دخل جيش الاحتلال الإسرائيلي مدينة رفح، واستأجر مقاولين لهدم المباني، وعلى مدار سنة كاملة من الإرهاب تحت سمع وبصر العالم، نجح العدو في تدمير معظم رفح، ولم يبق من تاريخها ووجودها إلا ما يشهد على الإرهاب الصهيوني، الذي تذرع بالفصل بين قطاع غزة والحدود المصرية، وقطع الامدادات العسكرية عن حركة حماس.
وتحت سمع وبصر العالم يواصل العدو الإسرائيلي تدمير كل ما وقع تحت طائلة صواريخه ودباباته وطائراته، سواء كان في غزة أو خان يونس أو جباليا، أو المنطقة الوسطى، حتى المواصي، ولم يبق جزء من جسد غزة لم تصله القذائف والصواريخ الإسرائيلية.
ولأهداف تفاوضية، ومن باب التهديد، يعلن العدو الإسرائيلي أنه سيحشد 430 ألف جندي إسرائيلي للسيطرة على غزة، في خبر يوحي للمجتمع الدولي أن غزة غير خاضعة للاحتلال الإسرائيلي.
العدو الإسرائيلي الذي يهدد بالسيطرة على غزة، وترحيل مليون من سكانها، يدرك جيداً أنه يحتل غزة، ويسيطر عليها براً وبحراً وجواً منذ عدوان 1967م، وأنه لم يتوقف عن تدميرها على مدى 682 يوماً دون توقف، ويدرك قادة العدو أن جيشهم غير مستعد، وغير جاهز للقيام بهذه المهمة، ويدرك رئيس الوزراء أن المجتمع الإسرائيلي الداخلي غير جاهز، وغير مستعد للخسائر، وقد خرج مليون يهودي في مظاهرات ضد مواصلة الحرب على غزة، ولسان حالهم يقول: مواصلة الحرب تعني موت كل الجنود الأسرى لدى المقاومة، والعدو يعرف ان الدول الأوروبية التي باركت عدوانه، وأمدته بالسلاح والمعلومات عشية عدوانه على غزة أكتوبر 2023م، هذه الدول لم تعد تغطي على جرائم العدو ضد أهل غزة، ولن تعطيه الشرعية لإبادة جماعية جديدة لأهل غزة، حتى وصل الأمر بأمريكا أن تطالب الجيش الإسرائيلي بتقديم خطة اجتياح غزة للإدارة الأمريكية، قبل أن تصادق عليها، وفي ذلك إشارة إلى تخوف أمريكي من مستجدات الحدث على أرض غزة، وأنها لن تكون شريكاً في المسؤولية عن جرائم العدو، فإذا أضيف لما سبق، المزاج العربي الذي بدأ يتململ، بعد أن ملّ الصمت، وبدأ يتفاعل ضد الإرهاب الإسرائيلي، ولا سيما بعد تصريح نتانياهو عن مهمته التاريخية والعقائدية، كل ذلك يشكل رادعاً للقرار الإسرائيلي باجتياح غزة، وتهجير سكانها إلى الجنوب.
في الحروب المصيرية، الجيش الذي سيحارب لا يكشف عن خططه، والجيش الذي عقد العزم على خوض المعارك الحاسمة، لا يحدد مواعيد العمليات، حيث أعلنت هيئة البث الإسرائيلية أن الحكومة قررت منح وزير الحرب يسرائيل كاتس صلاحية استدعاء حتى 430 ألف جندي من قوات الاحتياط، وذلك حتى تاريخ 30 نوفمبر الجاري، بهدف الاستعداد لتوسيع نطاق العدوان الإسرائيلي على غزة.
فكيف يخطط العدو للسيطرة على غزة في شهر أيلول، في الوقت الذي سيتم استدعاء الجنود حتى نهاية نوفمبر، في سلسلة أخبار متناقضة ومتعارضة، وكلها تشي بأن السيطرة على غزة تهديد تفاوضي يراد منه الضغط على حركة حماس، وفي حالة فشل المفاوضات، فالهدف السياسي الإسرائيلي من الحملة الإعلامية هو تحميل حركة حماس مسؤولية فشل المفاوضات.
يقول المثل العربي الشهير: الشجاعة صبر ساعة، وقد استنفد عدونا كل ساعات الإرهاب.
كاتب ومحلل سياسي فلسطيني