زلزال باريس

هاشم عبدالعزيز
(لدي أسرة).. هذا لم يكن إقرار بواقع حال مواطن فرنسي بل امتناع عن الادلاء بمعلومة كشاهد عيان للهجوم الإرهابي على صحيفة (شارلي ايبدو) المعروفة بسخريتها للإسلام وكافة الأديان يوم الأربعاء قبل الماضي والذي تواصل يومي الخميس والجمعة بخطف رهائن من متجر للأطعمة اليهودية مخلفا 21 ضحية الغالبية صحفيين وانتهى بعد قتل المسلحين الثلاثة الذين نفذوا الهجمات الإرهابية.
التعبير على هذا النحو يعبر عن وطأة الصدمة التي أصابت الفرنسيين في عمق وجدانهم بمشاعر الخوف المرعب من هذا الطوفان الدموي الذي زلزل سكينتهم ومثل حسب محللين فرنسيين (هجمات الحادي عشر من سبتمبر الفرنسية).
لماذا بدأ الأمر على هذا النحو من الآثار المقلقة مع أن الهجمات الإرهابية هذه ليست الأولى في فرنسا¿
السبب الأساس قد يكون في طائفة من القضايا:
الأولى حسب مسؤول فرنسي ليست في عدد الضحايا وطبيعتهم بل (القيم التي قتلت والمسلمات التي تبنى عليها الحياة) ويضيف معظم الفرنسيين لم يقرأوا أبدا المجلة الساخرة (شارلي ايبدو) مشكوك أن يكونوا سمعوا عنها ولكن القتل أصاب إصابة قاتلة الثقة بنمط حياتهم.
الثانية: الإرهاب في فرنسا جاء من الداخل المنفذون هم مواطنون فرنسيون ولدوا وتربوا هنا يتكلمون الفرنسية النقية وهم جزء من المجتمع الفرنسي هذا صعب كما يقول المسؤول الفرنسي الذي لم تذكر اسمه وسائط الإعلام التي نقلت آراءه والتي تشير إلى أبعاد تداعيات الخطر: عندما يستيقظ الفرنسيون من الصدمة سيسألون كيف ربيناهم¿ بعض منهم سيطالب بالفصل على أساس ديني أو عرقي- إخراج المسلمين من المجتمع الفرنسي وهذه ستكون فرنسا أخرى.
الثالثة: الهجمات أثارت من جديد قضايا حرية التعبير والعقيدة والأمن.
بالنسبة لقضية الأمن بدت الهجمات الإرهابية التي جرت في منطقة تعتبر محصنة أمنيا مثيرة للتساؤل عن عدم الكفاءة أو التقصير وذهب البعض إلى القول على أي أساس تدعي فرنسا المساهمة في الحرب على الإرهاب إذا ما كانت فرنسا غير قادرة على حماية فرنسا.
والواقع أن التضاربات في شأن هذه القضية وبخاصة بين الفرنسيين والأميركيين في توجيه الاتهام لتنظيم القاعدة من جانب وإعلان وزير العدل الأمريكي من أنه لم يتأكد بعد أن القاعدة ورأى الهجمات من جانب آخر إذا ما بدا مثيرا للحيرة في شأن علاقة الطرفين تجاه قضية الحرب على الإرهاب فإن الإشارة التي لم تتكرر إعلاميا بارتباط الجماعات الإرهابية باستخبارات دولية يضع الخلاف في سياق الوصول إلى الحقيقة.
أطلق الفرنسيون اتهاماتهم من سجل المتهمين وجاء الرد الأمريكي أقرب إلى التساؤل من وراء ذلك¿
هنا يمكن الإشارة إلى أنه من غير المستبعد أن تكون القاعدة تحاول العودة إلى واجهة المشهد بعد أن أزاحتها حركة داعش ليس من الصدارة فقط بل ومن مجرد الحضور في مناطق كانت حكرا على نشاطها كما في العراق وسوريا وشمال أفريقيا.
إلى هذا ليس بمستغرب أن يكون الذين قادوا انفجار داعش بذلك الزخم قد عادوا الآن إلى استحضار القاعدة لا في لعبة تغيير أدوار هذه الجماعات وحسب بل وهناك ما يرتبط بخلافاتها.
بالطبع لأي من الهدفين يمر الوصول بعملية إعادة ميلاد لا نقول أنها لم تكتمل ولكنها في التوقيت بهجوم على فرنسا ومن جماعة تدعي أنها إسلامية تكون خدمت الكيان الصهيوني انتقاما من فرنسا موقفها الداعم لقرار تزمين الانسحاب الـ(إسرائيلي) من الأراضي الفلسطينية وهو موقف تاريخي غير من تصنم الموقف الغربي الذي ارتبط بالسياسة الأميركية دعم إسرائيل في حروبها ضد الإنسانية ونيلها من الفلسطينيين في أرضهم وحقوقهم وتاريخهم ووجودهم.
لسنا هنا في عقدة المؤامرة ولكنا أمام تساؤلات جادة من الصعب تجاهلها لأن التداعيات إذا ما اتجهت عنصريا قد تؤجل سطوع الحقيقة وهي على أي حال تقوم على أن ما جرى صنيعة استخبارية والمؤشرات تدل على أنها استخبارات إسرائيلية الفرنسيين بوقاحة ووحشية.
المؤشر الأول تغطية الهجوم على الصحيفة الفرنسية الساخرة من الأديان ومنها الإسلام بالهجوم على متجر للأطعمة اليهودية في خطوة ضرب عصفورين بحجر واحد الأول استغلال الخلاف بين الصحيفة والمسلمين وليس مهما من استخدم لتنفيذ العملية.. والثاني الاندفاع المكشوف إلى موقع الضحية واللافت هنا سهولة قتل المهاجمين لإخفاء الجريمة.
والمؤشر الثاني الدقة في تنفيذ الهجمات التي لا يمكن أن تتاح بتلك القدرة لغير أجهزة اسخباراتية وهذا لا يتوفر للجماعات الجهادية التي تلجأ في الغالب إلى الأعمال الانتحارية أو العمليات العشوائية.
أما ثالث المؤشرات فجاء على لسان رئيس الوزراء الصهيوني بحملته العنصرية ضد العرب والمسلمين ومحاولاته التضليلية التباكي مما حدث ليقول المجرم أنا الضحية, وهذا ما يكشفه إصراره حضور مسيرة باريس التاريخية دونما دعوة فرنسية وهو ما قالت الصحف الإسرائيلية أنه دعا نفسه وزاد على ذلك بمثل تسلسل وتسلل المخابرات الإسرائيلية دورها لتنفيذ الهجمات الإرهابية في باريس تسلل نتنياهو من الصف الثاني إلى صف الرؤساء الذين احتشدوا في مسيرة باريس التاريخية التي انتفض من خلالها ضد الإرهاب الشعب الفرنسي وعالمنا بأسره.

قد يعجبك ايضا