انتظــاراستثمار الآبار المقفلة



يتذكر اليمنيون بشغف الخبر الذي زفه لهم رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي يوم الثلاثاء 29 يناير 2013م حين قال: إن هناك 500 بئر غازي بمأرب جاهزة للاستثمار الرئيس هادي قال لدى استقباله رئيس دائرة الشرق الأوسط في مجموعة توتال ارنو بروياك والوفد المرافق له إن هناك بشائر طيبة واسعة في جدواها الاقتصادية وبما في ذلك ما يزيد على 500 بئر غازية مقفلة حتى يتم الاستثمار وترتيب إنتاجها.
اليوم وفي غضون ما يقارب العامين من تلك البشرى يحدو اليمنيين آمال أن تتمكن الدولة من تجهيز تلك الآبار للاستثمار ليستفيد الناس منها وتعبئة اسطواناتهم وسياراتهم التي باتت متوقفة في طوابير تمتد لمسافات 500 متر في العاصمة صنعاء من دون جدوى.

صنعاء وغيرها من المحافظات تعيش اليوم أزمة غاز حقيقية تتجلي في أن أكثر من ثلاثة ملايين أسرة تدق ناقوس الخطر وتعلن أنها لم تعد تمتلك في منازلها أي قطرة غاز أما القطاع الخاص فيقول إن الوقت قد حان لزيادة الإنتاج من خلال الآبار الجديدة لتستوعب النقص الحاصل في الإمدادات أما وسائل النقل والتوزيع فهي متوفرة 100%.
تأخذ أزمة و شحة الغاز المنزلي في اليمن منحنيين الأول ارتفاع أسعار الغاز نفسه عند التعبئة للمستهلكين وثانيا شحة هذه المادة وانعدامها على مدار الأيام خصوصا منذ أكثر من شهرين وزادت مع مطلع العام الجاري وهذا ما فاقم السخط الشعبي على حكومة الكفاءات وبالذات وزارة النفط والشركة اليمنية للغاز YGC حيث لم تتحرك ميدانيا لمواجهة هذه الأزمة وحلها.
فمن ناحية الأسعار وصل سعر اسطوانة الغاز في العاصمة صنعاء إلى 2500 ريال فيما تعلن الشركة اليمنية للغاز على صدر صفحتها على الانترنت أنها ب1200 ريال وهو ما يثير الضحك والحزن في آن واحد فالسكان في العاصمة صنعاء لم يتمكنوا خلال الأيام الماضية من الحصول على الاسطوانات من أي معرض سواء تلك المعارض الرسمية أو التابعة للقطاع الخاص وباتت المشكلة معقدة حتى تجار السوق السوداء لم يعودوا يظهرون كما كان سابقا للاستغلال الأزمة وقد انعكس ذلك على المواطنين بشكل مباشر حيث يقول محمد اللهبي إنه لم يتمكن من شراء اسطوانة غاز منذ أسبوع ولديه أربعة اسطوانات في المنزل كلها فارغة ولم يحصل على أي اسطوانة بأي سعر .

دعوة لتوفير الغاز
يجب الاعتراف في المقام الأول بالنقص الحاصل في الإمدادات من الغاز المنزلي في اليمن عموما فالمنتج من قبل الشركة اليمنية للغاز عبر شركة صافر النفطية والذي وصل خلال العام الماضي إلى حوالي 600 ألف طن متري لم يعد مجديا حيث أن السوق تحتاج إلى مليون طن على الأقل في وقتنا الحاضر كما يقول الخبير في شئون الطاقة والغاز الدكتور عادل عاشور الخبير في مركز الدراسات الاقتصادية والطاقة في دبي مشيرا إلى أن على اليمن استغلال الثروة الغازية لديها لرفد اقتصاديها بعامل قوي للنمو وخصوصا وان الطلب على الغاز في اليمن يتزايد وأصبح استخدامه مرتبطا بحياة الناس ومصدر قوتهم بعد ارتفاع أسعار البنزين والديزل.

شعلة الغاز هي الاقتصاد
بات الغاز المنزلي الآن ركنا أساسيا في عماد اقتصاد الأسر اليمنية فهو الوقود الأول للاستخدامات المنزلية دون منافس حيث تستفيد منه ماتزيد عن 3 ملايين أسرة يمنية في الريف والحضر ومسألة انعدامه أو ارتفاع أسعاره تلقي بمزيد من الشك على كيفية تصرف الدولة إزاء منتج اقتصادي هام بهذا المستوى ولعل الأكثر أهمية أن الغاز المنزلي دخل الآن كمصدر وقود للعديد من الصناعات والأنشطة الاقتصادية كما رأينا استخدامه في السيارات كوقود رئيسي لها وأيضا في المخابز والأفران والمصانع حيث يكون وقودا بديلا عن الديزل الذي ارتفعت أسعاره وقل المعروض منه بشكل كبير وسوف يؤثر نقصه وشحته في السوق بشكل كبير حيث ينعكس سلبا على إمدادات الخبز والغذاء للأسر وأيضا يسبب توقف الإعمال وتفاقم البطالة من الأنشطة التي تعتمد عليه كوقود وهذه مشاكل الحكومة في غنى عن إثارتها وبعثها للوجود.

مضاربة ومصالح
شركات تعبة الاسطوانات بالعاصمة صنعاء هي الأخرى تشتكي من قلة المعروض لديها من الغاز ويقول مدير تنفيذي بشركة الحظاء للغاز أن المشكلة تكمن في تعقيدات جديدة دخلت سوق الغاز المنزلي حيث ظهر عدد من المضاربون على هذه السلعة وبالتالي تفاقم الحصول عليها من المصدر في شركة صافر نفسها المنتج الوحيد للغاز البترولي المسال المخصص للطبخ والوقود.

الطلب
وفقا لتصريحات خبراء تكمن المشكلة في الوقت الراهن في السباق المحموم على من يحظى بالتعبة لقاطرته من شركة صافر وعند بحثنا عن هذا الموضوع قال لنا عبد الله المجني سائق قاطرة متجهة لمأرب للتزود بالغاز أن هناك ما يزيد عن 1220 قاطرة حاليا تنتظر فرصتها ببوابة شركة صافر للتزود بالغاز وهذا يعني أن الطلب على الغاز يتزايد بنسبة 400% هذا العام حيث أن العام الماضي لم يكن هناك سوى 300 قاطرة فقط تعمل في هذا الجانب.

تنافس
يتنافس على تزويد الغاز للسوق عدد كبير من المستثمرين من أصحاب القاطرات التي تنقل الغاز من مار بالى صنعاء وقبل أسبوع حدثت مشاكل بين أصحاب القاطرات في خضم تنافسهم من يحصل على الدور أولا ونتيجة لذلك نفذ السائقون إضرابا عند البوابة استمر يومين وهذا ما جعل العاصمة صنعاء تغرق في بحر الأزمة لان إمداداتها توقفت يوميين وهي المدينة الوحيدة عالميا التي تفتقر لمخزن استراتيجي كبير يغطي حاجتها عن الأزمات.

الاحتياج
وفقا لبيانات رسمية تحتاج العاصمة صنعاء يوميا الى حوالي 55-60 ألف اسطوانة من الغاز للمنازل فيما يقدر انها تحتاج لمثلها لتعبئة السيارات اي ان صنعاء تحتج 100 ألف اسطوانة يوميا وبحساب القاطرات تحتاج من 40-50 قاطرة وكل قاطرة تحمل ما يمكن ان يعادل 2000 اسطوانة.
خلال الأيام الماضية كانت 20 قاطرة تتجه من مار بالى صنعاء أي ما يمكن أن نطلق عليه نصف الاحتياج وهو ما جعل الفجوة بين الاحتياج وبين المعروض تزيد عن 100% ومن هنا نشأت الأزمة وتفاقمت بشتى صورها.

الأسعار
حين تواجه أمانة العاصمة والمحافظات شحة في إمدادات الغاز تتحرك الأسعار صعودا بطريقة آلية وهذا ما وجدناه اليوم حين وصلت سعر الاسطوانة 2500 ريال و3000 ريال ولم يعد احد يتحدث عن السعر الرسمي مطلقا وهنا المشكلة الكبرى حيث وجدنا ان الفارق في الأسعار يتجه لجيوب النافذين والمحتكرين الذين لا يزالون يمارسون هذا الدور ويجنون من ورائه ثروة هائلة تصل إلى أكثر من 23 مليار ريال في العام.

الاحتكار
حاول تجار خلال الأعوام الأربعة الماضية احتكار سلعة الغاز في أيديهم وقد نجحوا فعلا حيث قاموا من خلال تملكهم لمقطورات الإمدادات والبالغ عددها 300 مقطورة لأشخاص من منطقة واحدة في التأثير على السوق ويقول خبير في مجال الغاز ان هؤلاء يقومون بتعبئة قاطراتهم بالغاز من شركة صافر ويقومون بالمضاربة عليها في السوق وبيعها لأصحاب الطرمبات الخاصة بتعبئة السيارات مستغلين حاجة الناس للغاز حتى وصلت المضاربة السعرية لفارق يصل إلى مليون 400 ألف ريال عن السعر الرسمي وهكذا يرتفع السعر يوما بعد يوم.

قد يعجبك ايضا