مع أنين قطاع غزة المتواصل الذي يعاني أبناؤه كل أنواع الظلم، من قتل وتشريد ومجاعة، ففي غزة يقع كل ما لا يتحمله بشر، ومع كل هذه المآسي تبدأ تباشير أصداء المولد النبوي الشريف والذي يستقبله المسلمون هذا العام وقلوبهم مثخنة بالجراح وأرواحهم ملتاعة لما يحل بالعالم الإسلامي من فقد للقادة العظماء ومن وهن في حكام أذلاء ومن علماء تناسوا أنهم ورثة الأنبياء، فمنهم من رضي لنفسه أن يشرعن ما شرعه الحكام ويتخلى عن شريعة الله ومنهم من سكت عن الحق سكوت الشياطين الخرس، ولا يستثنى منهم إلا أقل القليل ممن رحمهم الله، وشعوب رضيت على نفسها التدجين ولم تقم بما هو واجب عليها من الخروج والضغط على حكوماتها بالنصرة والنفير العام لنصرة غزة التي وصلت الروح فيها إلى النزعات الأخيرة.
وها نحن ورغم كل هذه الجراحات والمآسي سنبشر بقدوم ذكرى مولد حبيب القلوب وطبيب الأرواح وبلسم الجراحات الملتهبة سيد الكونين والثقلين محمد المحمود عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام.
نستقبل مولدك يا سيدي يا رسول الله ونحن في شوقٍ إليك وفي خجلٍ منك، نستقبل مولدك يا سيدي يا رسول الله وغزة هاشم تتضور من الجوع والعطش وإلى جوارها من هم ذوو قربى متخمون من الترف.
نستقبل مولدك يا سيدي يا رسول الله يا نبي الرحمة وقد نزعت الرحمة من قلوب أمتك التي تحاصر غزة وتدع أطفالها ونساءها يموتون، إما من القتل أو من الجوع.. نستقبل مولدك يا رسول الإنسانيّة وقد ذبحت الإنسانية في غزة، نستقبل مولدك يا إمام العدل وقد انتهى العدل من الأرض وامتلأت بالظلم والجور.
سيدي يا رسول الله نستقبل مولدك هذا العام ولدينا شكوى لا تبث إلا إليك وقد قل الناصر والمعين لغزة، نشكو إليك يا سيدي يا رسول الله ممن تخلوا عن غزة وتركوها تحت القصف، وكل جهاتها ملتهبة، وكل منافذها محاصرة ومستشفياتها ممتلئة بالجرحى، خالية من الدواء ومنازلها مطمورة فوق ساكنيها، وبطون أهلها خاوية من الطعام وأكبادهم حرَّا من العطش،
وحتى المقابر في غزة ومن فيها من الشهداء الأحياء تشكو إليك من غصص الأوجاع التي تحل بها وأهلها.
نحـتفـل بـمولدك ولم ولن يثنينا عنك وعن مولدك، يا سيدي والاحتفال به أي شي، فأنت حبنا الأبدي ومعشوقنا الأزلي الذي لا يزول حبه ولا ينتهي عشقه، فإن لنا قلوباً أنت نبضها ولنا أجسادٌ أنت روحها ولنا مقلٌ أنت ضياؤها وبنا ندوبٌ أنت دواؤها وجراحٌ أنت بلسمها وشفاؤها ومعضلاتٌ أنت حلها، فعليك منا أزكى الصلاة والسلام ما دامت الليالي والأيام.