاريخياٍ كبيراٍ يتمثل بوجود المئات من الحصون والقلاع والمساجد الأثرية إضافة إلى العديد من المجسمات والتماثيل والمخطوطات الضاربة أطنابها أعماق التاريخ.
وأشار إلى أن العديد من القلاع والحصون التاريخية والأثرية في مختلف مديريات المحافظة تعرضت للاندثار وبعضها آيل للسقوط نتيجة الإهمال الذي تعرضت له.
وتطرق مدير مكتب الآثار بالحديدةفي هذا الحوار الذي أجرته معه “الثورة” إلى العديد من القضايا والصعوبات التي تواجه المكتب وتحدث في البداية عن ما تحظى به الحديدة من معالم تاريخية قائلاٍ:
*تمتلك محافظة الحديدة إرثاٍ كبيراٍ يزيد عدده على المائة من المعالم والحصون والقلاع والمدبات والمنازل التاريخية والأثرية والموزعة على مختلف مناطق ومديريات المحافظةحيث تأتي المساجد التاريخية والأثرية في المرتبة الأولى من بين تلك المعالم بـ 33 جامعاٍ أثرياٍ ومن ثم القلاع بـ 25 و 27 حصناٍ إضافة إلى المنازل والبيوت الأثرية التاريخيةوكما هو الحال مع حارة السور بالحديدة الواقعة داخل أسوار باب مشرف وباب البحر وكذا مدينة زبيد التاريخية واللتان تتمتعان بنمط معماري فريد.
مقصد تجاري
* ما هو السبب الرئيس في وجود هذا العدد الكبير من المعالم التاريخية بالمحافظة¿
– يرجع السبب الرئيس في وجود هذا العدد الكبير من المعالم والحصون والقلاع التاريخية في الحديدة إلى كون منطقة تهامة – الحديدة – كانت تعد مقصدا للتجار القادمين من جنوب شرق آسيا وكذا للراغبين في بيع بضائعهم في منطقة الجزيرة بالإضافة إلى أن تهامة تقع على الساحل اليمني وكانت الأرض الأولى التي استوطنها الغزاة والمحتلون التي اختلفت أهدافها وهم من قاموا ببناء العديد من الحصون والقلاع فيها.
إهمال واندثار
* ما وضع تلك المعالم خاصة وأن بعضها اليوم يعاني الإهمال ¿
– تعد المعالم التاريخية والأثرية بالمحافظة جزءاٍ من ثقافتنا وهويتنا وعلى الرغم من كونها كذلك إلا أنها اليوم تندثر أمام أعيننا ونحن عاجزون عن إنقاذها فحصن كحلان ومدينة المبهج بمديرية المغلاف وقرية كزابة ومدينة دوغان بمدينة القناوص وغيرها قد اندثرت بشكل كاملكما هو حال بعض المساجد والمنازل في حارة السور بالحديدة حيث قام بعض المواطنين ببنائها على نمط جديد بعد أن هدموا البناء الأثريكما أن الكثير من المعالم الموجودة تعاني اليوم وبسبب الإهمال من انهيارات وتهدم بعض أجزائها كما هو الحال مع قلاع الزيدية والمنصورية وحيس وحصن الضامر وقلعة الحاكم بمديرية باجل إضافة إلى الحصون والقلاع التاريخية في كقلعة كمران ومسجد الجبانة وغيرها تشكوا اليوم واقعاٍ مؤلماٍ نتيجة سيرها إلى الاندثار يوماٍ بعد يوم.
وباختصار فإن الكثير من المعالم الأثرية والتاريخية تشكوا الإهمال من قبل الدولة بالإضافة تعرضها لاعتداءات مستمرة من قبل بعض المواطنينوكذا إلى عوامل التعرية الزمنيةالأمر الذي أدى لاندثار العديد من تلك المعالم – كون الجهات المعنية لم تقم بترميمها – بشكل كامل بينما يعاني البعض الآخر من انهيار بعض أجزائه..
المخطوطات
* ماذا عن المخطوطات والمحافظة عليها ¿
– بالنسبة للمخطوطات الأثرية والتاريخية في محافظة الحديدة كثيرة وفي شتى المجالات مثل: العلوم الفنون الفقه الشعر علوم الفلك الجبر المطابقة علم القيافة والتاريخ لكن للأسف الشديد معظم القائمين على تلك المخطوطات لا يعرفون قيمتها الأدبية والتاريخية فيتساهلون في الحفاظ عليها الأمر الذي يعرضها للتلف أو السرقة.
كما ان هناك العديد من المخطوطات الأثرية -أيضا- موجودة لدى أبناء وأحفاد وورثة أصحاب المخطوطات مما يجعلها عرضة للنهب والسرقة والتحايل من قبل عصابات مرتبطة بشبكات خارجية ولهذا حرصنا على عمل مندوبين من قبل مكتب الآثار بالمحافظة في المنافذ البرية والبحرية والجوية لضبط أي عملية تهريب لتلك المخطوطات.
مأساة مستمرة
* فعلى الرغم من الأهمية التاريخية التي تحظى بها قلعة الكورنيش التاريخية إلا أنها ما تزال خارج سيطرة مكتب الآثار والمتاحف على الرغم من أهميتها ¿ ما تعليكم على ذلك¿
قلعة الكورنيش من المعالم التاريخية بمدينة الحديدة حيث تم بناؤها في («946هـ -1538م) واتخذها الأتراك حصناٍ لهم في الماضي وكذا اتخذها الإمام يحيى ومن بعده أحمد معتقلاٍ لحبس الثوار والمفكرينوبدورنا قمنا باستلام هذه القلعة قبل عامين تقريباٍ وحرصنا على تحويلها إلى متحف وعلى الرغم من الإمكانات البشرية والمادية المحدودة أصبح الحلم حقيقة.
ولكن للأسف لم تكتمل فرحتنا حيث تفاجأنا بقيام مجاميع مسلحة باقتحام القلعة والعبث بمحتوياتها وتكسير الكثير من الأعمال الأثرية التي كانت بداخلها ورفض المسلحين الخروج من القلعة وعلى الفور أبلغنا الجهات ذات العلاقة ابتداء بوزارة السياحة وقيادة السلطة المحلية والنيابة والهيئة العامة للآثار والمتاحف وقد عملت كل تلك الجهات لإصدار توجيهات ابتداء من دولة رئيس الوزراء السابق الأستاذ محمد سالم باسندوةوكذا توجيهات وزير الثقافة السابق الدكتور عبد الله عوبل كما هو الحال مع السلطة المحلية لكن الوضع لا يزال كما هو عليه خرجت جماعة مسلحة ودخلت غيرها .
جهود عديدة
* هل نفذ مكتب الآثار أي أنشطة للحفاظ على المواقع التاريخية بالمحافظة¿
– نبذل جهوداٍ كبيرة للارتقاء بأداء مهامنا حيث عملنا على إيجاد قاعدة بيانات للمعالم والآثار التاريخية بالحديدة وعن وضع كل معلم على حده وبصورة تفصيلية وبدورنا قمنا بالرفع للجهات المختصة سواء في وزارة السياحة أو الهيئة العامة للآثار وسلمنا بعض النسخ منها لقيادة السلطة المحلية بالمحافظة كما حررنا مذكرات إلى كل تلك الجهات لإعطائهم صورة عما تحتاجه هذه المعالم من احتياجات لإنقاذها مما يهددها كما عملنا على الحد من عمليات الاستحداثات التي تطال بعض المعالم التاريخية خاصة في مدينة الحديدة (بحارة السور) ومدينة زبيد حيث تم تحرير مذكرات للجهات الرسمية والأمنية لمنع ومحاسبة كل من يقوم بعملية هدم لأي معلم أثري حتى لو كان خاصاٍ مؤكدين في تلك المذكرات أن يتم التنسيق مع مكتب الآثار ومكتب المدن التاريخية وكذا طالبنا من الدولة العمل على دعم أصحاب المنازل الأثرية التي تحتاج لإعادة بناء أو ترميم بشرط أن يكون وفق المعايير والمقاييس المعتمدة أسوة بالدعم الذي قدم من قبل الدولة للمواطنين أصحاب المنازل في صنعاء القديمة.
ازدواجية القرار
* ماذا عن تنسيق بين مكتب الآثار والأوقاف للحفاظ على المعالم الأثرية والتاريخية بالمحافظة¿
– الحالة التي وصلت إليها الآثار والمعالم التاريخية بالمحافظة لم تأت من فراغ أو عن طريق الصدفة بل كانت نتيجة غياب التنسيق وازدواجية القرار وتعدد مصادره فمثلاٍ المساجد التاريخية تتوزع من حيث المسئولية بين مكتب الأوقاف من جهة وبين الآثار من جهة أخرى كما هو الحال أيضاٍ بالمدبات التاريخية والتي تتوزع فيها المسئولية بين الأوقاف والآثار وفي الجانب الآخر تتوزع المسئولية بين مكتب المدن التاريخية والآثار فيما يتعلق بالمنازل والمدن الأثرية التاريخية ..
صعوبات
* هل من صعوبات أو عراقيل تواجه مكتب الآثار بالحديدة¿
– هناك الكثير من الصعوبات والعراقيل التي تواجه مكتب الآثار أبرزها شحة الميزانية حيث إن ما يتم صرفه لمكتب الآثار بالحديدة لا يتجاوز الـ (40.000) ريال شهرياٍ فهذا المبلغ لا يغطي المواصلات والورقيات الأمر الذي يؤكد أن الجهات المعنية لا تزال غير آبهة بالمهمة التي يقوم بها القائمون على مكاتب الآثار بالمحافظة.
تترجم عملياٍ
* كلمة أخيرة تودون قولها في نهاية هذا اللقاء..
– أتمنى من الجهات المعنية أن تترجم حديثها عن الاهتمام بالمعالم والآثار إلى واقع عملي ملموس على أرض الواقع وذلك من خلال توفير الإمكانات المادية والفنية والبشرية للحفاظ على تلك المعالم وإنقاذ ما تبقى منها .